#فؤاد حمه خورشيد#
يعتبر عامل السكان في العلاقات الدولية وحياة الدول ،اهم وابرز عناصر القوة فيها. وقد لا يكون الجمع الكلي لعدد السكان، في بعض الحالات، هو الفيصل في هذا المجال ولكن نوعية السكان ومستوى وعيهم وثقافتهم وتطورهم يلعب دورا هاما في ذلك. فبدون السكان ،أصلا ، لا وجود للدولة، وبدونهم لا يمكن إدارة مفاصل الحياة، بما في ذلك بناها التحتية والفوقية ، وبالتالي شؤون حمايتها والدفاع عنها.
وبناء على هذه الأهمية،والدور الفاعل للسكان،تهتم جميع الحكومات بسياساتها السكانية والديموغرافية وبتعدادات السكان الدورية باعتبار ان ذلك يشكل الأساس العلمي والواقعي للتخطيط المستقبلي السليم، ومن ثم الأساس لضمان الأمن والاستقرار الداخلي والخارجي للدولة.
وفي الدراسات الجيوبولتيكية يستخدم تكنيك رياضي خاص لمعرفة مدى قدرة الدولة( او الإقليم )على المحافظة على ميزان قوتهما الديموغرافي النسبي مع دول جوارهما الجغرافي ، لان من شان ايجابيات ذلك ان يشيع الاطمئنان الأمني ، في وقت تثير سلبياته الكثير من المشاكل والأطماع الخارجية. وهذا التكنيك يرتبط بالدراسات الجغرافية السياسية والجيوبولتيك حصرا.
يعتبر إقليم كوردستان العراق الفدرالي، إقليما جغرافيا مغلقا او حبيسا من وجهة النظر الجيوبولتيكية ، بعبارة جغرافية أخرى انه إقليم قاري يفتقر الى منفذ بحري، وهو محاط بأربعة دول بحرية(ايران والعراق وتركيا وسوريا) اكبر منه حجما، أرضا وسكانا . لذا وجب الانتباه الى أهمية موضوع السكان جغرافيا وديموغرافيا من خلال تحليل انحداراتهما الجيوبولتيكية ومخاطرها على مستقبل الإقليم مقارنه بما يشكله الثقل والانحدار الجيوبولتيكي للدول المجاورة للإقليم من ضغوط حالية ومستقبلية عليه لتلافي مكامن الخطر في السياسة السكانية الحالية للإقليم ومعالجتها.
يعبر في الجيوبوليتكس عن كل هذا، بطريقة حسابية تسمى تكنيك(الانحدار الجيوبولتيكي للسكان). فإذا نسبنا مجموع سكان كل الدول المجاورة لإقليم كوردستان الى عدد سكان الإقليم، ثم قارناها مع النسب المشابهة لكل دولة من دول جواره لوجدنا هناك فارقا ديموغرافيا وبالتالي انحدارا جيوبولتيكيا شديدا بين سكان الاقليم وسكان هذه الدول ، تختلف كثيرا عما بين كل دولة منفردة وجاراتها المجاورة لها. (لاحظ الجدول- تخمينات السكان لعام2012- الأمم المتحدة).
فالخانة الأخيرة من الجدول هي مقياس حدة او شدة الانحدار الجيوبولتيكي ، او اعتداله في وضعية سكان الدولة، فيزداد الانحدار وتزداد الهوة او الفجوة كلما كبر رقم النسبة ، ويقل الانحدار ويقترب التكافؤ والاعتدال كلما قلت النسبة.ويتضح من الجدول ان اشد انحدار جيوبولتيكي هو ما يحيط بإقليم كوردستان، فهو في هذا الجدول أشبه بقاع بئر عميقة تحيط بها الجبال العالية من كل الجهات تقريبا. ويشكل سكان إقليم كوردستان نقيضا مباشرا لسكان كل من تركيا وإيران لأنه ينحدر بتسعة عشر مرة اكثر من الأولى،وتسع مرات اكثر من الثانية، في حين ينحدر سكان كل من سوريا والعراق بنسب اقل حدة من انحدار سكان الإقليم.
ان صغر حجم سكان الإقليم، إضافة الى ضعف حجمه المساحي من جهة، وثراء الإقليم وارتفاع مستوى المعيشة والدخل فيه لا يتفقان ومعدل أفراد الأسرة الواحدة في المجتمع الكوردستاني، ولا مع معدل نمو السكان فيه، وبالتالي فهو لا يتناسب ومتطلبات الأمن القومي الكوردستاني من الناحية الديموغرافية. وبناء على هذا التحليل فان هناك خلل في ديموغرافية الإقليم يتطلب المعالجة السريعة بخطط مستقبلية مع الأخذ بنظر الاعتبار ما يلي:
1- استحداث سياسة ديموغرافية بديلة لتعويض الخسارة التي تعرضت إليها ديموغرافية سكان كوردستان جراء الحروب العدوانية التي شنتها حكومات بغداد المتعاقبة ضد الشعب الكوردي.
2- وضع خطط مشجعة لزيادة نمو سكان الإقليم وتشجيع زيادة النسل.
3- تخصيص إمكانات مادية كافية لضمان تحسين وضع العائلة الخصبة وتشجيعها وتعهد حكومة الإقليم بضمان السلامة الصحية والمعيشية لأطفال الأسرة التي يزيد عدد أطفالها عن الخمسة، ابتدءا من الطفل الخامس فصاعدا.
4- تخصيص نسبة من واردات النفط،، او وضع باب من أبواب الصرف في ميزانية الإقليم لهذا الغرض.
5-مراقبة الوضعين الديموغرافيين لدول الجواروالداخل.
6-ان هذا الانحدار الجيوبولتيكي في سكان الإقليم هو الذي يفسر وجود الفراغ السكاني المخيف في مناطق عدة من الإقليم ، وخاصة في مناطق التخوموالمناطق الكوردستانية خارج الاقليم، وبخاصةفي كه رميان ومابين حمرين- السعدية- مندلي- خانقين والمناطق المحيطة بقره تبه و كفري وما جاورهما.، وفي مخمور والمناطق الممتدة مابين الموصل وسنجار.
7- الحد من الهجرة وتشجيع المهاجرين على العودة.[1]