#فؤاد حمه خورشيد#
يحتل اقليم كوردستان كل شمال وشمال شرق العراق . وجغرافيا هو اقليم مغلق يفتقر لاطلالة بحرية ، فهو اقليم قاري حبيس . وهذه الظاهرة الجغرافية ليست الوحيدة في خرائط البلدان ، فهناك الان ( 48)دولة مستقلة وذات سيادة رغم كونها دول قارية حبيسة كالاقليم ، فالاقليم محاط بحدود ثلاث دول هي ايران(800) كم و تركيا (352)كم و سوريا ( 200) كم ، كما ان له حدود طويلةداخلية في العراق تمتد دن سنجار في اقصى شمال شرقه وحتى مندلي في جنوبه الغربي، والتي يقدر طواها بحوالي 950 كم ، لكن هذه الحدود عير مثبتة رسميا لتأخر حكومة بغداد عن تنفيذ المادة 140 من الدستور.
هذا الاقليم يشكل، ، من الناحية الاقتصادية، احد الاقاليم الشرق أوسطية الغنية بالموارد الطبيعية، وبخاصة النفط والغاز ، فمنذ عام 1927 تدفق النفط منه بغزارة من حقول بابا كركر وباي حسن وجمبور وخانقين واطراف الموصل والتي شكلت موارده المالية العمود الفقري لدولة العراق منذ ان أنشأ الانكليز هذه الدولة بهذه الحدود عام 1921 وحتى يومنا هذا.
رغم وجود النفط وبكثرة في مناطق اخرى من العراق كمحافظة البصرة والعمارة والكوت واهوار الناصرية وحتى في بغداد، الا ان نفط كوردستان هو الاكثر حسادة وتسليطا للاضواء لانه الاجود نوعا والاكثر انتاجا واحتياطا، ولانه يقع تحت اقدام الكورد انفسهم. و مع ان الاقليم بقي محروما لعقود من الزمن من خيرات هذه الثروة ، رغم استخراج معظمه من اراضيهم، وبقيت مدنه متخلفة بما في ذلك مدينة النفط ، كركوك ، الا ان تحول اقليم كوردستان الى اقليم فدرالي ، بموجب الدستور الجديد، فتحت امامه فرصة التطور والخلاص من السيطرة الدكتاتورية التي حرمته من فرصة استثمار موارده الطبيعية لصالح تقدمه الاجتماعي والثقافي والسياسي والحضاري .
تمارس حكومة اقليم كوردستان الان حقها الدستوري والقانوني في استثمار موارد الاقليم الطبيعية المتاحة داخل اراضي الاقليم وخاصة النفط والغاز، والتصرف بها وفق الصلاحيات الدستورية وبما لا يتعارض ووحدة الدولة العراقية الفدرالية، رغم كل العراقيل المتعمدة التي تمارسها حكومة بغداد الفدرالية للحد من صلاحيات الاقليم الفدرلي التي ضمنها الدستور، وابرزها الامتناع عن اصدار قانون النفط والغاز ، والتلكؤ في تنفيذ المادة 140 من الدستور، والامتناع عن دفع رواتب البيشمه ركة واخرها قطع رواتب موظفي الاقليم ، وهي بلا شك من ادوات الضغط السياسي غير المبرر على حكومة الاقليم ، والتي بمجملها تعبر عن الانحراف الواضح للمسيرة الفدرالية للدولة التي هي من شروط بقاء الاقليم موحدا مع الدولة العراقية.
تشير التقديرات الاوليةالى ان احتياطي الحقول الجديدة المكتشفة في الاقليم من النفط يبلغ 45 بليون برميل، وهذا من شأنه زيادة الاحتياطي العراقي البالغ 143 بليون برميل والذي هو ثالث اكبر احتياطي عالمي بعد السعودية وكندا، وكذلك يؤديجيوبواتيكيا الى رفع قيمة وهيبة الاقليم ، الاقليمية والدولية على حد سواء، كما انه يشكل الدافع وراء تزايد اقبال الدول والشركات للتعامل مع حكومة الاقليم.
قد يراهن البعض على مساوئ الموقع الجغرافي الحبيس والمقفل للاقليم في بناء علاقات جيدة ومتينة مع دول جواره الجغرافي ومن خلفها العالم الخارجي للقيام بتصدير وتسويق نفطه الى السوق العالمية، لكننا نرى من وجهة النظر الجيوبولتيكية والعلاقات الدولية، وعلاقة الاقليم بدول جواره الجغرافي، ان هذا الموقع الحبيس قد تحول جيوبولتيكيا الى موقع ممتاز للمنافسة وكسب ود الكورد بالنسبةلجارتي كوردستان الكبيرتين ، تركيا وايران، اراضيهما لتصدير نفطهم عبر الاولى الى البحر المتوسط فالسوق الاوربية والامريكية من جهة ، وكانت الدفعة الاولى تصدير مليون برميل من النفط الكوردستاني الى اوربا ، وعبر ايران الى الخليج ودول شرق اسيا من جهة ثانية بالتنكرات التي بوسعها نقل 30000 برميل يوميا.
ان امتناع يفداد عن اصار قانون النفط والغاز الذي كان من شأنه تنظيع العلاقة في هذا الجانب بين الاقليم وبغداد، وان يجنبنا هذه المشكلة، فقد اضطرت حكومة الاقليم لممارسة حقها الدستوري في تنفيذ سياستها النفطية للاسراع في عملة التنمية الشاملة في الاقليم، وكان منها استثنار الثروات الطبيعية الكامنة من اجل تعويض سكانه عما فاتهم من تخلف وتعنت وتهميش، لهذا منحت كبريات الشركات العالمية عقودا للتنقيب عن النفط والغاز مثل شركة اكسون الامريكية وشيفرون ومجموعة هس, واخرى كندية وكورية جنوبية والمانية وفرنسية، وهكذا بدأ النفط يتدفق من الحقول الكوردستانية البكر بغزارة .
ولما كانت النفط الان يشكل المحورالستراتيجي الاساسي للسياسة الاقتصادية الدولية في مجال الطاقة فأن رؤية قيادة الاقليم لهذا المصدر من الطاقة واهميته في السوق العالمية وحاجة الدول الصناعية له وحاجة الاقليم الملحة لثروته، وجدت انه سيكون المحفز، والسبيل لنجاح سياستها النفطية. فالنفط والغاز يشكلان62% من مصادر الطاقة المستخدمة في العالم، وان 65-70% من مستهلكية هم دول الاتحاد الاوربي واليابان والولايات المتحدة. واهذا فان وجود اقليم امن ومستقر ومنتج للنفط من الناحية الجيوبولتيكيةهو في جوهره دعامة اساسية لاستمرار الطلب العالمي على نفطه وضمان سلامة اقليمه.
يبلغ معدل انتاج الاقليم من النفط يوميا بحدود 200000 برميل، وسترتفع قدراته التصديرية عام2015 الى مليون برميل يوميا وسيحقق الاقليم انتاجا يوميا مقداره 2 مليون برميل في عام 2019، وربط الاقليم بخط لنقل النفط الخام الى تركيا في العام الماضي (2013) ، بامكانه نقل400000 برميل كل يوم من كوردستان الى ميناء جيهان التركي، فضلا عن وجود خط اخر لنقل الغازالطبيعي من الاقليم الى تركيا بطول 320 كم بامكانه نقل 4-5 مليار متر مكعب من الغاز الى تلك الدولة .هذه الكميات المصدرة من نفط اقليم كوردستان ستنعش امال الموردين والمستهلكين من الاضطرابات التي تحصل في بعض الدول المنتجة للنفط مثل ليبيا ونيجيريا ومن التهديدات التي تتعرض لها ناقلات النفط عبر البحار والمحيطات او في المضايق ، مثل مضيق هرمز، لذا فان مستقبل نفط اقليم كوردستان الامن يبشر من هذه الناحية الجيوبولتيكية بمستقبل زاهر ودائم.[1]