محمود الوندي
بعد سقوط النظام البعثي
لقد أستبشرالكورد الفيلية بسقوط نظام البعث كبقية أطياف الشعب العراقي وعقدت أمالهم لأقامة دولة الدستور والنظام الديمقراطي وإرساء العدالة الأجتماعية التي تعيد لهم كامل حقوقهم المشروعة وعلى رأسها حقهم في المواطنة ، وأستعادة المستمسكات الرسمية لهم ، واملاكهم التي سلبت منهم أيام حكم البعث ، ومساعدتهم في العودة الى الوطن ومناطق سكناهم الأصلية ، بعد أن عاشوا حياة الغربة ثلاثين عاماً في العديد من بلدان العالم وخاصة في إيران من العذاب والتشرد والبطالة والحلم الى الوطن ، ولكن خيبة أمالهم رغم سقوط نظام الطاغية وحكمه البغيض وللأسف الشديد لم يحصلوا لحد هذه اللحظة على أي شيء من حقوقهم المشروعة ، وعدم الإيفاء بالوعود والعهود المعطاة لهم من قبل قادة الأحزاب العراقية الحاكمة والفاعلة على الساحة العراقية ، وكأن ملفات الكورد الفيلية دخلت خانة المنسيات ومتروكة فوق الرفوف والختومة بالشمع الاحمر الى أشعار أخرربما الى الأنتخابات القادمة
كان المفروض للنظام الجديد وحكومته وبرلمانه من معالجة هذا الوضع والأعتذار للكورد الفيلية والأسراع بحل مشاكلهم ومظالمهم والكشف عن مصير ابنائهم المفقودين ، وتقديم الخدمات اللازمة لهم ، وتعويضهم عن الأضرار المادية والأنسانية التي تعرضوا لها وضمان حقوقهم المشروعة كأي مواطن عراقي وأعادتهم الى العراق معززين ومكرمين ومنحهم جنسية وطنهم العراق ، ويجب تغيير قانون الجنسية الحالي الذي تفوح منه رائحة عنصرية وتمييز لا تخدم الشعب العراقي ، وإلغاء كافة القرارات العنصرية والطائفية المتعلقة بالكورد الفيلية والتي أصدرتها الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تأسيس دولة العراق بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى .
يجب على الحكومة الجديدة تشجيع أصحاب رؤوس الأموال منهم للأستثمار الأقتصادي والصناعي في العراق ، حيث معروف لدى الشعب العراقي عن عقلية التجارية والصناعية عند الكورد الفيلية ، لأنهم تركوا بصماتهم الواضحة في سوق الشورجة التجاري في قلب العاصمة العراقية ومدن اخرى ، وكذلك معلوم لدى الجميع أن الكورد الفيلية هم أسسواغرفة تجارة في بغداد { ولو تحولت هذه الغرفة الى فخ لجمعهم وسلب أموالهم ، وأنتزاع كل ما يشيرالى عراقيتهم } ، وعلى الحكومة العراقية أيضاً أن تزيل الخطر على الكورد الفيلية في العراق الجديد وتعيد النظر في حقوقهم ومشاكلهم ، ومعالجة كل الملفات القانونية العالقة ، لكي تعيش بسلام وأمان وأطمئنان في العراق الجديد ، للأسف الشديد شيء من هذا القبيل لم ينجز في هذا العراق لحد الآن ، ولم يبادر أحداً في دفاع عن الحقوق هذه الشريحة الشريفة والمناضلة ولم تؤشر الى مظلوميتهم ، وبالعكس يحاولون البعض بغباء وخبث لكي يطغي بتأريخ قومية عريقة مناضلة معروفة لدى العراقيين وتجريدهم من هويتهم العراقية ومن هويتهم القومية الكوردية ، بعد ما تم سرقة كثير من اصواتهم في الأنتخابات الأخيرة لصالحهم بحجة أنهم من الفرس ، وللعلم عندما قرر المقبور صدام حسين بتهجيرهم إعتبارهم إيرانيين ، لم يتجرأ على تسميتهم بالفرس لأنه رغم بلاهته وغباوته كان يفرق بين القومية الكوردية والقومية الفارسية .
وعلى القيادة الكوردية كشف المظالم التي لحقت الكوردية الفيلية سابقاً والغبن الذي يلحق بهم حالياً ، وعدم فصل قضية الكورد الفيلية عن عموم قضية شعبنا الكوردي بوجه عام لأنهم يشكلون جزءاُ مهماً من الشعب الكوردي وإن خيرة أبناءهم وما يزالون أعضاء بارزين في الأحزاب الكوردية ، وأبراز قضيتهم المنسية الى الواجهة عسى ان تحرك ضمائر الساسه العراقيين والكوردستانين ، وكذلك ليس من مصلحة الكورد الفيلية فصل قضيتهم عن قضية الشعب الكوردي لأنهم جزء من الأمة الكوردية ومكانهم الطبيعي في صفوف قومييتهم الكوردية ، ولا يوجد حاجز يعيق تواصلهم مع الشرائح الكوردية التي تعيش في كوردستان العراق ، ولو لم يحصلوا لحد هذه اللحظة على أي شيء من حقوقهم المشروعة من قبل حكومة أقليم كوردستان سوى دفاعاً اعلامياً فقط في كل المناسيات لتكلم عن مظلوميتهم ، ولم توفر لهم الفرصة الحقيقة القيام بدورهم الإيجابي في المعطاء والبناء والمشاركة الفعلية في العملية السياسية الجارية في العراق منذ سقوط النظام البائد عام 2003 ، ولم يحتلوا مواقعهم اللائقة بهم في المجتمع الكوردستاني في كافة مناحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية .
للأسف الشديد مأساة الكورد الفيلية تضاف بأمتياز الى مآساتهم السابقة التي أهملهم الأشقاء والأصدقاء قبل غيرهم في العراق الجديد مع ان كل ما نسمعه ونقرأه منذ السقوط هو أن تغيير جاء لصالح الشعب العراقي دون تمببز على أساس العرق أو الدين أو المذهب ، ولكن ما تزال تعيش هذه الشريحة على الهامش دون أرض وهوية ولا وطن لأنها تفقد لأبسط ما تتطلبه حياتنا اليومية من الخدمات الإنسانية داخل العراق ، وأنهم مستهدفون من قبل العصابات الإرهابية وقوى التطرف الطائفي المسلح أكثر من باقي الطوائف أو القومية بسبب قوميتهم ومذهبهم في نفس الوقت ، ولأنهم يقطنون في محيط مختلط تضعف فيه عوامل الثقة فيما بينهم ، واما مأساتهم في الخارج لا تعد ولا تحصى وخاصة في إيران وما تجري في مخيمتها ومعانتهم من المرض والفقر والجهل في ظل البرد القارس ودرجة الحرارة التي تنخفض الى ما دون الصفر بدرجات ، ويتعامل الكورد الفيلية خارج الوطن وبنفس الاسلوب التي كانت تتبعه دوائر النظام البائد التي توضع العراقيل في طريقهم عند مراجعتهم للدوائر الرسمية والسفارات العراقية من مطالبة منهم الوثائق الرسمية لأثبات عراقيتهم وتمشية معاملتهم ، لأنهم نسوا بأن النظام البائد جردهم من جميع وثائقهم ومتمسكاتهم الرسمية العراقية التي كانت بحوزتهم قبل تسفيرهم الى إيران.[1]