محمود الوندي
الحيف الذي لحق بالكورد الفيليين من الآلام والمعاناة والمصائب وتعرضهم الى أبشع جريمة من الفضاعة والقسوة ما تهتز له الأبدان وعلى مر العهود والأزمان ، إلا أن أكبر حملات الجرائم جرت بحقهم بعد سيطرة حزب البعث على إدارة الحكم في العراق وأعتبرهم معاديين لنظامهم عند وصولهم الى السلطة ، لذلك سلب منهم أعز ما يتمسك به المواطن وهو الحق المواطنة حيث جردهم النظام البائد من جنسيتهم العراقية بحجة أعتبارهم من التبعية الإيرانية برغم ولدوا وترعروا في هذا الوطن وخدموه بكل أخلاص ، والقى بهم على الحدود الإيرانية بكل وحشية بعد ان أقدم على مصادرة كل املاكهم ، تلك الجرائم أصبحت معروفة للقاصي والداني ومنها الأحزاب التي تحكم العراق الآن ، للأسف الشديد وها هم مرة أخرى في وادي النسيان والتهميش في هذا الزمن أيضاً ما زالوا مظطهدين ومغدورين ، لم يأخذوا حقهم حتى بعد زوال النظام البعثي وتشكيل ما يسمى بالعراق الجديد ، بقى الكورد الفيلية في هامش أهتمامات الحكومة حيث لم يتعنى كائن من يكن تفض التراب على قضيتهم ، ما زالوا يواجهون بنفس الإجراءات الماضية ونفس المعاملة السيئة والقذرة في الدوائر المختصة ومن نفس الأشخاض الذين كانوا يتحكمون برقاب الشعب العراقي من فلول النظام الصدامي ممن لم يزالوا ملتزمين بوظائفهم في الدوائر المعنية، رغم كثرت الكتابات ونزيف المقالات من قبل الحريصين على هولاء المنكوبين ورغم الصيحات والمنادات المتركزة التي لا تسمع سوى صداها على أرجاع الحقوق المغتصبة للكورد الفيليين وسن القانون لإستعادة الملكية المصادرة التي صادرت في ظل النظام البائد وأعادة المهجرين الى مدنهم وآماكنهم .
لكن المصيبة الكبيرة لهولاء المظلومين أنهم محسوبين على القوتين الرئيستين في البلاد ويحتاجون الى أصواتهم في الأنتخابات فقط في تثبيت مواقعهم في السلطة والدولة من خلال أغداق الوعود عليهم في المواطنة والحقوق وأستعادة ما سلب من حقهم ، إلآ أن خيبة الأمل الكورد الفيليين ودون أن يتلمسوا أي إجراء حقيقي من قبلهم لمساعدتهم وعدم إعادة الحق الى نصابه ، بعد كسب أصواتهم ، تتراجع هذه الأحزاب والقوى عن وعودهم حين يتعلق الأمر بأستعادة أملاكهم وحقوقهم وحقوق أبنائهم الذين أختفوا بالألوف المؤلفة في المعتقلات النظام العفلقي وجربت فيهم الأسلحة الكيمياوية والجرثومية في غرف الموت ودهاليز التصنيع العسكري ،كما بعضهم كانوا طعماً لتفجير الألغام أثناء الحرب العراقية الأيرانية المشؤومة وأزاحتها عن الطريق الجيش العراقي قبل هجومه ، أي إن الواقع التطبيقي على الأرض أظهر غير ما قيل وقال بصدد الكورد الفيلية ، منذ قرابة أريع سنوات بعد سقوط النظام الصدامي لحد هذه اللحظة لم يلمس الكورد الفيليون شيئاً إيجابياً من كل الكيانات السياسية ولا من المسؤولين لحل مشاكلهم ومحنتهم ، فلم تبادر أي جهة بأي عمل من أجل رفع المظلومية الواقعة على هذه الشريحة فحتى مسألة الجنسية التي صدرحولها قانون جديد بإنه محكوم بإيقاف التنفيذ معهم .
محنة الكورد الفيليين بين مآسي وآلام في النظام السابق وبين تهميش ولامبالات في النظام الحالي ، هنا يتسأل كل أنسان شريف أو يأحرى مواطن كوردي ، أليس من صلب واجب حكومة أقليم كوردستان التي تمتلك من الأمكانيات المادية والمعنوية أكثر من أي وقت مضى أن تحتضن هذه الشريحة الواسعة من ابناءنا الذين عانوا من التهجير والتشرد على أيدي أعداء شعبنا بسبب أنتمائهم الى الشعب الكوردي، ويجب عليها أن تسعي وبكل جدية وأخلاص لدعمهم وتلثم جراحهم وأنصاف مظلوميتهم وتأخذ من يدهم الى بر الأمان والإهتمام بشؤونهم وأخراج ملفهم من أدراج النسيان والأهمال ووضعه أمام أنظار الضمير السياسي العراقي والرأي العالمي ، أليس على حكومة أقليم كوردستان أن تفتح لهم ذراعها وتصبح المظلة التي تستطيع أن تتحمى تحت ظلالها هذه الشريحة المظلومة لإن موقعهم الصحيح هو في صفوف أخوتهم الكورد والإهتمام باللهجة والثقافة الكوردية الفيلية والتي هي جزء من لهجات الكورد من قبل الإعلام الكوردي لكي تستعيد عافيتها وعنفوانها السابق والحفاظ عليها من الضياع ورفع جزء من معاناتهم وآلامهم اليومية ، ولا ننسى هذه الشريحة الكوردية كانت النواة الفعلية والمؤثرة في الماضي لمجمل الأحزاب الكوردية وكانت لها قصب السبق في النضال في صفوف الحركة الوطنية العراقية والأحزاب الكوردية بشكل خاص ومشاركتهم الفاعلة في حركة التحرر الكوردي من أجل الأستقرار والأمان والحرية، عندما تهمل الفضائيات الكوردية شريحة الفيليين من برامجها فهذا حتماً سيؤثر عليهم ونسبة متابعة ستقل بمرور الزمن، أضافة الى فاعليتهم في التجارة الأقتصاد العراقية في عصبها الأقتصادي الرئيسي في بغداد ( سوق الشورجة) وفي احياءها الشعبية طيلة عقود من القرن الماضي .
يمكن أن أطرح السؤال بطريقة أخرى : لماذا لم تطبق القرارات والبنود المتعلقة بحل مشاكل الكورد الفيليين التي تمخضت من مؤتمر أربيل وجلساته ، في الوقت الذي فتح هذه الحكومة ذراعيها بكل رحاب لمئات ألاف من عرب العراق الهاربين من جحيم الإرهاب البعثي والأسلامي بشقين السني والشيعي ، ذلك المؤتمر الذي رعاه السيد مسعود بارزاني ، وما نعرفه عن مسعود أنه رجل دقيق في متابعة ما يجري في ساحة كوردستان والعراق والعالم ، فحينما زار السليمانية وعقد ندوة أدباء وصحفين المدينة ، أنبرت الزميلة فينوس فائق تقدم ومداخلة النقدية في الندوة المذكورة أن بارزاني قال في رده ( أني أتابع كل ما تكتبين من مقالات ) ، ما يدل على أنه يتابع كل كبير وصغير ، وعليه نقول لسيادته الكوردك الفيلية بين نيران عديدة ، نار البعث ثم نار التهميش وثم نار النسيان وثم نار الغربة وثم نار القتل والتنكيل الدائم وحتى في وقف الحاضر من قبل الإرهابيين في بغداد وهم معزولون من كل ما يحميهم من هذه النيران المحرقة --------- وا مسعوداه[1]