سليمان يوسف
21 آذار من كل عام ، يوم الاعتدال الربيعي، المعروف ب “عيد النوروز “. في أصوله وجذوره هو (عيد سومري). يرتبط بتجدد دورة الحياة والخصب في الطبيعة مع حلول فصل الربيع.. السومريون، أقدم سكان بلاد ما بين النهرين ، كانوا يحتفلون بعامهم الجديد في الأول من نيسان من كل عام باسم” عيد الأكيتو”. في العصور اللاحقة عرف بعيد ” رأس السنة البابلية الآشورية”. بحلول الأول من نيسان القادم(1 نيسان 2023) يحتفل الآشوريون بعامهم الجديد 6773، وهو أقدم تقويم عرفته البشرية. الاحتفالات بعيد الأكيتو انتقلت الى معظم الشعوب والأقوام التي خضعت لحكم الإمبراطورية (البابلية – الآشورية) وهي كانت قد توسعت وامتدت شرقاً وغرباً. بأسماء وتواريخ مختلفة ، انتقلت الاحتفالات بعيد الأكيتو الى شعوب وأقوام عديدة في آسيا الوسطى وحوض البحر الأسود والشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وفي مناطق أخرى من العالم. بحكم التجاور الجغرافي بين (بلاد الآشوريين – ما بين النهرين) و( بلاد فارس ) انتقلت الاحتفالات بعيد الربيع الى الفرس باسم “عيد النوروز ” . (نوروز) بالفارسية يعني ” يوم جديد” يحتفلون به يوم 21 آذار من كل عام بصفته عيد الربيع وبداية السنة الفارسية . 21 -03- 2023 ميلادي يوافق (21 فروردين 1402 ) في تقويم نوروز الفارسي، المعتمد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية . الأكراد ، قبائل فارسية ، والفرس من (الإثنيات الإيرانية ) . مع تبلور (الهوية الكردية) في العصور الحديثة ، عمل القوميون الكرد على تسييس ، بل( تكريد ) عيد النوروز. إذ ابتدعوا تاريخ خاص بهم . أخذوا من تاريخ سقوط (نينوى – عاصمة الدولة الآشورية 612 ق.م ) بداية (لتقويم كردي 2635) ، زاعمين بأن أسلافهم “الميديين” هم من أسقطوا( الدولة الآشورية). القوميون الكرد، اصطنعوا بطولات وانتصارات تاريخية لا أساس لها في التاريخ الكردي.. هنا نتسائل: إذا كان أكراد اليوم هم “ميديون” فعلاً ، أسقطوا الدولة الآشورية قبل 2635 عام ، فلماذا لم تبرز (دولة كردية) منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ؟؟؟ .
مجلة (مزكين) العدد (78) 5 -03- 2018 ، وهي مجلة كردية للأطفال تصدر بالعربية عن ( مؤسسة روناهي في شمال سوريا)، وهي من المؤسسات الثقافية الاعلامية التابعة ل(سلطة الأمر الواقع الكردية) ممثلة بما تسمى ب”الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”. مجلة (مزكين) نشرت مقالاً بعنوان ” كاوى الحداد .. إشراقة يوم جديد ” نقتبس منها ” كان هناك ملكُ اشوري شريّرُ يسَمّى (الضحاك). هذا الملك ومملكته قد لُعِنا بسبب شرِّه… حتى الشمس رَفضتْ الشْروق وكان من المستحيلَ نَمُو أيّ نبات… وكان كاوى الحداد قد أخذ على عاتقه إنزال الضربةَ القاتلةَ بالملكِ الشريّر الضحاك . وكانت إشارة البدء بالثورة هي إضرام النار في قمة الجبل، ذلك الصباح بدأت الشمس بالشروق ثانية وأزهرت النباتات من جديد وبات ذلك اليوم هو يوم عيد النوروز…” انتهى الاقتباس.. طبعاً، هذه الرواية لا تمت للواقع بشيء، مقتبسة من أسطورة (الشاهنامة) الفارسية. القوميون الكرد صاغوها بطريقة تخدم أجندتهم القومية . إخراج عيد النوروز بهذه الطريقة المثيرة للأحقاد والكراهية العرقية وتقديمه للأجيال الكردية وللعالم على أنه “ثورة كردية ضد الملوك الآشوريين”، يصبح هذا العيد ، (اسفيناً) في العلاقة (الآشورية – الكردية) ، بدلاً من أن يكون مناسبة لمد جسور التواصل وتعزيز العلاقة ( الآشورية – الكردية) والعمل معاً لما فيه خير ومصلحة الشعبين وجميع شعوب المنطقة . نتسائل هنا: كيف يمكن للآشوريين(سرياناً كلداناً ) مشاركة الأكراد احتفالاتهم بسقوط (الدولة الآشورية) ؟؟ ..[1]