عنوان الكتاب: أرواح ثائرة
اسم الكاتب(ة): محمود بريمجة
مكان الأصدار: دجيتال
تأريخ الأصدار: 2020
تَوطِئَة :
الثَّورةُ مرحلةٌ جديدةٌ منَ الحياةِ ، يَسبَقُها مأساةٌ و خَيبةٌ و كَبْتٌ و تمَلْمُلٌ ، و يعقُبُها تحرُّرٌ و انفِتاحٌ و نَهضةٌ و نورٌ ، و مهما كانَتْ نتائجُها دونَ المُستوى المَنشودِ ، فإنَّها ستُنجِبُ تغييراً في الواقعِ الاجتِماعي و السِّياسيِّ و المَعيشيِّ ، و إنْ بدرجاتٍ مُتفاوتةٍ عنِ السَّابقِ ، و قد يكونُ حظُّ الشَّعبِ الثَّائرِ وافراً ، إذا ما انتصرَتْ ثورتُهُ مُبكِّرةً ، و تُوِّجَتْ بإسقاطِ الدِّيكتاتوريَّةِ الظَّالمةِ ، قبلَ حدوثِ المَزيدِ منَ الدَّمارِ و إزهاقِ الأرواحِ البريئَةِ جرَّاءَ الصِّراعِ بينَ طرفَي الحقِّ و الباطلِ ، و قبلَ تحوُّلِ مسارِ الثَّورةِ ، و تجافِيها عنْ أهدافِها السَّاميةِ للشَّعبِ المُتمثِّلةِ في الحُرِّيَّةِ و الاستقلالِ و جَلْبِ العدالةِ و الكرامةِ الإنسانيَّةِ لهُ .
و فِكْرُ الثَّورةِ وُلِدَ معَ الإنسانِ و بقيَّةِ المخلوقاتِ ، فكُلُّ روحٍ مُحاصَرةٍ في دياجيرِ الظُّلمِ منْ قِبَلِ أسيادِها أوِ الغُرَباءِ تثورُ عفويَّاً على واقعِها المُتردِّي ، بُغيةَ تحسينِهِ أو تغييرهِ ، و الحياةُ في أساسِها قائمةٌ على مبدأِ الثَّورانِ ، ففي كُلِّ حركةٍ لها ثورةٌ ، و بذا تكونُ الفُصولُ الأربعةُ ، و البراكينُ و الزَّلازِلُ و الطُّوفاناتُ و كُلُّ الكوارِثِ الطَّبيعيَّةِ ثوراتٍ خارجةً عنْ إرادةِ البشرِ ، و لا يستطيعُ مُواجهتَها بسهولةٍ ، و هُناكَ أمثلةٌ ثوريَّةٌ طبيعيَّةٌ في حياةِ الإنسانِ و المخلوقاتِ الأُخرى ، كالوِلادةِ و الهِجرةِ و الحُبِّ و الحوادثِ المُثيرةِ ، فهي كفيلةٌ بتغييرِ أشياءَ كثيرةٍ في حياةِ الإنسانِ الذي يشعرُ بعدَها بانتِقالِهِ إلى طَورٍ جديدٍ منَ الحياةِ.
إذاً ، فالثَّورةُ حالةٌ فِطريَّةٌ في حياةِ الأحياءِ عامَّةً ، و عندَما تثورُ فهيَ إنَّما تُثبِتُ أهلِيَّتَها و قابليَّتَها و استحقاقَها للحياةِ ، و خِلافُ ذلكَ خُروجٌ عن مسارِ الفِطرةِ التي وُلِدَ الحَيُّ عليها .
و في عملي الأدبيِّ هذا ، و الذي عَنْوَنْتُهُ ب (أرواحٌ ثائرةٌ) أصوِّرُ حالَ الإنسانِ و الأحياءِ الأُخرى في مُمارسةِ فِطرتَها التي جُبِلَتْ عليها ، و هيَ الثَّورةُ الهادفةُ للتَّحرُّرُ منْ وَطأةِ الدُّجى ، و جُورِ العاسِفينَ .
يضُمُّ العملُ خَمْساً و عِشرينَ قَصيدةً ، تَراوَحَتْ بينَ الشِّعْرِ العامودِيِّ المَوزونِ وُفقَ مُوسيقا البُحورِ الشِّعْرِيَّةِ التَّقليديَّةِ ، و النَّثْريِّ المَبنيِّ على مَنابعِ المُوسيقا الدَّاخليَّةِ في القَصيدةِ ، فأرجو أنْ أكونَ قدْ وُفِّقْتُ فيما رَمَيْتُ إليهِ ، بنَقْلِ أثرِ الفِكْرِ الثَّوريِّ الذي أشعرُ بهِ أنا و كُلُّ إنسانٍ طامعٍ لِنورِ الحُرِّيَّةِ إلى القارئِ الكريمِ ، و اللّٰهُ وَليُّ التَّوفيقِ .
محمود بريمجَة – تُركيا .
[1]