سلسلة الكُرد والإسلام السياسي
حلقة طارئة إلى متى السكوت على الطابور الخامس التكفيري؟
Dr. Sozdar Mîdî
إلى متى السكوت على الطابور الخامس التكفيري؟
الطابور الخامس في كُردستان:
خلال الحرب الأهلية الإسبانية سنة 1936، دخل الجنرال الإسباني إميليو مولا Emilio Mola العاصمةَ مدريد ومعه أربعة طوابير من الجنود، وقال:”هناك طابورٌ خامس يعمل معنا من داخل مدريد“؛ يقصد المتعاونين معه سراً . وبعدئذ صارت عبارة (طابور خامس) تعني في العلوم السياسية: عملاءَ العدوّ ضد أمّتهم.
والحقيقة أن الأمّة الكُردية كانت مراراً ضحية الطابور الخامس الكُردي، وأَقدمُ طابور خامس في تاريخنا كان بقيادة هارْپاگالميدي، إنه لَمْلَم حوله بعض زعماء الميد الأنانيين، وتآمروا مع الملك الفارسي كورش الثاني، وأعانوه على احتلال إمبراطورية ميديا سنة (550 ق.م)، فقط لينتقموا من الملك الميدي الأخير أزْدَهاك، وها هم الكُرد يدفعون العذابات والدموع والدماء ثمناً لذلك منذ 25 قرناً.
والطابور الخامس الكُردي، في كل عصر، هم كُردٌ بأشكالهم وأزيائهم، لكنهم ممسوخون، ومنسلخون من الهويّة الكُردية، ليسوا كرُدستانيين لا في الرؤية، ولا في التفكير، ولا في المشاعر، ولا في القيم، ولا في السلوك، ولا في المواقف.
وأسوأ طابور خامس بيننا الآن، هم الإسلاميون الكُرد التكفيريون، وسبق أن كتبنا مقالات بشأن فكرهم القذر والخطر، ونبّهنا إلى ضرورة تطهير مجتمعنا من هذه الثقافة الدخيلة، لأنها معادية لحركة التحرر الكُردستانية، بل إن مستعمري كُردستان هم الذين ينشرون هذا الوباء، لقطع الطريق على قيام الدولة الكُردية. ونذكر من تلك المقالات:
1 – شيوخ التحرير وشيوخ التكفير في كُردستان- على الرابط:http://www.gemyakurdan.net/gotar-nerin/gotari/item/13175-2013-08-11-10-24-26
2 – شيوخ التكفير الكُرد.. هذا الوباء الخطير! على الرابط: https://app.box.com/s/fms29rkpsm1r3isbu1wr
3– لماذا يُشيطن شيوخُ التكفير الكُرد عيدَ نوروز؟ على الرابط:
https://app.box.com/s/bbcxea6nk5yn1qp96sab
وإليكم آخر غرائب الطابور الخامس التكفيري الكُردي، فقد أرسل لي الأخ الأستاذ أسعد قَرَه داغي- مشكوراً- هذا الرابط:
https://www.facebook.com/photo.php?v=882535938440643&set=vb.100000527354690&type=2&theater
يظهر فيه على فضائية كُردية مشهورة شيخٌ كرديُّ العِمامة، سَلَفيُّ اللحية، يدعى دكتور عبد اللطيف، وهو يؤكّد بحماس أن الأيزديين الذين قتلهم الإرهابيون في شَنْگال ليسوا شهداء، ولا يكفي قولُهم: (لا إله إلا الله)، بل يجب أن يكونوا مسلمين، ويقولوا: رَضِيتُ بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّد نبياً، وإلا ف” إلى جهنّمَ وبئسَ المصير”!
من غرائب التكفيريين الكُرد:
يا شعبنا الكُردي! يا حكماء الكُرد! يا ساسة الكُرد! يا مثقّفي الكُرد! ما هذه الغرائب في جنوب كُردستان؟! ألم يرتكب الغزاة في وطننا هناك الإبادةَ الجماعية تحت شعار سورة (الأنفال)؟! ألم يسوقوا الآلاف من شعبنا هناك- أطفالاً ونساءً ورجالاً، تحت راية (الله أكبر)- إلى الصحارى ودُفنوهم أحياءً في الرمال؟! ألم يَثُر شعبنا هناك على المستعمِرين طوال القرن العشرين، وقدّموا أروع البطولات وأعظم الشهداء؟!
فكيف تسلّلت البُؤَر الظلامية إلى وطننا العزيز هناك؟ من يقف وراء تأسيسها؟ من يقدّم الأموال لشيوخ التكفير الكُرد هناك؟ من يهيّئ لهم المُناخ لينشطوا هناك، ويلعبوا بذيولهم، ويبثّوا سمومهم في مجتمعنا الطيّب؟ يا مثقفينا في الجنوب! يا شيوخَنا الوطنيين! يا ساستَنا الوطنيين! يا أحزابنا الوطنية! يا نشطاء المجتمع المدني! يا حرّاس الحضارة والقيم الإنسانية! بالله عليكم ما هذا الذي يجري في الجنوب؟!
ودعوني أذكر موقفاً: في صيف 2007 زرت جنوب كُردستان ثلاثة أيام، فقط لأعيش على أرض كُردستانية نصف محرَّرة بعض الوقت، وكانت المفاجأة حينما ركبتُ أوّل تاكسي في هولير، وإذا بالسائق- وكان شاباً في حدود الثلاثين- مشغوفٌ بسماع حديث ديني، يثرثر فيه أحد الشيوخ الكُرد بتخريفات كتلك التي يلوكها بقيّة شيوخ التكفير. أقول بصدق: أُصبت بكآبة عميقة، وأدركت أن هناك أيادي ظلامية تلعب بشبابنا هناك، وتساءلت: أ أنا في كُردستان أم في سَلَفِستان؟ لماذا لا أسمع أناشيد قومية؟! لماذا لا أسمع خطابات عن قضايانا الوطنية؟ لماذا لا أسمع أغاني وموسيقى تراثية كُردستانية؟!
ثمّ تتالت الغرائب: علمتُ أن منطقة قرب حَلَبْجَه كانت مركزاً لعصابة تكفيرية اسمها (أنصار الإسلام)، بقيادة شيخ كُردي يدعى مَلا كَريكار، خرّيج الجامعة الإسلامية التكفيرية في باكستان. وعلمت أن أحزاباً دينية نشأت في جنوب كُردستان تحمل راياتها عبارة (لا إله إلا الله، محمّد رسول الله)، بدل أن تحمل عبارة (Yan Kurdistan, Yan neman)، ومع ذلك تشارك في الانتخابات، ولا أدري لماذا لم يضعوا سيفاً مسلولاً تحت شعارهم المحبوب كسادتهم في سَلَفِستان؟!
ثم إذا شيخ كُردي يدعى عبد الصَّمد، يصرخ بالكردية: ” نوروز ليس عيداً إسلامياً، لا يجوز الاحتفال بنوروز، لا يجوز تسميةُ نوروز عيداً، النبيُّ محمّد لم يحتفل بنوروز، للمسلمين عيدان فقط: عيد الفِطْر وعيد الأضحى، الاحتفالُ بنوروز تَشبّهٌ بالكُفّار”. انظر الرابط:
https://www.facebook.com/photo.php?v=267574516742745&set=vb.202350039931860&type=2&theater
ثم تفاجأت بشابّ كردي مُعمَّمٍ- نعمّ شابّ!- يصرخ: “بٍقُورباني حَزْرَتي عُمَرْ بي! وَيْ بِقورباني حَزْرَتي عُمَرْ بي! خاكُو وَلاتو ونِشْتمانو ومُحافظو ومُدير ناحيه وَشُرْطَكان هَرْ هَمي بِقورْباني بِيلاڤي حَزْرَتي عُمَرْ بي!” ألم يكن الأولى بهذا الممسوخ أن يكون “بِقورباني” حذاء أيّ شهيد وقائد كُردستاني، بدلاً من دعوتنا لنكون “بقورباني حَزْرتي عُمر”؟! أليس في عهد “حَزْرَتي عمر” احتُلّت كُردستان، وجرى لجدّاتنا وأجدادنا حينذاك ما جرى لشعنبا في شَنْگال الآن؟! انظر الرابط.
https://www.facebook.com/photo.php?v=562763803832373&set=vb.100002962745628&type=2&theater
ثمّ إذا بنا نتفاجأ بعشرات الشباب من جنوب كُردستان يقاتلون في صفوف الظلاميين في سوريا، وكان بعضهم في صفوف الذين غزوا غرب كُردستان وقتلوا أهلنا هناك. وها نحن نتفاجأ أخيراً بهذا الشيخ الكُردي الذي يكفّر كُردنا الأيزديين، ويرسلهم إلى جهنّمه الظلامي، وبالتكيد وباللن وبالتأكيد لن تكون هذه آخر المفاجآت.
إلى متى نسير بالمقلوب؟!
يا شعبنا الكُردي! يا حكماء الكُرد! يا ساسة الكُرد! يا مثقفي الكُرد! بالله عليكم! إلى متى نسير بالمقلوب؟ إلى متى نجرّ الكوارث على أمّتنا؟!
في الوقت الذي يغزو فيه عصابات التكفير شعبَنا في غرب كُردستان منذ أكثر من عام، ويقتلون وينهبون ويختطفون أبناءنا، وينتهكون أعراضنا، ويمنعون الماء والغذاء والدواء عن شعبنا، أليس من الحماقة والغفلة والعيب أن نضع الميكروفون أمام هكذا طابور خامس، ونتركه يقلّل من أدبه في حق كُردنا الأَيزديين ويكفّرهم؟
وفي الوقت الذي يهاجم فيه الغزاة جنوب كُردستان، من جَلولاء شرقاً إلى شَنْگال غرباً، ويستنفرُ شعبُنا هناك نساءً ورجالاً للدفاع عن كرامة الأمّة الكُردية، أليس من الحماقة والغفلة والعيب أن يُترك هكذا طابور خامس بلا حساب وبلا عقاب؟
وفي الوقت الذي ينتهك فيه هؤلاء الأنذال أعراضَ نسائنا الأيزديات، ويبيعونهن في أسواق النِّخاسة، وأصبحنا نحن الكُرد- بحسب العُرف القومي- قليلي ناموس، أليس من الحماقة والغفلة والعيب أن يثرثر هؤلاء في إعلامنا ومساجدنا كما يشتهون؟
وفي الوقت الذي يتعاطف أصحاب الضمائر الحيّة في العالم مع شعبنا الأيزيدي المنكوب، ويتقاطر بعض ساسة الدول الكبرى إلى جنوب كُردستان لمؤازرة شعبنا، أليس من الحماقة والغفلة والعيب أن نسكت على وجود هذه البؤر الظلامية في وطننا، ونمنحهم حرية تدمير مجتمعنا ومستقبلنا؟
وفي الوقت الذي استيقظت الدول الكبرى، وراحت تعمل لتشكيل جبهة عالمية ضد الفكر الظلامي، ما مصلحتنا نحن الكُرد في تلميع عمائم ولِحَى الطابور الخامس التكفيري في إعلامنا؟ هل نريد أن يصنّفنا العالم ضمن سَلَفِسْتان أيضاً؟ أم أن هناك من يريد لنا أن نبدو كذلك أمام العالم المتحضّر؟
وفي الوقت الذي تعلن الدول المتخصّصة في صناعة الإرهاب براءتَها من الإرهابيين، وأخصّ سَلَفِستان (سعودستان)، وتتبرّع بالمال لمكافحة الفكر الإرهابي، ما مصلحتنا في أن نقول للعالم: انظروا ها نحن أيضاً نجيد تخريج الإرهابيين؟!
يا شعبنا الكُردي! يا حكماء الكُرد! يا ساسة الكُرد! يا مثقفي الكُرد!
إذا تركنا هذا الطابور الخامس الممسوخ يكفّر الكُرد الأيزدي، والكُرد الكاكايي، والكُرد العَلوي، والكُرد الشيعة، والكُرد المسيحيين، ومواطنينا المسيحيين واليهود، فكيف يمكننا الحديث إذاً عن أننا أمّة كُردية واحدة ومتحضّرة؟ وكيف نضمن أن كُردنا هؤلاء لن يتعرّضوا مستقبلاً للإبادات، وإرسالهم إلى جهنم التكفيريين؟!
انتبهوا يا شعبنا! الخللُ هائل، والخطرُ كبير، ولا يجوز السكوت على هذا الطابور الخامس بأيّ حال من الأحوال، بل تجب محاسبتهم ومعاقبتهم، وتطهيرُ المجتمع الكُردي منهم، وإلا فلن تمضي أعوام حتى تكون كُردستان قد صارت سَلَفِستان.
ومهما يكن فلا بدّ من تحرير كُردستان!
22 – 8 – 2014
[1]