#فؤاد حمه خورشيد#
إذا كان الشعب الكوردي في العراق الفدرالي، يعيش اليوم في ضل حكم فدرالي دستوري يكفل لهم حقهم في حكم البلاد، باعتبارهم يشكلون القومية الرئيسية الثانية بعد العرب فيه ، فان المادة (140) من الدستور، الذي وافق عليه غالبية الشعب في استفتاء حر، تنصص على ما يلي:
أولا: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58)من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها.
ثانيا: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة(58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور،على ان تنجز كاملة(التطبيع، الإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، لتحديد إدارة
مواطنيها)في مدة أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الأول سنة ألفين وسبعة.
وهذا يعني بوضوح ان هذه الفدرالية لا تزال مبتورة، جغرافيا وإداريا وسياسيا، ما لم يطبق تنفيذ المادة (140)الدستورية بالكامل، مادامت هناك مناطق واسعة عدة لا تزال متنازع عليها ولم تحدد تابعيتها الإدارية ، والتي كان على السلطة التنفيذية ببغداد اتخاذ الإجراءات الأزمة لتنفيذها قبل ستة أعوام لكنها تهربت من مسؤولياتها وخذلت الشعب الكوردي.
يبدو ان السلطة التنفيذية لا تزال عير مستعجلة، او بالأحرى غير معنية بزمن تنفيذها، فإذا كان الوضع الأمني من الأسباب الضعيفة لتأجيل التنفيذ، فان ذلك يعني بالنسبة للشعب الكوردي، ضمنا ،ان هناك افتعال مقصود للعمليات الإرهابية وبشكل خاص في المناطق الكوردستانية التي تقع حاليا خارج الإقليم( المتنازع علبها )في محافظات ديالى وتكريت ونينوى، وفسح المجال لمحافظي تلك المحافظات لاستغلال نفوذهم وسلطاتهم لتشديد الضغوط على الكورد وفسح المجال أمام العرب لاستغلال ما يمكن استغلاله عمرانيا ،واستيطانيا، وديموغرافيا ضمن أوضاع الفوضى التي تعيشها تلك المناطق، ولغياب رقابة الجانب الكوردي عليها باعتبارها مناطق لا تزال تحت السيطرة الإدارية للجانب الأخر، ولعل افضع ما يحدث اليوم من هذا القبيل هو التعريب السريع ، الملفت للنظر، بين سلسلة جبال حمرين وسليمان بك من جهة ، وبين سليمان بك وطوزخورماتو من جهة ثانية، بل وحتى داقوق شمالا .
الشعب الكوردي لا يفهم كيف تكون الإخوة في وطن واحد، في وقت لا زال فيه طرف مغتصب ونهاب لامو ل وممتلكات صاحبه الكوردي يصر على عدم إعادتها إليه، ولا يمكنه ان يفهم كيف يمكن لهؤلاء ان يعيشوا من السحت الحرام كل هذه السنين الطوال. ولا يستوعب كيف لا يحاسب الجيل الجديد منهم جيلهم القديم على كل هذا الاستحواذ والمصادرة لأموال الكورد دون حق، او قانون، او شرع. فهل هذه شريعة الإخوة والمشاركة في حكم البلاد ، أم هي شريعة الغاب التي لاتزال سارية؟
هذه المناطق الكوردستانية لا تزال تدار من قبل السلطات التنفيذية و كأنها غنائم حرب العصور الوسطى متناسين إنها كوردستانية الأصل، وسماها الدستور ب(المناطق المتنازع عليها)، ويبدو ان المسئولين التنفيذيين في بغداد لا يزالون يستحون من تسميتها باسمها الدستوري فيطلقون عليها اسم(المناطق المختلطة)وهذا ما أوحى للشعب الكوردي بسوء نية السلطة التنفيذية وتحايلها على الدستور والمادة (140) ،على حد سواء كل هذه المدة الطويلة.
هذه اللعبة لا تنطلي على احد ، وللصبر حدود، ان استمرار سياسة التعريب المبطنة، وإرسال الفرقة 12 الى كركوك وتهديد مواطني تلك المناطق وإرهابهم، وإرسال قوات شرق دجلة ال كركوك وما حولها ، ومن قبلها الى خانقين، أثارت غضب الشعب الكوردي من مندلي وحتى سنجار ، الأمر الذي حفز القيادة الكوردية الممثلة برئيس الإقليم لان ترسل قوات البيشمه ركة لتكون على أهبة الاستعداد لحماية الشعب الكوردي هناك وإفشال مخططات التعريب الجديدة، لان إرسال بغداد لهذه الحشود العسكرية من طرف واحد الى مناطق خطرة، سماها الدستور بمناطق متنازع عليها، خلافا لسياسة التوافق والمشاركة، هي خطوة لا يمكن لن يفسرها الشعب الكوردي الا بالنية السيئة المبيتة لحكومة بغداد الفدرالية.
ان استمرار وتكرار هذه المناورات العسكرية والميدانية من قبل بغداد على الصعيد الجغرافي من جهة ،و استبعاد او تجاهل القيادة الكوردية ،الممثلة الشرعية والدستورية لثاني اكبر قومية في هذه البلاد والمساهمة بالحكم فيه ، على الصعيد السياسي من جهة ثانية، أبرزت بشكل جلي وواضح للشعب الكوردي النوايا الشوفينية والسيئة للسلطة التنفيذية حيال الشعب الكوردي والمادة(140) على حد سواء ، الأمر الذي حدى برئاسة الإقليم في 14-12-2012 ان تصدارقرار تسمي فيه (المناطق المتنازع عليها) ب(المناطق الكوردستانية خارج الإقليم) على ان تستخدم هذه العبارة في كل الوزارات والدوائر والجامعات والإعلام وذلك من اجل ( الحفاظ على الطابع الكوردستاني السكاني والإرث الثقافي المتنوع لهذه المناطق) حسبما جاء في القرار.
الموضوع برمته كان بالإمكان تصحيحه او تعديله بعد ان توتر الوضع السياسي بين بغداد والإقليم، وكان على الجانب الكوردي ان يعرض لتحسين الأوضاع مايلي قبل ان يأتي ويروح المالكي دون نتيجة:
1- إخراج كل المناطق المتنازع عليها دستوريا من إدارة بغداد ومحافظاتها لأنه لا يجوز قانونيا ان يشرف على مناطق متنازع عليها احد طرفي النزاع ويحرم الطرف الأخر من ذلك إداريا وماليا.
2- إخضاع كل تلك المناطق الى إدارة مشتركة من الطرفين المتنازعين لتصريف شؤونها الإدارية والمالية والأمنية والثقافية وغيرها.
3-ان تشرف هذه، مع اللجان الفنية الأخرى ،على عمليات التطبيع ، والإحصاء والاستفتاء، وتقديم كل التسهيلات الأزمة لهذا الغرض.
4- تتولى هذه الإدارة إلغاء كل التجاوزات او الخروقات والأوامر الإدارية الصادرة من محافظات نينوى وديالى وتكريت الخاصة بعقارات وأراضي المناطق المتنازع عليها والتي تتعارض ومواد الدستور و وبخاصة المادة 140.
5- تخليص هذه المناطق من بؤر الإرهاب ، التي تحولت بمرور الزمن الى مساند لعمليات التعريب وتهديد الكورد وتهجيرهم بالقوة كما هو حاصل ويحصل في مندلي قزلرباط وقرى مناطق حمرين ومخمور وتلعفر وربيعة وأطراف مدينة الموصل.[1]