لطيف دلو
تلعب الاساطير والقصص والروايات والوقائع دورا مهما في تشخيص هوية الامم وحضاراتها الادبية، لذلك تقوم الشعوب الاحتفاظ والافتخار بها في مقارنة قدمها مع ادبيات الامم والشعوب الاخرى لذلك نجد بان اليابان قد احتفلت قبل عدة سنين وبالتحديد عام 2008من خلال محاضرات وندوات ومسرحيات ومؤتمرات وحفلات موسيقية بمناسبة مرور الف عام على ولادة حكايتهم ( جينجي )* الاسطورية في القرن الحادي عشر،هذا العمل الروائي الادبي الذي يتضمن او يدورحول المغامرات الغرامية التي قام بها جينجي الاستقراطي العاشق للجمال المحبب المثيرللاعجاب، ابن الامبراطور، الرجل الذي لاتستطيع النساء مقاومة سحره ويستمتع بجملة من العلاقات الغرامية كشاب حتي انه يختطف صبية عمرها عشر سنوات ليسيرها رفيقة حياة كاملة من كافة جوانبها ولكن تصرفه هذا مع ابنة قائد بارز، عمل طائش وبسببه يرغم جينجي الذهاب الى المنفي ويستدعى اخيرا الى العاصمة ويبني لنفسه قصرا باربعة اجنحة وبكل جناح امراءة ، وتنهال عليه التكريمات وتقدم له ابنة الامبراطور المتقاعد كزوجة ولكن عروس جينجي الملكية تخونه مع رجل اخروتستمر الحكاية بمراحل عديدة وتزخر باكثر من اربعمائة شخصية بابطال جدد وتصل الى ان جينجي يجتذب الى فوجيستو احدى محظيات ابيه وينجب منها طفلا.
=KTML_Bold=لغة مهجورة=KTML_End=
والحكاية طويلة في طي كتاب من 1200صفحة واللغة التي استخدمتها المؤلفة لغة مهجورة عصية على الفهم بعد مضي قرن على احداثها وقام عدد من الكتاب بتحديث كتابتها وبيع من جينجي هذه القصة اكثر من ثلاثة ملايين نسخة بعد نشرها في نهاية عام 1996وانهم يشيدون ويفتخرون بها في التاكيد على مقارنة ادبهم باوروبا في القرن الحادي عشر.اذا كان اليابانيون يفتخرون بامجادهم الادبي بحكاية لمغامرات غرامية تعود الى ماقبل الف سنة فان الكورد يمتلك اسطورة ذات احداث واقعية تعود الى ماقبل الفين وسبعمائة سنة وهي اسطورة نوروز تجسد احداث واقعة ثورة كاوة الحداد في انقاذ الملايين من بني البشر من سفاح مجرد من الانسانية باسلوب منمق في ادبيات سرد الاحداث بحيث تخلد الواقعة وتعمق معانيها في الاذهان لصد او الوقوف بوجه كل ظالم معتد لنيل التحرير، لذلك كانت الانظمة المحتلة لكوردستان يمنعون الكورد من الاحتفاء بها واحاطوها بشبهات لطمس هويتهم وصهرها في بوتقة قومياتهم بلواذع الخرافات ، ولو قارنا اسطورة نوروزبالقصص والروايات لذلك العصرفانها من اروعها لانها تمجد بطولة وشجاعة رجل حداد يقارع اعتى سلطة بمطرقتة ويهشم رأس امبراطورالسفاح بها وتمثل ما وصل اليها الادب الكوردي من البلاغة ولكن الكورد غابوا عنها بدوافع التوحيد لتلعب بها العواصف تارة تنسيبها الى السومرين وتارة الى الاكدين وتارة اخرى الى القوميات القاطنة بجوار الكورد بعثرة انهم يحتفلون بها مع الكورد وكذلك تسمية السفاح ب ( ضحاك) افتراء لسلب وتشويه ادبيات الكورد ونسرد ماتبقى من تلك الاسطورة التي تناقلتها الروايات الشفوية عبر القرون المنصرمة في المجالس والمضايف الكوردية والتي تمثل الواقعة بعظمتها وهي.
=KTML_Bold=ضنك العيش=KTML_End=
حلت سنين عجاف خلفت القحط والمجاعة في امبراطورية الكرد والشعوب المتعايشة معهم ووصلت بهم الحالة الى ضنك العيش والهلاك مما ادت الى انهيار السلطة فيها ومهدت السبيل لاستلاء رجل سفاح وظالم على عرش الحكم، وجهز جيشا من القتلة والسفاحين من امثاله لحماية وحراسة عرشه ومارس القتل والابادة في ابشع صورها لاضعاف خصومه ولذلك لقب ب( ازدهاك) بالزاء الكوردية ذات ثلاث نقاط ، واوصله عنف شروره واستبداده الى الاصابة بمرض عضال وخبيث مما ادى الى انماء حيتين على كتفيه لذا اجمع اطباء وحكماء امبراطوريته لمعاينته ومن ينقذه من هذه المحنة يكرمه الذهب بقدر وزنه والا يقطع رؤسهم تباعا وظهر بينهم فاسق ضال اغره المال فاوصاه ان يطعم الحيتين بمخ شابين يوميا لاشباعهما ويضمن سلامة نفسه وديمومة حياته والامساك بزمام السلطة دون الاستعانة باحد ونال الفاسق بالجائزة وورث الظلم والابادة في البلاد.امر السفاح ازدهاك بتنفيذ المهمة من قبل حراسه فعارضه وزير بلاطه وطلب منه المعالجة بوسائل اخرى ولكن بدون جدوى وقام حراسه بالقاء القبض على شابين يوميا لاطعام الحيتين بمخهما ولم يبق امام الوزيرالا ان يجد وسيلة لتخفيف الكارثة على الناس وذلك باخفاء احدهما وتهريبه الى الجبال بعيدا عن الانظاروالمسامع واحلال مخ حيوان محله لاطعام الحيتين ولم تبق في البلاد عائلة الا ودفعت قرابين لحياة السفاح باعداد مفروضة عليهم من السلطة ومن ضمنهم جاء دورالابن الاخير ل ( كاوة ) الحداد فاقتادوه ليلتحق باخوانه الاحد عشرالسابقين في وقت ملائم لمقارعة حكم السفاح والخلاص من جبروته من الناحيتين المعاشية والمعنوية بقدوم سنة تبشربالخيرمن حيث تهاتن السماء عليهم بامطارغزيرة ابعدتهم من القحط والمجاعة، فنادى كاوة الحداد اهل المدينة لنخوته لاسقاط السلطة فلبوا نداءه و بقيادته هاجموا بلاط السفاح واقدم عليه كاوة الحداد وهشم راسه بمطرقته وانقذوا البلاد من ظلمه وطغيانه وبسماع نبأ انتصارهم هرع الناس الى المرتفعات لاشعال النارتبشيرا لعظمة انتصارهم ومن يومها تنسب الاحتفال بها في راس السنة الكردية التي تبدأ بشهر (خاكة ليوة ) وتيمنا بتلك المناسبة اليوم يسمى بشهر نوروزويصادف يوم 21 من شهر اذار والاسطورة وواقعتها تعودان الى 700 سنة ق م.هناك بعض من الروائين يختلفون في سردها وليس في مضمونها ،بدلا من اطعام الحيتين بمخ شابين هو تدهين جسم السفاح بمخ شابين لتخفيف الامه وكذلك يذكر اسم السفاح ب (ازدال ) ايضا بالزاء الكوردية وهذالايعني الخلاف في جوهرالاحداث لاسطورة متداولة منذ اكثر من 2700 سنة. في رقعة واسعة من كوردستان في العراق وتركيا وايران وسوريا وقوقازوتبين هذه الاسطورة حضارة الامة الكوردية بين الامم ومن بلاغتها بان الحيتين ترمز الى الكارثتين في المجاعة والقتل وسفك الدماء ومرضه الخبيث هو اطماعه الشريرة ، ويشار فيها الى اطالة امد ظلم السفاح باكثرمن عشرسنوات من خلال اعداد ابناء كاوة الحداد ولقب الامبراطور السفاح.
تهكما ب ( ازدهاك ) ويعني الافعى التي تبتلع الانسان والحيوان و ( ازدال) الطائر الكبير الذي يلتهم الجيف.
وكذلك يشارفيها بوجود مصلح ومفسد قريبين من الامبراطوروابرزما في الاسطورة، اسقاط حكم جائر من قبل رجل حداد وهشم راس الطاغية بمطرقته لهو اعظم بلاغ في الاسطورة لكل شعب تسلب ارضه وحريته وسيادته وان الارادة تصنع المستحيل لقهر المعتدين
يحتفل شعبنا الكوردي بهذه المناسبة من خلال تظاهرة شعبية عارمة وخاصة من قبل سكان المدن بالخروج الى بساتين ومناطق خضراء للتنزه والتمتع بجمال الطبيعة وبالمقابل هناك مخرفين من رجال الدين لا يعرفون ما تحتويها الاساطير من معاني بليغة للاحدات ومنها واردة في الكتب المقدسة للاديان السماوية ، وهم يعادون هذا الارث التاريخي بتكفير من يحتفي بها لان قادتها ومؤلفي اسطورتها كانوا غير مسلمين في حين ان العرب لايزالون يفتخرون ويمجدون بشخصيات منهم مثل عنترة بن شداد العبسي لشجاعته وكذلك حاتم الطائي لكرمه ويرددون اشعارهما دوما حتى دون اية مناسبة ويسمون احفادهم باسميهما وهما غير مسلمين وكذلك الفرس دوما يشيدون باساطير وحكايات على نفس الشاكلة منها قصة خورشيد وخاور ورستم زال وشيرين وفرهاد وغيرهم جميعها قصص خيالية وكذلك الترك يفتخرون بكمال اتا تورك ذلك السفاح الذي اباد الالاف من الكورد وغيرهم بجريرة الانتماء القومي ومع الاسف الشديد ادت هذه الممارسة وانا على يقين بان الاسطورة والواقعة فقدت الكثيرمن فحواها وقصص ابطالها
وصلت معالم اسطورة نوروز الى ارجاء المعمورة كسفيرة للامة الكوردية بفضل المهاجرين وحان الان ان تحتفل بها حكومة وشعبا من خلال مهرجانات ومسارح ومؤتمرات وحفلات موسيقية ومناهج دراسية لتثقيف الاحفاد بها كما يفعل الاخرون لتعميق الانتماء القومي وكفي الصهر في بوتقة شعوب وامم لولا الكورد تحميهم لكانوا في غياهب الدهر[1]