القضية الكردية على طاولة السلام – لطيف دلو
اريد ان اطرح القضية الكردية بكل صدق وامان بعيدا عن الحقد والكراهية تجاه الاخر كما هي على ارض الواقع دون زيادة بل بنقص لا يحصر وعشناها بكل مأساتها في العنف والارهاب من الانظمة التسلطية واضعها على طاولة السلام امام انظار كل انسان شريف عادل نزيه ليدلي دلوه بالحق والانصاف لانهاء وإغلاق صراع دموي امده اكثر من قرن لا تنتهي بالاقتتال إن شأنا ام أبينا كما جربتها الدول الاربع اكثر من مرة في ظل افكار ضيقة لحكام غاوين لسفك الدماء في صهر الاقوام في بوتقة قومياتهم للعودة الى امبراطوريات عصر التخلف .
اتخذ الكرد منذ الازل التوحيد بدلا من القومية خلافا للقوميات الاخرى وضحوا بالغالي والنفيس لاجله واختصوا بالتدين ،إن كان هناك بيتين في قرية كردية فثالثهما معبد اومسجد ويؤكد الدكتور عبد المنعم ماجد صحة ذلك في كتابه الدولة الايوبية في عصر مصر الاسلامي حيث يقول بأن المؤرخين يؤكدون إن الكرد اتخذوا التوحيد بدلا من القومية تبعا للنبيين سليمان وابراهيم لكونهما من اصول كوردية (انتهى) وهذا هو واقع الكرد الى يومنا بالدليل الدولة الايوبية في مصر والزندية في ايران دون صبغة قومية كردية .
لذلك كان الكرد يؤمنون منذ الازل بالتعايش السلمي والتاخي مع الاقوام الاخرى ايمانا بمعتقداتهم الدينية اينما كانوا معهم ويلاحظ ذلك من قائدهم صلاح الدين الايوبي حيث جلب خيرة فرسان الكرد من شهرزور اكبر مدنهم الحضارية انذاك ولا زالت اطلالاتها باقية شرق السليمانية ، الى الشام لمحاربة الصليبيين الى ان طردهم من المنطقة الى غير رجعة وكانت غايتهم تبشيرية في احتلال المنطقة لتغييرالدين والثقافة ، ومن ثم شكل الدولة الايوبية الاسلامية دون القومية والى اليوم احفاده واحفاد فرسانه متواجدين في سوريا والاردن وفلسطين ومصر وسودان واليمن وفي عهده كانت في جامعة الازهر اروقة لكافة القوميات المسلمة وعندما زارت امه الجامعة لم تجد رواقا باسم الكرد ، امرت بتاسيسه اسوة بالقوميات الاخرى .
تغيير جذري
بدأ الانتماء القومي لدى الكرد بعد الضغوط لصهرهم إذ بدأت الدولة العثمانية محاربة الامارات الكردية المحلية وغيرت اسماء معظم مناطقهم ومدنهم وخلق الفتنة بين قبائلهم واعدم كبار رؤساء عشائرهم للنيل من شراستهم القتالية ومن ضمنهم عبد السلام البارزاني عام 1914وكذلك التذمر الذي لاحق الكرد حقدا وانتقاما من الغرب بعد الحرب العالمية الاولى بموجب معاهدة سايكس بيكو 1916 بتشتت الكرد وتقسيمهم بين اربع دول اسست على التعصبية القومية دون منفذ للخارج بقصد ترك الكرد تحت الانتقام من الاحفاد على مافعله الاجداد بهم من قبل تلك القوميات التي انقذهم الكرد في الحروب الصليبية من التغيير الجذري دينيا وثقافيا بسياسة النيابة عنهم بعد انسحابهم من المنطقة في دوامة لا نهاية لها لتكون فتنة ملتهبة تعويضا عما فقدوها في الحرب الصليبية , وكان بإستطاعة الحكام وأد تلك الفتنة في مهدها بخلق هوية وطنية لمواطنيهم من جميع القوميات دون تفضيل احد على الاخروفق الشرائع السماوية والانسانية ونهج العدل اساس الملك ولكن دفعتهم اطماعم الشريرة للعودة الى زمن التخلف في تاسيس امبراطوريات قومية وصهر القوميات الاخرى في بوتقتها وافقدتهم الاطماع التاخي والمساوات والعدالة لتاسيس دول قوية أمنة مستقرة بمشاركة جميع مواطنيها في صناعة القرار وادارة الدولة والدفاع عنها وفق منهج التاخي والحديث الشريف ، مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد في السهر والحمى ، واسفا لم يكن للتآخي ولا لهذا الحديث وجودين في الدول الاربع .
لضيق المجال لا اتطرق الى تفاصيل وبشاعة الكوارث والابادة و الفضائح اللا اخلاقية لان تسمية عمليات الابادة والصهر كافية للتعبير عن جرمية مجرياتها بتكفير الكرد واحلال جميع المحرمات وتنفيذها بحقهم ، ففي تركيا نالوا الامرين بمجرد طلبهم الحقوق القومية ومساواتهم مع الترك ،اقدم نظام اتاتورك باعدام الشيخ سعيد بيران مع العشرات الاخرين معه واتخذ ضدهم التطهير العرقي في الترحيل والتهجيرواقدامهم على افعال مشينة يندي لها الجبين خلالهما ومنعهم التكلم بلغتهم وممارسة ثقافتهم وتسميتهم بترك الجبال ووصلت شتاتهم الى روسيا شرقا والى المانيا والسويد غربا ولاتزال عمليات الابادة تمارس ضدهم باسم الفتح وباسم الدين وفي سوريا بالرغم من ان اول رئيس حكومة واول رئيس برلمان واول رئيس جمهورية واول وزير دفاع ومؤسس الجيش السوري منهم إلاُ ان التعصب القومي لدى الحكام بعد ازالة الكرد عن السلطة لم يسمح لبناء دولة متعددة الاعراق ، فمارست الحكومة ضدهم الاستبداد والصهر بتجريد الالوف من الجنسية ومنهم من هؤلاء القادة ليكون واضحا لديكم مدى شدة الحقد والترحيل والتهجير من سكناهم واسكان عرب البدو على ممتلكاتهم بعمليات الهلال التي اسمتهم بالورم الخبيث ويجب اجتثاثه ومنعتهم التسميات بلغتهم واليوم اصبحوا بين سندان سوريا ومطرقة تركيا في مصير مجهول وفي العراق قبل تنصيب الملك تراس عبدالرحمن الكيلاني من اصول كوردية رئاسة الوزراء واول وزيرا للدفاع ومؤسس الجيش العراقي الجنرال جعفر العسكري من اصول كوردية ، كان من المقرر منح الكرد الحقوق القومية إلاُ إن السلطة تخلت عن التنفيذ واتخذت سياسة صهر القوميات في بوتقة امتهم بالتدريج ابتداءا بمنع ممارسة الاحتفال بعيدهم القومي ومنع الدراسة بلغتهم كلما سيطرت السلطة على زمام الامور، على اثرها اندلعت مظاهرات وثورات متتالية إبتداءا من 1919 مطالبين منحهم الحقوق القومية والديمقراطية للعراق ، إلا ان الانظمة المتتالية في الحكم رفضت الاستجابة لهم وجابهتهم بالنار والحديد واخيرا في عهد النظام البائد وصلت الى التطهير العرقي في عمليتي الكيمياوية والانفال السورة القرانية كليهما تبين بشاعة وفضاحة الجرائم المرتكبة خلالهما ورمي الاشخاص من الطائرات المروحية وقطع الاذان والاصابع وتجريف المقابر وتغيير القومية في دوائر حكومية لإمحاء اثرهم والترحيل والتهجير واسكان عرب الجنوب محلهم والاستيلاء على ممتلكاتهم بسياسة التعريب ولا تزال قائمة لعدم اعادة الممنلكان الى اصحابها دستوريا ، وفي ايران بدأت معادات الكرد منذ عهود نادر شاه والقاجاريين واشتدت في عهد رضا البهلوي عام 1946 عندما اسست الكرد جمورية باسم مهاباد للخلاص من الظلم والاستبداد البهلوي ولم تمض سنة واحدة وإلا استولى عليها الشاه واعدم قادتها وفرض عقوبات صارمة على ممارساتهم الشعائر الثقافة و القومية ومن بعد سقوط النظام الشاهنشاهي ظلت القضية كما كانت والعمليات القتالية ضدهم باسم النصر في تصاعد مستمر مع الاعدامات في الشوارع تحت ذرائع شتى مستمرة .
اسلحة محرقة
لا يمكن انهاء القضية الكردية في الدول الاربع بالاقتال والتهجير والترحيل حيث استخدمت ضدهم افضح الجرائم واحدث الاسلحة المحرمة دوليا واخفقت جميعها وإن اُسكتت لفترة ما بالقوة فعادت الى الساحة اقوى من السابق وفي الدول الاربع كلفت الطرفين دماء الفقراء تكفي لاسقاء مزارعها واموال تكفي لاكساء اراضيها بالذهب ويكفي اخذ العبرة من احداثها وايجاد حل سلمي جذري خالي من النوايا السيئة الدفينة كما جرت في العهود الماضية ويمكن اختصارها في :-
اولا – تغيير الانظمة السياسية في تلك الدول من القومية الى صناعة هوية وطنية لجميع مكونات الدولة بحيث يُعرف كل شخص نفسه باسم تلك الدولة ومشاركة الجميع كشعب واحد في مفاصل صناعة القرار وادارة الدولة والشخص المناسب من اي فئة في المكان المناسب في أي منصب كان ، كما سعت اليها الدول الاوروبية وحققت نتائج باهرة في الهوية الوطنية لضمان الامن والاستقرار .
ثانيا- او منح القوميات المؤهلة لتاسيس كيانات سياسية لانفسهم حق تقرير المصير ومنهم الكرد لكسبهم كقوة دفاعية واقتصادية جارة ساندة لهم في خلق الامن والاستقرار والقضايا المصيرية ضد الاطماع الخارجية في المنطقة .
وإلا فالحكام في الدول الاربع يخلقون منافذ سهلة للدول الاقليمية والبعيدة الطامعة بالمنطقة باشعال الاقتلال ولايكلفهم إلا عود ثقاب والنتيجة دماء اولاد الفقراء لتحقيق اوهام الحكام .[1]