معن عبد القادر آل زكريا
باحث ومؤرخ
لا نجادل في حقيقة إذا قلنا أن المقهى أو الشاي خانه (توجد فروق كثيرة بين المصطلحين) ما هما سوى مكانين وجدا أصلاً للاجتماع أو اللقاء، ثم للتجارة فالاستراحة. وإذا كان للذاكرة أن تسعفنا بإسناد الرواة، آباء أو أعمام أو أخوال أو ختيارية أو تبع ما وصلنا عبر توثيق مدوّن أو مصور ، فإن الأمر في كل الأحوال يضطرنا أن نضع لتاريخ المقهى (في الموصل في الأقل) زماناً لا يرجع بالقدم إلى أبعد من عقدين لما قبل سنة 1900، أو إلى فاتحة القرن العشرين المنصرم على أبعد احتمال.
ومن باب التذكير فإن اسم (القهوة) المصطلح ، الذي تداولته العامّة وطغى على اسم (المقهى) يدل على أكثر من معنى فهو مرّة يعني المادة المنبهة ذات النكهة المعروفة برائحتها وبمذاقها ، ومرّة أخرى يعنى المكان الذي يرتاده الزبائن لقضاء الوقت أو لممارسة تجارة أو لقضاء أعمال حسب مواعيد ، أو لاحتساء القهوة ... ثم عُمّم الاستعمال للدلالة على مكان شرب الشاي مع القهوة أو بدونها . أما بالنسبة للكازينو فقد غلب عليها طابع العصرنة ... ثم ترادفت مع شرب السوائل والبارد والمثلجات .
وتكافئ مدينة#الموصل# المدن العراقية الأخرى (ومنها على نحو خاص بغداد العاصمة) التي انتشرت في أسواقها وبين محلاتها التجارية عادة إنشاء المقاهي، لا بل أن بعض مقاهيها قد ذهبت شهرته مذهب الأمثال في الأغاني وفي البستات ومنها (كهوة عزاوي) التي يقال حسب ما ذكره الرواة أن المدلل كان فيها زعلانا، فضلاً عن الشهرة التي اكتسبها (إبراهيم عرب) في مقهاه وكان يدير من خلال المقهى العنتريات والسواليف الشهيرة حتى عُرف عنه بأنه من أكثر (الزمّاطين) في العراق. وهذا النوع من المقاهي المنزرع في المحلات القديمة وبين الدور ، يسمى عند أهل الموصل ب (قهوة المحلّي)، وتدعى في بغداد (كهوة الطرف) وهما تعبيران لمدلول واحد . إلا أن الموصل افترقت عن تلكم في كثرة عدد المقاهي نسبة إلى عدد السكان من جهة ، وفي التقسيم الطبقي لرواد المقاهي وتصنيفاتهم المهنية من جهة أخرى. وذلك في نظرنا له مدلول واحد ، كون الظاهرة إيّاها تدل في شكلها العام على التوسع في أعداد الشرائح العمرية التي تقع فوق سن الأربعين ، وهذا يتأتى من إيجابية الحالة الاقتصادية والاجتماعية . أما في شكل الظاهرة الخاص ، فهي تنبئ عن توسع طبقة التجار والحرفيين والعاملين في مهنة التوسط وفي البيع والشراء والزراعة ... ونحن الباحث لا يعجبنا مذهب الذين يقولون أن كثرة المقاهي مؤشر على كثرة أعداد العاطلين عن العمل في الزمن الذي خصّصناه بذكر أسماء المقاهي ومواقعها . وحتى لو آمنا بتلك النظرة - على نحوٍ جزئي - فإن البطالة كانت وما تزال ظاهرة اقتصادية واجتماعية عامة تخص كل مدن القطر العراقي وريفه ، وليست قصراً على مكان محدد بعينه .
وندرج فيما يأتي أهم المقاهي التي عثرنا على واقعها في مدينة الموصل وبغض النظر عن تاريخ إنشائها الذي لم نعطه أهمية تذكر ، كون تاريخ الإنشاء يوقعنا في ارتباك نروم تجنبه .
وأهم هذه المقاهي هي :
مقهى عبد هبراية - تقع على شارع نينوى وفي المكان الذي تقع فيه اليوم مقهى الشرق وقبل هدم العمارة وإعادة بنائها.
مقهى محمود هبراية - تقع على شارع نينوى من طرفه الأيمن ، ذهاباً من باب الجسر إلى رأس الجادة ، ولها باب تطل على زقاق ضيق يؤدي إلى محلة عمو البقال ويرتادها في الغالب صنف المعلمين ، وغالباً ما تُسمع فيها اسطوانات الغناء القديمة ، ومنها أرق أغاني أم كلثوم .
مقهى الشرق - لصاحبيه الأخوين صالح وجاسم أولاد شريف، طابق علوي تقع حالياً على شارع نينوى ، وكان أولاد شريف قبل ذلك يمتلكان مقهى تقع في محلة الشيخ أبو العلا خلف البريد القديم عند انتهاء شارع النجفي نزولاً من طرفه الجنوبي .
مقهى ابن عبو أقديح - وتقع في الزاوية الركنية ما بين شارع النجفي من طرفه العلوي وشارع نينوى ، وكان الطابق العلوي من البناية يحتضن مديرية معارف الموصل . وقد اشتهر ابن عبو أقديح بامتلاكه أكبر رصيد من قاونات مسجلة باسم سيد احمد بن سيد عبد القادر الموصلي المعروف ب(ابن الكفغ.(
مقهى البلدية - لصاحبه محمد بن داوود آل كشمولة - مطلة على نهر دجلة ومن طرف جسر نينوى وملاصقة لمديرية بلدية الموصل القديمة ، وتمثل في موقعها مكاناً رائعاً مطلاً على نهر دجلة وعلى حديقة الساحل الأيسر .
مقهى حيو الأحدب - تقع على شارع غازي ولها باب تطل على شارع ضيق يؤدي إلى جريدة فتى العراق وإلى دكاكين الصياغ (الصاغة) مجمع صنف باعة الذهب، وتقع مقابلها محال يونس الحاج طه تاج الطباخات والبريمزات، وبالقرب منها في الفرع تقع مكاتب جريدة فتى العراق.
مقهى الثوب - وتطل على نهر دجلة ويرتادها تجار الصوف والجلود والمصران وكبار صنف القصابين وبعض ملاك الأطيان والجلبية.
مقهى مصطفى الأعرج - مطلة على ساحة البلدية وفي موقع النزلة المؤدية إلى جسر نينوى.
مقهى الإخوان - لصاحبيه أبو سامي وأخيه وتقع على شارع غازي، وبعد أن هدمت حلّت محلها العمارة التي صارت من ضمنها محلات باتا وصيدلية وزقاق فرعي يؤدي إلى سوق الصياغ (مجمع صنف باعة الذهب).
مقهى كامل - وتقع في طابق علوي في الفسحة العريضة من باب السراي فوق مخزن الجمال لصاحبه يوسف بحّو (سابقاً) ومن ثم محلات شمس الدين (لاحقاً) وكانت تقلب إلى مسرح عصراً وتياترو في الليل على وفق ما رواه لي والدي ، ثم مشاهدتي الشخصية وأنا طفل أرافق والدي في فاتحة الخمسينات وفي العطل الصيفية ، وكنتُ قد رأيت تقسيمات الألواج المخصصة لأغراض الفرجة ... فلما سألتُ عنها ... قيل لي ما هي...!
مقهى يحيى وابنه رشاد - (صيفي وشتوي) وكانت في نهاية الأربعينات تقع في منطقة التقاء شارعي حلب والعدالة قبالة سينما هوليوود (سينما سميراميس لاحقاً) ، ثم انتقلت في الستينات وإلى نهاية الثمانينات إلى شرق المكان وفي أرض تقابل مديرية المتحف ويقع في أرضها اليوم (سابقاً) مطعم تيسير ثم شركة نقليات (سابقاً) . وكانت تضم في الغالب صنف البنائين والمقاولين ومتعهدي النقر والحلان وجمهرة والمعلمين.
مقهى ام الربيعين ، والشهيرة بمقهي أبو داهي ، الواقعة في طابق علوي قرب موقع سيارات في شارع نينوى (محلات ابن حديد سابقاً) وقبالة جامع الباشا ، ويعمل فيها
القهوه جي المشهور (الملا) وهو شقيق القهوه جي المعروف إبراهيم ابو فاروق ، والمشهور (إبراهيم ابو دشداشة).
مقهى طاهرو - تقع على شارع حلب قبالة سينما هوليوود - سينما سميراميس اليوم ، ثم فتح طاهرو كازينو أخرى بأسمه على شارع المطار في نهاية الدواسة ، ومقابل باجة أبو مزاحم ... لاحظ تشابه الأسماء (ابو مزاحم الباجه جي ...!!).
مقهى أحمد باري - طابق علوي تقع في محل يقوم مكانه اليوم جزء من شارع الكورنيش مقابل الثانوية الشرقية . ثم افتتح احمد باري كازينو صيفي على طريق شارع المطار .
مقهى عباس - قبالة مركز العام . يرتادها الشرطة والمتقاعدين ومن العيون المساعدين (الشرطة السريين) والمخبرين وعناصر التحريات الجنائية والتحقيقات الخاصة.
مقهى ابن العناز- وتقع قبالة مركز العام في طابق العمارة العلوي الذي تقع تحته محلات حازم عفاص وعبد القادر الارحيم وعزيز فتحي تاجر الدراجات والتوتونجي زكي كرجية وبائعو الجرزات أولاد مراد . وباب المقهى يقع من طرف جانبي يطل على سوق علوة الحنطة التي لها باب آخر يؤدي إلى شركة الأنكرلي وماكنة طحين الحاج عبد وكراج القيارة . ومن هذا الباب الثاني لعلوة الحنطة نروح ذهاباً إلى كراج حمام العليل وباب لكش . ويقوم مكانها اليوم جزء من سوق القصابين الواقع إلى طرف الشمال شرق من بناية المحافظة. ويتفرع من جانب الباب الواقع قبالة مركز العام طريق فرعي يؤدي إلى محلات سعيد حديد والمحامي عمر النوح ومن ثم يؤدي إلى موقع عمل كتّاب العرائض المرتصفين في هذا المكان انتهاءً بالبريد القديم وخلفه يقع فرن متي أبو حازم المخصص لشوي البقلاوة وعمل القوازي ، ورؤوس الأغنام المشوية والموضوعة على صينية معدن مستطيلة الشكل ، ويضع في فم كل رأس حبة من الطماطم الحمراء (الأفرنجي).
مقهى يحيى الكشمولة - وتقع في طلعة الجسر القديم من طرفه الأيسر صعوداً إلى شارع نينوى .
مقهى فاضل - في ركن دورة الساعة تحت جامع الصفار.
مقهى محمد ججو - تقع بجانب ستوديو روكسي وستوديو بغداد وقبالة الثانوية الشرقية. وكان يرتاده شباب الطليعة العربية من القوميين وسواهم .
مقهى المستشفى - تقع قرب دورة المستشفى ومجاورة لبقالة محمود قنديل .
مقهى طه أمين - مقهى صيفي وتقع في منطقة النبي يونس .
مقهى أبو زكي - في الدواسة ، ويرتاده بعض الشباب المثقف من أهل اليسار ، فضلاً عن المخبرين السريين - ويا لغرابة التوافق .
مقهى السويدية - في باب الجبلين ما بين تقاطعات أزقة باب النبي من جانبها العلوي وأزقة محلة الجامع الكبير ومحلة المكاوي ، وصاحبها يدعى إبراهيم باتري ، واشتغل فيها مساعداً له في بعض الأزمنة عزيز الأعور بائع الدوندرمة صيفاً والمستوى (الشلغم) شتاءً ، فضلاً عن كونه السباح المعروف الذي يقفز طيارة من شاهد قره سراي إلى نهر دجلة بين تصفيق الشباب وتهليلاتهم ، ثم هو رامياً (للجطل) من الدرجة الأولى. وهو شقيق يحيى (حياوي) الماهر في ركوب الموتور سايكلات من دورة المستشفى إلى بداية موقع معسكر الغزلاني وهو واقف على مقعد الجلوس بطول قامته . وكانت تقرأ في هذه المقهى العنترية في عقود سالفة ، وهي صيفي وشتوي.
مقهى صنف البنائين في الساعة - مقابل كنيسة الساعة ، وبعد أن أزيلت حلّت محلها عمارة من ضمن أبنيتها محلات باتا والتي أزيلت هي الأخرى.
مقهى سوق الصغير - ونصل إليها من شارع النجفي خلال الزقاق الذي يقودنا من محل زهير محمد صالح الخطاط انتهاءً بقرب جامع خنجر خشب . كانت تقرأ فيها العنترية ثم تحولت إلى معمل لصنع حقائب الملابس الحديدية الكبيرة والحقائب المدرسية الصغيرة لصاحبها محمود ساري وابنه توفيق ، ثم صارت فيما بعد إلى ساحة مهجورة .
متنزّه الفاروق الصيفي - الذي انتعشت سمعته في أواسط الخمسينات ثم صار إلى هجره في بداية الستينات لينتهي إلى جعله موقفاً للسيارات . ويقع اليوم في مقدمته فرناً لعمل الخبز ، ومن هناك يؤدي منها الذهاب إلى حضيرة السادة .
مقهى صفو- في باب الجديد .
مقهى صالح القدوري - تقع في محلة الخاتونية ، وبالقرب من دور آل العاني.
مقهى المصبغة - تقع في شهر سوقي قرب دار المحامي زياد الجليلي ومجاورة لجامع عمر الأسود . ويمتلك هذا المقهى أولاد نني (حازم وغانم وسالم) وتعرض فيه (القبوج) من أرقى الأصناف . وقد وصلني أن أحد المغرمين بتربية القبوج من آل عبيد أغا اشترى (قبجاً حبيسياً) بمبلغ خمسين دينار سنة 1968 ...!!
مقهى فرحان أبو الكاز - تقع في منطقة شهر سوقي وعلى الطرف الثاني - عبر الشارع - من مساكن الجليليين . كما أن فرحان أبو الكاز أنشأ كازينو صيفي تقع إلى الجانب ألايسر من الشارع الذاهب من جسر الملك فيصل الثاني (جسر الحرية) باتجاه نبى الله يونس . وكانت لها شهرة واسعة في الثمانينات ، ويرتادها زبائن مخصوصون دائمون.
مقهى الفجر العربي والتي تغير اسمها فيما بعد إلى مقهى ليالي الموصل - تقع على شارع نينوى فوق صيدلية شفيق الهس وقرب مفترق شارع نينوى مع شارع النجفي ، ثم صارت تحتها بقالة فواكه لصاحبها احمد شقيق محسن جعّية لاعب كرة القدم الموصلي الأشهر ، والذي اشتغل في آخر سني حياته في معمل النسيج مدرباً لفريقه .
مقهى الطليعة - في الصياغ لصاحبها عبد خروفة . وباب المقهى جانبي مجاور لبواري حديد الصياغ من طرف شارع النجفي .
مقهى 14 تموز - وتقع قبالة التقاء شارع غازي بشارع نينوى - طابق علوي ، وكانت المقهى وزبائنها محسوبين على الشيوعيين على نحو عام ، وعلى أهل اليسار على نحو خاص.
مقهى محمد فرج - وتقع قرب محلات النقليات الذاهبة إلى أربيل وكركوك في شارع العدالة قرب شارع الصابونجي .
مقهى ناجي - وتقع في بداية شارع العدالة من طرف باب الطوب ، ثم صارت إلى مجموعة محلات ستوري وجبوري إخوان لبيع البولبورينات ، وجوارها تقع محلات سليمان الحموشي وعبد الجبار حامد لبيع إطارات السيارات .
مقهى سوق الخيل - وتقع إلى الأعلى من منطقة باب الطوب من طرف بائعي الساعات القديمة وأهل الخردة فروشيات والمزادات وبيع الخناجر وبوكسات الحديد ، ويرتادها هواة الطيور وجامعي (المسبحات الكهرب) ، ومن أشهر من عمل في كار المسبحات المرحومين عدنان بن عمر أغا التوتونجي والمعلم محمد نوري .
مقهى حمه باوه - وتقع قرب كراج آرتين الأرمني للنقل بالسيارات داخل الموصل والى مصايف الشمال .
كما توجد مقهى في المثلث المحصور في الشارع الصاعد من سوق الشعارين إلى إمام إبراهيم - دكة بركة ، وذاك الشارع القادم من المكاوي الذاهب إلى منطقة الميدان فيما كان يعرف بشارع عارف السماك .
مقهى فتحي - وتقع في بداية شارع النبي جرجيس - سوق الشعارين ، ورواده جلّهم من صنف البنائين والنقارين . وكان صاحب المقهى فتحي ، ذلك الرجل ضخم الجثة يرتدي دشداشة لا لون لها بل رائحتها خليط من سبعة انواع ، وعرقجين أبيض مقلماً باللون الأصفر يميل قليلاً إلى السواد . وتميل بشرة جلد فتحي بغزارة إلى اللونين القهوائي والأسود . وقد روى لي صديقي نبيل الخفاف (تقع دارهم) في مكان مقابل مقهى فتحي في مدخل الزقاق المؤدي إلى باب النبي جرجيس . قال صديقي ان بصمات ابهامي يدي فتحي قد أزالهما نهائيا (ادباغ الجاي) ، ثم هو يمسك العملة المعدنية (فئة العشرين فلساً) بين سبابته وابهامه (المخشوشنتسن) فيفرك العملة المعدنية ليصار إلى أن تزول عن العملة الكتابة المنقوشة عليها مع صورة الملك إزالة تامة ...!
توجد مقهى مقابل حمام بور سعيد في دكة بركة وعلى ناصية الزقاق العريض القادم من المكاوي والذاهب إلى الشهوان ، ويرتادها الجماسة والختيارية من أهل المنطقة.مقاهي متفرقة في رأس الجادة وباب سنجار وفي منطقة النبي شيت وفي دورة باب الجديد - شارع الصديق - المحطة.
مقهى أبو صيفي وشتوي وتقع قرب نادي الفتوة الرياضي ومزادات بيع الأثاث في منطقة باب الجديد، ويرتاده ختيارية باب الجديد محلة السجن، وتقع إلى جواره مقهى روادها جميعاً من هواة سباق الخيل وتوزع فيها جريدة المضمار وتقع قرب محلات طرشي الرسول.
كازينو بور سعيد الصيفي - تقع بعد عبور جسر الجمهورية في الساحل الأيسر (من طرفه الأيمن) لصاحبها عبد خروفة .
كازينو الحمراء - وتقع على رأس الزاوية المحصورة بين شارع حلب من جهة وشارع العدالة ، وقبالة ملهى السفراء والمزين الأرمني كيغام ، وكان يرتادها المعلمون والمدرسون على نحو خاص .
كازينو سعد - وتقع على زاوية شارع فرعي ضيق مع شارع العدالة وقبالة مقهى يحيى. وكان روادها من الشباب لاعبي الأزنيف وطلاب الجامعة ، وصاحبها هاوي الخيل ومربيها المعروف طه شويت بقال البجاري، وهو شقيق بائع التحفيات ياسين شيت تحافي الواقع محله على شارع العدلاة وبالقرب من خياطة محمود ثابت.
كازينو السويس - وتقع على شارع العدالة قرب بوفيه السويس لصاحبه الأرمني آكوب والد الدكتورة سيروهي، وكان مشهوراً بعمل الباسطرمة القيصري .
كازينو النهرين - وتقع على شارع العدالة جوار مطعم النهرين لصاحبه يونس الشاهين البجاري (أبو تحسين) . وقد اكتسبت شهرة كبيرة طوال عقد الستينات وبعضاً من عقد السبعينات .
كازينو أطلس - وقد اكتسبت شهرتها في عقد السبعينات . وقد تحسب - إلى حدٍ ما - تعويضاً عن كازينو النهرين في لم شمل المبدعين . وكان يرتادها الكتّاب والأدباء والشعراء وكل المعنيين بالثقافة من جيل الستينات . وكانت هناك حارة خاصة تجمع الشاعر الراحل ذو النون شهاب أشهر لاعب أزنيف في العالم والراحل عمر الطالب وآخرين من مثل طلال حسن وعبد الباري عبد الرزاق النجم وسعد الدين خضر وأنور عبد العزيز ويوسف البارودي. وقد شهجت كازينو أطلس في أواسط السبعينات مناظرات صاخبة وجدالات عميقة في شتى انواع المعرفية الأدبية والسياسية والفنية . وكان يعد الدكتور عمر الطالب بحق ، المحور الأساس في اجتماعات الشلل في هذه الكازينو ، فضلاً عن التجمعات الأخرى التي كان يعقدها في دارته ويستضيف فيها كل من يود الحضور في تلكم الندوات.
وإذ تسارعت عقود السنين ركضاً أو خبباً وآخرها عقد السبعينات ، دخل العراق على نحو عام والموصل على نحو خاص في بودقة جديدة من الحالة - ليست كسابقاتها - ليصير الأمر إلى تقلص أعداد المقاهي ، مثلها (مثل اشياء أخرى لها علاقة بالحرية وبالهواء الطلق) وانكفاء الأصحاب من أهل الكار عن مواصلة أعباء المهنة ... بل تفرق الجمع من طلبة ومعلمين وأصحاب مهن وختيارية بين أزقة أضلاعهم ، يمضغون آلامهم ، ويتأوهون على ازمنة كانت فيها تخوت الخشب المتهرئة خير نديم صامت لهم ، يبثونها شكاواهم ، ويأتمنونها على بصاقات ملونة يمسحون بها شواربهم ذهاباً إلى أسفل مشاياتهم وأنعلتهم ... ويحمدون الله على نعمائه وحسن المنال ... وما آل إليه الحال .... وأن العافية درجات ...!
... وإذ صرنا إلى عقد الثمانينات صارت المقاهي إلى انقراض ، وكنّا جميعاً نقرأ ما خطّ على آلاف اللافتات السود ، المعلقة على آلاف الجدران المتآكلة ... (انتقلت إلى الحياة الأخرى مقاهي الموصل ... لأجل أن تدوم راحة عيون الزبائن وأرجلهم وظهورهم ... عسى الله ان يجعل من دورهم أفضل الأمكنة للتعرف على الأسرة عن قرب ... ومجالسة الأطفال السعداء مجالسة حداثوية ... ومصاحبة الزوجات صحبة الخلّ للخليل...!).[1]