د. عروبة جميل محمود
شهدت #الموصل# مجاعات عديدة كتلك التي حدثت في عامي 1794 و1795، حيث ترافق غزو الجراد مع موجات البرد فأكل الجراد ثلث مزروعات قرى الموصل فيما أتلف البرد زروع (41) قرية اخرى، وفي حزيران عام 1795م غزا الجراد الموصل وأتلف محاصيل الحبوب من الحنطة والشعير، والتهم محصول القطن المزروع في اطراف الموصل وشهدت الاسواق غلاء الاسعار.
وفي عام 1799م ظهر الجدري في مدينة الموصل وظهرت أول اصابات بالمرض في محلة خزرج، ثم أخذ يسري نحو المحلات الاخرى، واستمر هذا المرض الخطير يفتك بأرواح الناس حتى منتصف شهر صفر سنة (1215ﮪ/1800م) وبلغ عدد المصابين الذين لقوا حتفهم في اليوم مائة وثمانين نسمة ثم انتقل الى كركوك والسليمانية.
وفي عام (1215ﮪ/1800م) سرى الطاعون في اكثر احياء الموصل، وبلغ عدد الذين لاقوا حتفهم في اليوم”مائة وثمانون او اقل خمسة. وغلت الاسعار وكان اغلب الضحايا الذين يموتون من النساء والاطفال وهرب العدد الكثير من اهالي المدينة الى القرى المجاورة. ويذكر العمري في غرائب الاثر ان والي الموصل محمد باشا الجليلي قد ذهب الى سنجار لمحاصرة المتمردين من #اليزيدية# وخلال عودته الى الموصل علم بوجود المرض فخشي على جيشه فأبقاه خارج المدينة. وقد علق العمري قائلا :انه رأى رجلا من العساكر بعيد عن الناس خوفا من القرف ولما نفعه الخوف.
والى جانب هذه الاوبئة فقد شهدت الموصل عام 1821م اتشار مرض الكوليرا (الهيضة) واول ظهور له كان في البصرة. واخذت الكوليرا تفتك بارواح الناس وقد اطلق الناس عليه داء (الزوعة) او الهواء الاصفر.
اما عام 1878م الذي عانت الموصل فيه من الغلاء الشديد فقد عرف عند اهالي الموصل باسم (غلاء الليرة) وقد سقطت امطار غزيرة في هذا العام، وكان الموسم الزراعي يبشر بالخير الوافر والرخص. ولكن قبل موسم الحصاد، هبت رياح سموم لافحة أحرقت الزروع فضلا عن موجات البرد القارص حتى جمد نهر دجلة، وتعذر جلب الحنطة من بغداد وديار بكر، فازداد الضيق بالناس، حتى اضطر بعضهم الى اكل لحوم الحيوانات النافقة، ومات خلق كثير جوعا ووجعا لأكلهم الجيف.
وفي عام 1896-1900م غزا الجراد الموصل فاتلف زروع قريتين في اطراف الموصل الشمالية باستثناء قرية جكان (حاليا غمرت هذه القرية بمياه سد الموصل). وبسبب ذلك، تأخر المزارعون في هذه القرية عن زراعة محصول القطن وكان مقدار المزروع منه عشرة وزنات من حب قطن وبسبب غزو الجراد، تأخر زراعة القطن في الموصل على نحو عام.
اما في عام 1906م فقد تفشى مرض (ابو هدلان) في قرى الموصل الذي اخذ يصيب الماشية ولا سيما الابقار، وحال اصابة الابقار بهذا المرض، يضطر المربون الى ذبحها مما يؤدي الى ارتفاع اسعار اللحوم وغلائها، وبالتالي يؤثر في المستوى المعاشي لأهالي الموصل.
ولم يقتصر الامر على تفشي المجاعة والامراض، فقد اسهمت السلطات العثمانية الى حد كبير في خلق الازمات المعاشية والاقتصادية في صفوف الاهالي وعملت على مصادرة الحبوب منهم من خلال المضايقات وعمليات الاستحواذ عليها لسد النقص في قطاعات الجيش في سنوات الازمات والحروب من أعيان المدينة ووجهائها بسبعة تفارات حنطة. وفي عام 1330 رومية/1915م غزا الجراد ثانية الموصل فأكل الحنطة والسمسم.
وبلغ أمر المجاعة درجات الموت المحقق لاغلب اهالي الموصل، مما دفع بعضهم الى اكل لحوم الكلاب والقطط فضلا عن تجميع دماء الذبائح لغرض تجميدها وتناولها طعاما، حتى وصل الحال بأحد شهود العيان لوصف حالة المجاعة بقوله :شاهدت بأم عيني مرة في الطرق هرا يهرب راكضا من دار الى دار أمام المعقبين له حتى قبضوا عليه.
وسرى الجوع حتى على الحيوانات فمات الآلاف منها على حساب بني البشر وكثيرا ما كان الرجال والنسوة الفقراء يتسابقون الى جمع جثث الحيوانات النافقة، بعد ان يطردوا عنها الكلاب الجائعة ليقطوا لحومها ويعبئوها في اكياس ويعودوا الى بيوتهم بكل بهجة وسرور ليطبخوا فيسدوا رمقهم تخلصا من الجوع.
ووصف روفائيل بطي وهو شاهد عيان بقوله :”رأيت بأم عيني جماعة من المهاجرين الذين رحلوا الى الموصل... يتكالبون على تقطيع اشلاء بغل نافق جروه من الشارع.
كان وراء تفشي المجاعة في الموصل اسبابٌ عدة منها، رداءة الموسم الزراعي لعام 1917 مع تضافر موجات الثلوج ترافقت مع البرد الشديد والتي بدورها أدت الى موت اعداد كبيرة من الماشية واتلاف معظم المنتجات الزراعية، صاحبها التزايد الكبير في احتياجات القوات العثمانية من المواد الغذائية ولا سيما بعد انسحابها جنوب العراق وبغداد وفقدانها للكثير من المؤن مما دعاها الى مصادرتها من الاهالي، ومما زاد الامر سوءا توافد المهاجرين باعداد كبيرة من شرق تركيا بصورة خاصة وكان معظمهم من الاكراد اثر تزايد المذابح الاهلية خلال سنوات الحرب العالمية الاولى 1914-1915 اذ دخلت اعداد كبيرة منهم شمال العراق ولا سيما الموصل. وكان من النتائج الخطيرة للمجاعة وفاة عشرات الالوف من السكان والقوات العثمانية، وتفشى امراض الكوليرا والطاعون والتيفوئيد.
وقد أثرت المجاعة تأثيرا خطيرا في اهالي الموصل، اذ عمد بعضهم الى سرقة اطفال الآخرين والقيام بذبحهم واقترنت تلك الجريمة باسم المجرم المدعو عبود بن علي جاويش بن توفيق بالتعاون من زوجته المدعوة عمشة بواسطة ولدهما بقصد اللعب معهم ومن ثم استدراجهم وقلي لحومهم وتم الكشف عن جريمتهما عندما كانا يقومان ببيع طعام مكون من اللحم ما يعرف لدى اهل الموصل ب (القلية)، مما اثار دهشة الناس لوجود اللحم في سنة المجاعة، فاخبروا السلطات المختصة وبعد التحري اتضح ان المجرم يقوم بذبح الاطفال وقلي لحومهم وبيعها للناس، وكانت هذه من افظع الجرائم التي حصلت في مدينة الموصل جراء تلك المجاعة.
وقد الحقت هذه المجاعة اذى اقتصاديا كبيرا باهالي الموصل حتى انهم اسموها بسنة (الليرة)، وذلك لفقدان الثقة بالليرة الذهبية التي لا تستطيع ان توفر لقمة العيش، لا بل وصل الامر الى حد الاستغاثة والصراخ في الطرقات والازقة بقولهم (خاطر الله جوعان)، فهذه العبارة تُسمع يوميا في مدينة الموصل في سنة المجاعة وارتفعت اسعار الحبوب ارتفاعاً فاحشاً حتى بلغ سعر وزنة الحنطة ان التي تساوي (13.5) كيلو ثلاث ليرات ذهبية وهذا يعني ان اغلب اهالي الموصل كانوا في مواجهة المرض والموت.
وقد اسهمت في تفشي المجاعة عوامل عديدة منها :
1. قانون المبيعات العثمانية :
وكان يجري تطبيق هذا القانون في الارياف اذ يؤخذ من المزارعين مقدار (1/10 العشر) من الناتج الكلي لغرض تمويل قطعات الجيش العثماني، اذ كانت رسوم العشور تطبق بطريقة المزايدة العلنية، للراغبين القيام بتنفيذ هذه المهمة، كانت تهيء التموينات الغذائية لصالح السلطات العثمانية وقد شهد موسم الانتاج الزراعي لعام 1917 انحسارا او نقصا في واردات الانتاج من الحبوب، بسبب هجمات الجراد على المناطق الزراعية وانخفاض التموينات المعدة لتموين الجيش العثماني عام 1918، ولذلك اصدرت السلطات العثمانية قانون المبيعات والذي نص على استحصال (1/10 عشر) اضافي من واردات الزروع الى جانب استحصال العشر الرسمي المنصوص عليه في القانون مما الحق خسائر فادحة بالمزارعين، وادى الى هجر مزروعاتهم، والاقتصار على ما يسد حاجاتهم من المواد الغذائية المخزونة في بيوتاتهم، ومن هنا ظهرت بوادر المجاعة في مدينة الموصل.
2. ضرائب التكاليف الحربية :
وكانت هذه الضرائب تستحصل على نوعين اما ان تؤخذ من اهالي الموصل عينية او نقدية، وتختلف مقاديرها باختلاف البضائع والعقارات وانواع الحرف والمهن، وظهر الاحتكار جليا في تجارة المدينة، وخصوصا ما بين المضاربين والمستغلين من المحتكرين بالتواطؤ مع المسؤولين الاداريين العثمانيين، مما ادى الى تركيز الثروة في أيدي هؤلاء على حساب الغالبية من اهالي الموصل، وفقدان السيولة النقدية وضعف القدرة الشرائية لدى معظمهم.
3. توافد الهجرات على الموصل :
هاجر الى ولاية الموصل اعداد كبيرة من الارمن والاكراد من بلاد الاناضول ابان سنوات الحرب العالمية الاولى، وتزامنت هجرتهم مع انتشار المجاعة في المناطق الواقعة في شمالي مدينة الموصل، اذ قدر عدد المهاجرين الارمن ممن دخلوا قصبة الموصل ما يقارب ثمانية آلاف نسمة، وكانوا يعانون من الجوع وشظف العيش، وقدموا مدينة الموصل بحثا عن لقمة العيش، اذ كان الجوع يطاردهم اينما حلوا ناهيك عن هجرة اعداد كبيرة من الاكراد وتوافدهم الى الموصل حيث بلغ عددهم تقريبا (70.000) شخصا ابان سنوات الحرب العالمية الاولى.
وقد وصف احد شهود عيان الصورة المأساوية للمجاعة آنذاك، بقوله :”كنت اثناء مكوثي في الموصل أطوف في شوارع المدينة وازقتها، اشاهد فقراءها المهاجرين منتشرين في الطرق والاسواق، والبعض منهم يتخفون تحت دكاكين البقالين والخبازين يتصيدون المشترين فما ان يشتري شخص لوازمه من الدكان سواءً خبزا او سمنا او غير ذلك ويدفع ثمنها الى البائع حتى يخرجوا من تحت الدكاكين ويهاجمونه ويسلبوه كل ما اشتراه، وكان بعض هؤلاء الجياع... يتعاركون فيما بينهم ويغتصب كل واحد منهم اللقمة من فم رفيقه ويدخلها الى فمه بطريقة لم أر مثلها طوال حياتي... وكنت اشاهد مأموري البلدية ومعهم الحمالين... يجمعون جثث الميتين جوعا في كل صباح ومساء كأنما يجمعون الحطب والنفايات.
ومن آثار المجاعة التي حلت في مدينة الموصل، انتشار ظواهر النهب والسطو على اموال الاهالي وممتلكاتهم وخصوصا عند شيوع الاخبار بان بعض التجار احتكروا المواد الغذائية ولذلك تشكلت عصابات منظمة للسطو على مخازن المواد الغذائية او على بيوت التجار لغرض الحصول على الغذاء، ففقد الامن في المدينة ولذلك عمد اصحاب الاموال والمواد الغذائية على حراسة ممتلكاتهم سواء الموجودة منها في بيوتهم او في دكاكينهم للتصدي لتلك العصابات التي تريد السيطرة ونهب المواد الغذائية. وانعكس الوضع الامني المضطرب على تمرد اهالي القرى الخارجة عن النطاق الجغرافي لمدينة الموصل عن طريق عدم دفع الضرائب للعثمانيين جراء تلك المجاعة، فقد امتنع اليزيديون القاطنون في منطقة سنجار عن دفع الضرائب والعشور منذ عام 1917، فحصلت مواجهات مع العثمانيين للقضاء على تمردهم في عام 1918. وفضلا عن ذلك برزت ظاهرة نهب المسافرين وتسليبهم، وخصوصا بعد لجوء الارمن الى مناطق اليزيدية، وقد حددت هذه الحالة عن طريق برقية بعث بها الناظر طلعت باشا الى مركز ولاية الموصل في شهر كانون الثاني عام 1917، والتي تضمنت”اعلمتنا متصرفية دير الزور ان الارمن الموجودون داخل اللواء والذين فروا سواء اثناء عمليات السوق بطريقة اخرى، قد اجتازوا (ولاية الموصل) عن طريق البادية والتجأوا الى اليزيدية الذين قدموا الحماية لهم، وبدأوا بالتجاوز على المسافرين، ابلغونا عن عدد اليزيدية هناك وهل انهم اتحدوا مع الارمن لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع تجاوزهم.
وفي استعراض لمدى ارتفاع الاسعار والغلاء الذي ساد مدينة الموصل في فترة المجاعة يمكن الاشارة الى ان اسعار المادة الاساسية للعيش المتمثلة بالخبز ارتفعت اثمانها الى ثلاثة اضعاف، اذ ان الحنطة بلغت من الندرة والشحة بحيث اصبح بيعها حسب الاوزان التي يعتمدها العطارون في بيع موادهم، وارتفع ثمن رغيف الخبز الواحد الى اكثر من قرش واحد. وفي هذا الصدد، وفي سنة 1918، ارتفعت اسعار المواد التموينية والغذائية بنسب عالية جدا بحيث اصبح سعر (وزنة الحنطة) مرتفعا بنسبة (260%)، كما ارتفع ثمن وزنة الرز بنسبة (250%)، والشعير بنسبة (160%)، وفي ذات الوقت ارتفعت اسعار السكر والشاي الى ثلاثة اضعاف.
وبلغ سعر وزنة الحنطة الموصلية الى (20 مجيدي)، وبلغ سعر الطن الواحد من الحنطة قبيل انسحاب القوات العثمانية من الموصل قرابة (400 ليرة ذهبية)، وتجدر الاشارة الى ان التجارة بالحنطة كانت تتسم بالسرية وذلك للخشية من معرفة الجهات العثمانية التي غالبا ما كانت تصادرها. وفضلا عن ذلك، فان نقل البضائع التجارية من داخل الموصل الى خارجها، او جلب البضائع من خارج الموصل الى داخلها، وقد تعرضت الى قطاع الطرق وهذا يوضح مدى الفوضى التي حصلت ابان الحكم العثماني في عدم القدرة على توفير اسباب الحماية للتجارة، ومنها تجارة الملح، التي يتعرض تجارها الى رسوم تستحصل بشكل غير رسمي من قبل عشيرة شمر، اذ كانوا يستوفون رسم مرور مقداره الف وخمسمائة قرش مقابل كل قافلة تحمل الملح تحت مسمى (الخوة)، التي تعني استخدام القوة في الحصول على رسوم تجارية غير قانونية من قبل بعض العشائر العراقية.
ومن شواهد المعاناة التي كابدها أهل الموصل في فترة المجاعة ما بين عامي 1917 - 1918 حين لجأ مسؤولي الادارة العثمانية الى اسلوب التعسف في تحصيل الضرائب فغالبا ما كانوا يسيطرون على المؤن الغذائية في حالة عدم دفع ضرائبها، لا بل وصل الامر الى اقتحامهم البيوت واخذ الغلال والاموال ان وجدت. اضافة الى ان العثمانيين وفي شهر تشرين الاول عام 1914 فرضوا ضريبة المجهود الحربي، التي بلغت نسبتها (50%) على الاملاك العقارية و(25%) على الاراضي والعشور، الى جانب فرض على كل فرد ان يدفع جزءاً مما يملكه من المواشي والحبوب الى المسؤولين العثمانيين، كما فرضوا على اثرياء الموصل رسوم وضرائب نقدية، وفي حالة امتناع اهالي الموصل عن دفع تلك الضرائب فانهم كانوا يتعرضون للاهانة، واحيانا للضرب، ناهيك عما كان يفعله جباة الضرائب الذين يختلسون الاموال المستحصلة من الاهالي، وهذا ما اثار استياء معظم اهالي الموصل الذي عبر عنه الغلامي، الذي كان شاهد عيان، قائلا :”ما كنا نمر في طريق او نستقر في مكان الا ونسمع انواع الكلام المنبعث عن التذمر من تلك الحالة السيئة وشدة الرغبة في جلاء الترك عن البلد والتشوق الى دخول الانكليز فيه رجاء انقاذهم مما هم عليه وتخليصهم مما صاروا اليه.... ان هذه الصورة التي طرحها الغلامي تظهر مدى الصعوبات التي واجهها الاهالي جراء السياسة التعسفية للولاة العثمانيين الا ان رغبتهم السريعة بدخول المستعمرين الجدد من الانكليز حالت دون اعطاء صورة ايجابية بان عهد المستعمر البريطاني سيكون افضل من العهد العثماني، اذ اتخذ البريطانيون اجراءات اقتصادية سريعة على المستوى التجاري ساعدت على استمرار حالة العوز المادي لدى اهالي الموصل، فقد طبق البريطانيون شروطا قاسية على حركة البضائع والسلع التي يقصد تجارها مدينة الموصل والوافدة من مناطق عدة، ذلك عن طريق فرض رسوم عن كل بضاعة تدخل مدينة الموصل، وفي حالة شحن البضائع والسلع من مدينة الموصل والعاصمة بغداد كان على التاجر ان يظهر الوثائق في دائرة الرسوم وهذا يعني دفع رسوم اضافية على البضائع، مما يؤدي الى ارتفاع اسعار المواد الغذائية.
وفي اثر سياسة المستعمرين البريطانيين الاقتصادية، ارتفعت اسعار المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية الى اضعاف عدة اذ ارتفعت اسعار الاقمشة منذ عام 1916 الى ثلاثة اضعاف قياسا لسنة 1913، كما ارتفعت اسعار الشموع بنسبة اربعة وخمسة اضعاف، كما شمل الارتفاع المواد التموينية والغذائية بخاصة اذ ارتفع سعر الخبز الى ثلاثة اضعاف قياسا بفترة ما قبل الحرب.
ولم يقتصر الامر على اوضاع الموصل في عهد الاحتلال البريطاني على ذلك، اذ عانى الموصليون من سوء معاملة قوات الاحتلال، فقد كان الجندي البريطاني يسير بالطرقات الموصلية ولا يتردد لشتم او ضرب أي احد من اهالي الموصل حتى وان كان من أعيان المدينة، ولم يقتصر الامر على ذلك اذ بدأ جنود الاحتلال البريطاني مصادرة ما يرغبون به من الدكاكين باسلوب ما يسمونه (المهبة – بخشيش)، كما انهم لم يترددوا بالتحرش بالنساء الموصليات ومحاولة الاعتداء عليهن.
عن رسالة (الحياة الاجتماعية في الموصل 1834 1918).[1]