د.إبراهيم خليل العلاف
-1-
سبق أن ألفت كتباً عن الصحافة الموصلية وكتبت العديد من البحوث والمقالات حول الموضوع وألقيت المحاضرات وأشرفت على رسائل جامعية تتناول الصحافة الموصلية والعراقية والعربية ، ولكن هذه الحيرة سرعان ما تبددت بعد أن تأكدت من أن الدعوة تتضمن تحديداً لعنوان البحث الذي يمكن الكتابة فيه وهو البواكير والبدايات الأولى لنشأة الصحافة في الموصل ،
لذلك بدأت بوضع خطة هذا البحث وقررت أن أبرز الظواهر الأساسية التي تميز بها العمل الصحفي في الموصل ولعل في مقدمة ذلك أن الموصل كانت الولاية العراقية الثانية بعد بغداد التي شهدت ظهور الصحافة ، ففي الخامس والعشرين من حزيران سنة 1885 صدر العدد الأول من جريدة ((موصل)) وهي جريدة مماثلة لجريدة (زوراء) التي صدرت ببغداد في الخامس عشر من حزيران سنة 1869 . وكان صدور الموصل بأربع صفحات بالحجم المتوسط مقاس 43×27سم وكانت كل صفحة تتألف من ثلاثة أعمدة ، والصفحتان الأولى والثانية باللغة التركية ( الحروف العربية) أما الثالثة والرابعة فكانت باللغة العربية وقد شغلت إدارة الجريدة بناية صغيرة في سراي الولاية بمدينة الموصل وجاء في ترويسة الجريدة : إنها (( الجريدة الرسمية للولاية تنشر مرة كل أسبوع )) واحتوت الصفحة الأولى من الأعلى معلومات تتعلق بالعدد وادارة المطبعة وعبارة هي (( بخصوص الأشتراك يراجع مباشرة تحريرات الولاية ، وتاريخ الصدور واجرة النشر عن كل سطر يتكون من خمس كلمات قرش واحد )) ، ولم يشاهد في الجريدة أي صور أو عمل فني زنكغرافي باستثناء كلمة ((موصل)) التي كتبت بخط النسخ .
كان يوم الخميس موعداً لصدور الجريدة وقد استمرت على الصدور حتى سنة 1949 ويمكن أن نميز أربع مراحل في تاريخها .. تبدأ المرحلة الأولى منذ صدورها في 25 -06- 1885 وحتى إعادة العمل بالدستور العثماني 1876 في 23 تموز 1908 . وتمتد المرحلة الثانية منذ 1908 حتى قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914. وبعد الاحتلال البريطاني للموصل سنة 1918 استمر صدور الجريدة حتى سنة 1934 .. وهذه هي المرحلة الثالثة من تاريخ الجريدة أما المرحلة الرابعة فتبدأ من سنة 1947 حين أصدرها مرة أخرى بعد انقطاع يونان عبو اليونان ، واستمرت في الصدور حتى 1949 .
عبرت جريدة ((موصل)) عن وجهة نظر الحكومة العثمانية أي إنها كانت جريدة رسمية، لكن هذا لم يمنع المشرفين عليها من متابعة الأخبار والحوادث في الولاية خاصة وأنها خصصت باباً أسمته (( أحداث الولاية)) ، تناولت فيه أخبار ولاية الموصل السياسية والاقتصادية والعسكرية وقد اعتادت الجريدة على نشر بعض مضامين خطب الجمعة ولم تهمل الأخبار الخارجية وقدمت الكثير من النصائح الزراعية والصحية للناس . وتميزت عن الزوراء في أن أسلوبها كان أدبيا واضحاً لا أثر للركاكة التي زخرت بها صفحات الزوراء ويمكن أن نعزو سبب ذلك إلى أن معظم المشرفين على جريدة موصل كانوا من الأدباء والكتاب الموصليين العرب (9) . وعلى الرغم من قول روفائيل بطي (10) أن جريدة الموصل لم يكن لها اثر يذكر على الحياة الفكرية في المدينة لانتشار الجهل والأمية بين الناس إلا أن دراستنا لتلك الجريدة تبين أنها قامت بدورها في توعية الأهالي صحياً واجتماعياً وفكرياً وقد ازداد ذلك على نحو اكبر في العهد الدستوري العثماني وما بعده .
-2-
من الظواهر الملفتة للنظر في العمل الصحفي الموصلي أن الموصل شهدت صدور أول مجلة في العراق ، ففي01-12-1902 صدرت مجلة إكليل الورود بثلاث لغات هي العربية والكلدانية والفرنسية وقد جاء في ترويسة إكليل الورود التي أصدرها الآباء الدومينكان ، إنها (( مجلة دينية أدبية علمية شهرية )) . وقد تراوحت صفحات الطبعة العربية من إكليل الورود بين 20-28 صفحة وضمن مقاس 18×11,5 سم واستمرت إكليل الورود بالصدور حتى توقفت في كانون الأول 1909 حين صدور عددها الأخير ومجلة إكليل الورود نشرت الكثير من المقالات الأدبية والدينية والاجتماعية والعلمية وأسهم في تحريرها أدباء معروفون في الموصل منهم الأديب فرج الله كسبو والأب عبد الأحد جرجي والقس باسيل بشوري .
-3-
والموصل في مقدمة المدن العراقية والعربية التي عرفت الصحافة الحزبية ، فبعد عودة العمل بدستور سنة 1876 وذلك اثر الانقلاب العثماني الذي حدث في 23-07- 1908 صدرت في الموصل صحف حزبية منها جريدة ((نينوى)) وكان صاحب امتيازها فتح الله سرسم ومديرها المسؤول محمد أمين الفخري . وقد أخذت منذ صدور عددها الأول في 15 تموز 1909 وحتى احتجابها سنة 1912 تعبر عن أهداف جمعية الاتحاد والترقي حتى حسب بعض مؤرخي الصحافة الموصلية إنها (( لسان حال الجمعية في الموصل )) والصحيح أن فرع الجمعية في الموصل استعان بها بهدف نشر أهدافه السياسية وقد تألفت الجريدة من أربع صفحات .. صفحتان باللغة العربية وصفحتان باللغة التركية وكان لها محرران أحدهما للقسم العربي وهو محمد فخري والثاني للقسم التركي وهو علي حكمت.
وعلى الرغم من سيطرة الاتحاديين على الجريدة وتوجيهها لخدمة السلطة الجديدة ، فان عدداً من المثقفين الموصليين اتخذوا من صفحاتها وسيلة لنشر ما يعبر عن طموحاتهم وآمالهم ومن ذلك إنها أسهمت في معالجة قضية حيوية شغلت أذهان الناس في تلك المرحلة ،إلا وهي جعل اللغة العربية لغة التدريس في المدارس .
وكانت ((النجاح)) الجريدة الحزبية الثانية ، وقد صدر عددها الأول في 12-11- 1910 وعرفت الجريدة باتجاهها للدعوة إلى اللامركزية وتأييد الحزب الحر المعتدل ثم جمعية الحرية والائتلاف المعارضة لجمعية الاتحاد والترقي وكان صاحب امتيازها احمد مدحت وبعد صدور خمسة أعداد منها أصبح صاحب الامتياز خير الدين الفاروقي العمري أما المدير المسؤول فكان عبد الله رفعت العمري وكانت جريدة أسبوعية تصدر باللغتين العربية والتركية وقد اهتمت الجريدة بالتعليم ودعت إلى التوسع فيه كما وجهت الأنظار إلى التاريخ العربي الإسلامي وأشارت إشارة صريحة إلى ما كانت تشهده مصر وسوريا من نهضة فكرية وأكدت أهمية الاقتداء بهما . وكانت جريدة النجاح في حينه تعد أداة مهمة للتعبير عن الشعور القومي العربي لدى الموصليين لذلك دخلت في صراع صحفي مع جريدة نينوى المؤيدة لحكومة الاتحاديين وسياساتهم القائمة على التتريك والطورانية ومما أجج هذا الصراع انتخابات مجلس المبعوثان (النواب) العثماني والتنافس بين المرشحين و التأكيد على ضرورة انتخاب الرجال القادرين على النهوض بالمسؤولية وخدمة البلد والأمة .
وكانت الموصل من الولايات التي ظهرت فيها الصحافة الهزلية أو الفكاهية ، فجكه باز أي الثرثار وتلفظ جنه باز صدرت في الموصل في 27 -06- 1911 وكانت جريدة أسبوعية صاحب امتيازها ومديرها المسؤول عبد المجيد خيالي وقد جاء ترويستها إنها: ((جريدة سياسية ، علمية ، فنية ، أدبية ، فكاهية)) واحتوت أربع صفحات ، وباللغتين العربية والتركية وحينما أصدرت كتابي نشأة الصحافة العربية في الموصل سنة 1982 ذكرت بأنني لم اعثر على أية نسخة من هذه الجريدة، إلا أن الدكتور وائل علي احمد النحاس والذي اعد رسالة للماجستير عن تاريخ الصحافة الموصلية وبإشرافي استطاع حين الإعداد لرسالته من العثور على العدد منها والصادر في 25 رمضان 1329 (6 أيلول 1911) واتضح إنها جريدة مهمة عالجت الأخبار بنوع من الانتقاد والسخرية. وقد أوردت جريدة صدى بابل البغدادية في عددها الصادر يوم 5 تموز 1912 أن صحف نينوى والنجاح وجكه باز توارت عن الأنظار (( لأسباب واهية يرفضها العقل السليم )) واضافت تقول :( قاتل الله الغايات وبخ بخ لها من جرائد حرة أوقفت نفسها خدمة للامة والوطن !! )) ويبدو أن وراء احتجاب تلك الصحف عوامل سياسية ومادية وشخصية .
-4-
وخلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918) صدرت في الموصل جريدة يومية سياسية تساند الحكومة العثمانية باسم (حقي طوغرو) أي دعوة الحق لصاحبها محمد رشيد الصفار وذلك في 7-04- 1915 كما واصل الصفار هذا إصدار جريدته (الزهور) في الموصل وكان يصدرها من قبل ببغداد وكانت جريدة موالية للعثمانيين. وصدر في الموصل نوع آخر من الصحف هي بمثابة نشرات صحفية اكثر منها صحف منها نشرة بعنوان (( عثمانلي ازانسي)) أي برقيات عثمانية وكانت تصدر باللغة العربية أو التركية وكان الباعة يحملون هذه النشرات ويتجولون بها في الأسواق وهم ينادون أجانس..أجانس والاجانس كلمة انكليزية معناها وكالة انباء Agancyويتهافت الناس عليها ليعرفوا أخبار الحرب ومجريات معاركها في الجبهات المختلفة .
-5-
وفي عهد الاحتلال البريطاني 1914-1918 للعراق ، قام الإنكليز بإعادة إصدار جريدة الموصل كي يتخذوا منها وسيلة من وسائل الدعاية لحكمهم وترأس تحرير الجريدة أنيس الصيداوي ، وهو كاتب من لبنان كان يعمل مترجماً للقوات البريطانية التي دخلت الموصل في تشرين الثاني 1918 وقد سبق له أن زاول الصحافة اثر تخرجه من الجامعة الأميركية في بيروت وذلك من خلال عمله في جريدة (المراتب) البيروتية . كما اسهم في تحرير جريدة الموصل نخبة من مثقفي المدنية أمثال سليم حسون ويونان عبو اليونان وسليمان صائغ . وحين شعر عدد من المواطنين الموصليين أن الضرورة تقتضي إصدار جريدة أو مجلة تعبر عن أهدافهم أصدروا مجلة باسم مجلة النادي العلمي وذلك في 15 كانون الثاني 1919 ، لكن المجلة سرعان ما تحولت إلى أداة بيد سلطات الاحتلال البريطاني ويتضح ذلك من خلال ما كانت تنشره من مقالات .
-6-
وكان لتشكيل الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 دور كبير في نهوض الصحافة العراقية بشكل عام والصحافة الموصلية بشكل خاص ولعل من ابرز الصحف التي صدرت ، وكانت تعد أداة من أدوات النهوض والنضال من اجل التخلص من الاحتلال والانتداب البريطانيين ، جريدة الجزيرة 1922 وجريدة العهد 1925 . وقد صدر العدد الأول من جريدة الجزيرة في 24-03- 1922 . أما جريدة العهد فقد أصدرها حزب الاستقلال الذي تأسس أبان مشكلة الموصل ومطالبة الأتراك بها . وقد صدر عددها الأول في 20 كانون الثاني 1925 وقد اهتمت الجريدتان بأخبار النشاطات الوطنية في الموصل وخاصة ما يتعلق بتأييد حق العراق المشروع في الحفاظ على عروبة الموصل .
-7-
وخلال العشرينات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي صدرت في الموصل صحف عديدة عكست إلى حد كبير موقف الرأي العام الموصلي من القضايا المحلية والعربية والدولية ويمكن أن نشير بشكل خاص إلى( جريدة فتى العراق) التي اتسمت منذ صدور عددها الأول في 28 شباط 1934 برصانتها وبنكهتها الموصلية والوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية والتي لاتزال حتى كتابة هذه السطور تتميز بها ويرأس تحريرها اليوم أستاذنا الصحفي الرائد الأستاذ احمد سامي ألجلبي(أبو صميم ). وقد شهدت الموصل في الاربعينيات صدور عدد كبير من الصحف والمجلات منها جريدة نصير الحق وجريدة النضال وجريدة الأديب وجريدة الهلال ومن المجلات التي صدرت في الموصل آنذاك مجلتي المشرق والفجر .
-8-
ولقد شهدت سنوات الخمسينيات نهضة صحفية واسعة النطاق ولم تأت ثورة 14-07- 1958 وحينها سقط النظام الملكي وتأسست جمهورية العراق حتى كانت الموصل تزخر بالصحف والمجلات ، ولئن توقف البعض عن الصدور أو احتجب البعض الآخر فان عدد الصحف قد تجاوز الثلاثين جريدة ومجلة نذكر منها جريدة فتى العراق وجريدة الهدف وجريدة الراية وجريدة فتى العرب وجريدة المثال وجريدة اللواء وجريدة الهدى وجريدة وحي القلم وجريدة صدى الأهالي وجريدة صوت الأمة . ومجلة المجلة التي صدر عددها الأول في الأول من تشرين الأول 1938 واستمرت بالصدور في بغداد اعتباراً من يوم 16-03-1941 وكانت تعد لما قال الأستاذ الدكتور الناقد المرحوم علي جواد الطاهر من (( نوادر الصحافة العراقية كما بين سطورها من جهد وإخلاص ومعاناة ووطنية وطموح )) وقد بنى الدكتور الطاهر رأيه هذا على حقيقة مفادها أن المجلة كانت بحق (( مجال الأقلام الممتازة ، وملتقى العقول المفكرة )) فلقد عكست اتجاهاً أدبيا تقدمياً وامتلأت صفحاتها بألوان من الثقافة الإنسانية وفنون الأدب الحديث وروائع القصص المحلية والعربية والعالمية )).
-9-
من الحقائق التي ينبغي عدم تجاوزها عند التاريخ لبواكير العمل الصحفي في#الموصل# ، أن أجيالا متعاقبة من الصحفيين الموصليين قدموا عصارات تجربتهم الصحفية ليس من خلال ما صدر في الموصل من صحف وحسب بل ومن خلال ما أرسوه من تقاليد صحفية في بغداد وعدد من محافظات البلاد وما أصدروه من صحف ومجلات كانت تمثل علامات بارزة في تاريخ الصحافة العراقية وإذا ما أردناه أن نقف عند سيرة ومجهودات الرواد من الصحفيين الموصليين فإننا نحتاج إلى وقت طويل وجهد عظيم ، ولكن لا بأس من أن نورد بعض أسماء أولئك الصحفيين ولعل من أبرزهم خير الدين العمري وفتح الله سرسم ورشيد الخطيب وعلي الجميل وصديق الدملوجي ومكي صدقي الشربتي ويونان عبو اليونان وجميل دلالي واحمد سعد الدين زيادة وإبراهيم الجلبي وحمادي الناهي وعبد الباسط يونس ويوسف الحاج الياس ومتي فرنكول وسليمان صايغ وذو النون أيوب وعبد الجبار الجومرد وغربي الحاج احمد ومحي الدين أبو الخطاب وذوالنون ايوب وذو النون شهاب ومحمود فوزي الغلامي ( مفتي الشافعية ) وفخري الخيرو ومحمد رؤوف الغلامي ومحمود الجلبي وبولس بهنام وجار الله العلاف ، واحمد سامي الجلبي ، ورمزي العمري ومحيي الدين توفيق ابراهيم وعبد الغفار الصائغ.
-10-
كما قدمت الموصل للتراث الصحفي العراقي نخبة من الصحفيين الذين أسهموا في إرساء أسس الصحافة العراقية من خلال إصدارهم صحفاً متميزة في بغداد كان لها دورها الفاعل ومواقفها المعروفة على صعيد العمل الصحفي والسياسي والاجتماعي نذكر منهم على سبيل المثال داؤد صليوا صاحب جريدة صدى بابل وسليم حسون صاحب جريدة العالم العربي وروفائيل بطي صاحب جريدة البلاد وتوفيق السمعاني صاحب جريدة الزمان ويحيى قاسم صاحب جريدة الشعب . ومما يذكر على صعيد العمل الصحفي الموصلي أن صحافة الموصل في بداياتها الأولى وسنوات نشأتها وتطورها في المراحل اللاحقة عرفت تعدداً في أنماطها واتجاهاتها ، فعلى صعيد الأنماط كانت هناك صحافة سياسية وصحافة أدبية وصحافة رياضية وعلى صعيد الاتجاهات فان الموروث الصحفي الموصلي يتضمن الكثير من الصحف التي عبرت عن الاتجاهات الدينية والقومية والاشتراكية والليبرالية التي زخرت بها الحياة السياسية في العراق المعاصر . فعلى سبيل المثال كانت جريدة العهد لسان حال حزب الاستقلال وقد صدر عددها الأول ، في 20 كانون الثاني 1925 . أما الحزب الوطني الديمقراطي فكانت له جريدة تنطق باسمه في الموصل باسم (المستقبل) وقد صدر عددها الأول في 25 -10- 1948 وكان لحزب الأحرار جريدة بأسم (صدى الأحرار) وقد صدر عددها الأول في 7 -07- 1948 . وكانت جريدة النضال التي صدر عددها الأول في 29-03- 1948 لسان حال حزب الاستقلال وبعد أن فتح حزب الجبهة الشعبية المتحدة فرعا له في الموصل في 13-12- 1951 اصدر جريدته (الهدى).
أن مسيرة الصحافة الموصلية لم تتوقف منذ صدور العدد الأول من جريدة موصل في الخامس والعشرين من شهر حزيران 1885 وحتى يومنا هذا، فلقد تعددت أنماطها وتنوعت نشاطاتها واهتماماتها واتضحت آثارها السياسية والاجتماعية والفكرية من خلال تيقظ الأفكار واتساع دائرة المثقفين وتزايد وعيهم السياسي وبضرورة السعي من اجل الحرية والتحرر والاستقلال والبناء، وقمين بنا أن نذكر جهود أولئك الذين وقفوا وراء هذا التراث الصحفي الثر والعمل على تدوين مجهوداتهم ودراسة تجاربهم واستحضار ما كانوا يؤمنون به من مبادئ وقيم إنسانية ووطنية. هذا فضلاً عن السعي باتجاه تدعيم ومساندة جهود مركز دراسات الموصل للقيام بمهمة إنشاء مكتبة متخصصة بالصحف والمجلات التي صدرت في الموصل منذ سنة 1885 وحتى يومنا هذا وتيسير اطلاع الباحثين والمهتمين عليها مع أعداد كشاف متكامل بعناوينها وأسماء أصحابها ومحرريها والعمل على إقناع من لديه نسخ منها بالإسراع إلى إيداعها في مكتبة المركز وتشجيع الصحفيين الموصليين الرواد، الذين لا يزالون يمتلكون في ذاكرتهم ثروة زاخرة من المعلومات عن صحافة الموصل لتقديم شهادات صحفية في ندوات ينظمها المركز وبالإمكان إدخال مادة تاريخ الصحافة الموصلية إلى مناهج الدراسات العليا في قسمي التاريخ بكليتي الآداب والتربية بجامعة الموصل وتشجيع الطلاب على اختيار مواضيع رسائلهم الجامعية عن الصحافة الموصلية واتجاهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[1]