زين النقشبندي
كثيرة هي الذكريات التي مازالت عالقة في الذهن عن احاديث العلامة الدكتور كمال مظهر احمد استاذ التاريخ الحديث والمعاصر في قسم التاريخ – كلية الاداب – جامعة بغداد.
تعود بداية معرفتي بالدكتور#كمال مظهر احمد# الى منتصف السبعينيات القرن الماضي حيث كنت من المتابعين لما يكتب في جريدة التاخي اليومية عن نضال الكرد وثوراتهم في العراق وايران وتركيا ومن حسن حظي ولانني كنت منذ فترة شبابي المبكر قد عشقت وواظبت على قراءة الكتببل واصبحت من المدمنين عليها كما كان يطلق علي احد الاصدقاء ويكرر دائما
(بابا موزين على عينك ارحمها هلكت تقرا ، روح العب واتونس احسلك من القراءة) نعم هكذا كان يقول لي هذا الصديق الذي الان اصبح احد العاملين بالتعليم وفي احد الايام من عام 1975 عرض علي احد اصحاب المكتبات من الذين اتعامل معهم مجلة كنت اتصورها كتاب لكبر حجمها وتجليدها واتقان طبعها ولكنها في الحقيقة كانت العدد الاول من مجلة المجمع العلمي الكردي العراقي الصادرة عام 1973 وكان من ضمن الذين كتبوا في هذا العدد الدكتور كمال مظهر بحث بعنوان (كردستان خلال الحرب العالمية الاولى ) ومنذ ذلك الحين ولحد صدور العدد الاخير من مجلة المجمع الكردي الذي انتهى به الحال ان اصبح الهيئة الكردية في المجمع العلمي العراقي لم اترك اي عدد يصدر دون ان اقتنيه وفي بداية التسعينيات عندما كنت مشغول في البحث ( تاريخ الابجدية الكردية ) تعرفت عن قرب اولا على المرحوم الدكتور عبد الرحمن معروف وهو بدوره اخذني من كلية التربية الى كلية الاداب جامعة بغداد وعرفني على الدكتور مظهر مما اذكر عن هذا اللقاء ان المرحوم الدكتور معروف قال كاكة زين مع الاسف لايجيد التحدث بالكردية ولكنه لديه معلومات جيدة وكبيرة عن الكرد وتاريخهم وهو يكتب في بعض الصحف وكانت تلك نقطة التحول في العلاقة مع الدكتور كمال مظهر حيث كان الدكتور له في الاسبوع يوم او يومين يعطي فيها محاضرات لطلبته في قسم التاريخ وكنت انا حالي حال الكثير من طلبته ومحبيه من الذين لايتركون هذه الايام دون اللقاء به وتوطت العلاقات بيننا وكنت التقي به في مكتبه بكلية الاداب كل اسبوع تقريبا
وكان يقوم دائما بدعوتي الى مناقشات الاطاريح طلبة الدراسات العليا التي يكون غالبا هو رئيس لجنة المناقشة او المشرف ، اضافة الى المحاضرات التي كان يلقيها في المواسم الثقافية لبعض الجمعيات والنوادي الاجتماعية والثقافية ببغداد مثل جمعية المكتبات او النوادي مثل نادي الارمن الثقافي وتقريبا لم تفتني الا ما ندر اي رسالة دكتوراه او ماجستير نوقشت او محاضرة القاها الدكتور خلال هذه الفترة من بداية التسعينيات ولغاية سقوط بغداد عام 2..3 وخلال هذه الفترة اجريت معه اكثر من لقاء نشر في حينه في بعض الصحف اليومية او الاسبوعية ومما اذكره من هذه اللقاءات ان رايه في ثورة العشرين انه قال ( لاجدال في الأهمية التاريخية الكبرى لثورة عام 192. التحررية فانها واحدة من أهم الأحداث التي هزت الوجود البريطاني في العراق ودشنت بداية مهمة لحركة واسعة تطورت باستمرار الى ان تمكنت في الاخير من وضع نهاية للهيمنة الاجنبية على مقدرات البلاد وكان ذلك يكفي لجلب انظار المؤرخين العراقيين والاجانب الى ثورة العشرين فقلما يوجد حدث في تاريخ العراق المعاصر حظي بالبحث والدرس مثلما حظيت بها احداثها التي كرس لها العديد من الكتاب العراقيين مؤلفات مستقلة ومرموقة كما تطرق الى وقائعها عدد كبير من المؤلفين والمستشرقين الاجانب (ثورة العشرين هي الوحيدة بين أحداث العراق المعاصر كرست لها أكثر من رسالة واحدة على الصعيد الجامعي في الخارج وفي داخل العراق، ورغم ان الدراسات والبحوث عن هذه الثورة قد توالت وبعدد من اللغات الا ان جوانب مهمة من صفحاتها المشرقة لاتزال بحاجة الى التقصي العلمي الدقيق والشامل. فقبل كل شيء ان مادون حتى الان من مذكرات ومشاهدات الذين اشتركوا في صنع احداث الثورة يؤلف نتاجاً متواضعاً لايتناسب مع حجمها في شيء فاته لا يتعدى عدداً قليلاً من الكتب أهمها فضلاً عن كتاب محمد مهدي البصير [تاريخ القضية العراقية] والحقائق الناصعة في الثورة العراقية سنة 192.) الذي نشره فريق مزهر آل فرعون 1952 وما كتبه على البزركان وكتاب (معلومات ومشاهدات في الثورة العراقية الكبرى لسنة 192.) الذي نشره محمد كمال الدين سنة 1971 واقتصر ذلك النتاج على تسجيل انطباعات اناس ينتمون الى فئة اجتماعية واحدة ادت دوراً مهما في الثورة وكان بوسع المعنيين أيضاً جمع مادة خام مع اناس اخرين كانوا وقود الثورة وتحتفط ذاكرتهم بحقائق مفيدة ومعززة بالادلة بوسعها تزويد المؤرخ بأدوات اضافية للغوص في أعماق الوقائع التي يعالجها فيمكن له بذلك تحديد دوافعها المحركة وعواملها الكامنة بصورة افضل .
وذكر الدكتور كمال مظهر لنا ان تجرية ذاتية اجزها عام 1978 بمساعدة احد طلابه المتميزين في منطقة السماوة اثبتت امكانية تحقيق هذه المهمة وجدواها .
واضاف ومما يؤسف علية حقاً ان الوقت قد ادركنا أو كاد يدركنا فعلينا ان نستعجل الخطى لجمع ما تبقى من الكنز الثمين قبل ان يتحول الى اطلال أو يوارى الثرى نهائها.
ولا يخفي مالصحافة ثورة العشرين من أهمية فان مجرد أصدار جريدتي (الفرات) و(الاستقلال) باسم الثورة يشير الى تحول نوعي مهم في اسلوب نضال العراقيين.
ويشير د. كمال مظهر الى العلاقة بين الثقافة والفكر فيذكر :- ونمو دور الفئة المثقفة في ذلك النضال وتدخل الجريدتان دون شك ضمن اروع ما تركته الثورة كما تؤلفان واحدة من انصع صفحات الصحافة العراقية وتأتيان في صدر قائمة المصادر الاصلية التي لا غنى عنها بالنسبة الى أي مؤرخ يتصدى لمعالجة أحداث الثورة ورغم ذلك لم يستخدم المؤرخون حتى اليوم هاتين الجريدتين لتحديد دور المثقفين في ثورة العشرين ولدراسة دوافع الثورة واحداثها الا في نطاق ضيق يقترب من العدم فعلياً. لذا فان الغموض والتناقض والخطأ لاتزال تكتنف جوانب مهمة من تاريخ (صحافة ثورة العشرين) بما في ذلك حتى تواريخ صدورها ولا نغالي إذا قلنا ان كل عبارة وردت في صحافة ثورة العشرين بحاجة الى الدرس والتأمل الآمر الذي من شأنه ان يوصلنا الى استنتاجات مهمة بالنسبة الى تاريخنا المعاصروينطبق ما ذكرناه بصدد صحافة ثورة العشرين على كل ما يتعلق بوثائقها الى حد كبير فان الوثائق المذكورة تعد أيضاً من أهم مخلفات الثورة ومن أهم مصادر دراستها (وهي بحاجة الى الجمع والتنسيق والدرس بصورة علمية وإذا استثنينا حالات نادرة فان المؤرخين لم يستفيدوا حتى الان من وثائق الثورة لدراسة احدائها كما ينبغي والانكى من ذلك ان يد الباحثين والعراقيين والاجانب لم تمتد حتى الان الى مئات الوثائق البريطانية الخاصة بثورة العشرين. فبوسع الباحث الفطن ان يتوصل الى اسرار وحقائق مهمة من خلال المعلومات الواردة بين ثناياها وثنايا مثيلاتها في دار سجلات وزارة الخارجية الفرنسية ففي القسم الخاص ب (بلاد بين النهرين ) البريطاني عام 192. يدرك عمق صدى هذه الثورة على الصعيد الخارجي وبوسع دراسة جادة للصحافة العربية والفرنسية والتركية والفارسية الصادرة سنة (192.) ان تعطينا تصوراً أشمل حول الموضوع ومايجدر ذكره بهذا الصدد ان المشرفين على أعمال مؤتمر شعوب الشرق الذي انعقد في مدينة باكو في أيلول سنة 192. تغير موقفهم إذ بدأوا يولون الشعب العراقي ونضاله أهتماماً أكبر من بقية شعوب الشرق الاوسط بفضل انفجار ثورة العشرين فانعكس اسم (بلاد ما بين النهرين) وموضوع (نضال فلاحيها) ضد البريطانيين ونهب المستعمرين لثروات (ميسو بوتامبا) في كلمات الخطباء ومقررات المؤتمر على نطاق واسع.
وان الحقائق التي اسلفناها وغيرها تبين بصورة مقنعة في ما نعتقد ان جوانب مهمة من هذه الثورة لاتزال بحاجة ماسة الى ان تدرس بصورة علمية منها على سبيل المثال لا الحصر (دور الفلاحين في ثورة العشرين) ودور المرأة في ثورة العشرين و (مواقع المدن في ثورة العشرين) و (خطط الثورة العسكرية) و (وثائق ثورة العشرين) و(بيبلو غرافيا ثورة العشرين) و(ثورة العشرين في الوثائق البريطانية) و(ثورة العشرين في الوثائق الفرنسية) و(احداث ثورة العشرين في وثائق المركز الوطني الوثائق) و(ثورة العشرين في الصحافة العربية) و(ثورة العشرين في الصحافة البريطانية) وثورة العشرين في الصحافة الثركية والفارسية) و(احداث ثورة العشرين في جرائد العراق بيشكة وتن- التقدم- ونجمة كركوك) و(الدعاية المضادة أيام ثورة العشرين) و(الانعكاسات الادبية لثورة العشرين) وغيرها.
وان مكانة ثورة العشرين بالنسبة لتاريخنا لا تختلف كثيراً عن مكانة ثورة عام 1789 الكبرى بالنسبة لتاريخ فرنسا، فلنولها عشر معشار ما يولونها من اهتمام وهنا اقتصر على ذكر عدد قليل من الشواهد المعبرة ففي الفترة الواقعة بين عامي 1834 و1838 أي في غضون اربع سنوات فقط نشر مؤرخان فرنسيان كتابا وثاقيا عن الثورة الفرنسية يقع في (4.) مجلداً، وفي أواسط القرن الماضي نشر الاشتراكي الطوباوي الفرنسي واحد زعماء ثورة 1848 لوي بلان (12) مجلداً تحت عنون (تاريخ الثورة الفرنسية) وفي العام 1886 ثم تأسيس كرسي الثورة الفرنسية بجامعة السوريون ثم تتابع ظهور الجمعيات والمؤسسات والمجلات الاكاديمية الخاصة بدراسة كل ما ينطق بأدق تفاصيل الثورة وجزاياتها فان الجنة جمع ونشر وثائق الثورة الاقتصادية) التي أسست في مطلع القرن العشرين نشرت وحدها وخلال تسعة أعوام فقط من نشاطها (57) مجلداً جديداً عن الثورة الفرنسية وبعد فترة أسست جامعة السوربون ( معهد تاريخ الثورة الفرنسية).
وكان دائما يؤكد على ان العديد من رسائل طلبتنا لا تقل شأناً عن رسائل أفضل الجامعات فرغم ظروفهم الصعبة يقدمون نتاجاً علمياً يضاهي بل وحتى يفوق أحياناً أفضل النتاجات العلمية المماثلة في الجامعات الغربية ، لمناسبة صدور دراسة أمريكية عن الحزب الوطني الديمقراطي ، قال ان رسالة الدكتور عادل تقي البلداوي للماجستير عن (الحزب الوطني الديمقراطي في العهد الجمهوري الأول 1958-1963 أفضل بكثير منهجاً وتحليلاً واستنتاجاً ومصادر من رسالة الماجستير للباحثة الأميركية جينب سنفلتوت المعنونة (الحزب الوطني الديمقراطي العراقي في العهد الملكي) التي طبعها مركز الجادرجي للبحوث في لندن إنني على سبيل المثال أشير فقط إلى النقطة الأخيرة أي ما يتعلق بمصادر الرسالة للباحثة الأميركية، انها لم تستخدم ولا وثيقة أمريكية واحدة مع العلم ان الوثائق الأمريكية طافحة بالمعلومات الدقيقة والنادرة عن الحزب الوطني الديمقراطي والعديد من أقطابه ولاسيما كامل الجادرجي كما انها استخدمت وثيقتين أو ثلاث وثائق بريطانية فقط بصدد موضوعها مع العلم ان الوثائق البريطانية أولت موضوعها اهتماماً استثنائياً فان السفير البريطاني في بغداد كان يتابع نشاطات الجادرجي حتى أنه زاره مرة في داره وان العمود الفقري لدراسة الباحثة الأميركية من حيث المصادر هو مذكرات كامل الجادرجي وكتاب الدكتور فاضل حسين عن الحزب الوطني الديمقراطي وكتاب حنا بطاطو وان مجموع مصادرها الأساسية لا يبلغ أصابع اليد الواحدة تلك المصادر التي تؤلف بالنسبة لرسالة الدكتور البلداوي مجرد غيض من فيض، ولكن على ما يبدو ان مغنية الحي لا تطرب وحتى ان الكتاب ينطوي على آراء تبدو غريبة للقارئ العراقي المتتبع من ذلك على سبيل المثال:
1- في الصفحة (21) (الا أنه لم يكن زعيماً سياسياً يسحر الجماهير) في معرض حديثها في مقدمة الكتاب عن الجادرجي.
2- في الصفحة (83) (فان العوامل الداخلية وعلى وجه الخصوص شخصية الجادرجي أعاقت جهوده كذلك) في معرض حديثها عن الأسباب التي أعاقت الحزب الوطني الديمقراطي في فعاليته على الساحة السياسية.
3- في الصفحة (85) (كان افتقار الجادرجي إلى ملكة الخطابة صفة أخرى من صفاته التي حدت من فاعليته كزعيم سياسي وطني) وتذكر في الصفحة (كان الجادرجي بطبيعته سياسي صالونات ولم يكن زعيماً يسحر الجماهير) هذا الذي يتنافى مع الواقع ولا يمكن ان يقبل به أي وطني عراقي.
4- في الصفحة (12.) (شعر الحزب الوطني الديمقراطي الذي لم يعرف عنه تركيزه على القضايا القومية) مع العلم ان الدكتور البلداوي كان قد افرد فصلاً كاملاً عن موقف الحزب الوطني من القضايا القومية وكذلك الجادرجي كتب في مذكراته القيمة صفحات كثيرة عن القضايا القومية والتي تحمل شخصياً الكثير بسبب هذه المواقف خصوصاً عندما سجن ثلاث سنوات بسبب موقفه المشرف من العدوان الثلاثي على مصر ووقوفه إلى جانب الشعب المصري ورئيسه جمال عبد الناصر.
5- في خاتمة بحثها (الرسالة) وعن الأسباب التي أعاقت الحزب الوطني الديمقراطي وحدت من فعاليته، في الصفحة (48) (عدم امتلاك الجادرجي الصفات التي تجعل منه بالطبيعة زعيماً سياسياً جماهيرياً يضاف إلى هذا ان عزله لنفسه داخل حزبه كان أمراً يضر به خارج الحزب أيضاً.
6-وكما انه ( لم يكن ديناميكيا كشخصية سياسية بحيث يترجم هذا الاحترام إلى قوة) في معرض حديث الباحثه الأمريكية عن الاحترام الواسع الذي كان يتمتع به.
وكان قد ذكر لي ايضا في منتصف التسعينيات أنه يشرف الآن على سلسلة من رسائل الماجستير والدكتوراه لجامعيين من الجنسين تكشف المزيد من أسرار تاريخ العراق الحديث والوطن العربي فالباحثه عفراء عطا عدت رسالة دكتوراه عن نلسن مانديلا وحياته وكما هو معروف بقي 27 سنة في السجن، والآن هو شخصية عالمية ولديه مواقف ايجابية معروفة، والطالبة عفراء متمكنه جداً ومتابعة بحرص وقد استطاعت الحصول على معلومات مفيدة عن طريق الانترنيت والعديد من المسؤولين المقربين من شخص مانديلا ولدينا أمل ان ننتهي من مهمتها وتناقش الاطروحه في غضون أقل من سنة وفي الكلية نفسها أشرف على رسالة ماجستير مهمة للدبلوماسي الأديب المعروف عبد الحسين الرفيعي الذي يكتب عن دور النخبة القانونية في الحياة الفكرية والثقافية في العراق، من عام 1908 (أي منذ عهد الاتحاديين في الدولة العثمانية) إلى 1932 أي نهاية عهد الانتداب البريطاني. فقد أدت النخبة القانونية دوراً متميزاً للغاية في هذا المضمار وربما يكفي ان أشير إلى ان توفيق السويدي هو العراقي الوحيد الذي اشترك في المؤتمر العربي الأول الذي انعقد في باريس في حزيران 1913م وكان يوم ذاك يدرس القانون في السوربون لا يخفى ان المنتمين إلى النخبة القانونية في تلك المرحلة أدوار دوراً متميزاً في نشاطات المنظمات والجمعيات والأحزاب السرية والعلنية كما في الصحافة وفي المعارضة البرلمانية وغيرها لذا لا أشك بان هذه الرسالة سوف تحدث صدى طيباً في الوسط الثقافي العراقي وهي متممة لأطروحة الدكتوراه التي كتبها عبد الرزاق النصيري عن دور المجددين في الحياة الفكرية والثقافية في العراق عن المرحلة نفسها.
واضاف حينها حالياً أشرف على رسالة ماجستير مهمة لطالب تونسي هو نوري الدين عن تأثير الفكر الناصري على أقطار الخليج العربي، في المرحلة الممتدة بين أعوام 1952-197.، وهي رسالة ضخمة انتهينا من إعدادها وتقع في أكثر من 325 صفحة وتنطوي بدورها على معلومات فريدة في غاية الأهمية استقى الطالب قسماً غير قليل منها من وثائق غير منشورة ستطرح لأول مرة، ومن أناس عملوا مع شخص جمال عبد الناصر، وأغلب الظن ان هذه الرسالة سوف تناقش في غضون الشهر القادم، متممة لأطروحة الدكتوراه التي كتبتها الدكتورة بثينه عبد الرحمن التكريتي قبل سنوات في كلية الآداب جامعة بغداد عن نشأة الفكر الناصري تلك الأطروحة التي وجدت صدى واسعاً في أوساط النخبة العربية فقد طبعها مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت في كتاب مستقل قومته الصحافة العربية تقويماً رفيعاً وقد نفذت الطبعة الأولى وأعيد طبعها مرتين ولا أشك في أنه سوف تظهر له طبعات أخرى في المستقبل القريب، وعلى الغرار نفسه أشرف حالياً على أطروحة دكتوراه ورسالتي ماجستير في معهد المؤرخين العرب.
أما الأطروحة فهي عن محمد عبده، لطالبة الدكتوراه ذكرى الجبوري وهي بدورها دراسة فكرية تحاول ان تتصدى لحياة محمد عبده وإبداعاته على أساس تحليلي تنطوي على الجديد والمفيد في هذا المضمار الذي يكتب دون شك أهمية استثنائية في أيامنا هذه التي نشهد فيها تهجماً غير منصف من الغرب على العالم الإسلامي وقيمه اما رسالتا الماجستير فإحداهما للطالب عصام كاظم عن (دور النواب الكرد في عهد الملك فيصل الأول) أي من عام 1921 حتى عام 1932 وهي تنطوي على أشياء جديدة غير معروفة إلى حد كبير ومن أفضل صفحات هذه الرسالة انها تبين الدور الايجابي الذي أداه النواب الكرد في تأسيس الدولة العراقية المعاصرة، والرسالة الأخرى هي لطالب الماجستير دارا جمال غفور التي تتحدث عن الدور الإداري والسياسي للشخصية المعروفة محمد أمين زكي في العراق منذ عودته من اسطنبول عام 1924 حتى وفاته في عام 1948م فلقد أدى محمد أمين زكي دوراً متميزاً في مجلس النواب والأعيان كما تولى مناصب إدارية عديدة في المعهد الملكي بما في ذلك الدفاع والمعارف والشؤون الاجتماعية، ولقد عثر الطالب على معلومات مفيدة ونادرة في الصحافة العراقية والعربية كذلك في الوثائق العراقية والبريطانية غير المنشورة.
وكان محمد أمين زكي من أشد المتحمسين للوحدة الوطنية العراقية على غرار التآخي الوطني السويسري الذي كان مضرب الأمثال في نظرة كما أكد ذلك الصحفيان العربي محمد علي الحوماني والعراقي المرحوم شاكر علي التكريتي، إضافة إلى كل ما سبق كان لا يدخر وسعاً في تقديم شتى أنواع المساعدات لطلاب الدراسات العليا الذين يتخصصون في التاريخ الحديث والمعاصر إلى جميع الجامعات العراقية.
فقد كان يصرف من وقته وصحته ، كما كان يقول لي واشاهده عن قرب ومن خلال التجربة، فقد كانت اشاهده دائما لم يدخر جهدا في السوال والبحث عن المصادر الاجنبية لطلبته ويترجم لهم هذه المصادر ، وكان ينهض منذ الفجر او قبله كل يوم ليقوم بقراءة وتصحيح وتقويم رسائل طلبته ، وحتى التصحيح اللغوي ، فقد كان شديد الاهتمام بان تخرج الرسالة التي يشرف عليها قريبة من الكمال، وهذا الاهتمام سبب له الكثير من المشاكل مع الكلية والجامعة وحتى مع بعض زملائه من الاساتذة ، ومن هذه الاطاريح على سبيل المثال اطروحة بثينة الناصري التي اعدت اطروحتها عن الفكر الناصري المشار اليها انفا ، فقد ترك الدكتور بسبب موقف عمادة الكلية من الطالبة الدوام في القسم وقدم استقالته او كاد ثم نقل الى كلية التربية تاركا كلية الاداب وقسم التاريخ فيها و اساتذته الذي كان له ما له من مكانة في نفسه ، وما ترتب عليها من تداعيات وانعكاسات على صحته وتلامذته في تلك الفترة.
وتكثر وتتشعب الذكريات عن الدكتور كمال مظهر والفترة التي قضاها في كلية الاداب – جامعة بغداد والتي كنا شاهدين ومعاصرين ومطلعين على بعضها وربما تسمح مناسبات اخرى ان نكمل باقي الذكريات ولكن الشئ الذي احب ان اختام به هذه الشهادة انه كان لي شديد الامتنان ومن حسن حظي ان كتب لي الاستاذ الدكتور مظهر مقدمة كتابي الخامس المعنون ( خلف شوقي الداودي من اعلام اليقضة الفكرية العراقية) المطبوع عام 2005 ببغداد وهي شهادة اعتز بها من مؤرخ وعالم عراقي كبير يمتلك خزين كبير وله مكانته بين المؤرخين العراقيين.[1]