المرأة أساس كل الثورات
جيجك بوطان
الترجمة عن الكردية: هيئة التحرير
تعرف المرأة الشرق أوسطية بأنها دائماً في حالة كفاح مستمر، وذات إرادة عاشقة للحرية.
في العراق وبحسب الإحصائيات الرسمية التي أجريت ما بين عامي 2013-2017م، قدرت نسبة المرأة بنسبة 47-49% من إجمالي نفوس البلاد. ومع أنها تشكل نصف المجتمع تقريباً، إلا أنها لم تلقى إنصافاً بالنسبة لجميع حقوقها. وقد كانت للمعتقدات والقوانين الدينية والأعراف المجتمعية أثرها في فرض بعض الأمور المجحفة بحق المرأة، كالسماح للرجل بالزواج من أربعة نساء، وحصر المرأة في زاوية مهمشة وإبقائها في البيت. وبالتالي جرى إبعاد وتهميش المرأة في الساحات السياسية والاقتصادية والعسكرية.. الخ.
في العراق هناك العديد من الأماكن التي يسكنها الكرد بخاصة، كالسليمانية وهولير ورانيا وقلادزه والموصل وكركوك، والتي لايزال يوجد فيها عادة ختان الإناث الصغار، وهذا ما يتسبب بظهور أمراض قد لا يتوفر لها أدوية علاجية.
وعموماً تعاني المرأة في العراق وإقليم كردستان بوضع مهمش وحالات عنف، فالرجل وبحجة الحفاظ على الشرف قد يلجأ إلى قتل زوجته أو أخته، ويرى ذلك حقاً طبيعياً له، ويزداد ظاهرة قتل المرأة في هكذا حالات يوماً بعد يوم. وأظهرت نتائج الأبحاث التي أجريت حول العنف الممارس بحق المرأة، تعرض الأطفال الإناث بنسبة 44% والنساء البالغات بنسبة 57% في مدن السليمانية وكركوك للعنف من قبل الجنس الذكوري.
وأظهرت الأبحاث أيضاً، أنه خلال خمسة أشهر فقط، جرى قتل 22 امرأة في إقليم كردستان. ويزيد ظروف الحرب، الأزمة الاقتصادية والسياسية، البطالة، والظروف القاسية للحياة من وتيرة حدوث هكذا حالات. والمرأة هي من تدفع ثمن هذه الظروف والأزمات، حيث يتم تزويج الفتيات القاصرات، وكذلك إبعادهن عن الدراسة والجامعة، والقول الدارج في المجتمع “ما الذي ستجنيه المرأة من الدراسة، فهي لا تستطيع فعل شيء” انعكاس للنظرة القاصرة والدونية من جانب المجتمع تجاه المرأة، فثقافة وأعراف هذه المجتمعات ترفض التحاق المرأة بساحات العلم.
ولابتعاد المرأة عن ساحة التدريب والدراسة تأثير كبير على مكانتها ودورها في الساحة السياسية، ففي الانتخابات العامة التي جرت هذه السنة (2018م) في عموم العراق كان عدد المرشحين (6905) بينهم ألف مرشحة فقط، وفي إقليم كردستان الفيدرالية كان عدد المرشحات 146 من أصل 503 مرشحاً. وتدل الأرقام المذكورة على تدني المشاركة النسائية في الساحة السياسية. وقد تعرضت الكثير من المرشحات لمقاربات خاطئة من ذوي الذهنية الذكورية والسلطوية، حتى أن بعضهن تعرضن للهجوم والضرب، مما أجبرت بعضهن على التراجع والانسحاب من الترشيح.
كما أن المشاركة النسائية في الساحة الاقتصادية متدنية أيضاً، لأن الرجل كان دائماً يمنعها من الظهور بقوة في هذه الساحة، وهكذا الحال أيضاً بالنسبة لكل الساحات. مما يؤدي إلى قصور دور المرأة في عائلتها ومجتمعها. أي أنه من خلال شخص المرأة يتم اضمحلال المجتمع، وبسبب ذلك لم يتمكن المجتمع من التطور والتقدم والتجديد.
وعلى الرغم من كل إجراءات التمييز والانكار وممارسات العنف التي تتعرض لها، فأنها تمكنت من خلال كفاحها – ولو على قدر استطاعتها- على البقاء والاستمرار في نضالها. يمكن للمرء ملاحظة ذلك في فعاليات الشعب في هذه الأوقات، فعاليات تقودها النساء على مستوى العراق وإقليم كردستان. فالمرأة تعمل على الالتحاق بالأنشطة والفعاليات المرتبطة بالمجتمع، تكد من عرق جبينها في الأسواق والحارات في سبيل سد رمق عائلتها، ومع قلة هذه الفعاليات، إلا أنها تتحدى وتناهض السياسات المتبعة لاضمحلال دورها في المجتمع.
ولاشك في أن أي ثورة للشعب بدون مشاركة المرأة وقيادتها، لن تستطيع توفير الحلول للأزمات الاجتماعية، لأنه لا يمكن وصف أي مجتمع بالحر والمتقدم، إلا إذا كانت المرأة حرة في ذلك المجتمع. ويظهر التاريخ فشل الثورات التي قامت بدون مشاركة وقيادة المرأة، لأنها لم تتمكن من تطوير أساس متين من الحرية في المجتمع.
* نشر المقال باللغة الكردية في موقع مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية (https://www.lekolin.org) بتاريخ 5 آب 2018م.
[1]