#صباح كنجي#
تواجه الباحث في شؤون الأيزيديه جملة مسائل شائكه تتطلب جهدا ً غير عاديا ً وقدرة ليس على الأجتهاد فقط ، بل تقصي حقائق تاريخ الشعوب والأجناس وتاريخ اللغات واصولها وجذورها، وهو امر يفوق قدرة الأنسان - الفرد ويتطلب جهدا ً جماعيا ً تقوم به المؤسسات العلميه من جامعات ومعاهد متخصصة من خلال حلقات البحث الجماعيه طويلة الأمد..
ولكن من اجل التنبيه لهذه الحقيقة سأحاول ان انوه الى اهمية هكذا دراسات من خلال هذا البحث المتواضع في موضوعة علم اللغة وتاريخ اللغات والشعوب والأجناس.
وقد استوقفتني كثيرا ً طبيعة اللغة التي يتكلم بها سكان بعشيقه وبحزاني .
وهي لغة خاصة بهم لا يتحدث بها إلا سكان هذه المنطقة المكونة تاريخيا ً من قريتين هما بعشيقه وبحزاني * ، وقد اصبحت الأولى مركز ناحيه رغم صغرها وقلة نفوسها قياسا لبحزاني التي ما زالت قصبة تابعة للناحيه ، وعموما فقد اختلطت المدينتان الصغيرتان الآن وهما يشكلان قوام ناحية بعشيقه بنفوسها الذي يقرب من الثلاثين الف نسمة غالبيتهم من الأيزيديين ويليهم النصارى وعدد قليل من العوائل العربيه والأرمن وأفراد من الشبك والتركمان والأكراد المسلمين .
اما توابع الناحيه فهم خليط عجيب من عدة اقوام ولغات وبقايا شعوب سكنت العراق منذ العهود الغابرة وفي المقدمة منهم الشبك والأرمن والأكراد والتركمان وألاشوريين والكلدان والسريان وهو محيط غني ومتنوع العادات والطقوس والملبس واللغة والدين ، ورغم هذا المحيط المنوع فأن اللغة تجمع بين الناس من مختلف الأديان والقوميات وألأجناس داخل المدينتين .
وهي لغة متميزة مكونه من مرادفات خليطه من اللغات الكرديه والعربيه وبعض المرادفات الفارسيه والتركيه وفيها ايضا ً مرادفات من الأنكليزيه والألمانيه والروسيه والهنديه والأرمنيه ولغة الاردو بألأضافة الى اللغات القديمة من آشوريه وسريانيه وعبريه وسومريه التي تجد لها مكانة في لغة سكان هذه المدينة الصغيرة...
وهو امرٌ يستوجب التوقف عنده ومعرفة دلالات هذه الظاهرة اللغوية وابعادها التاريخيه وجذورها وصلاتها وعلاقتها بميثولوجيا الشعوب ، وقبل ان نغوص في غمار البحث وألاجتهاد لابدّ من ان نبين صفات ومميزات هذه اللغة والأسس التي نعتمدها في إعتبارها لغة متميزة .
فما هي هذه المعطيات؟ ولماذا نعتبرها لغة وليس لهجة ؟
1- انها لغة وليست لهجه .. لأنها لغة هاتين المدينتين وحدهم فقط ، ولا يوجد من يشاركهم فيها اطلاقا ً وهي لغه خاصة بهم وحدهم.
2-هي لغة تجمع بين الكرديه والعربيه فيها الأصول الكرديه والكلمات العربيه في تداخل يصعب معرفة اين تبدأ العربية وتنتهي ومن اين تبدا الكرديه وما هي حدودها.
3- في التشكيل اللغوي تتداخل اللغتين لتنتج هذا المزيج الذي يربط العربيه بالكرديه في ظاهرة تاريخية- لغويه ، و انسانيه- ميثولوجيه ، فريدة ومتميزة ، تتطلب البحث والأستقصاء من لدن الباحثين والمختصين وعدم التسرع في طرح الأستنتاجات .
4- تشكل اللغه بحد ذاتها ضاهرة تاريخية فريدة قد تكون مدخلا ً لمعرفة حقيقة هذا الدين واصوله وجذوره برؤية منفتحة وموضوعية بعيدة عن روح التعصب والميل العنصري الذي يغلب صفة معينة وبشكل شوفيني من خلال مفاهيم قومية متعارضة استعلائيه من ( قبيل شعب الله المختار) أو ( كنتم خير امة اخرجت للناس ) ،على حقائق التاريخ المشترك للشعوب والقبائل والأجناس، الذي تؤكده الجذور المشتركة لِلُغات هذه الشعوب ذي الأصول المشتركه والمنبع المشترك.
5- يتحدث بهذه اللّغة كافة سكان بعشيقه وبحزاني بمختلف اديانهم وقومياتهم وهذه خاصية فريدة ومتميزه تجمع بين مجموعة اقوام ( اكراد وعرب وارمن واشوريين وكلدان وسريان) من مختلف الأديان من ( ايزيديين ومسيحيين ومسلمين وسابقا ً اليهود ) في لغة واحدة متميزة في سابقة تستحق التوقف عندها من لدن المختصين.
6- انها مزيج من الكرديه والعربيه مع وجود مفردات اخرى من فارسيه وتركيه والمانيه وانكليزيه وهنديه وروسيه وارمنيه وشركسية مع جذور مشتركة للغات قديمه كالآشوريه والسريانيه والكلدانيه والسومريه .
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن كيف تجمعت مفردات جميع هذه اللغات القديمة والحيّة في لغة هذه القرية الصغيرة في سفح جبل مقلوب ومتى نشأت ؟ واين كانت تلتقي كل هذه اللغات سابقا؟ وما هي ارضيتها التاريخيه؟
7- الصفات المميزة لهذه اللغة تتحدد بالمسائل التالية:-
-لايلفظ فيها حرف (الذال ) و يحول الى ( زاء ) كما في لهجة بعض السوريين واللبنانيين مثلا ً( ذ ُل) يلفظ ( زُل)
-لا يلفظ ( الظاد) فيها ويحول الى ( زاء ) مثلا (ظاهر) يلفظ ( زاهر).
-لا يلفظ (الضاد) فيها ويحول الى ( زاء ) مثلا (ضابط ) يلفظ ( زابط )، (ابيض ) تلفظ ( ابيز أو ابيص) .
-لا يلفظ (الثاء ) فيها ويحول الى (السين ) مثلا ( اثنين ) تلفظ ( اسنين ) ، (ثائر) يلفظ ( سائر ).
- لا يلفظ فيها ( الصاد ) في الكثير من الأحيان ويحول إلى ( سين ) مثلا (الصدق ) تلفظ ( السدق ) ، ( صالح ) تلفظ ( سالح ) .
- فيها حروف ( الباء ) و (الفاء) و (الجا ) و(الزاء ) المفخمة بثلاث نقاط و (الكا ) كحروف مفخمه كما في اللغات الأوربيه والفارسيه.
- لا يلفظ ( الراء ) بل يحول إلى ( غاء ) مثلا ( روح ) تلفظ ( غوح ).
- تعداد الارقام متميز وتحسب هكذا.. ( ويحد ، اسنين ، ساسي ، اوبعه ، خمسي ، ستي ، سبعه ، اسميني ، تسعه ، عشخه .
اما تسميات الأعياد والطقوس فتميل الى الاصول الكرديه والسومريه وكذلك تسميات الطعام واسماء الحيوانات والألعاب..
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن..
ما هو اصل هذه اللغة؟
وكيف ومتىأ ُدْ مجت اللغتين الكرديه و العربيه لتكون هذه اللغه الهجينه ؟
أين التقت هل هنا في بعشيقه أم في مكان آخر في غابر ٍ من الزمان؟
ما هو اصلها المباشر هل هي لغة كرديه أم هي لغه عربيه أم أنها منحدرة من لغة ثالثة قديمه تجمع بين اللغتين كلغة أم؟
والناطقين بها تبعا ً لهذا التساؤل والجواب عليه هل هم اكراد أم عرب أم من قوم يجمع بين الأثنين؟
قد يكون السؤال غير منطقيا ً للبعض ممن يجدون هونا ً وبعدا ً شاسعا ً بين القوميات وشعوب المنطقه ويقسمونهم إلى شعوب وقبائل متفرقه ومتعاديه لا يجمع بينها جامع وتتكرس هذه الظاهرة من خلال المفاهيم العنصريه التي تضع الفارسي في مواجهة العربي والكردي كعدو ازلي وتاريخي ، أو وضع الترك ( ألآذريين ) في مواجهة عدائية ازلية وتاريخية مع الكرد و الأرمن وغيرهم من شعوب المنطقة وهكذا..
وجاءت الأديان لتدفع بهذا ا لبعد إلى مديات اوسع بينها ، ( خاصة بعد أن تكونت الأديان التي توصف بالسماويه ) ، وإختلفت المفاهيم والمعبودات والطقوس فظهرت الديانه السومريه والأيزيدية والبابليه والآشوريه والمندائيه والزرادشتيه والمثرائيه واليهوديه والمسيحيه والأسلام في مرحله لاحقة، وتطور الصراع في العهود اللاحقه بعد ظهور المفاهيم القوميه التي حاولت أ ن تضع كل شعب أو قبيلة في خانة متميزة ومختارة كأنها مصطفات من آلهة تؤمن بها .
وتؤجج هذا الأختيار أو الأصطفاء لصالح قوميه أو شعب من شعوب المنطقه على حساب المساوات والأصل المشترك أو حصرها في ثلاث مجموعات هي الساميه والحاميه ونسل يافت الذي تبنته التورات واعتمد عليه الكثير من المؤرخين ، وعدد من أصحاب النظريات التي تؤكد إن البعض من هذه الشعوب هم قوم قد اصطفاهم الله ولا يجمعهم جامع مع الآخرين من الناحية التاريخيه وان اللغه التي يتكلمون بها هي لغة منزلّة من عند الله مستندين على ما جاء في القران ( واننا انزلناه قرآنا ً عربيا ً ) لهذا يرفضون أية محاولة للبحث عن جذور هذه اللغه ( العربيه ) ، ولم يهتم العرب بالدراسات المتعلقة بفقه اللغة وجرت محاربة كل من حاول استقصاء هذه الجذور أو منعه في مختلف العصور وآخرها محاولة الدكتور لويس عوض في مصر عام 1980 حينما اثمرت جهوده في مجال فقه اللغة العربيه عن كتاب رائع عنوانه مقدمه في فقه اللغه العربيه فمنع الكتاب بعد أن إحتج شيوخ الأزهر عليه وتمت مصادرة الكتاب للآسف الشديد .
والشيء الذي لفت انتباهي منذُ مطلع الثمانينات بعد لجوئي لحركة الأنصار في كردستان في المنطقة الممتدة بين إيران وتركيا وسوريا والعراق والتي يتواجد فيها بألأضافة الى الأكراد الآشوريين والكلدان وألأرمن والترك والفرس والعرب والمندائيين وغيرهم من بقايا الشعوب بمن فيهم الشراكسه والداغستانيين، وألعديد من الأديان القديمه والجديده و المذاهب والفرق والطوائف المتنوعة ، ومما لفت انتباهي الحقائق التاليه:-
1- المنطقه التي تشمل خليطا ً منوعا ً من هذه الأقوام وألأجناس تمتد خارج حدود كردستان لتصل المناطق التي كانت في عداد جمهوريات الأتحاد السوفيتي المنحل والتي تسمى جمهوريات القفقاس في مناطق بحر القزوين وما جاوره او ما كان يعرف بجهوريات آسيا السوفيتيه منها جورجيا وارمينيا وآذربيجان وتركمانستان وغيرها وانها تستمر في الأمتداد شرقا ً إلى حدود البحر الأبيض المتوسط في سواحل سوريا وفلسطين ومصر وألأردن والعراق مرورا ً بايران وافغانستان والباكستان والهند والعراق والأناضول وكردستان.
2- إن هذه الشعوب متشابهه ومتقاربه في الملامح ألعامه وبعض العادات والطقوس وهناك الكثير من المشتركات بينهما .
3-في هذه المنطقه ظهرت الحظارات القديمه وبأسماء شبيهة أو متقاربه من تسميات هذه الشعوب والقبائل أو مرادفة لها .
4- اللّغات التي يتحدث بها شعوب وقبائل هذه المنطقه الشاسعه رغم تنوعها وكثرة تسمياتها القوميه والأثنية هي لغات يجمع بينها الشيء الكثير ويكاد بعضها أن يكون متجانسا ً ومتطابقا ً.
5- تدخل اللغه المشتركه التي يطلق عليها ( العربيه ) في قوام وتركيبة غالبية لغات هذه الشعوب فهي تشكل نصف قوام اللغه الفارسيه تقريبا واكثر من ثلث اللغة الاذاريه (التركيه) وكذلك الحال بالنسبة الى الآشوريه والعبرية والسريانيه وهي تمتد لتدخل في قوام الكرديه والشركسيه ( الجركسيه) وكذلك لها امتداد في اللغات القديمه كالسومرية والمندائيه وتواصل علاقاتها وتشابكاتها إلى اللغة الهنديه والباكستانيه ويتخطى هذا الأشتراك الحدود ليصل إلى اللغات الأوربيه كالأنكليزية والألمانيه وغيرها من تفرعات اللغة الأوربيه واللاتينيه لتشكل حالة تستدعي التوقف عندها وغوص اغبارها من قبل متخصصين في علم اللغة وتاريخ الأجناس والشعوب في المرحلة اللاحقه وهي مهمة الجامعات والمعاهد المتخصصة .
6- والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن متى نشأت هذه اللغات وهل هناك زمن يمكن تحديده لكل لغة ومصدرها وجذورها واصولها ؟ هل هناك علم مختص بهذه القضيه؟ هل هناك مسلمات وقواعد يركن اليها عند الحديث عن تاريخ اللغات ؟ والسؤال الأهم هل هناك ميكانيكيه أو آليه فونوطيقيه تتحكم بالعلاقة بين اللغات وتكشف اسرارها التاريخيه وابعادها الزمنيه أم إن المسالة هي مجرد رغبات ذاتيه وقناعات ترفض أو تؤكد ما يدخل في باب فقه اللغات الذي أصبح علما ً يدرس في مختلف جامعات العالم ما عدا العربية وملحقاتها الشرقية.
قبل الأجابه على البعض من التساؤلات المطروحه في الفقرات السابقه لابد ّ من التطرق إلى حقائق تاريخيه مسلم بها من باب البحث العلمي والذي اجاب عنها من خلال الدراسات التاريخيه والمكتشفات الآثاريه وعلم الجيولوجيا الذي يستند إلى مخلفات الحضارات الناشئه في هذه المناطق على الكثير من الأمور المهمة التي كانت تشغل بال العلماء والمفكرين عن اصول الحضارة ومنبعها وبداياتها التي كانت موضع جدل في القرن الماضي ، حيث أخذت تميل الكفة الراجحة إلى الأعتقاد المؤكد إن الحضارة قد بدات في مناطق حوض بحر قزوين واطرافها ومنها اتجهت نحو الشرق إلى حدود البحر المتوسط وبلاد الرافدين وصولا ً إلى مناطق الخليج واليمن من جهة ، وفي خط آخر نحو المناطق الأوربيه ، أي أن البداية كانت مناطق القوقاز كمنبع للهجرات المتعاقبه وهذا ما تؤكده المكتشفات الآثاريه التي تذكر شعوب وقبائل هذه المنطقه بالتعاقب ابتداء ً من السومريين وما اعقبهم من قبائل وأجناس رعوية كانت تعيش في مرحلة ما قبل إكتشاف وتعلم الزراعة وتقتاد على الصيد وتمتهن الرعي ومن ثم على الحيوانات المدجنه من ماشية وخيول وجمال قبل أن تزاول الزراعة وتستقر في مناطق محددة لها لتكون مرحلة جديدة و اساسا ً لتشكيل اللغات العديدة التي ترتبط بلغة سابقة لها أو متجاورة معها في اصول اقدم واعرق من ذلك .
7- يذكر التاريخ تسلسل متعاقب لهجرة وانتقال هذه القبائل وامتداداتها وتؤرخ التورات للكثير من تسميات هذه الشعوب والقبائل وإن لم يكن ما ورد في التورات من باب المسلمات التاريخيه المطلقه والعلميه لكنها تترادف مع المكتشفات الاثارية ولا تبتعد عنها في الكثير من التسميات.
8- وتاتي في سياق هذه الهجرات ، المتأخرة نسبيا ًحيث سبقهم قبلها السومريون بنحو أربعة آلف سنة ومن بعدهم الآشوريين والسريان وألارمن والآذريين والعبريين وغيرهم من الأجناس التي انطلقت من الحوض البشري الذي كان يفيض بالسكان ويتحول للزراعة فيبحث عن المزيد من الأراضي في الجهات التي تهيء له مستلزمات البقاء والديمومة الملائمة له ولحيواناته الداجنه فكان الشرق وكانت الشمس الدافئه المنورة التي أحس بأهميتها وفائدتها فقدسها وسجد لها وألهها ، العرب كآخر قوم أو شعب وصل مناطق الشرق فالتجأ إلى الأماكن غير المأهوله بالسكان في منطقة شبه الجزيرة التي كانت تبتعد بعض الشيء عن المناطق الحضرية التي كان يقطنها الميديون والسريان والكلدان والعبرانيون والفرس ، وهو رأي مناقض لدعاة هجرة العرب من الجزيرة العربيه إلى خارجها ، كما يحاول أن يؤكد الدعاة المزيفون للحقائق ، من القوميين العرب الذين لا يؤمنون بالتاريخ المشترك للشعوب ،وأستند في رأي هذا على ا لمسائل التالية في هذا الموضوع :-
الأولى :- إن كلمة العرب هي كلمة سريانية تطلق على البدو الرحل والمتنقلين (اربايا ) ، وقد اشتقت منها العربه التي هي وسيلة التنقل والحركه.
الثانية :- إن الشعوب السابقه للعرب كانت مستقرة في مدن وممالك ذكرها التاريخ وأكدتها المكتشفات الأثريه ووردت اسماؤها في التورات ما عدا العرب.
الثالثة:- إن أول تسميه للعرب وردت كشاهد حضاري يؤكد على وجود العرب هي الشاخص الحجري على قبر امرؤ القيس في الجزيرة التي كتب عليها ( قبر ملك كل العرب ) وهي في بحدود (328 ) قبل الميلاد وتعتبر حديثة قياسا ً لبقية الشعوب واللغات المدونة فيها المكتشفات الاثريه.
الرابعة :- لو أخذنا بنظر الأعتبار تاريخ الأديان وتاريخ تطور الفكر الديني عند الشعوب ابتداء ً من عبادة الظواهر الطبيعيه وعبادة القمر والشمس وغيرها من الظواهر التي تطورت من مراحل الصيد ومن ثم الرعي والزراعة لأكتشفنا إن العرب هم في مؤخرة الشعوب التي سبقتها في تطوير مفاهيمها الدينيية وطورت معبوداتها فظهرت الأيزيديه والزرادشتيه والمثرائيه والمانويه في اعقاب الديانة السومريه التي تلتها البابليه والديانة الآشوريه مرورا بالمندائيه واليهوديه والمسيحيه ومن ثم الاسلام كآخر دين حديث ظهر بين العرب وسط مجموعة اديان كانت متواجدة في المنطقة وتؤكد المعطيات الثقافية إن الزرادشتيه كانت منتشرة بين العرب قبل الأسلام بالأضافة إلى اليهوديه والمسيحيه وعبادة ( اللات والعزة وهبل ) التي سبقت الأسلام وتوجد مقاطع شعريه تؤكد إن العرب كانوا يحتفلون بنوروز كعيد يجمعهم مع بقية الأجناس وألأقوام في رأس السنة.
إما الأدعاء بأن العرب هم من اقدم سكان المنطقه في الجزيره العربيه ومنها هاجروا إلى بقية المناطق في العراق والشام فهو قول تدحضه الحائق الجغرافيه والتاريخيه وعلم الاثار وكذلك علم تاريخ الشعوب والثقافات بما فيه علم فقه اللغات الذي يختص بدراسة الأصول والمشتركات اللغويه للشعوب والأقوام ، وعلى سبيل المثال فأن علم العروض في الشعر العربي وبحوره التي تشكل قوامه هي ليست عربيه كما يدعي مزيفو التاريخ من العرب بل هي مشتركه في أكثر من لغه هي الفارسيه والعربيه والكرديه والآشوريه والعبريه والسريانيه والروسيه وقد اخذها العرب من غيرهم ممن سبقوهم في تنظيم الشعر ، والأدهى من ذلك إن كلمة الشعر نفسها تتردد في هذه اللغات بأشكال متقاربه ومتشابهة ابتداء ً من السومريين ومرورا ً بالبالبليين والسريان والعبرانيين والآشوريين والفرس والترك وحتى الفراعنه فجميعهم يستخدها بتسمية الشعر وكما يلي:
شيئر،شعر ، شئر ، شير،شيعر.
إما التنقيط الذي ينسب إلى الحجاج بن يوسف الثقفي فما هو إلا استعارة متكاملة من السريانيه ادعى المزيفون تنسيبها له ، وكذلك الأرقام المسمات بالعربيه التي جرى استعارتها من الهنديه بالكامل .
وهذه الأدعاءات المنسوبه للعرب والعربيه يدحضها التاريخ لأنها تعود لأقوام وشعوب أخرى عاشت في نفس المنطقه قبل العرب وهذا لا يشكل نقصا ً أو عيبا ً في تاريخ الشعب العربي الذي كان لعهود طويله يزاول الرعي والتنقل الذي يناسب الحيات البدويه ومن هنا ما نراه من تفسير لأسم العرب عند الشعوب التي سبقتهم فالسريان والآشوريين يطلقون التسميه ( ارابايا) على البدو وكذلك الفراعنه وهي تسميه يختص بها من يمارس مهنة الرعي والتنقل من قبائل البدو فقط.
من هنا نستطيع أن نؤكد بان العرب شانهم شأن بقية شعوب وقبائل المنطقه ينحدرون من منبع ومنطقة مشتركه سابقه كانت تضيق بسكانها فيغادرونها في فترات متعاقبه نحو الشرق تارة ، ونحو الغرب تارة أخرى ، ومن هنا فقط نستطيع أن نجيب على الأسئله التي حيرت المؤرخين والعلماء ممن وجدوا تشابهات وتقاربات في عدد من لغات الشرق منها العربيه وعدد من اللغات الأوربيه وبألأخص الأنكليزيه والفرنسيه والالمانيه وامتداد بعض كلماتها إلى اللغات القديمه في الشرق من العهد السومري والبابلي وكذلك اللغة الفرعونيه .
والمتابع للتطور العلمي الحاصل منذ القرن التاسع عشر في العديد الجامعات الأوربيه يلاحظ تشعب الأختصاصات في مجالات علم الصوتيات ( الفونوطيقا) وقوانين الأشتقاق (الأيتولوجيا) وفقه اللغه ( الفيولوجيا ) ، جنبا ً إلى جنب مع اسس علم تاريخ اللغات وتحديد علاقته بتاريخ الأجناس بالأضافة إلى معطيات الأنثربولوجيا الأجتماعيه التي تتوسع الدراسات فيها لتشمل علم الاديان المقارنه والأساطير والفلكلور والعادات والتقاليد والأدب الشفاهي المقارن.
بينما تُمنع و تُحارب الدراسات العلميه في البلدان العربية ويُردع الباحثون من إعلان نتائج دراساتهم وبحوثهم والبعض يطارد أو يقتل لأنه جاهر برأيه أو أعلن ما توصل إليه من نتائج ، كان الأبرز فيها ما توصل إليه الراحل لويس عوض ، الذي تعرض للقمع ومنعت ابحاثه من التداول منذ عام 1982 ، حيث اصدر الأزهر فتوى بذلك .
(حاول الدكتور عوض من تطبيق قواعد وقوانين العلوم الحديثه على اللغة العربيه كي يهتدي للصلة بين لهجاتها وما بين مفرداتها ومفردات اللغات الأخرى لكي يتوصل إلى الوشائج التي تربط النحو العربي بالنحو في اللغات الأخرى) 1
وقد استخلص .. إن العربيه كغيرها من اللغات في العالم مكونة من طبقات شبيهة بالطبقات الجيولوجية التي اندمجت وتكاملت مع نفسها وانصهرت في هذه البوتقه وخرجت منها هذه اللغه التي نسميها اللغة العربيه.
ويذهب عوض إلى ( فالعرب امة حديثة نسبيا ً اذا قيست بما جاورها من الأمم ونحن نؤرخ للحضارات عادة ببداية عصر التدوين واستعمال الأبجديه وبهذا المقياس يجب أن نبدا تاريخ الحضارة العربيه الشماليه والحضارة العربية في وسط شبه الجزيرة بما فيها الحجاز ببداية القرن الثاني قبل الميلاد أي بنحو ( 800 ) سنة من ظهور الأسلام ) 2
أما تاريخ الحضارة العربية الجنوبيه ( أي سبأ ومعين وقتبان ) فيبدأ بنحو ( 800 ) ق م ، ( وكانت الأبجديه الآراميه قبل الميلاد بقرون وبعد الميلاد بقرون هي ابجدية التدوين في الهلال الخصيب سواءً بين من يتكلمون الآراميه أو من يتكلمون العربيه ) 3
ويضيف عوض ( ولن نستطيع أن نفسر ظاهرة تكوين اللغة العربيه من عناصر مشتركة الجذور مع اللغات الهنديه الأوربيه إلا إذا افترضنا ان التكو ّن السكاني لشبه الجزيرة لم يكن فيضانا ً سكانيا ً من داخل الجزيرة إلى داخلها أو حوافيها المحيطه بها ولكن كان فيضانا ً سكانيا ً من خارج شبه الجزيرة إلى داخلها وخاصة من اقوام باديه لا تزال في مرحلة الرعي آثرت حياة البداوة على حياة الأستقرار في وديان الأنهار أو حِيْل َ بينها وبين الأستقرار ) 4
فهل صحيح إن الأمه العربيه امة حديثه أم هي احدث امم المنطقه ؟ وهل كانت شبه الجزيرة العربيه حقا ً ارض استقبال للهجرات في مدى التاريخ المذكور إن القبول بهذه النتائج والأفتراضات التي ذكرها عوض في هذه الفقرات يؤدي إلى القبول بالنتائج المترتبة عليها والتي يعلنها المؤلف...
(وقد انتهيت من ابحاثي في فقه اللغه العربيه إلى أن اللغه العربيه هي احد فروع الشجرة التي خرجت منها اللغات الهنديه الأوربيه ، وإذا نحن اعتبرنا اللغة العربية نموذجا ً لبقية اللغات الساميه خرجنا بأن ما يسمى بمجموعة اللغات السامية هو احد الفروع الرئيسية التي خرجت من هذه الشجرة ثم تفرعت إلى فروع ثانوية كانت العربية إحداها ) 5
ويضيف ( فالعرب موجة متأخرة جدا ً من الموجات التي نزلت على شبه الجزيرة العربيه من القوقاز والمنطقه المحيطه ببحر قزوين والبحر الأسود نحو 1000 ق. م... فنفذت إلى الفراغ الكبير في شبه الجزيرة من طريق بادية الشام حاملة معها لغتها القوقازية المتفرعة من المجموعة الهندية الأوربية ) 6
وأصبت بالذهول حينما وجدت بعض مرادفات لغة بعشيقه تمتد جذورها إلى اللغة السومريه من جهة والالمانيه المعاصرة من جهة أخرى، والسؤال كيف لهذه اللغة المحلية المنزويه في أحدى قرى جبل مقلوب أن يكون لها كل هذا الأمتداد والتواصل ، أما الدليل التاريخي فلا نحتاج إلى جهد كبير للوصول إليه لأن منطقة بعشيقة تقع ضمن المنطقه الجغرافيه التي تكتشف فيها الآثار من جميع جهاتها في أطراف الموصل واربيل وكذلك يعطيك الجبل اجاباته المنحوته في أكثر من موقع حيث مساكن ومنازل الإنسان منذ اقدم العصور ناهيك عن الميثولوجيا الأيزيديه التي تشكل بعشيقه وبحزاني عمادها الديني حيث يتواجد القوالون وهم المنشدون الدينيون الذين يرافقون الناس في افراحهم و احزانهم بما فيها دفن الميت ونقله إلى مثواه الأخير من خلال الفرق الموسيقيه التي ترافقه وهي عادة تمتد جذورها إلى ما قبل التاريخ المدون.
لكن المفردات التي تجمع بين الألمانيه ولغة بعشيقه هي ما يمكن أن نضعه في خانة الحيرة وتستحق التوقف ازاءها.. على سبيل المثال:-
يقول أهالي بحزاني وبعشيقه لعمليه دلك الصابون بالملابس عند الغسيل ( زيفه ) أو زيِّف الملابس والزايْفه هي الصابون في الألمانيه .
أما النساء بعد الخبز في التنور فتقول لبقايا الرماد ( اشة الناغ- النار) ، واشن هي بقايا الرماد في الألمانيه أيظا ً ، وكذلك لقشرة الحنطه بقاياها ( اشة الحنطه) .
وتسمع النساء يقولن في بعشيقه للمساء ( آبنت ) ومنها ( آبَنَ المُلا ) أي اذن في المساء ، وآبن هي في الالمانيه المساء .
وهكذا يطلق الألمان كلمة ( ريو كر ) على قاطع الطريق وهي نفسها في لغة بعشيقه ونستطيع أن نعد العشرات من الكلمات المشتركه في عدد من لغات اوربه المتقاربه مع الكرديه والعربيه في تداخل يستوجب أن نتوقف عنده ونسبغ غوره لمعرفة المزيد من العلاقه التي تجمع شعوب العالم وتوحد منابع ثقافاتهم عكس ما تفرقه السياسه والمصالح التي تنضوي في اطر قوميه تُبعد بين الشعوب وتدفعهم للتطاحن والأحتراب وتسعر من حدة الأختلاف الذي يجب النظر إليه والتعامل معه كعامل قوة واغناء يوطد العلاقه بين الشعوب بدلا من روح التعصب والغاء آلاخر. وسنأخذ امثلة أخرى في الأسطر التاليه:-
لو سالت أي عربي الان ما معنى كلمة :
( الجوسق) لوقف حائرا ً ولسألني هل هذه المفردة عربيه ؟ نعم أنها عربيه وتعني البيت الصغير المصنوع من الخشب ولو وضعت الكلمة تحت المجهر وحللتها بعد تطبيق قانون تحولات اللغه وتبدل الحروف لدى الشعوب والقبائل ، ومنها تحويل (السين ) إلى ( شين ) و (الجيم ) إلى ( كيم ) ، لما وجدت صعوبه في فهم معنى ( الكوْشك ) أو ( كْيوسْك) في الأنكليزيه والالمانيه ومنها أيظا ً( الشقْ ) او ( الشكْ) عند العرب البدو من أصحاب الأغنام في وصف الخيمه الذي هو البيت أو الشك ومنها ايظا ً الشقق السكنيه المعاصرة ، أما أهالي بعشيقه فما زالوا يسمون الغرفة الطويله ( جوة) وإن كان البيت عبارة عن غرفتين متداخلتين فيسمون الأولى جوة والثانيه التي تليها (جوه الخلفيني ) وانظر ترابط هذه الكلمات واشتقاقاتها من ( جوشق أو كيوسك أو الكوشك ).
اما ( القليد ْ ) الذي هو المفتاح في العربيه القديمه فهو لا يبتعد في اللفظ كثيرا ً عن (الكليتْ ) أو ( الكنيد ْ ) او (الكليلْ ) أو ( الكلوش ْ ) أو ( الكلوج ْ )في اللغات الروسيه والتركيه والفارسيه والكرديه والعربيه ، ومنه اشتقت في اللهجة العراقية ( كيلون الباب ) أو ( سوركي الباب ) أو كلمة ( سرْكْل الباب ) أي اغلقه وللكلمة علاقه بكلمة ( كي - الأنكليزيه ) بلا شك ولا تحتاج إلى جهد لمعرفة اصول الكلمة ومنبعها المشترك.
وتسمية الإنسان تدخل من دون أي تغيير في العربيه والكرديه والفارسيه والتركيه ومنها أيضا ً منشن في الالمانيه أو مان في الأنكليزيه.
وكذلك التسميه الثانيه ( المرء ) التي هي (مري) أو( مريوي ) او (مروف ) أو ( ميروف ) في عدد من لهجات العشائر الكرديه والفارسيه.
اما ( الجاموس) او ( الكاميش ) أو ( الكاموس) فهي تسميات مشتركة في الكرديه والعربيه والتركيه والفارسيه والسومريه والفرعونيه والعبريه .
والكاغد ( الورق ) هي تسمية مشتركه في العربيه والكرديه والفارسيه والتركيه والهنديه .
و(الفم) أو ( الثم ) أو ( التم) هو ( دم ) أو ( دف) في الكرديه والعربيه والفارسيه.
ومفردة ( الموت) تتحول في الكرديه إلى ( مرد) ، أو (مردن) ، و (مورت) أو ( توت) في الألمانيه بمعنى الموت أو القتل وفي الفارسيه ( مركبر).
إما كلمة ( ضيق) أو( ديق ) في لهجة الشام ومصر و(تنك ) في الكرديه و ( انك) في الألمانيه.
و(الأرض ) هي ( أرد )أو ( ارز) أو( ايرث) أو ( ايرد) في الكرديه والفارسيه والعربيه والسومريه والأنكليزيه والالمانيه.
(مكتوب ) مشتركه بين العربيه والكرديه والفارسيه والتركيه.
(ينز) أو( نزيز) أو ( نيزن) في الالمانيه والكرديه والعربيه.
(ابيض ) أو ( ابيز) أو( بياز) أو (بياص )أو( فايس ) أو ( وايت). في الكرديه والعربيه والتركيه والألمانيه والانكليزيه.
إما (الشفه) فهي ( ليف ) في لغة بعشيقه و الكرديه وفي الألمانيه ( ليبن ) .
وانظر إلى كلمة ( اليد ) في الكرديه والفارسيه ( د ست ) وفي الأنكليزيه والألمانيه (هاند ).
أو كلمة ( دكان ) التي يلفضها عرب وسط العراق والجنوب ( تكان) فهي في الكرديه (تكان ) وكذلك في التركيه والفارسيه ، وايظا ً في السومريه وبنفس الصيغة (تكان ) .
هذه امثلة لمرادفات وكلمات مشتركه بين عدد من اللغات تأتي في لغة بعشيقه وبحزاني شأنها شأن بقية اللغات التي تدخل فيها فهل يمكن أن نقول عنها أنها عربيه أو نضعها مع الفارسيه أم نرجعها إلى الأنكليزية أم الهنديه أم التركيه أم أنها سومريه ، أنها بلا شك مسألة شائكه تتطلب عدم التسرع وهناك من يؤكد وجود لغة أم مشتركه تنحدر منها هذه اللغات بما فيها العربيه ويرجعها إلى اصول قوقازيه.
قد يقول البعض أنها ترجع إلى العهد الأسلامي وتاثيرات اللغة العربيه وهذه وجهة نظر تنسجم مع مفهموم التلاقح الثقافي الذي لا يمكن نكرانه وبات من المسلمات في العديد من مناطق العالم فقد ترك العرب تأثيراتهم اللغويه على العديد من شعوب العالم ولكن ما مدى هذا التأثير هل هو بحدود عشرة أم مئة أم ألف كلمه ماهي حدود هذه النسبة من التاثير هل هي 10% أم 20% أم أكثر ، إن التلاقح الثقافي لا يمكن أن يتجاوز في تأثيره نصف مكون اللغه كما في الفارسيه التي تتجاوز نسبة (العربيه ) فيها ال50% وكذلك التركيه .
هذا من جهة ، و ما تعليل أصحاب هذه النظريه في وجود هذه الكلمات المشتركه في اللغات التي سبقت العرب وكانت لديها حضارتها الرائدة من آشوريين وبابلين وسريان وعبرانيين وهنود وارمن وغيرهم ممن يشتركون في استخدام المشتركات اللغويه أو مرادفاتها ؟.
وماذا يقول أصحاب تلك النظريات عن وجود هذه المشتركات في اللغات الأنكليزيه والألمانيه والفرنسيه والهولنديه وغيرها من لغات بقية الشعوب البعيدة عن الأسلام والمسلمين .
وماذا نقول عن المرادفات التي تعود للعهد السومري هل تأثر السومريون بالعرب؟ أين كان العرب حينها ؟ وكيف يمكن تعليل ذلك؟
من المؤكد وجود جذور ومنبع مشترك لهذه اللغات يعود للحوض البشري الذي انطلقت منه المجموعات البشريه نحو الشرق والغرب من مناطق القوقاز التي توزعت لغتها الأم في ثنايا هذه اللغات بنسب تعود لتعاقب الهجرات البشريه والأستقرار في الأرض الذي كان نقطة الأنعطافة الكبرى في استقلال القبائل وتحولها إلى شعوب حضاريه تطورت لغاتها من خلال خلق الالاف من المفردات الجديدة التي نشأت مع تقدم الحضارة ومن هنا نستطيع أن نفسر معنى الأشتراك اللغوي في العديد من اللغات واستخدامها لنفس الألفاظ والتسميات خاصة تلك التي تتعلق بمرحلة ما قبل الزراعة والأستقرار، وتلك التي باعدت بين تلك القبائل بعد الأستقرار وتعلم الزراعة وما رافقا من ابتداع المرادفات الجديدة التي تختلف بالضرورة من منطقة لأخرى وكان ذلك مرحلة جديدة ، في تكوين اللغات وتعددها ، مع احتفاضها بجذورها المشتركه.
اذن نحن أمام معطيات تاريخيه وميثولوجيه ولغويه متداخلة تتطلب عدم التعصب والأنطلاق من مفاهيم انسانيه تعالج ما يواجهنا من حقائق وادلة قد تساعدنا في وصف وتعليل ما نصبو إليه من حلول لاشكاليات ليست سهله ولا يجوز فيها الأنطلاق من زاوية ضيقه تسبغ مفاهيمها واستنتاجاتها القاصرة بدلا ً من حقائق البحث العلمي الذي يتطلب المزيد من الصبر والجهد وهو ما نسعى إليه في محاولتنا هذه ولا ندعي امتلاك الحقيقة كاملة فزمن احتكار الحقائق قد ولى .
وفي الختام لا يسعني وأنا احاول أن اختم هذا الفصل من محاولتي للبحث عن جذور الأيزيديه ومعتقداتهم إلا أن أتذكر كلمات جدي قبل أن ينتقل إلى مثواه الأخير في عام 1975 وكان حينها يقترب من العقد الثامن من عمره حيث سألته عن اصل أهالي بعشيقه وبحزاني ومن أين جاؤا حينما قال لي سالت الأكبر مني في العمر فكانوا يجيبون إننا اتينا من مناطق المسقوف وهي تحوير للفظة موسكو أي من مناطق روسيا ، واضاف لتأكيد ما سمعه من الذين اكبر منه ، من مناطق قريبه من ارمينيا بالتحديد ، ها أنا اجمع بين حديث لجدي الأمي وما كتبه عالم جليل من وزن لويس عوض وأنا اتجول بين القرى والمدن الأيرانيه ومرورا بتركيا والعراق نحو الشام قرية قرية على امتداد أكثر من خمسة عشر سنة قضيتها في الأنصار فلا اجد إلا مايؤكد صحة استنتاجات عوض ، ودقة تحليلاته ، يوما بعد آخر .
صباح كنجي
* قد تتشابه لغة زاوه في تركيا بها لكني لم اصادف احدا منها
الهوامش
1- نسيم مجلي من كتاب لويس عوض ومعاركه الادبيه ص6مقدمه في فقه اللغه العربيه.. الكتاب والقضية
2 مقدمة في فقه اللغه للباحث لويس عوض ص7.
3- نفس المصدر ص8
4 - نفس المصدر ص9
5- نفس المصدر ص9
6- نفس المصدر ص9.[1]