#صباح كنجي#
الأنفال جريمة كبرى لا يمكن حصرها من خلال تعداد اطرافها وتحديد المجنى عليهم وان كانوا بآلالاف كطرف وقع الحيف عليهم فأصبحوا في عداد الضحايا والشهداء ومدفونين في مقابر جماعية .
اومجرد مجموعة محددة من المجرمين يعرضون في قفص وتُتلى عليهم لائحة اتهام من مدعي عام يسعى لدمغهم من خلال اقصى ما تحمله الكلمات من معان ٍ قانونية لا ترتقي إلى الحد الأدنى من معاناه من نزف الدم ونفث الروح أو تقترب من حالة من أ ُخمدت انفاسهم في كردستان والعراق التي مازلنا نبحث عنهم وسنواصل البحث عنهم في احلامنا .
وسنبقى نجرجر أجسادنا المتعبة ونفوسنا الجريحة يوما ً بعد آخرنحو رفاتهم وستزداد الفجوة بينا نحن ( الاحياء- الأموات ) من بقايا عوائل غيبت في الصورة المعلنة من الحدث الدامي ، و التي يتداولها الأعلام بتفاصيلها المريرة......
وثمة صورٍ غير معلنة عن الأنفال مخبئة في ذات النفوس الجريحة من بقايا ( الأحياء – الأموات ) ممن فقد اعزاء له من اقرباء واصدقاء ما زالت صورهم حية في ذاكرتهم وضميرهم ووجدانهم ، صور تطوف وتحلق ناقلة ً صرخاتها في لحظة وداع ابدي معلنة ً عن عصر ٍ يُبارك فيه القتلة ويكرمون .... أنها مجرد حاله من حالاتِ واقع بائس ٍ محشو ٍ بالمزيد من المشاهد المريرة التي تدفعنا لتذكر الموت ونتمناه في اليوم ألف مرة مع تلاحق مسلسل الأنفال وتواصله على امتداد زمن ٍ بدا مع ربيع 1988 وإستمرت ارها صاته وتداعياته إلى اليوم ويخطأ من يسعى لتأطيرو تحجيم الجريمة و عددالمشاركين فيها أو وتحديد مساحتها في حدود قرى ومدن كردستان الوديعة ِ ...
فالأنفال مستمرة ومتواصلة في صور ٍ ومواقفٍ مَََرَرْتُ بها وسأنقل لكم بعض ٍ من تلك المشاهد التي ازعم أنها الوجه الآخر للأنفال .....
في مطلع علم 2001 علمت ومن خلال مصادر موثوقة نبأ وصول رئيس اركان الجيش العراقي ، الفريق نزار الخزرجي ، إلى الدانمارك لغرض البقاء فيها بعد أن قدم طلب اللجوء فبادرت ُ للأتصال بعدد من الأصدقاء من الذين فقدوا عوائلهم وذويهم في تلك الحملة التي قادها الخزجي من خلال موقعه العسكري ( رئيس اركان الجيش) الذي يجمع بين التخطيط والتنفيذ فتحركنا مع مجموعة من العاملين في منظمات حقوق الإنسان وإتصلنا بالسلطات الدانماركية المختصة بما فيها السيد ( فرانس هانز) الذي كان وزيرا ً للعدل وطالبنا التحقيق معه وتوقيفه تمهيدا ً لتقديمه لمحكمة دولية مختصة أو محاكمته في الدانمارك وفق قوانينها وقدمنا ما في حوزتنا من معلومات اولية وإتصلنا إثرها بالأحزاب السياسية العراقية وبالذات الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني الكردستاني والمؤتمر العراقي في أوربا وكردستان ، وطالبنا بدعمنا ورفدنا بما يتوفر من معلومات ووثائق وهي كثيرة ودامغة من خلال اطنان الوثائق التي حصلنا عليها في فترة الانتفاضة التي تلت مغامرة احتلال الكويت... والتي تكدست ملفاتها في مقرات جميع الأحزاب ...
وكنا نأمل أن نلاقي التعضيد والدعم ... وتتالت المواقف المؤسفه .
الحزب الشيوعي العراقي طلب منّا ارسال شخص من أوربا للبحث بين الوثائق الكثيرة وهم هذا الحزب الكبير في حينها ليس لديهم من يقرأ ويفرز الأوراق....!
أما كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني فقد اختاروا الصمت ولم يكلفوا نفسهم بالرد على مطلبنا .
في حين إختار الأتحاد الوطني الكردستاني طريق الدفاع عن الخزرجي ورفض مسؤول الأتحاد في لندن حينها إعطاؤنا أية معلومة ، في الوقت الذي انبرى في موقف غريب وصعب على الفهم احد الشخصيات الهامة ( فؤاد معصوم) للدفاع عنه وكاد أن يتحول إلى ناطق رسمي بأسم الخزرجي من خلال المحطات الفضائية التي كنا نشهد الدكتور معصوم من خلالها يتحدث عن وطنية الخزرجي ويبرؤه من التهم الموجهة إليه وإستمرت قيادة الأتحاد الوطني الكردستاني في الدفاع عنه لغاية العمليات الحربية التي أطاحت بالنظام وفي مكالمة هاتفية مع صديق قيادي في الأتحاد آذار 2003 اكد لي إن نزار الخزرجي موجود في مناطق كركوك ولا اشك في صحة هذه المعلومة .
أما المؤتمر فقد بادر لنشر سلسلة مقالات للدفاع عن الخزرجي ساهم فيها عدد من الضباط الذين لا يختلفون عن الخزرجي وكانوا يدافعون عن أنفسهم في ذات الوقت من خلال دفاعهم المستميت عنه ، بينما تطاول عددا من كتاب المؤتمر بمن بينهم (عبد المحسن عبد الجليل) في العدد (275) من جريدة المؤتمر وهاجم الذين يتهمونه وطلب عدم تركه ( يواجه المشاكل بمفرده والسعي لحمايته من عصابات صدام ومافياته التي بدأت تنتشر في البلدان الأوربية ).
في حين واصل الخزجي توزيع شتائمه لنا من خلال محطة ( ام بي سي) واعلن إننا لسنا عراقيين ...
وبالرغم من الموقف المشرف لعدد من الشخصيات البرلمانية الدانماركية وفي المقدمة منهم رئيس مكتب حقوق الإنسان الذي قال :( من المخجل لنا نحن أن نأوي مجرما ً كهذا ونخدمه وأضاف في حين يجب التحقيق معه وان لم نتمكن نحن من محاكمته فالاجدر بنا أن نسلمه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ليأخذ جزاؤه)..
فأني لا أستطيع نسيان تلك الأيام التي هي الوجه الاخر للأنفال حينما إصَّطف البعض من قادة الكرد ، و ورموز من تلك الأحزاب المعارضة للدكتاتورية ، بمواقفهم المائعة ، مع الخزرجي .
وإختاروا الموقف المضاد لنا نحن الضحايا وتم انقاذه بالتنسيق مع من هربه من كوبنهاكن في حينها نحو الشرق .
ومن حينها ابحث عن جواب مقنع لهذا التصرف وابحث في نظريات علم السلوك التي تبرر وتفاضلُ بين الرقم واحدٍ من المحسوبين على الأ ُنس ِ وتختاره بدلا ً من(182) ألف ومن خلفهم الملايين من البشر فلا اجد مثل ذلك إلا عند السفلةِ ممن اختاروا لأنفسهم الوجهه الآخر غير المعلن للأنفال التي تتواصل كما تواصلت صورها وما اكثرها اليوم حيث تتجسد في تكريم الجحوش من قتلة أبناء الشعب الكردي وتقديم الأمتيازات لمجرمي الأنفال، التي أ وصلت بعظهم إلى أروقة البرلمان والمؤسسات الهامة ... ممن تُحْجَزُ لهم المقاعد في الصفوف المتقدمة للأحتفالات الوطنية.
وهي اليوم تتكرر من جديد في مهزلة التصريحات المبتذلة للمدعو ( عبداللة العامري ) الذي يرأس جلسات محكمة الأنفال الذي تتطوع لتبرئة صدام من صفتة الدكتاتورية في موقف غريب عجيب ، وتحد ٍ لأرادة الملايين من العراقيين والكرد والمشاهدين في العالم ممن يتتابعون مجرى المحاكمة من خلال بثها العلني ، وهو تصرف يدخل في خانة الوجه الآخر للأنفال التي تتواصل من خلالها المواقف الداعمة للجلاد وتبرر الجريمة...
و إنتبهوا ..... الأنفال مستمرة.[1]