جمالية المنظر في الحركة الفنية
نور شيخو
أنعم الله على الإنسان بالقدرة على التفكير والتعبير والإدراك ليعبر ما يجول في خاطره ولما يجري حوله ويحيط به إما بالحركة أو بالرسم في بيئة، ومن هنا نأخذ حديثنا إلى (الفنون التشكيلية) التي هي لغة تعبيرية لها أدواتها ورسائلها الخاصة التي توصل الإحساس للإنسان من خلالها.
فلولا الفنون لما كانت هناك حضارة، فالفن أساس بناء الحضارات، وهي تعتمد على الملموس والعواطف، والفن التشكيلي هو احد أشكال الفنون العامة، ويعرف بأنه لغة بصرية عالمية تعبر عن انفعالات الإنسان الجمالية والسلوكية التي تبرز معالمها الخاصة من مشهد حياته اليومية.
إن علاقة المرأة في المجتمع تختصر في قسمين:
1 علاقة توافقية، أي إنه يجب على المرأة أن تمسك أدواتها وتروض نفسها لهذا الفن، فالمرأة بحد ذاتها الهامية في التفكير، وإنها ذات عواطف أكثر من الرجل، فالفن يشكل جزء كبير في حياتها، فهي تزين بيتها ونفسها بكل ألوان البهجة، حيث تفرق بين الألوان الحارة والباردة في أشيائها.
2 علاقة تصدامية، أي الواقع التي تعيش فيه وتتحكم بظروفها، من هنا تبرز خاصة الانقسام التي تشتت المرأة، فالرجل يجول ويوسع في مجال عمله، أما المرأة فمشتتة ما بين ضفتين، الأول داخلي يتعلق بما تؤمن به كحقها في ممارسة حياتها كاملة غير منقوصة، والثاني خارجي حيث أن هناك من يحسب عليها حتى أنفاسها.
وباعتقادي إن تدني مشاركة المرأة للفن التشكيلي يعود إلى معوقات داخلية وخارجية.
=KTML_Bold=المعوقات الداخلية:=KTML_End=
والتي تسبب به المرأة نفسها:
عدم تطوير نفسها: وذلك بسبب الظروف والبيئة التي تعيش فيها والتي تتحمل مسؤوليتها بالتشارك مع الرجل، ثم إن الموضوع تحتاج لجهد ووقت، فالمرأة ترى إن الوقت الذي تضعهما غير مجدي، لعدم توفر دعم كامل إما من الأهل أو المجتمع المحيط.
النظرة الدونية لنفسها: فالمرأة لا زالت تعتقد على أن الفن للرجل فقط، وتعاني من التشتت بين العائلة والأمومة وطموحاتها وإبداعاتها.
تحميل تبعية أي فشل للمجتمع الذكوري: ففي هذا الوقت لا يمكن إن نطلق على المجتمع تهمة الظلم، ونعلق أخطائنا وإسقاطاتنا على شماعة المجتمع الذكوري، فالأمر ليس متوقفاً على هذا فقط، وانما للكثير من الأمور التي يجعل الفن التشكيلي يتراجع عند المرأة ولا يحقق استمرارية وذلك لعدم توفر مكاتب خاصة لأدوات الرسم مما يجعل الشخص يبحث عنها مراراً وتكراراً ليجعل يستسلم في نهاية الأمر حيث إنه في مناطق روج آفا يصعب العثور على مواد الرسم.
الحذر وتفضيل الحياة العادية: فالمرأة تنظر إلى الفن بحذر وتفضل الحياة العادية خوفاً من المجتمع، لئلا تتهم بأنها مقصرة في شؤونها العائلية والزوجية، فالمرأة التي تخوض هذا الفن بكل عشق وتحاول كسر هذا الحاجز، فأنها في قرارة نفسها ربما تدرك أن الاستمرار ضرب من العبث، وأن الحياة العادية بالنسبة لها هي المستقبل، فالتخلي ببساطة عن مهنتها يوفر لها المفقود سواء كان في الزواج أو البيت، وهذا التخلي يعني أنها تعتقد أن أولوياتها تكمن في الحياة الأسرية ومن هنا يدور الجدل حول نظرة المجتمع للفن التشكيلي وخاصة بالنسبة للمرأة.
=KTML_Bold=المعوقات الخارجي:=KTML_End=
ومن أبرز تلك المعوقات:
تحجيم الدور الثقافي للمرأة:
حيث يتم تحجيم دور المرأة في الفن والثقافة عموماً عن طريق العائلة والمجتمع، فعندما يقام نشاط ثقافي في أي مجال كان يظهر سلطة الزوج أو الأخ أو الأب كي تحد من حضور المرأة في هكذا فعاليات.
العادات والتقاليد:
فالمجتمع يفرض بعض العادات المعيقة للطاقة الإبداعية الكامنة في داخل المرأة، فهي لا يمكن أن تبدع مع وجود شروط وخطوط حمراء يفرض عليها من قبل البيئة المحيطة بها.
عدم الاستقلال الاقتصادي:
حيث تبين أن المرأة التي تملك دخل اقتصادي، تتمكن في تحقيق مبتغاها، فالاستقلال الاقتصادي بالنسبة للمرأة هو أساس كل الحريات، وبها تغلب على ظروفها وتحميها من التعنيف، لأن المرأة المستقلة اقتصادياً تستطيع ان تخرج من دائرة العلاقة الهادمة في مجتمعها، وتبدأ حياتها، وتكمل مسيرتها في الفن، وتحقيق رغباتها وطموحاتها.
النظرة الدونية للمرأة:
هناك مبدعات انسحبن عن طريق الإبداع، لأن المجتمع رفض وجودهن في هذا المجال، أو بسبب ظروفهن القاسية، وهناك نساء من لم يجدن من يساندهن حتى يتابعن الطريق، لأنهن غير قادرات على تجاوز عقدة المجتمع القاسية.
المؤسسات الثقافية:
فمعظم المؤسسات غائبة عن الفن، لا تخطط في عملها، وأصبحت أشبه بمشاريع تجارية، فمن المفترض على المؤسسات أن تأخذ بيد الفنانين والفنانات في بداية طرقيهم وصقل مواهبهم وقدراتهم الثقافية.
المنظمات والجمعيات النسوية:
تجدها تهتم لفترة لنتاجات وإبداعات المرأة، ثم يزول اهتمامها، فهي تعقد ورش عمل وتنشر بعضاً من الإبداعات، ومعظم أوقاتها شكلي. وليس لها أهداف استراتيجية على المدى الطويل، لأنها معظمها ترتبط عملها مع الجهات الممولة لها، وغاية الكثير من مؤسسات تلك المنظمات والجمعيات جمع الأموال مع تقديم جهد قليل في العمل الفعلي.
وهناك معوقات أخرى يمكن تصنيفها ضمن المعوقات الخارجية، ونذكر منها:
عدم توفر مركز أو فناء خاص للفنانات التشكيليات.
البيئة المحيطة بها، فأبناء القرى تكون فرصة التعلم أقل لديهم. فمعظم دورات الرسم تفتتح في المدن.
وفي النهاية تبقى المرأة كائن يحتاج إلى المعونة والدعم من المحيط في بداية طريقها حتى تستطيع تقديم نتاجاتها وإبداعاتها دون أي معوقات، كما أن عليها إزاحة العقبات التي تعرقل إبداعها وتعتمد على نفسها وإرادتها للوصول إلى ما تريد إنتاجه، في سبيل تقدم مجتمعها، والإسهام برقي الحياة الاجتماعية بكل أبعادها.[1]