د. هاشم عبد الرزاق صالح
المقدمة
ثمة ضرورة ملحة لإعادة قراءة تاريخ العلاقات الكوردية – التركية بعيداً عن أي نزعات قومية أو مذهبية، والبحث عن المشتركات الإيجابية في تلك العلاقات، وتجاوز السلبي منها، بهدف تقوية وتعزيز الروابط الثنائية، للحافظ على مصير هذه المنطقة ومستقبل شعوبها.
ترجع العلاقات الكوردية العثمانية إلى عدة قرون، عندما اتفق السلطان العثماني (سليم الأول) عام 1514م مع الأمراء الكورد، بوساطة الأمير (شرف خان البدليسي)، على أن يقف الكورد إلى جانب الدولة العثمانية في حروبها، في مقابل اعتراف الدولة العثمانية باستقلال الإمارات الكوردية. وقد كان للعشائر الكوردية دور كبير في معظم المعارك التي خاضتها الدولة العثمانية، ابتداءاً من معركة جالديران، مروراً بحرب القرم عام 1853م، وكذلك الحرب الروسية العثمانية 1877-1878م، فضلاً عن حرب الاستقلال التركية 1919-1922م، وانتهاءاً بالحرب العالمية الأولى 1914م.
رغم موقف الكورد المساند للدولة العثمانية في الكثير من حروبها، إلا أن التعسف وسوء تصرف الإدارة العثمانية تجاه العشائر الكوردية، وعدم المبالاة بحقوقهم القومية، أدى إلى نفور الكورد من العثمانيين، وظهور عدد من الحركات الكوردية المسلحة، كرّد فعل تجاه السياسة العثمانية، فضلاً عن اتجاه الكورد نحو تأسيس عدد من الجمعيات التي أخذت تطالب بحقوقهم القومية واستقلالهم الذاتي.
وعلى الرغم من سياسة القسوة، التي اتبعها بعض الولاة الأتراك تجاه الكورد، إلا أن تعرض الدولة العثمانية للخطر، واستجابة لنداء الجهاد الذي أعلنته الدولة العثمانية، سواءاً عندما وقع الاحتلال الإيطالي على ليبيا في أيلول من عام 1911، أو مع الاحتلال البريطاني للعراق في بداية الحرب العالمية الأولى، وقف العراقيون بكل قومياتهم ومذاهبهم إلى جانب الدولة العثمانية، وساهموا في نصرتها، فتحركت من (ولاية الموصل) أعداد كبيرة من أبناء العشائر الكوردية، الذين استجابوا لنداء الجهاد، وساروا نحو جنوب العراق، ليشاركوا مع إخوانهم من أبناء الجنوب تصديهم للاحتلال البريطاني، يدفعهم إلى ذلك الرابطة الدينية التي حرص الكورد على ديمومتها، بوصفهم جزءاً من الدولة العثمانية.
ومن هنا جاء الحديث في هذه الورقة عن علاقة الكورد بالدولة العثمانية، والتي كانت تتأرجح بين الولاء الديني، بوصف السلاطين العثمانيين قادة مسلمين، أعادوا العمل بأحكام الشريعة الإسلامية، وأن الخلافة العثمانية امتداد لدولة الخلافة الإسلامية، التي تعود إلى زمن الصحابة الأوائل، وبين الانتماء القومي الذي تطور بشكل ملحوظ بعد إسقاط السلطان (عبد الحميد)، وصعود جماعة (الاتحاد والترقي) إلى الحكم، ومحاولاتهم الاستفزازية لمشاعر الكورد القومية، والذين استجابوا لتلك الاستفزازات من خلال تأسيس عدد من الجمعيات القومية، التي أخذت على عاتقها تحقيق الأهداف القومية للشعب الكوردي.
أولاً: تمهيد
كوردستان: الموقع والأهمية
تتألف كلمة (كوردستان) من مقطعين: (كورد) و(ستان)، التي يقابلها في اللغة الإنكليزية مصطلح (state) وتعني منطقة أو مقاطعة. إذن (كوردستان) تعني (منطقة الكورد، أو أرض الكورد)([1]).
وتشير دائرة المعارف الإسلامية إلى أن لفظ كوردستان وضع للإطلاق على المواطن التي يسكنها، ولا يزال، الكورد حتى الآن([2]). وكوردستان منطقة واسعة لا حدود سياسية لها. ويذكر المؤرخ السياسي الروسي (نيكيتين) أن لفظة كوردستان أطلقها أول مرة (سنجر) أو (سنجار)، وهو آخر ملوك السلاجقة، على إحدى مقاطعات مملكته، وذلك في القرن الثاني عشر الميلادي. وهي تضم عدة ولايات، تفصل بينها سلسلة جبال زاجروس. وقد كانت هذه المنطقة تدعى قبل ذلك ب (جبال الجزيرة) أو (ديار بكر). وإن أول مؤرخ ذكر كلمة كوردستان هو (القزويني)، في كتابه المعروف (نزهة القلوب) سنة 740ﮪ، أي في القرن الرابع عشر للميلاد([3]). إلا أن المؤرخ الإنكليزي (ديفيد مكدول) يُرجع أول ذكر لمصطلح كوردستان إلى سنة 700ﮪ/1300م، عندما ذكره (صفي الدين البغدادي) في كتابه (مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع)([4]).
ثمة اختلاف واضح بين الباحثين في تحديد دقيق لموقع كوردستان، لكن ثمة حدود تقديرية اتفق عليها عدد من الباحثين. وذلك لأن كوردستان لم تشكل وحدة سياسية مستقلة، بل هي موزعة في عدة دول (تركيا، العراق، إيران، سورية، أذربيجان). وعموماً تمتد كوردستان من جبال البحر الأسود قرب القوقاز وسيواس وأرضروم شمالاً، ومرعش وكرمنشاه شرقاً، والموصل وديار بكر جنوباً([5]). ويعيش في هذه المنطقة الواسعة الشعب الكوردي، الذي توزع في عدة دول، وهو يعد من الشعوب العريقة في القدم([6]).
زاد الموقع الجغرافي المتميز لكوردستان، حيث تقع على الطرق التجارية الرئيسة التي تصل بلاد فارس بالبحر المتوسط والبحر الأسود، وما تضمه من موارد وخيرات وتحصينات طبيعية، فضلاً عن أهميتها الإستراتيجية والعسكرية والتجارية، من أهمية منطقة الشرق الأوسط. لذلك شكلت كوردستان، وعلى مر العصور، هدفاً لأطماع دول وجهات عديدة([7]). وفي مطلع القرن السادس عشر الميلادي أصبحت كوردستان إحدى ساحات الصراع المرير الذي نشب بين الدولتين العثمانية والفارسية. فتحمل الشعب الكوردي من جراء ذلك الكثير من محاولات الإخضاع السياسي من الدولتين([8]).
وقد شكلت كوردستان مجالاً حيوياً مهماً لتوسّع الدولة الصفوية الفتية، ففي عام 1507م اجتاحت جيوش الشاه (إسماعيل الصفوي) (1501 – 1534)، مؤسس الدولة الصفوية في إيران، أراضي كوردستان، التي كانت تحكمها آنذاك أمارات وأسر كوردية مستقلة([9])، فعمل على الإطاحة بتلك الإمارات وحكامها. وفرض (الشاه إسماعيل) سيطرته على كوردستان، عن طريق ممارسة القسوة والإرهاب في تعامله مع الشعب الكوردي، وفرضه لكثير من الضرائب وأعمال السخرة عليهم، بالإضافة إلى تعمده تهميش الأمراء الكورد، وعدم الاعتماد عليهم في إدارة المنطقة، وذلك لأسباب مذهبية وعنصرية. فعمل (الشاه إسماعيل) على إجبار الكورد على اعتناق المعتقدات الصفوية، التي تتعارض مع تقاليد الكورد الدينية، حيث كان معظم الكورد مسلمين على المذهب الشافعي([10])، فضلاً عن اعتماده على العشائر غير الكوردية في ضربهم، وعين ضباطاً صفويين للإشراف عليهم بشكل مباشر([11]).
ثانياً: أثر العامل الديني في تطور العلاقات العثمانية الكوردية
نتيجة للسياسة التي اتبعها الشاه (إسماعيل الصفوي) في كوردستان، أصبحت المنطقة مهيأة للتغيير، وكانت الدولة العثمانية([12]) آنذاك تراقب عن كثب تطورات الأوضاع في كوردستان التي كانت خاضعة للتسلط الصفوي. وقد وجدت الدولة العثمانية في تحركات الصفويين ونشاطهم في كوردستان خطراً يهدد مصالحها وتوجهاتها التوسعية، لذلك قررت وقف زحفها نحو أوروبا، والدخول في صراع مع الصفويين ومواجهة تهديداتهم([13]). فاستغل العثمانيون مشاعر الدين الفياضة لدى الشعب الكوردي، الذي كان الإسلام يمثل حجر الزاوية في توجهاته وانتماءاته السياسية وتذمره من الحكم الصفوي، من أجل استمالته إلى جانبهم. ويعد عهد السلطان (سليم الأول) ( 1512 – 1520م ) البداية الحقيقية للصراع العثماني الصفوي([14])، حيث انتهج (السلطان سليم) سياسة مغايرة للسياسة التي اتبعها الصفويون في تعاملهم مع الكورد، بعد أن اقتنع بضرورة اتباع سياسة تقوم على كسب الأمراء الكورد إلى جانب الدولة العثمانية، وتحريضهم ضد الهيمنة الصفوية على مناطقهم([15]).
استخدم (السلطان سليم) العامل الديني في صراعه مع الصفويين بكل مهارة، حيث استغل تذمر كبار علماء الدين الكورد والعرب - على حد سواء - الذين بعثوا العديد من الوفود والرسائل إلى الدولة العثمانية، يحثونها على محاربة الدولة الصفوية، وتخليصهم من التعصب المذهبي الذي مارسه الصفويون تجاههم([16]). فوجه (السلطان سليم) رسالة شديدة اللهجة إلى (الشاه إسماعيل) ينعت فيها نفسه بأنه قاتل الكفرة والمشركين، قامع أعداء الدين، مرغم أنوف الفراعين، سلطان الغزاة المجاهدين([17]).
اختار (السلطان سليم) أحد الأشخاص المقربين منه، وهو الشيخ (إدريس البدليسي)([18])، المؤرخ والدبلوماسي البارع، ليوفده إلى كوردستان، من أجل الحصول على دعم وتأييد الكورد. وقد استطاع الشيخ (البدليسي) بحنكته السياسية أن يرجع إلى (السلطان سليم) حاملاً معه وعود أمراء الكورد بتقديم الدعم والولاء للدولة العثمانية([19]). وبذلك نجح (البدليسي) في ضم الكورد إلى جانب الدولة العثمانية في حربها مع الصفويين. بعد ذلك وزع (البدليسي) بنفسه علامات وإشارات الإمارة على الزعامات الكوردية، وكان (السلطان سليم) قد أرسل إلى (البدليسي) فرامين التعيين موقعه على بياض، لكي يضع (البدليسي) من الأسماء ما يراه ويختاره بنفسه([20]).
بعد أن ضمن (السلطان سليم) ولاء القبائل الكوردية، تقدّم في 15 محرم 920ﮪ/1514م نحو بلاد فارس، بهدف الاستيلاء عليها، ودارت هناك رحى معارك طاحنة، وتحديداً في سهل جالديران (عرفت المعركة بنفس الاسم)، وكان للكورد إسهام واضح في مجرياتها. استطاع (السلطان سليم) بعدها الوصول إلى عاصمة الصفويين (تبريز)، التي دخلها في 4 أيلول عام 1914م([21]).
ويعدّ عام 1514 منعطفاً كبيراً في تاريخ العلاقات العثمانية الكوردية، حيث أصبحت معظم أجزاء كوردستان منذ ذلك الحين خاضعة بشكل فعلي للدولة العثمانية. ونتيجة لدعم الكورد، ومشاركتهم الدولة العثمانية في صراعها مع الصفويين، فقد اعترفت الدولة العثمانية بشرعية وسلطة الأمراء الكورد في إماراتهم الوراثية([22]). ومن أجل ذلك، ولضمان المحافظة على ولاء الكورد، عقد (السلطان سليم الأول) اتفاقية صداقة وتحالف مع الأمراء الكورد عام 1515م، نصّت على ما يلي ([23]):
1- تحتفظ كافة الإمارات الكوردية، الموقعة على المعاهدة، باستقلالها.
2- تستمر وراثة الإمارة من الأب إلى الابن، أو يتم تنظيم ذلك استناداً إلى أعراف القبيلة، ويعترف السلطان بالوريث الشرعي بفرمان خاص.
3- يساهم الكورد في كافة الحروب التي توكل إليهم من قبل السلطة.
4- تقوم الدولة بمساعدة الكورد ضد أي عدوان أجنبي عليهم.
5- يساهم الكورد بتقديم المعونات المالية للسلطة.
بناءً عليه، وتقديراً لموقف الكورد في معركة جالديران، سمحت الدولة العثمانية بتشكيل العديد من الإمارات الكوردية، وصل عددها إلى ثلاثين إمارة رئيسة، مثل: إمارة بهدينان، والإمارة السورانية، والإمارة البوتانية، والإمارة البابانية، وغيرها([24]).
بعد معركة جالديران، استمر التعاون الكوردي العثماني لتحرير العديد من المدن والقلاع في كوردستان من السيطرة الصفوية، حيث أدى المقاتلون الكورد دوراً كبيراً وحاسماً في معظم المعارك التي خاضها الجيش العثماني، مثل فتح مدينة (ماردين) في تشرين الأول عام 1515م، ومعركة (قوج حصار) عام 1516م، ثم توالى سقوط العديد من المدن والقلاع بيد التحالف الكوردي العثماني، فسقطت (أرغنى) و(سنجار) و(تلعفر) و(جرموك) و(سيفر بك) و(بيره جك)، وكذلك (الموصل) و(أربيل)([25])، وغيرها من أجزاء كوردستان التي أصبحت ضمن النفوذ العثماني([26]). وبذلك بدأت مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات العثمانية الكوردية، مع ما حملته من انعكاسات متباينة على منطقة كوردستان، وفي شتى الميادين.
أثر العامل الديني في تعاطف الكورد مع العثمانيين
الكورد والإسلام
من المعروف لدى المؤرخين والمتابعين للشأن الكوردي أن الكورد من أكثر الشعوب تمسكاً بالإسلام ومبادئه. وتنقل كتب التاريخ عن البداية الأولى لعلاقة الكورد بالإسلام، عندما اجتاز (جابان) الكوردي المسافات الطويلة لكي يأتي إلى المدينة المنورة ويعلن إسلامه بين يدي رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم)، فكان أول سفير للشعب الكوردي إلى دولة الإسلام. ثم قدمت بعد ذلك مجموعة من التجار الكورد إلى المدينة المنورة، لتعلن إسلامها أمام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فتكونت بذلك نواة الوجود الإسلامي في كوردستان([27]).
وعندما حدث الفتح الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض)، كان أبناء الشعب الكوردي من السباقين في الدخول إلى الدين الجديد. ويكاد يتفق الباحثون على أن الإسلام دخل إلى كوردستان بالسلم وبرضا أهلها الذين رحبوا بالفاتحين، ولم تحدث مقاومة للفتح إلا في منطقة (شهرزور) التي كانت خاضعة لسيطرة الفرس، فكانت بذلك كوردستان من أكثر المناطق قبولاً للإسلام([28]).
وعلى مدى القرون اللاحقة أثبت الشعب الكوردي، وقياداته، تمسكهم بالإسلام، وظلوا مخلصين أوفياء لهذا الدين وقضايا الأمة الإسلامية، وأصبحوا روح الإسلام وجنوداً للخلافة الإسلامية في شتى عصورها، ودافعوا عن الثغور الإسلامية وتصدوا لكل الهجمات التي تعرضت لها الأمة الإسلامية في مراحل تاريخية مختلفة([29]). إلى جانب ذلك أسهم الكورد في بناء الحضارة الإسلامية وإغنائها في شتى المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والعمرانية، فليس هناك حلقة من حلقات الإبداع الحضاري الإسلامي إلا وكان للكورد إسهام فاعل فيها، فبرز منهم مبدعون نبغوا في مجال العلوم اللغوية والتفسير والفقه والحديث والأدب والتاريخ، فضلاً عن التخصصات العلمية والعقلية، فشكّلت كوردستان رافداً مهماً من روافد الحضارة الإسلامية وإنجازاتها المتميزة([30]). لذلك يمكن القول إن الشعب الكوردي يعد من أكثر الشعوب تديناً وتمسكاً بروح الإسلام ومبادئه. لكن في الوقت نفسه، يمكن القول أيضاً إن الكورد من الشعوب التي لا يسوقها التزامها الديني إلى التعصب والتطرف. لذلك نجد في كوردستان ثمة تعايش سلمي متميز بين مكوناتها الدينية والقومية، فإلى جانب الأغلبية المسلمة على المذهب السني الشافعي، والتي تقدر نسبتها ب ( 95%) من المجموع العام، نجد هناك أقليات دينية كالمسيحية وفرق دينية وقومية أخرى كاليزيدية والعلوية والشبك والكاكائية وأهل الحق([31]).
كما انتشر التصوف([32]) في كوردستان منذ القرن الرابع الهجري / الحادي عشر الميلادي، حيث وجد التصوف رواجاً كبيراً بين العشائر الكوردية المعروفة بتحمسها الشديد للدين([33]). ومن أشهر الطرق الصوفية التي انتشرت في كوردستان: الطريقة القادرية، المنسوبة إلى الشيخ عبد القادر الكيلاني (ت 571ﮪ/1166م)، ويعود الفضل في انتشارها في كوردستان إلى الشيخ (معروف النودهي) البرزنجي، الذي عمل على مد نفوذها إلى معظم أنحاء كوردستان، فانتشرت العديد من التكايا التي يرأس كل منها أحد شيوخ الطريقة، ممن كانت له مكانة متميزة في المجتمع وقلوب الناس([34]). وكذلك الطريقة النقشبندية التي تنسب إلى الشيخ (بهاء الدين محمد بن جلال)، المشهور ب(شاه نقشبند). أما مجدد الطريقة النقشبندية في العراق، والعالم الإسلامي، فهو الشيخ (ضياء الدين أبو خالد بن حسين الشهرزوري الشافعي)، المعروف ب (مولانا خالد النقشبندي) المولود سنة 1779م في قرية (قره داغ) جنوب السليمانية([35]).
شهدت السنوات ما بين 1811 -1820م انتشاراً واسعاً للطريقة النقشبندية في كوردستان، فبعد عودة الشيخ (خالد) إلى السليمانية التف حوله عدد كبير من المريدين، حتى بلغ نفوذه عند الكورد حداً قورن بالشيخ (عبد القادر الكيلاني)([36])، فتبنى عدد من زعماء العشائر المهمة في كوردستان الطريقة النقشبندية، وتحولوا إلى أتباع لهذه الطريقة الصوفية. وقد كان لعلماء النقشبندية جهود علمية متميزة في شتى الميادين، وتميزت مصنفاتهم بتعدد لغاتها، فكان هؤلاء العلماء يتكلمون الكوردية والعربية والفارسية والتركية والهندية، لذلك حظيت بانتشار واسع داخل العالم الإسلامي وخارجه([37]).
ويمكن القول إنه كان لعلماء الدين الإسلامي، وشيوخ الطرق الصوفية، دور فعال بين فئات المجتمع الكوردي، وكان لحسن تدبيرهم وتوجيهاتهم السليمة أثر بالغ في تماسك المجتمع وإصلاحه. وفي بعض الأحيان كان لهم دور مهم في اتخاذ قرارات ومواقف سياسية مهمة.
الكورد والسلطان عبد الحميد الثاني
ارتبط الكورد مصيرياً بالخلافة العثمانية، لكونها تمثل امتداداً للخلافة الإسلامية التي تعود إلى زمن الصحابة الأوائل. كما نظر الكورد إلى السلاطين العثمانيين على أنهم رموز إسلامية مقدسة، تذكّرهم بالخلفاء الراشدين والقادة المسلمين الأوائل. وتجسدت هذه النظرة بشكل واضح في عهد السلطان (عبد الحميد الثاني)(1876 – 1909)، الذي نجح في استقطاب الشعوب الإسلامية داخل الدولة العثمانية، خاصة بعد تبنيّه لمشروع (الجامعة الإسلامية) الذي قدم حلولاً إسلامية لمواجهة الواقع المتردي للدولة العثمانية والتهديدات الخارجية([38]).
بناءً على ذلك، ونتيجة للبيئة الإسلامية التي سادت كوردستان منذ عدة قرون، وجد الكورد أنفسهم ملزمين بالوقوف إلى جانب الدولة العثمانية، التي كانت تمثل الأمة الإسلامية آنذاك، وفي جميع حروبها وأزماتها الداخلية والخارجية. فعندما اندلعت الحرب الروسية العثمانية 1877 -1878، أصدر شيخ الإسلام آنذاك (حسن خير الله) فتويَيْن: أعلن في إحداهما الجهاد المقدس، ووجوب اشتراك كل المسلمين في القتال، والثانية تقضي بمنح السلطان (عبد الحميد) لقب الغازي، والذي يعني (المجاهد في سبيل الله) ([39]). وجدت تلك الفتاوى استجابة سريعة لدى الشعب الكوردي، فقام الشيخ (عبيد الله النهري)، وهو من الشخصيات الدينية المرموقة في كوردستان، ولُقّب ب (أبو الكورد)، بتجهيز ثلاثمائة مقاتل من مريديه، قادهم بنفسه إلى جبهات القتال، وشاركوا بشجاعة كبيرة في ساحات المعارك([40]). إلى جانب هؤلاء، قاتل أفراد من (عشيرة هماوند)، المعروفة بشجاعتها وصلابتها، إلى جانب العثمانيين، وأظهروا قدرات فائقة في المعارك. لذلك حظيت هذه العشيرة برضى السلطان (عبد الحميد الثاني)، الذي كافأهم بمنحهم المزيد من الأراضي في منطقة (بازيان)([41]).
أما في (السليمانية)، فقد ارتبط الشيخ (كاك أحمد) بعلاقات طيبة مع السلطان (عبد الحميد)، وعندما اندلعت الحرب الروسية العثمانية استجاب الشيخ لنداء الجهاد، وأرسل عدداً من مريديه بزعامة حفيده الشيخ (سعيد)، ليشتركوا بفاعلية في ساحات القتال. وإلى جانب هؤلاء، كان يقاتل عدد آخر من الكورد تحت قيادة أبناء (بدر خان بك) الكبير. ولم تقتصر مشاركة الكورد من الرجال في هذه الحرب، بل كان للمرأة الكوردية دورها المشهود في تلك الأحداث، فقد تزعمت السيدة الكوردية (قرة فاطمة) خمسمائة من الفرسان الكورد، واشتركت معهم في عدة جبهات. وقد أشادت بشجاعتها الصحف المصرية آنذاك([42]).
يمكن القول إنه خلال عهد السلطان (عبد الحميد الثاني) كان ثمة إجماع من علماء الدين المسلمين، وعدد من شيوخ العشائر الكوردية، وشرائح مختلفة من المجتمع الكوردي، على ضرورة مناصرة الدولة العثمانية، والوقوف إلى جانبها، ضد كل التهديدات الخارجية والداخلية([43]). لذلك انتقد علماء الدين، وقسم من شيوخ العشائر الكوردية، حركات المعارضة التي اندلعت في أجزاء من كوردستان ضد الحكم العثماني([44])، مستندين في ذلك إلى الحجة الشرعية، التي تؤكّد على طاعة ولي أمر المسلمين، وتحريم الخروج عن أمره.
وبالنظر لشجاعة المقاتلين الكورد في ساحات المعارك، والذي تجلى ذلك بشكل واضح خلال الحرب الروسية العثمانية، ولتوطيد الأمن والاستقرار في كوردستان، ولتأمين حدود الدولة العثمانية، أوعز السلطان (عبد الحميد الثاني) بتشكيل جيش من المقاتلين الكورد عرف ب (الفرسان الحميدية)، وذلك عام 1891، لتكون على غرار فرق القوزاق الروسية([45]). رافق ذلك حملة دعائية قام بها عدد من كبار المسؤولين العثمانيين في كوردستان للاتصال بالعشائر الكوردية، لحثهم على الاستجابة لنداء (خليفة المسلمين)، بوصفهم من المؤمنين وحماة الاسلام([46]). فضلاً عن ذلك قام علماء الدين في كوردستان بمباركة الدعوة لتشكيل (الفرسان الحميدية)، كونها واجباً مقدساً عملاً بالنص القرآني {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}([47])، وأن من الواجب الشرعي على الأمة تهيئة جيش يدافع عن ديار المسلمين ويأتمر بأمر الخليفة بوصفه أمير المؤمنين([48])، فكان لتلك الدعوات صدىً واسعاً بين العشائر الكوردية، التي سارعت (شيوخاً وأفراداً) للالتحاق بتشكيلات (الفرسان الحميدية)، والمشاركة في الجهاد لنصرة الدولة العثمانية([49]).
أثر العامل الديني في موقف الكورد من خلع السلطان عبد الحميد، وإلغاء الخلافة الإسلامية
أدى إقدام جماعة (الاتحاد والترقي)([50]) على تنحية السلطان (عبد الحميد الثاني)، عام 1909، بتأييد ودعم من اليهود وعدد من الدول الأوربية، إلى حدوث موجة من الغضب والاستياء الشعبي عمت أرجاء العالم الإسلامي، باعتبار أن خلع السلطان (عبد الحميد) يعدّ هدماً للخلافة الإسلامية، وبداية لتمزيق العالم الإسلامي. لذلك كان لعلماء الدين الكورد موقف واضح وصريح مما عدّوه (مؤامرة) استهدفت المسلمين ووحدتهم. وقد تبلور هذا الموقف المعادي بشكل خاص بعد تبني الاتحاديين لسياسة التتريك والتطرف القومي، من خلال العمل على تحويل جميع شعوب الإمبراطورية العثمانية إلى (أمة عثمانية). وقد صرح الاتحاديون، وفي أكثر من مناسبة، بتلك السياسة، فجاء في أحد مقررات الجمعية بأنه لا بد من عثمنة جميع العناصر غير التركية، عاجلاً أم آجلاً، وأنه لا يمكن تحقيق ذلك عن طريق الإقناع، بل يجب اللجوء إلى استخدام القوة لإجبارها على ذلك([51]).
بناءً عليه، شهدت كوردستان قيام عدة انتفاضات بوجه النظام الجديد. فبعد ما يقارب الشهر من وصول الاتحاديين إلى السلطة، قام (إبراهيم باشا مللي) بتجهيز عدد كبير من المقاتلين الكورد، بلغ عدة آلاف مقاتل، وأعلن تمرده على سلطة الاتحاديين، دعماً للسلطان عبد الحميد والخلافة الإسلامية، وتمكّن من السيطرة على أجزاء واسعة من كوردستان([52]). وفي (السليمانية) أعلن الشيخ (سعيد)، الذي كانت تربطه علاقة وطيدة بالسلطان (عبد الحميد)، تمرّده بالتعاون مع عشيرة الهماوند المعروفة، مما أقلق الإدارة التركية، التي دبرت حادثة اغتياله في مدينة (الموصل)([53]).
وكان العامل الديني أحد العوامل التي حفزت الكورد لنصرة إخوانهم العرب خلال الثورة التي حدثت في اليمن عام 1911 ضد الاتحاديين، فكان ثمة دعم مادي ومعنوي قدمه الشعب الكوردي لثوار اليمن([54]). إلى جانب ذلك شهدت مساجد وتكايا كوردستان حركة معارضة وانتقاد لسياسة الاتحاديين، التي غيّبت العمل بالشريعة الإسلامية، من خلال توزيع البيانات والنشرات ذات الطابع الإسلامي، والتي لقيت رواجاً واسعاً بين الناس([55]).
من جانب آخر، وللتدليل على رفضهم خلع السلطان (عبد الحميد)، أسهم الكورد في تأسيس جمعية (الاتحاد المحمدي)، عام 1908م، كرّد فعل على سياسة الاتحاديين المخالفة للشريعة الإسلامية، وأصدرت الجمعية جريدة باسم (البركان)، وكان أحد الكتاب البارزين فيها الشخصية الكوردية الإسلامية المعروفة الشيخ (بديع الزمان سعيد النورسي) (1876 – 1960). ونتيجة نشاطات الجمعية قام الاتحاديون بحلّها، بتهمة أنهم كانوا وراء انتفاضة الوحدات العسكرية داخل (اسطنبول) وتمرّدهم على إجراءات الاتحاديين، وهتفوا بحياة السلطان والشريعة الإسلامية([56]). رغم ذلك استمر (النورسي) في كتاباته يدافع عن الخلافة الإسلامية ويهاجم أعداءها ويفضح مخططاتهم([57]).
وفي عام 1909 قامت مجموعة من المثقفين الكورد بتأسيس النادي الكوردي، الذي فتح له فروعاً في مناطق من كوردستان. وقام النادي بتنظيم حفلٍ كبيرٍ في الجامع الكبير في (ديار بكر)، حضره عدد كبير من العلماء وشيوخ الصوفية، وفي نهاية الحفل وقع العلماء على وثيقة الولاء للسلطان (عبد الحميد) والشريعة الإسلامية. وطرح النادي فكرة تنظيم مقاومة مسلحة في كوردستان، من أجل إعادة السلطان (عبد الحميد)، وإعادة العمل بالشريعة الإسلامية([58]).
وقبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى حدثت انتفاضة كبيرة في منطقة (بدليس)، بزعامة (الملا سليم أفندي الخيزراني)، وبمشاركة عدد من الأمراء الكورد، مثل: رشيد أغا السليفاني، وعبد الرحمن الشرنافلي، والشيخ نوري البريفكاني، والشيخ سعيد الحفيد، والشيخ عبد السلام البارزاني، طالبوا بتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية، وإبعاد الموظفين الأتراك([59]). وقبل ذلك كان الشيخ (عبد السلام البارزاني) قد رفع، مع مجموعة من الزعماء الكورد في منطقة بهدينان، عريضة إلى (مجلس النواب التركي)، طالبوا فيها بأن تجري الأحكام بمقتضى الشريعة الإسلامية طالما أن دين الدولة الإسلام. وأن يتعين لمنصب القضاء والإفتاء من هو على المذهب الشافعي، وأن تؤخذ الضرائب بمقتضى ما نصّ عليه الشرع، ويلغى ما يزيد عنها([60]). وضمن ردود الأفعال الكوردية على إلغاء الخلافة الإسلامية، أعلن الشيخ (سعيد بيران) في شباط عام 1925م انتفاضة كوردية مسلحة ضد الأتراك، عمّت معظم أجزاء كوردستان، كان من أهدافها إعادة العمل بالشريعة الإسلامية، وتنصيب (سليم أفندي) أحد أبناء السلطان (عبد الحميد) خليفة للمسلمين([61]).
أثر العامل الديني في تعاطف الكورد مع العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى
على الرغم من خيبة الأمل التي أصابت الكورد والعرب، على حد سواء، من سياسة الاتحاديين العنصرية، إلا أن مواقف هؤلاء من الأتراك عند اندلاع الحرب اتسم بالتعاطف والإيجابية. فقد أفتى علماء الدين الشيعة والسنة بوجوب الجهاد لدفع الضرر عن المسلمين، حسبما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية([62]). وقد كانت استجابة الكورد سريعة وواضحة لتلك الفتاوى، وبشكل خاص الفتوى التي أصدرها شيخ الإسلام آنذاك (خيري أفندي) في 7 تشرين الثاني 1914، وكذلك البلاغ الذي أعلنه السلطان العثماني (محمد رشاد) (1909 – 1918م)، بوصفه خليفة المسلمين، طالب فيه رعايا الدولة العثمانية بالمشاركة في الحرب والدفاع عن الدولة ([63]).
وبعد دخول القوات البريطانية مدينة (الفاو) في جنوب العراق، تحركت من ولاية الموصل أعداد كبيرة من أبناء العشائر الكوردية متجهة نحو الجنوب، رافعة رايات كتب عليها: (الجنة تحت ظلال السيوف). كما اشترك أيضاً مقاتلون كورد من السليمانية وأربيل وكفري. وقد تزعم الشيخ (محمود الحفيد) البرزنجي قوة تراوح عدد فرسانها (1500 – 2000) مقاتل، وقد استقبلهم الأهالي في الجنوب بالأهزوجة الشعبية التي عبرت عن فرحتهم بمشاركة إخوانهم الكورد، والتي تقول: (ثلثين الجنة لهادينا، وثلث لكاكا أحمد وإخوانا)([64]).
لم تكن مشاركة الكورد في العمليات العسكرية مقتصرة على جنوب العراق فحسب، بل كان لهم مواقف مماثلة في جبهات عدة، ومنها الجبهة الإيرانية. ويمكن القول إن الشعب الكوردي قد دفع ثمناً كبيراً لتلك المواقف، من خلال سقوط أعداد كبيرة من الضحايا الكورد في ساحات المعارك، فضلاً عن إلحاق الأضرار الاقتصادية والاجتماعية بكوردستان. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى استمرت الانتفاضات الكوردية ضد الوجود البريطاني في العراق، واتخذ معظمها طابعاً إسلامياً([65]). فضلاً عن الدافع القومي، الذي حرك انتفاضات كوردية أخرى في تلك المرحلة.
ثالثاً: لمحات من النشاط القومي للكورد في الدولة العثمانية
الكورد، شأنهم شأن القوميات الأخرى، لهم مشاعر وأهداف قومية بدأت تتبلور في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وقد تأثرت الحركة القومية الكوردية في مراحلها الأولى بعوامل داخلية وخارجية، تمثلت بسوء الإدارة العثمانية والضعف والانحطاط والفساد الذي أصابها، فضلاً عن ممارسة القسوة والعنف في تعاملها مع مطالب الكورد وأهدافهم. وقد أشار المؤرخ (مجيد خدوري) إلى هذا العامل بقوله: إن قصر نظر السلطات الحاكمة في معالجة الشؤون الكوردية، كان يدفعها إلى محاولات القضاء على تلك الحركات باستخدام القوة أو القيام بنفي زعمائهم أو إرشائهم، الأمر الذي أدى إلى نقمة الأكراد وسخطهم على الحكومة. ولا شك بأن مثل هذه الوسائل كانت تهيئ الفرص إلى تجدد الحركات كلما تهيأ للأكراد الساخطين قائد مغامر([66]). إلى جانب ذلك، فإن نمو الوعي القومي في المناطق العربية والأوربية، الخاضعة للسيطرة العثمانية، قد حفّز الكورد على المطالبة بتحقيق آمالهم وأهدافهم القومية([67]).
يمكن القول هنا بأن حركات المعارضة الكوردية التي حدثت في عهد السلطان (عبد الحميد الثاني)، لم تكن تحمل طابعاً قومياً واضحاً، بقدر ما كانت ردود أفعال لعوامل اقتصادية أو سياسية بحتة، وذلك نتيجة لاهتمام السلطان (عبد الحميد الثاني) بحقوق القوميات المختلفة، ومنهم الكورد، الذين حظوا باهتمام وتقدير السلطان (عبد الحميد) لشجاعتهم وتمسكهم بالإسلام واحترامهم للسلطان([68]). فتمتع الكورد بنوع من الاستقلال الذاتي في عهد السلطان (عبد الحميد)، وتسلّم عدد منهم وظائف مهمة في الدولة العثمانية. غير أن طبيعة حركات المعارضة الكوردية تغيرت بعد وصول جماعة الاتحاد والترقي إلى الحكم بعد انقلاب 1908، وتنكرهم لحلفائهم من قوى المعارضة، التي أدركت أن الاتحاديين استخدموهم كرأس حربة للإطاحة بالسلطان (عبد الحميد). وشعرت النخبة الكوردية بأن ثمة حملات منظمة يقودها الاتحاديون للقضاء على هويتهم القومية، ويؤكد هذا التوجه أحد المعاصرين لتلك المرحلة بقوله: إن سياسة التتريك التي بدأ بها الاتحاديون أرغمت العناصر الإسلامية غير التركية في الدولة العثمانية على التفكير في ذاتها، واكتشاف الإجحاف والاضطهاد القومي بحقها، كالعرب والألبان والكورد، ودفعهم كذلك لتأسيس منظماتهم القومية([69]).
وعليه بدأ النشاط القومي الكوردي يتبلور بشكل تدريجي، ففي (الأستانة) تشكّل في نهاية عام 1908م النادي الكوردي، بمبادرة من الأمير (أمين بدرخان)، وأصدر جريدة باسم (تعاون وترقي الكورد)، نشرت مواضيع تتعلق بوحدة الكورد الثقافية ولغتهم وتراثهم الشعبي. ورفع أعضاء النادي شعار (كوردستان للأكراد). وفي نفس العام تأسست جمعية (ترقي وتعالي الكورد)، أصدرت جريدة باسم (كردستان) طالبت بمنح الكورد مزيد من الحريات لتحقيق أهدافهم القومية([70]). إلى جانب ذلك تأسست في عام 1910م جمعية كوردية باسم (الأمل)، عملت على نشر الثقافة الكوردية، والعمل على تحقيق استقلال كوردستان، من خلال إصدارها لجريدة يومية باللغتين التركية والعربية سميت ب (شمس كوردستان)([71]). وفي عام 1913م دخل الشيخ (محمود الحفيد) في تحالفات مع أبناء بدرخان، من أجل توحيد الجهود لتحرير كوردستان من سيطرة الأتراك، وإقامة دولة فدرالية كوردية([72]).
تشير بعض المصادر إلى أن الحركة القومية الكوردية تميزت في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى بأسلوب جديد وسلاح جديد، هو سلاح الفكر من خلال السعي لنشر الوعي القومي بين الكورد عن طريق الصحافة والأدبيات ثم النشاط الحزبي المنظم. فانتشرت العديد من الصحف الكوردية آنذاك. وظهرت عام 1908 صحيفة (شرق وكوردستان). وفي نفس العام عادت أول صحيفة كوردية وهي (كوردستان) للصدور مرة أخرى، بعد أن توقفت منذ عام 1902م، وكان يشرف عليها آنذاك (أحمد ثريا بدرخان). كما صدرت في (ديار بكر) عام 1909م صحيفة باسم (بيمان/ العهد). وفي عام 1912 تأسست مجلة شهرية باسم (كوردستان)، ثم في عام 1913 صدرت مجلة أخرى بعنوان (يكبون/ الاتحاد)([73]).
وهكذا مارست تلك الجمعيات والتنظيمات السياسية الكوردية، بصحفها ونشراتها المتعددة، نشاطاً واضحاً في إبراز الثقافة الكوردية، وعملت بدأب على تنمية الوعي القومي لمطالب الشعب الكوردي، من أجل تحقيق طموحاته وأهدافه القومية، رغم حملات المطاردة والتضييق التي تعرض لها الناشطون الكورد آنذاك.
الخاتمة
من خلال ما تم استعراضه في البحث يمكن الإشارة إلى عدد من الملاحظات الرئيسة، وكما يلي:
- تعد كوردستان منطقة حيوية بالغة الأهمية. وهي تتمتع بميزات قلما توجد مجتمعة في منطقة واحدة. فهي تتمتع بموقع جغرافي متميز، يضم موارد وخيرات وتحصينات طبيعية. إلى جانب أهميتها الاستراتيجية والعسكرية والتجارية. هذه الميزات جعلت من كوردستان، وعلى مر العصور، هدفاً لأطماع دول وجهات عديدة. لذلك تحولت كوردستان، ومنذ بدايات القرن السادس عشر الميلادي، إلى ساحة لصراع دولتين، كان لهما تأثير كبير على تطورات الأوضاع في المنطقة سياسياً واقتصادياً، وحتى اجتماعياً، وهما كل من: الدولة الصفوية، والدولة العثمانية. هذا فضلاً عن وجود دول إقليمية ودولية، مثل: روسيا، وبريطانيا، وألمانيا، سعت جاهدة لتحقيق مصالح ذاتية في كوردستان.
- أدرك الشعب الكوردي أممية الإسلام، الذي منح كل الشعوب التي انضوت تحته فرصتها للتحقق والتعبير عن الذات، دون المساس بخصوصيتها العرقية والمذهبية والطبقية. لذلك ما أن وصلت حركة الفتوحات الإسلامية أرض كوردستان، حتى رحب الكورد بالدين الجديد وفتحوا قلوبهم وعقولهم لمبادئه السامية، بل أصبح الكورد جزءاً مهماً من الحضارة الإسلامية، من خلال إسهاماتهم المتميزة، وفي شتى المجالات العلمية والثقافية والإدارية والاقتصادية.
- نظر الكورد إلى الدولة العثمانية على أنها امتداد لدولة الخلافة الإسلامية، التي تعود إلى زمن الصحابة الأوائل. وعدّ الكورد الوجود العثماني في كوردستان فتحاً جديداً في تاريخ الإسلام. لذلك يمكن القول إن ثمة عاملاً روحياً ووجدانياً جعل الكورد يميلون إلى جانب الدولة العثمانية. وقد تجلى ذلك بشكل واضح في اصطفاف الكورد إلى جانب العثمانيين ضد الصفويين في معركة جالديران عام 1514م، التي شكلت انعطافة مهمة في تاريخ العلاقات الكوردية العثمانية.
- أدرك السطان (عبد الحميد الثاني) خصوصية الشعب الكوردي، وأهمية كوردستان بالنسبة للعمق الأمني للدولة العثمانية. وقد أفصح السلطان (عبد الحميد) عن ذلك، وفي أكثر من مناسبة، ومنها قوله: بلاد كوردستان مهمة بالنسبة لدولتنا، لأنها تقع على حدود الروس وإيران بامتداد واسع. وأهميتها مهمة. وانطلاقاً من ذلك اتبع السلطان (عبد الحميد) مع الكورد سياسة التقارب والاحتواء، من خلال منحهم امتيازات ووظائف مهمة في الدولة، لشجاعتهم، وتمسكهم بالدين الإسلامي. وكذلك لكونهم يمثلون عنصراً مهماً من عناصر الأمن والاستقرار.
- في المقابل وجد الكورد أنفسهم جزءاً من الدولة العثمانية، تربطهم مع العثمانيين رابطة الدين، الذي كان يشكل أساس البناء السياسي والاجتماعي للدولة العثمانية. وقد عبّرت عن هذا التوجه جريدة (كوردستان)، وهي جريدة الكورد الوحيدة عام 1898، في أحد أعدادها، تقول: كل مسلم يرغب أن يطول عمر الدولة العثمانية عندما يلاحظ أن الوهن يصل إلى جسد الدولة بسبب الداء، وعلينا أن نمدها بالدواء، وإزالة أسباب المرض، لأن صحة الدولة صحتنا، وموتنا في موتها.
- على أثر مشاركة الكورد المهمة في تشكيل (جمعية الاتحاد والترقي) عام 1889، من أجل الحصول على الاستقلال الذاتي للشعب الكوردي، اصطدموا بسياسة الاتحاديين المركزية، بعد نجاح انقلاب 1908، وتنكرهم للقوميات الأخرى، ومنها القومية الكوردية. لذلك قررت النخبة الكوردية تبني النضال السياسي من أجل إبراز الهوية القومية للشعب الكوردي، وأيضاً من أجل أن تحقق كوردستان حريتها ضمن حدود الدولة العثمانية، فانتشرت في كوردستان وخارجها العديد من الجمعيات السرية، والعلنية، بنشراتها وصحفها التي نشطت في تعزيز الوعي القومي للشعب الكوردي.
- كان للدافع الديني دور في إثارة فئات وشرائح مختلفة من الشعب الكوردي ضد عملية خلع السلطان (عبد الحميد)، التي عدوها استهدافاً للخلافة الإسلامية، وبدايةً لتمزيق العالم الإسلامي. وقد عبّرت تلك الفئات عن رفضها لتلك الإجراءات، من خلال الاشتراك بعدة انتفاضات شعبية مسلحة، فضلاً عن تأسيس عدد من التنظيمات والجمعيات ذات التوجه الديني، تأييداً للسلطان (عبد الحميد)، ومطالبة بعودة العمل بأحكام الشريعة الاسلامية.
- رغم سياسة التهميش والتمييز العنصري التي تبناها الاتحاديون، فإن الكورد ظلوا أوفياء للدولة العثمانية، يدفعهم في ذلك العامل الديني، الذي استغله الأتراك لكسب تأييد وتعاطف الشعوب الإسلامية، خلال الأزمات والتهديدات الداخلية والخارجية التي تعرضت لها الدولة العثمانية.
- ختاماً، يمكن القول إن النزعة القومية للكورد في الدولة العثمانية، وبشكل خاص خلال عهد السلطان (عبد الحميد)، لم تكن واضحة بقدر وضوح النزعة الدينية، فكانت تربطهم بالدولة العثمانية رابطة إيمانية، جعلتهم أفراداً في عائلة واحدة. لكن عندما شعر الكورد أن ثمة حملات منظمة تستهدف هويتهم وخصوصياتهم القومية، استجابوا لتلك التهديدات، من خلال التركيز على الأهداف القومية للشعب الكوردي والعمل على تحقيقها.
الهوامش:
([1]) ينظر: جمال رشيد فوزي وفوزي رشيد، تاريخ الكورد القديم، جامعة صلاح الدين (أربيل، 1990)، ص16.
([2]) محمد أمين زكي، خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان، ترجمة وتعريب: محمد علي عوني (ط2، بغداد، 1961)، ص1.
([3]) ينظر: باسيل نيكتين، الأكراد (دار الروائع، بيروت، 1958)، ص24 -25.
([4]) شاكر خصباك، الأكراد، دراسة جغرافية أثنوغرافية (مطبعة شفيق، بغداد، 1972)، ص515.
([5]) مينورسكي، الأكراد ملاحظات وانطباعات، ترجمة، معروف خزندار (مطبعة النجوم، بغداد، 1968)، ص12 -14.
([6]) ينظر: شاكر خصباك، الكرد والمسألة الكردية (مطبعة الرابطة، بغداد، 1959)، ص12 -14؛ فلاديميير منورسكي، الأكراد أحفاد الميديين، ترجمة: كمال مظهر أحمد، مجلة المجمع العلمي الكردي، مجلد 1، السليمانية، 1973، ص558 -859.
([7]) أدمون غريب، الحركة القومية الكردية (دار النهار، بيروت، 1973)، ص9.
([8]) عبد الستار طاهر شريف، المجتمع الكوردي دراسة اجتماعية ثقافية سياسية (مطبعة دار العراق، بغداد، 1981) ص70؛ خصباك، الكورد والمسألة الكوردية، مصدر سابق، ص21.
([9]) محمد أمين زكي، تاريخ الدول والأمارات الكوردية (د.م، القاهرة، 1948)، ص363.
(10]) ثمة من يعزو انتشار المذهب الشافعي في كوردستان إلى دور طلبة العلم الكورد الذين كانوا يتلقون تعليمهم في المدارس والمعاهد الدينية في بلاد الشام التي كانت تهتم بالفقه الشافعي، حيث قاموا بنشر هذا المذهب بعد عودتهم إلى كوردستان. ينظر: حسام الدين علي النقشبندي، الكورد في دينوا وشهرزور خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب (جامعة بغداد، 1975)، ص110؛ زكي، خلاصة تاريخ الكورد، مصدر سابق، ص164.
([11]) خليل علي مراد، تاريخ العراق الإداري والاقتصادي في العهد العثماني 1638 – 1750م، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب (جامعة بغداد، 1975)، ص67، ص77.
([12]) للتفاصيل عن نشأة الدولة العثمانية ينظر: أحمد عبد الرحيم مصطفى، في أصول التاريخ العثماني (دار الشروق، بيروت، 1982)؛ إسماعيل سرهنك، تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة حسن الزين (دار الفكر، بيروت، 1988).
([13]) عماد الجواهري، صراع القوى السياسية في الشرق العربي، جامعة الموصل (الموصل، 1990 )، ص66.
([14]) ينظر: سيار كوكب الجميل: استراتيجية العراق وأثرها في نشوء الصراع العثماني الإيراني، مجلة آفاق عربية، بغداد، العدد (10)، 1981، ص16.
([15]) طارق أحمد شيخو الهسنياني، الدولة العثمانية والمشرق العربي في عهد السلطان سليمان القانوني 1520 – 1566، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب (جامعة الموصل، 2008)، ص91.
([16]) ينظر: سعدي عثمان هروتي، كوردستان والإمبراطورية العثمانية دراسة في تطور سياسة الهيمنة العثمانية في كوردستان 1514 – 1581، مؤسسة موكرباني للبحوث والدراسات (دهوك، 2008)، ص38.
([17]) المصدر نفسه، ص 38. يؤكد العديد ممن أرخوا للدولة العثمانية على الأسس والمنطلقات الإسلامية التي قامت عليها الدولة العثمانية وأن معظم السلاطين العثمانيين اعتمدوا على الشريعة الإسلامية في إدارة أمور الدولة لذلك كان لقب الغازي والذي يعني (المجاهد والمحارب القوي) من الألقاب المفضلة لدى السلاطين العثمانيين. للتفاصيل ينظر: زياد أبو غنيمة، جوانب مضيئة في تاريخ العثمانيين الأتراك (دار الفرقان للنشر، د.م ، د.ت)، ص21-43.
([18]) شخصية كوردية معروفة لدى الأوساط الكوردية. كان قد عمل في بلاط سلاطين دولة الآق قوينلو التركمانية وبعد سقوطها على يد الصفويين عام 1501م انتقل البدليسي إلى اسطنبول حيث عمل في بلاط السلطان بايزيد الثاني ثم ابنه السلطان سليم الأول. واشترك معه في معركة جالديران، وكذلك في الحملة العثمانية على مصر عام 1517م، وله كتب في التاريخ والعلوم الدينية والادب. توفي في اسطنبول ودفن فيها عام 1520م. ينظر الهسنياني، الدولة العثمانية والمشرق العربي، مصدر سابق، ص92؛ عبد الفتاح علي يحيى إدريس البدليسي ودوره وأثره في التاريخ الكوردي، مجلة كاروان، العدد (24)، ص156 – 157.
([19]) مارتن فان بروينسن، الآغا والشيخ والدولة، البنى الاجتماعية والسياسية لكردستان، ترجمة أمجد حسين، معهد الدراسات الإستراتيجية، المجلد الأول (بيروت، 2007)، ص303 -304.
([20) مراد، تاريخ العراق، مصدر سابق، ص92.
([21]) للتفاصيل عن المعركة ينظر: شرف خان البدليسي، شرفنامه في تاريخ سلاطين بني عثمان، ترجمة: محمد علي عوني، الجزء الثاني (دار الزمان، دمشق، 2005)، ص 119 – 120؛ فاضل بيات، الدولة العثمانية في المجال العربي دراسة تاريخية في الأوضاع الإدارية في ضوء الوثائق والمصادر العثمانية حصراً (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007)، ص ص245 – 253.
([22]) عبد الله العلياوي، كوردستان في عهد الدولة العثمانية من سنة 1851-1914 دراسة في التاريخ السياسي (السليمانية، 2005)، ص25.
(23]) ينظر: بروينسن، الآغا والشيخ والدولة، مصدر سابق، ص305؛ الهسنياني، الدولة العثمانية والمشرق العربي، مصدر سابق، ص93.
(24]) ينظر: رؤوف سنو، النزعات الكيانية الإسلامية في الدولة العثمانية 1877-1881 (بيان للنشر، بيروت، 1998)، ص114 وما بعدها؛ هروتي، كوردستان والإمبراطورية العثمانية، مصدر سابق، ص ص21 – 30.
([25]) زكي، خلاصة تاريخ الكورد، مصدر سابق، ص170.
([26]) هروتي، كوردستان والإمبراطورية العثمانية، ص58.
([27]) ينظر: عز الدين ابن الأثير، أسد الغابة، مجلد 1 (دار الفكر لطباعة والنشر، بيروت، 1989)، ص202؛ عماد الدين خليل، الشعب الكوردي في ظلال العصر الإسلامي، مقال منشور على شبكة الانترنت.
([28]) عباس العزاوي، عشائر العراق الكوردية (د.م، بغداد، 1947)، ص18.
([29]) محفوظ العباسي، إمارة بهدينان (مطبعة الجمهورية، الموصل، 1969)، ص24؛ خليل، الشعب الكوردي في ظلال العصر الإسلامي، مصدر سابق.
([30]) ينظر: محمد علي القرداغي، محمد فيضي الزهاوي نبذة عن حياته وشيء من آثاره (منشورات آراس، أربيل، 2004)، ص7-8؛ فرست مرعي، الدور التاريخي للكورد، مقال منشور على: www.aljazeera.net
([31]) ينظر: محمد زكي البرواري، الكورد والدولة العثمانية موقف علماء كوردستان من الخلافة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني (دار الزمان، دمشق، 2009)، ص ص198-199.
([32]) انطلقت بداية الفكر الصوفي في القرن الثاني الهجري، فظهرت أولاً كتيار يحاول مواجهة إقبال الناس على الدنيا بعد زمن الفتوحات الكبرى وانشغال كثير من المسلمين عما كان عليه رسول الله (r) وأصحابه، فبدأ تيار ينادي بالزهد والتخلي عن الدنيا والانقطاع إلى العبادة. ويجمع المؤرخون على أن التصوف نشأ وترعرع في العراق، في البصرة تحديداً، ومنها انتشر بسرعة كبيرة وضمن مساحة واسعة وبين جماهير متنوعة. للتفاصيل ينظر: محمد مصطفى، الحياة الروحية في الإسلام (الهيئة المصرية العامة، القاهرة، 1970)، ص 83 ، أبي عبد الرحمن السلمي، المقدمة في التصوف، تحقيق حسين أمين (بغداد، 1984)، ص8.
(33]) صديق الدملوجي، إمارة بهدينان (د.م، الموصل، 1952)، ص60.
([34]) ينظر: عبد ربه سكران إبراهيم الوائلي، أكراد العراق 1851 – 1914 دراسة في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب (جامعة القاهرة، 1987)، ص ص196-200.
([35]) هلكوت حكيم، أبعاد ظهور الطريقة النقشبندية في كوردستان في أوائل القرن التاسع عشر، مجلة دراسات كوردية، المعهد الكوردي، باريس، كانون الثاني، 1984، ص ص55-57.
([36]) المصدر نفسه، ص62.
([37]) ينظر: أحمد فكاك أحمد البدراني، الحركة الصوفية في العراق إبان القرن التاسع عشر دراسة تاريخية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية (جامعة الموصل، 1997)، ص75؛ علي نجم عيسى، الجهود العلمية للنقشبندية في شمال العراق (مولانا خالد النقشبندي أنموذجاً، بحث منشور في مركز النور على الموقع : www.alnoo.se
([38) حول مشروع الجامعة الإسلامية ينظر: موفق بني المرجه، صحوة الرجل المريض أو السلطان عبد الحميد الثاني والخلافة الإسلامية (مؤسسة صقر، الكويت، 1984)، ص ص121-128.
(39]) ينظر: علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ج3 (مطبعة الشعب، بغداد، 1972)، ص15.
([40]) البرواري، الكورد والدولة العثمانية، مصدر سابق، ص237.
([41]) العلياوي، كوردستان في عهد الدولة العثمانية، مصدر سابق، ص98.
([42) ينظر: محمود الدرة، القضية الكردية والقومية العربية في معركة العراق (دار الطليعة، بيروت، 1963)، ص29؛ البرواري، الكورد والدولة العثمانية، ص237.
([43]) أحصى أحد الباحثين الكورد أسماء (31) عالماً دينياً من الكورد أيدوا السلطان عبد الحميد الثاني من خلال الدعوة لنصرته وتأييده عبر المنابر وخطب الجمعة والمناسبات الدينية أو من خلال إصدارهم الفتاوى التي تحث على الجهاد لنصرة الدولة العثمانية ضد أعدائها. ينظر: أحمد محمد أحمد، أكراد الدولة العثمانية تاريخهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي 1880 – 1923 (دار سبيريز، دهوك، 2009)، ص307.
([44) مثل حركة أبناء بدرخان الأولى عام 1879، والثانية عام 1889، وتمرد عشيرة الهماوند، وحركة الشيخ عبيد الله النهري 1880-1881، وغيرها من الحركات. للتفاصيل ينظر: قاسم خلف عاصي الجميلي، العراق والحركة الكمالية 1919 – 1923 أطروحة دكتوراه كلية الآداب (جامعة بغداد، 1990)، ص ص90-91؛ زكي، خلاصة تاريخ الكورد، ص ص 239-241؛ قادر سليم شمو، موقف الكورد من حرب الاستقلال التركية 1919 – 1922 (دار سبيريز، دهوك، 2008)، ص ص 18 – 24.
([45) العلياوي، كوردستان في عهد الدولة العثمانية، ص172.
([46]) كمال مظهر أحمد، كوردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى، ترجمة: محمد الملا عبد الكريم (ط2، دار الثقافة والنشر الكوردية، بغداد، 2011)، ص ص 86 – 87.
([47) سورة الأنفال، الآية 60.
([48) البرواري، الكورد والدولة العثمانية، ص ص 264 – 265.
([49) المصدر نفسه، ص ص 265 – 270؛ وللتفاصيل ينظر: ماجد محمد يونس زاخويي، الفرسان الحميدية 1891 – 1923، رسالة ماجستير كلية الآداب (جامعة الموصل، 2006).
([50]) للتفاصيل عن الجماعة والانقلاب الذي قامت به ينظر: أرنست رامزور، تركيا الفتاة وثورة 1908، ترجمة: صالح أحمد العلي (بيروت، 1960)؛ جاوان حسين فيض الله الجاف، الكورد ودورهم في جمعية الاتحاد والترقي دراسة تاريخية 1899 – 1914 (دار الزمان، دمشق، 2012)، ص ص 66-76.
([51]) أحمد، كوردستان في سنوات الحرب، ص ص99-96.
([52]) أحمد، أكراد الدولة العثمانية، ص346.
([53]) عبد المنعم الغلامي، الضحايا الثلاث (د.ط، الموصل، 1955)، ص ص5-6.
([54]) أحمد، أكراد الدولة العثمانية، ص ص 347 – 348.
([55]) الدملوجي، إمارة بهدينان، ص ص94 – 95.
([56]) عثمان علي، دراسات في الحركة الكوردية المعاصرة 1833 – 1946 دراسة تاريخية وثائقية (أربيل، 2003)، ص 144.
([56]) إيمان غانم شريف، سعيد النورسي حياته ونشاطه السياسي في تركيا (1876 – 1960) رسالة ماجستير، كلية الآداب (جامعة الموصل، 2008)، ص ص 46 -50.
([57]) محمد سيد نوري البازياني، مستقبل الحركة الإسلامية في كوردستان العراق (التفسير، أربيل، 2006)، ص ص 24 25.
([58]) أحمد، كوردستان في سنوات الحرب، ص ص 110-111.
([59]) الدملوجي، إمارة بهدينان، مصدر سابق، ص 96.
([61) البازياني، مستقبل الحركة الإسلامية في كوردستان، ص ص28-29.
(62]) حسن العلوي، الشيعة والدولة القومية في العراق 1914 – 1990 (دار الثقافة، قم، 1990)، ص ص 60 وما بعدها.
([63]) G . J . Edmonds , Kurds ,Turks and Arabs , Politics Travel and research in North – Eastern Iraq ( London, 1957 ) pp. 247-246 .
([64]) ينظر: كمال مظهر أحمد، دور الشعب الكوردي في ثورة العشرين العراقية (مطبعة الحوادث، بغداد، 1978)، ص ص 92-93؛ سروة أسعد صابر، كوردستان من بداية الحرب العالمية الأولى إلى نهاية مشكلة الموصل 1914 – 1926 دراسة تاريخية سياسية وثائقية، رسالة ماجستير كلية الآداب (جامعة صلاح الدين، 1999)، ص21.
([65]) للتفاصيل: البازياني، مستقبل الحركة الإسلامية، ص ص 40 – 47؛ عبد المنعم الغلامي، ثورتنا في شمال العراق 1919 – 1920، ج1 (مطبعة شفيق، بغداد، 1966)، ص 24 وما بعدها.
([66]) الوائلي، أكراد العراق، مصدر سابق، ص254.
([67]) المصدر نفسه، ص256.
([68) العلياوي، كوردستان في عهد الدولة العثمانية، ص168.
([69]) البازياني، مستقبل الحركة الإسلامية، ص 22 – 23.
([70]) إبراهيم خليل أحمد، ولاية الموصل. دراسة في تطوراتها السياسية 1908 – 1922 رسالة ماجستير، كلية الآداب (جامعة بغداد، 1975)، ص165-166.
([71]) المصدر نفسه، ص166-168.
(72]) أحمد، كوردستان في سنوات الحرب، ص107.
([73]) سروة، كوردستان، ص ص10-11؛ أحمد، ولاية الموصل، ص169-172.[1]