#صباح كنجي#
البشاعة.. القسوة.. التوحش.. الغدر.. الخيانة.. النهب.. السلب.. الدناءة.. التطرف.. السبي.. القتل.. الذبح.. الموت.. هتك الاعراض.. العودة لزمن النخاسة.. كل هذه المفردات وغيرها لا تفي التعبير لوصف حالة الخراب والدمار في سنجار وما حلّ بأهلها من قهر وذل وضحايا بالآلاف..
في مشهد عبثي جديد.. من مهازل تفكيك العراق الراهن .. بعد ان اندمج النفاق السياسي الوضيع برائحة النفط والغاز .. المتواطئ مع نزعات الاستعباد الديني المنتجة للارهاب الاسلامي المنفلت.. المسير من جهات الكون الاربعة نحو مدن ومجمعات سنجار وسهل نينوى لاستهداف الوجود السكاني فيها.. مركزاً نيرانه على الايزيديين والمسيحيين والشيعة.. وفي عرض همجي يتواتر مع تاريخ سافل مشبع بغزائز الحيوانات المفترسة.. يبيح الفتك بالبشر.. زهق الاطفال.. اغتصاب النساء .. تحليل الحرام.. بفصول متفق عليها وفق خطة المخرج العبثي ليحفظ لكل طرف فيها دوره.. تحتاج من المشاهد أن يتسلح بالحنكة والتركيز للتدقيق في الخيوط التي تربط المشاهد ببعضها خلف الكواليس كي يدرك خفايا المشهد المختلط ويكون له المقدرة على فك طلاسمه..
المقدمة .. تبدأ بحركتين متوازيتين .. تنسحبُ القوات الكردية .. تحديداً قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني .. بحكم هيمنته على الاوضاع في سنجار.. لتخلي مواقعها في وصف قال عنه الاعلامي كريم سنجاري.. هو في ذات الوقت عضو قيادة فرع سنجار للحزب: (انه تكتيكي) ..
هو ذات الانسحاب الذي اسماه قاسم ششو.. وهو عضو كاركير فرع سنجار ايضاً لنفس الحزب: (أنه هروب وتخاذل مستخدماً اقذع الاوصاف في وصف رفاقه وبقية القادة العسكريين والحزبين التابعين للحزب الديمقراطي في سنجار عبر شريط متلفز.. كاشفاً خفايا وخبايا الاحداث التي سبقت الانسحاب المذل الذي ترافق مع حركة الدواعش لاستباحة المدن ..
في هذا الفصل المخصص للحزب الديمقراطي الكردستاني من المسرحية العبثية في سنجار.. لسنا بحاجة لشهادة آخرين ممن يوصفون بالانداد للديمقراطي الكردستاني ومعارضيه الكثر..
فما ترشح من اعلام الحزب نفسه .. ما يرددهُ المسؤولون والكوادر في تبريرهم لسياسة حزبهم.. والغاز تسليم المدن والناس للدواعش وما حلّ بسنجار والسنجاريين من خراب يعطي اكثر من مفتاح لفك طلاسم هذا السلوك المشين..
حالة التخبط.. الفوضى التي تعم تنظيماته.. هي انعاكس لهذا التراجع المربك في الاداء السياسي والعسكري.. ستؤدي لا محالة الى انهيارات وشيكة في صفوفه بحكم تناقض الاراء واختلاف التوجهات التي اصبحت محط انظار الجميع .. في المقدمة منهم اعضائة ومؤازريه من الايزيديين وغيرهم..
دعونا نجمع الخيوط التي تمتدُ لتشكل جوانب من سياسة الحزب ومواقفه في هذا الحدث الجلل الذي اسفر عن كارثة سنجار وسهل نينوى وبقية المدن بين الموصل وأربيل.. كي نطالب من له القدرة في صفوفه للاجابة على.. ليس الاسئلة المطروحة فقط .. بل التفسير المنطقي للامور التالية :
1 ما سر ذهاب مسعود البارزاني في الثلاثين من تموز الى مجمع الخازر في مخمور والكلك وحديثه مع النازحين الفارين من الموصل بعد دخول داعش اليها بيقين راسخ: انهم سيعودون اليها بعد ايام وانه سيلتقيهم مؤكداً ( أعدكم بأنني سأزوركم في الموصل)!.. إذا كان البارزاني مطلعاً بحكم موقعه على ما سيجري لاحقاً للنازحين من الموصل ومن امكانية عودتهم اليها رغم اعلان الدولة الخلافة الاسلامية فيها ..
كيف لم يتحسب للأسوء الذي جرى بعدها بأيام من مهاجمة الدواعش لتللعفر ومن ثم سنجار.. وبعدها مخمور .. الكلك .. قره قوش .. تللسقف .. تلكيف .. باطنايا .. كرمليس.. بعشيقة وبحزاني.. العشرات من قرى الشبك ومهزلة هروب وعدم مقاومة مسلحي حزبه والجيش الكردي للهجوم في كافة هذه المحاور ومنعهم للناس وبقية الاطراف والاحزاب من مواجهة المهاجمين والتصدي لهم..
في ذات السياق.. فيما يتعلق بدور البارزاني نفسه.. حديثه المكرر عن تغيير سياسة الحزب والحكومة الكردية.. من الدفاع الى الهجوم.. قبل الاحداث مع بدء التحرشات والمناوشات بين الكورد والدواعش في اكثر من موقع ..
هل يمكن ان يكون هناك سياسة دفاع مع الدواعش المجرمين؟!!.. هل يعي البارزاني خطورة استخدامه وكشفه لسياسة الدفاع مع الدواعش؟!!.. التي قرر استبدالها بالهجوم .. اي هجوم هذا؟! .. كيف سقطت سنجار ؟!.. ومن ثم قرى ومدن سهل الموصل بعد تصريحه المثير عن التحول للهجوم .. مع ذلك سقطت جميع هذه المدن دون قتال! .. هل كان يقصد هجوم داعش في هذه المحاور؟!!!..
هل خانه القادة الميدانيون؟.. وتراجعوا دون اوامر منه.. ماهي حدود هذا الاحتمال وكيف يمكن ان نتصرف مع قادة عسكريين ومسؤولين حزبين خانوا الامانة وانسحبوا دون قتال وتسببوا في كل هذه الخسائر البشرية وهم يحملون اعلى الرتب.. (اللواء سربست بابيري، اللواء عزيز ويسي باني وكان مرشحاً لوزارة الداخلية لولا اعتراص الاتحاد الوطني عليه، اللواء سعيد ممو زيني).. ماهي الاجراءات المتبعة بحقهم.. هل سيكرمون على افعالهم المشينة وانسحابهم.. ام سيحاسبون.. متى .. كيف.. أين ؟!!!.. ام سيتركون ويعفى عنهم كما حدث مع المستشارين والجحوش الذين ساهموا في انفال عام 1988 وأصبحوا الآن قادة ومسؤولين في الحزب والاقليم واعضاء برلمان في الحكومة المركزية بينهم من نسب للجان الأمن والدفاع رغم تاريخهم الاجرامي المشين على قائمة الحزب الديمقراكي الكردستاني نفسه.. تلك اسئلة تحتاج للاجابة .. الاجابة السريعة والعاجلة.. لا وقت للانتظار فقد نفذ الصبر .. صبر الناس .. وبات الصمت غير مجدياً مع هول هذه الكارثة..
2 ما سر تواجد مسرور البارزاني في تلكيف في ليلة السقوط واحتلال داعش لها وعرض صور له في التلفزيون كمقاتل يقود جبهة القتال في تلكيف.. وبعد ساعات فقط مع الفجر تقدمت قوات داعش لتحتلها دون مقاومة وهكذا الحال بالنسبة لبقية قرى ومدن سهل نينوى.. التي انسحبت منها قوات الديمقراطي الكرستاني دون قتال قبل ساعات من اجتياح الدواعش لها..
ما التفسير المنطقي لهذا الانسحاب (التكتيكي) كما وصفه كريم سنجاري في لقاءاته المتلفزة في اكثر من قناة ..
3 ما سر تهجير قرى العرب( ركابا.. طاق.. طاق حرب.. النركزية.. شرف حيران..الخ) المتزامن مع الحدث في سهل نينوى الان.. لماذا ترافق مع تحرك داعش وهجومهم على المسيحيين والشبك والايزيديين في سهل نينوى؟!! ..
هل بدأت ملامح التطهير العرقي والطائفي في خطوة جديدة ومتقدمة لتقسيم العراق وتحويل كردستان الى دولة كما ينوه المنتسبون للحزب الديمقراطي الكردستاني وما يسوّقه كوادره.. في تبريرهم للانسحاب من سهل نينوى وسنجار.. وفق خطة متفق عليها بين الاطراف المتحكمة بخيوط اللعبة كما يقولون.. إذ بدأوا بالتبشير بالأهم والأفضل.. وان ما جرى في سنجار هو تضحية مطلوبة لتحقيق حلم الدولة الكردية !!..
ان مايساق في هذا الوقت من مبررات لكارثة سنجار.. واستسهال ما حل بها من دمار وخراب وهتك للاعراض لا يمكن قبوله من قبل اسوياء يعملون ويكافحون من اجل أهداف مشروعة.. الا اذا استبدلوا المفهوم الثوري ( شرف الغاية من شرف الوسيلة) بالميكافيلية وشعارات ( الغاية تبرر الوسيلة) .. في هذا السياق من التحول يحتاج المكافح السياسي للانتقال الى الوضاعة الفاشية كي يبرر ما حدث في سنجار.. واعتباره تضحية من اجل هدف اسمى يتعلق بقرب اعلان الدولة الكردية..
دولة كردية على جماجم الاطفال وهتك الاعراض بالتنسيق مع الدواعش والبعثيين.. أي عبث هذا بمصير الناس!.. اية همجية هذه!.. اي انحطاط هذا!.. إذا كان ما يسوق من تبريرات صحيحاً وفق تصريحات يومية لكوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني لتفسير الانسحاب المذل من سنجار..
نقول بصدق متمنين ان تكون هناك ثمة اجوبة اخرى.. إن كان الذي نسمعه صحيحاً .. سيكون بداية ومؤشراً لسقوط الكورد في خندق التطرف الاسلامي المكون للقاعدة وجبهة النصرة والدواعش وانصار كردستان.. ستدخل كردستان شئنا أم ابينا في اطار دولة الخلافة الاسلامية المعلنة في الموصل المتمددة كالسرطان في محيط المدينة بين الحواضر والمدن الاخرى.. التي ساهم في خلقها اكثر من طرف دولي واقليمي وقدموا الدعم اللوجستي والبشري لها.. وستكون هذه السياسة .. سياسة مهادنة الدواعش.. المحطة الجديدة في تفكيك بقايا براغي الجسد العراقي المهشم الذي يقترب من الموت لينبعث في كيانات جديدة ..
وهنا فيما يخص الدور الكردي في تحقيق وانجاح هذه المهمة.. لا بد وان نستدرك ونتذكر بأن ما حققه الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البارزانيين على امتداد تاريخهم وكفاحهم المعبد بالدم والتضحيات كغيرهم من ابناء مكونات كردستان السياسية والاجتماعية والاثنية.. فيه ما تحنى له الرؤوس ويستحقون المجد والتقديرعليه ..
وفيه من المطبات.. صفحات شكلت محطات سجلت صفقات مشينة.. واتفاقات عار وتخاذل فيها الكثير من التواطيء.. كما حدث في تأييدهم لانقلاب شباط عام 1963 .. وما حل بالثورة الكردية عام 1975 .. وما تلاها من صراعات مع الاطراف الكردية والانفال.. واستتقدام قوات المجرم صدام حسين في نهاية أب 1996 لاحتلال اربيل.. وغيرها من الصفحات السوداء التي بدأ يتذكرها الناس في هذه الايام العصيبة.. وهو ما خلق وضعاً جديداً ساهم في اهتزاز موقع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتراجعه وخسارته لجمهور كبير كان يعتمد عليه في سياق تزعمه للحركة الكرية وقيادته للسلطة.. بعد تشكيل حكومة كردستان الاقليمية ..
ان هذه الصورة وهذا الدور سيصغر ويصبح من الماضي شئنا أم ابينا وسيتحول الديمقراطي الكردستاني الى حزباً أقل شأناً في التأثير مع نمو وتطور الاتجاهات الجديدة في المجتمع.. التي ستشكل بداية انعطاف جذري مع حجم المتغيرات الناجمة في كردستان مع هذا الحدث الخطير.. المرافق لتنامي التطرف الديني فيها..
لهذا فان سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني اليوم كما تبين نتائج الاحداث في سنجار اصبحت.. كمن يلعب بكرة النار .. انها النار التي احرقت سنجار ستمتد الى بقية ارجاء كردستان.. ان بقيَ من يعتقد ان بمساومته للدواعش والبعثيين سيسلمُ من نارها ويستفيد من هول وفضائع المدن المستباحة وجرائم داعش فيها..
المطلوب الان من الاحزاب والقوى السياسية الفاعلة في كردستان ..الاتحاد الوطني الكردستاني .. حركة التغيير .. الحزب الشيوعي الكردستاني .. الاحزاب اليسارية .. وبقية الفصائل والاتجاهات الفكرية والاجتماعية والمثقفين.. من الكورد بمن فيهم الكورد الايزيديون والفيليون والسريان والكلدان والاشوريين والتركمان ممارسة الضغط على قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ووضع حد لتماديه وتلاعبه بمقدرات سكان كردستان.. وايقاف مهزلة التفرد بالدخول في اتفاقات سرية مع الاطراف الدولية والاقليمية والمحلية.. على حساب مصالحهم ومستقبلهم ومنع المقامرة بحياتهم ووجودهم ..
والمطلوب مراجعة شاملة لانعاكس الاوضاع على الناس وما سببته من انهيار في المعنويات وهجرة وهروب.. والعمل على ايقاف هذا التداعي الخطير ليس بالاعتماد على الدول ومساعداتها العسكرية والانسانية فقط ..
بل بفك الارتباط الفوري بالجهات التي تدعم الارهاب والارهابيين وتنظم وتسهل حركتهم وانتقالهم وتمدهم بالسلاح والذخيرة والاليات والتكنولوجيا المتطورة والتصدي لهم ووضع حد لتواجدهم في كافة المدن العراقية..
محذرين .. بأن من يقامر ويتخلى عن سنجار وسهل الموصل بهذه السهولة.. ولا يدافع ويحمي من فيها من مسيحيين وايزيديين ويهدد وجودهم التاريخي بهذا الشكل المريب.. لن يكون جديراً بالثقة في الدفاع عن بقية مدن كردستان ومستقبل الشعب الكوردي ..[1]