#صباح كنجي#
اما المجموعة التي تحركت نحو الفوج الثالث والدوسكي فكانت تتكون من (حازم القوشي.. وسمير حناوي رائد القوشي.. وأبو عهد وكاروان كوجر من سميل وكانوا بحدود 12 نصيراً) اما مجموعة أبو أمجد فقد كان معه الدكتور باسل وكنار وام أمجد وسالم شقيق أبو ظافر وأبو أيار وأبو احرار سربست والآخرين لا اتذكرهم الآن للأسف) وتعرضت الى صعوبات كانت نتيجتها خسارة الشهيد الفنان أبو أيار.. واعتقد ان سبب هذه الخسارة اختيارهم لموقع غير ملائم.. وعدم تمكن أبو أيار من مواصلة السير بسبب التعب والارهاق.. ومعاناته من جرح سابق في رجله.. مما جعله يتأخر في السير والابتعاد عن المجموعة التي كان مسؤولها غير مؤهل.. وبدت عليه ملامح الخوف والانهيار..
وكنت انا في هذه الأثناء مخبئاً في كهف.. بعد ان قررت الابتعاد عن المجموعة لأسباب خاصة.. والتقيت بابو بسام بالقرب من الروبار في منتصف ايلول او ما بعده بأيام.. وتفاهمنا على اللقاء مع أبو رنا واخبرت من معي..
وشاهدت المجموعة التي رجعت من الدشت مع سربست ابو احرار الذي حاول ان يأخذ سلاحي مني بحركة سريعة ونهرني بسبب تصرفي.. ومن ثم عاتبني لأنهم كانوا بحاجة لي ويعتمدون علي في مثل هكذا أوقات حرجة..
وجرى الاتفاق مع أبو رنا.. على التفكير بسحب الأنصار المحاصرين.. ووعدني بتسهيل أمري.. وكلفت باستطلاع منطقة العمادية من فوق قمة كارة مع سالم شقيق او ظافر.. قال لي سالم منذ أيام استطلع والوضع صعب في هذه المنطقة..
شاهدنا نصيرين قادمين.. من جهة العمادية عبر معبر اسبندار خلفو.. كانوا كل من ديار وآزاد جاءا لمساعدتنا وسحبنا بالتنسيق معي.. بعد أن تعرضوا لأربعة أيام الى حصار وخطر الاصطدام بالقوات المنتشرة في منطقة سبندار خلفو القريبة من العمادية..
وجرى سحب مجموعة كبيرة تكونت من 38 نصير (منهم أبو سلوان أبو حازم الإداري وزياد وكفاح كنجي وثائر بطرس من القوش ومنار ازاد القوشي) وكلفت بمسؤولية المجموعة لغاية وصولنا الى اسبندار خلفو.. حيث وجدنا مجموعة بحدود 10 أنصار من سرية العمادية بينهم ديار وبعد ليلة واحدة تحركنا الى ما وراء العمادية.. وعبرنا باتجاه زيوا وكاني ماسي.. ووصلنا الى منطقة آمنة لم يكن فيها تواجد عسكري للنظام..
وكانت في نفس الوقت قد تحركت مجموعة أخرى من أطراف مراني بقيادة سالم شقيق أبو ظافر ومعهم فيروز علي خليل وزيا وأبو احرار بهدف اللقاء مع مجموعة محاصرة..
ومنها انطلقنا عصراً نحو الحدود التركية.. بالقرب من شرق (سر بزير رأس الذهب) التي كانت ترابط فيه قوة عسكرية للنظام.. ومنها نفذنا نحو الحدود التركية.. وكان الاتفاق ان اعود ومعي نصير آخر الى أطراف مراني من جديد للقاء بالمجموعة الباقية.. وفقاً لما كنا قد اتفقنا عليه سابقاً.. لكن لم يبادر أحد للعودة معي..
عدت باتجاه الشارع وكانت قطعات الجيوش متمركزة بكثافة على طول الطريق.. وقررت الاختفاء والانتظار لليوم الثاني.. مع الاستطلاع المستمر للمنطقة واختيار المنفذ الملائم للعبور ومعرفة نقاط تمركز الجيش.. عدت الى منطقة سر زير وبقيت اراقب المنطقة.. سمعت أصوات ناس تتحدث باللغة العربية.. فتسللت بين الأشجار مع السفح وكان الأصوات تتضح وتقوى وعرفت انهم من الأنصار ونزلت إليهم وشاهدتهم يعدون وجبة أكل.. بعد ان حصلوا على خروف اشتروه من تركيا.. وكانت كل المجموعة التي رافقتها الى الحدود.. وتبين ان الجيش التركي رفض دخولهم واستلامهم لذلك بقوا على الحدود..
واحتد النقاش بيني وبينهم.. وتجادلت مع أبو سلوان.. قلت له هذا هو الطريق الوحيد الباقي.. ومن المحتمل ان يبلغ الأتراك الجيش العراقي بوجودكم.. وانت تبحث عن خروف وتلتهي بوجبة طعام دسمة في الوقت الذي مطلوب منكم التحرك ومواصلة المسير.. خاصة وإنكم مكشوفين للدولتين..
وطلبت من كفاح كنجي بعض المسكنات.. وعدت مع شخص من عوائل الأنصار شخصه أبو سلوان لمرافقتي الى مراني واحتمال عودة مجموعة من الدشت الى المكان المتفق عليه.. وقال هذا الشخص سيقوم بتسليم نفسه واعتقد هو شقيق ل جمال مراني..
عدت في ذات اليوم.. كنت تعبا للغاية.. رافقها حذري الشديد من الذي يرافقني.. وتمكنا من الوصول الى أطراف مقر زيوا المطلة على موقع الدوشكا.. كان الجيش والجحوش متواجدين بكثافة والدخان يتصاعد من بقايا مقر زيوا..
في اليوم التالي عبرنا بسهولة من نفس المكان المفتوح.. الى محطة سبندار خلفو التي فرغت هي الأخرى من تواجد الأنصار.. وكان الجيش والجحوش يحيطون بنا من كل الجهات.. ونسمع أصواتهم عن قرب..
وكان من يرافقني خائفاً مني.. ومن الجيش.. بعد ان نبهته وحذرته من أي خطأ او سوء تصرف منه.. وتأخرنا في العبور من شارع العمادية.. بسبب كثافة تحركات الجيش.. ومع الفجر تمكنا من العبور.. لكن كان الجو قد انكشف.. وكنا نعاني من الإرهاق.. وواصلنا العبور نحو كاره..
طلبت منه ان يسير امامي.. قلت له انا سأجيب على كل ما يصادفنا من مفاجآت.. ووصلنا مع الفجر الى مكان مرتفع مطل على المنطقة لنتخفى بين الأشجار.. ومع الظهيرة سمعنا أصوات وجلجلة للعسكر المقتربين منا..
شاهدت الجيش يتقدم نحو القمة فوقنا.. وعندما كنت اسمع الأصوات بالعربية.. لم أكن اعير انتباها لها لأنها لجنود عرب سيتمركزون في مواقعهم.. ولن يتحركوا بسبب جهلهم للطرق والمسالك.. اما الذين يتحدثون بالكردي من الجحوش فكنت احسب 100 حساب لهم.. وكان صاحبي شبه منهار من الموقف..
بقينا أربع ساعات نعيش وسط هذا الحصار المخيف.. مع العصر تحركنا نحو كاره.. لم يبقى الا عدة ساعات لنتجاوز السلسلة نحو مراني.. وعادت الأجواء بيننا تعود لطبيعتها.. وبدأ الحذر يترك مكانه في نفسي وأخذنا رغم هذه المأساة ننكت.. ونجتاز المسافة الباقية نحو قمة كارة المطلة على مراني.. وفي الكلي الذي كنا نطل عليه من فوق.. وجدنا الجيش يتقدم وينتشر.. كانوا يسعون للامساك بالخرفان التائهة.. التي كانت منتشرة في عدة مناطق بين أشجار البلوط.. واختبأ مرافقي بين الأغصان والأشجار وكان مرتبكاً..
وشاهدتهم يتمركزون في الوادي.. قلت له احتمال ان نصطدم بالجيش ويجب ان نتهيأ للمفاجآت ولم يكن لدينا طريق آخر.. بعد ساعة انتظار بدأ الجيش بإشعال النيران والتمركز وكنا نلاحظ تجمعات الجنود من خلال الضياء الذي ترافق مع شعلة النيران.. وعبرنا بالقرب منهم دون ان يشاهدونا..
وتوجهنا للجهة الجنوبية من سلسلة جبل كارة.. وتمكنت من ابعاده من منطقة تواجد الأنصار كي لا يشاهدهم.. وقلت لهم يجب ان نتحرك اليوم.. بعد عدة ساعات من الاستراحة.. كانت المجموعة تتكون من (سربست أبو احرار.. سالم شقيق أبو ظافر.. أبو سلام رضوان من الناصرية وكريم دويه الذي يعمل على اللاسلكي.. وكان ما زال بحوزته جهاز اتصال كبير.. وزيا وكريم شقيق أبو جاسم)..
كانوا بمعنويات عالية.. بعد ان عادوا من الدشت.. لأنهم بقوا بلا من يتابعهم بعد ان خرج عدد من المسؤولين.. بمن فيهم أبو رنا.. وعبروا من محطة لا نعلمها نحن الى سوريا.. بمساعدة التنظيم المحلي..
ويبدو وجود فوضى وضعف في الوثائق والسبب الرئيسي الانقطاع عمنْ تحملوا مسؤولية قيادتهم واخراجهم.. وأصبحنا 16 نصيراً نواجه مصيرنا لوحدنا.. كما قال المسؤول الأول أبو رنا قبل أيام كل واحد يدبر نفسه ويجد له طريق للخلاص.. وهذا يتطابق مع ما سمعته عن موقف أبو أمجد الذي قال لهم في الاجتماع القيادي لن اتحمل مسؤولية أحد ما عدا عائلتي..
كانت هناك بقايا المواد الغذائية البسيطة متواجدة في أماكن خاصة خزناها.. لكن العسكر تمكنوا من التمركز والانتشار مما صعب الحركة قياسا للأيام الماضية.. وانعكس ذلك على وضع عدد من الرفاق الذين بدأت عليهم مظاهر الارتباك والعصبية والنرفزة بسبب القلق من المصير واحتمالات الوقوع في الكمائن او عدم التمكن من النفاذ من هذا الحصار الكبير..
كنت أقول لهم.. يجب ان تسيروا على نسق الموسيقى التي تترافق مع حركة قدمي وإذا قلت لكم او اشرت بالجلوس.. يجب ان تجلسوا.. لحين تجاوزنا المخاطر.. وان الوصول الى المناطق الآمنة في الحدود التركية يستغرق حوالي 3 أيام.. إذا لم تواجهنا مفاجآت.. ويجب ان نتحمل ونتعاون بغية انقاذ المجموعة.. أصرّ سالم وأبو احرار على ان يحتفظوا بالسلاح.. فبادرت لتسليم سلاحي لهم أولاً.. كي يطمئنوا لما أقول.. بحكم خبرتي ومعرفتي بالطريق..
وهكذا قبل ان ننطلق قررنا إخفاء عدد من البنادق.. مع جهاز اللاسلكي.. وبعض الوثائق.. وأخذنا معنا كمية من المواد الغذائية والماء.. وانطلقنا عصراً نحو قمة جبل كارة.. المواجهة للعمادية من ذات الطريق الذي عبرنا منه ووصلنا اعلى منعطف.. ومن ثم نزلنا نحو مكان الزومات مستغلين ضوء القمر..
وقلت لهم سنواجه بعد هذه المرحلة مصاعب جدية.. بسبب وجود الجيش والجحوش.. وكنا نقترب من نهاية شهر أيلول.. ووصلنا الى منطقة اسبندار خلفو بالقرب من العمادية.. في الوقت الذي كنت قد حسبته ليتفق مع محاولة العبور.. وكان جميع من في المفرزة متعاوناً.. وبمعنويات عالية.. وروح تدفع للتفاؤل.. وقرب وصولنا للمناطق الآمنة.. وعززت هذه الروح والاندفاع عندهم.. بالتأكيد للجميع في حالة تعرضنا لموقف.. ان الاتجاه سيكون الى تلك القمة.. التي تلي العمادية.. ومنها باتجاه القاطع ومن هناك لن يبقى الا مسافة ساعات..
لكننا واجهنا مشكلة ونحن بالقرب من مقر القاطع.. اثناء العبور بموازاة سفح من منطقة كانت خالية من الجيش.. تفاجأنا بأصوات وزعيق الجنود الذين تحركوا امامنا للسيطرة على المنطقة والتمركز فيها.. واستغلينا عدم وصولهم للقمة وقررنا المخاطرة وعبور السفح المكشوف للجيش اثنين اثنين مستغلين الليل.. ورغم ذلك حس بوجودنا الجنود وصاحوا هؤلاء هم.. ولم يطلقوا علينا النار لحين عبور الجميع من هذه المنطقة المكشوفة.. ووصلنا الى مكان زوم وعين ماء واستغلينا الأشجار للانتشار..
قلت للأنصار يجب ان نقترب من مواضع الجنود.. لأننا سنواجه احتمالات التمشيط بالطيران.. وبعد عدة ساعات كنا في آخر معبر خطر.. بالقرب من كاني ماسي الذي يمرق منه شارع ترابي.. وانتظرنا حلول الليل لنعبر الشارع الترابي الذي تتحرك عليه قوافل الجيش والمدرعات.. أسرعنا في عبوره بدفعتين متتاليتين.. لنستريح بالقرب من ينبوع ماء واشجار زعرور..
ولم يبقى امامنا الا قمة واحدة.. ونكون قد وصلنا الحدود التركية.. أخذنا نسير بهدوء وتأني.. احسست بأن الأنصار بدأوا يتحدثون بصوت مسموع.. كانوا فرحين بوصولهم للمناطق الحدودية الآمنة.. كنا في القمة فاقترحت عليهم ان نقوم بعملية مواجهة واشتباك مع قطعات الجيش.. لكن الأنصار ضحكوا وقالوا نحن ما زلنا ننتظر عبور مجاميع أخرى من المحاصرين.. يجب ان نفكر بالآخرين ولا نتهور..
وصلنا الى الحدود بلا سلاح.. بعد ان خبأنا القطع الثلاثة التي كانت معنا.. دخلنا تركيا وحدث وان تحركت نحونا وحدة عسكرية مع مدرعات وجنود.. قلنا لكريم الذي كان يجيد التركمانية.. ان لا يتحدث بها اطلاقاً ويكشف نفسه لهم.. لكي يسمع ما يقولون ويترجمه لنا بالخفاء.. حتى نعرف بماذا يفكرون وكيف سيتعاملون معنا.. وان فكروا بغدرنا.. أتوا بمترجم كردي من الجنود الذين معهم.. اخذ يترجم حديث الضابط واسئلته لنا..
قلنا له ان مسعود البارزاني ينتظرنا ويجب ان نصل اليه خلال ثلاثة أيام.. وإذا رفضتم استقبالنا سنموت بيد الجيش العراقي.. وبعد ان اتصل الضابط بمرؤوسيه.. تم استقبالنا ونقلنا الى معسكر وبدأ التحقيق معنا كمجموعة..
استخدم الضابط التركي تعبير (تعبير بي شرف) في مخاطبتنا ونحن جالسين فرد عليه سالم.. لماذا تهيننا وتستخدم هذه العبارات.. نكر الضابط وقال له سالم انها بنفس المعنى في الكردي أيضا..
بعد ساعات قليلة تم نقلنا الى قضاء قريب وتم ايداعنا في السجن مع عدة عوائل من اللاجئين العراقيين.. الذين سبقونا في العبور.. كان عددهم كبيراً ومتواجدون في قاعتين باردتين.. وضعونا في احدى القاعات دون فراش.. فاعلنا الاضراب.. كان الحراس يتحدثون الكردية.. قالوا أنتم لستم في السجن.. لكن لا يوجد مكان فقط هذه الليلة.. وسوف ينقلونكم للحدود الإيرانية غداً.. ويحتاجون للموافقة فقط.. كنا جوعى فجلبوا لنا البطانيات وأكل من رز مطبوخ مع كباب وكمية كبيرة من الخبز زادت عن حاجتنا.. وواصل زيا اضرابه ولم يتناول الطعام.. وفي الصباح احدثنا جلبة كبيرة وهزينا الباب فأخرجونا نحو السيارات التي هيأوها لنقلنا نحو الحدود الإيرانية.. ولم يبقى الاً ان نتجاوز سلسلة جبال وتكون إيران في مواجهتنا..
وعند السفح توقفت السيارات العسكرية التركية.. لننزل منها ونصعد الجبل للعبور الى إيران واستغرق عبورنا ساعة ونصف لحين وصولنا مقر زيوكا في الحدود.. كان أبو حكمت يوسف حنا القس متواجداً هناك كسؤول اول.. وجدنا في المقر قسم من الأنصار.. الذين كانوا معنا في الحصار في مراني ممن سبقونا للوصل الى تركيا.. ورافقتهم في المفرزة الأولى المكونة من 48 نصيراً.. والآخرين شاهدناهم في المجمعات والخيم التابعة إيران ومنهم نوئيل الألقوشي..
وبقيت في المقر.. وسألني أبو حكمت عن النقود من الدولارات.. التي استلمتها من الرفيق أبو سلوان.. في مراني..
فقلت له بتعجب:
أي نقود؟ أنا لم استلم أي فلس من أبو سلوان..
يبدو ان أبو سلوان كان يتصور إني قد هلكت في الحصار.. واستغل هذا الاحتمال.. لذلك صاح أبو حكمت على أبو سلوان بعصبية.. وخاطبه فوراً قلت:
ان مخلص قد استلم مبلغاً من الدولارات وهذا مخلص.. ارتبك أبو سلوان وقال:
الجماعة قالوا: اعطيناها الى مخلص..
قلت له:
انت قلت ل (أبو حكمت) إنك انت اعطيتني الدولارات ولم تقل لهم اسم شخص آخر..
فارتبك وقال..
يبدو انا ناسي بسبب التعب.. تصورت اننا اعطينا مخلص مبلغاً من الدولارات..
وكانت هذه اول مفاجأة وصدمة لي.. لم أكن أتوقع في هذه المحنة أن يتواجد بيننا من تسول نفسه ليسرق جزء من أموال الحزب بهذه النذالة..
واحتد أبو حكمت وطلب من أبو سلوان مغادرة الغرفة.. طلبت من أبو حكمت وجبة اكل وشاي ونمت بعدها بسبب التعب والارهاق..
بعدها طلبت الذهاب الى المقر الذي يتواجد فيه أبو فاروق.. اخذوني في طرق جبلية وعرة غير مبلطة بسيارة استغرقت 6 ساعات.. واستقبلني أبو فاروق بحرارة.. وقدمت له تقرير شفهي اولي عما حدث في أجواء الحصار.. وتحدث معه عن موضوع الدولارات.. التي سألني عنها أبو حكمت.. وارتباك أبو سلوان..
كانت امنيتي ان تجري محاسبة الرفاق والمسؤولين.. عن الخسائر التي حدثت في الأنفال.. بسبب التصرفات والقرارات الخاطئة.. وغير المسؤولة.. وضعف وتهاون المسؤولين وانهيار البعض ممن كانوا في الموقع القيادي.. والمسؤولية تتطلب ان يكافحوا ويصمدوا لحين إيجاد طريق للخلاص للمحاصرين..
لكنهم سلكوا سلوكا مشيناً.. وغادروا مع اول الوجبات.. تاركين رفاقهم والانصار في لجة الحدث يواجهون مصيرهم.. لا بل هناك من يتحمل مسؤولية خسارة العوائل واستغل موقعة للإيقاع بهم والتخلص منهم بحجة قرار من المكتب السياسي.. واخص بالذكر في هذ المجال كل من (أبو رنا لبيد عباوي المسؤول الأول.. وأبو سلوان.. وأبو أمجد)..
بالمقابل اشيد بموقف توفيق كمسؤول عسكري وبطل.. وضع نفسه في خدمة الجميع.. وضحى بعائلته من أجل ان ينقذ رفاقه.. والأنصار زيا ومنار وأبو بسام وسالم شقيق أبو ظافر ومخلص ككه وملازم هشام وأبو حياة وسعيد دوغاتي ودارا عمادية وكريم دويه وأبو سلام رضوان.. وكثيرين لا أتذكر أسماؤهم للأسف الان..
ولا زلت متأثراً من موضوع خسارة العوائل.. وما فقدته انا شخصياً.. حيث كنت اعتقد وما زال بإمكانية انقاذهم.. واعتقد ان سبب الخسائر الفادحة التي حدثت تعود الى نقص التفكير عند المسؤولين الذين شخصتهم وحددتهم.. والانانية التي نمت كغريزة لإنقاذ الذات أولا.. وهذا ما أفقدهم الدور القيادي والإنساني في تلك المحنة.. ودفعهم للتفكير بإنقاذ أنفسهم أولاً.. وعلى حساب الآخرين من الأطفال والنساء الذين تمت التضحية بهم في تلك الساعات الملتبسة..[1]