تاريخ الكورد والسريان والأرمن في منطقة غربي آسيا وكوردستان
مهدي كاكەيي
=KTML_Bold=1. السريان=KTML_End=
بالنسبة الى سوريا الحالية، منذ بداية الألفية الثانية قبل الميلاد، كان سكّانها يتألّفون من أسلاف الكورد الخوريين - الميتانيين الذين كانوا يعيشون في غرب كوردستان الحالية، وكانت مدينة (واشوكاني) عاصمة لمملكة ميتاني والواقعة في منطقة الجزيرة، ومن الفينيقيين وكانوا يعيشون على الساحل السوري واللبناني، والأموريين الذي كانوا يعيشون في وسط وجنوب سوريا الحالية (1). كان أسلاف الكورد السوباريون (الگوتيون واللولوبيون والخوريون والهيتيون والأرارتيون) يحكمون جنوب وشمال كوردستان، بالإضافة الى غرب كوردستان أيضاً.
أصل الآراميين غامض، حيث أنّ موطنهم الأصلي غير معروف (2) (3) (4)، إلا أنّ الدكتور عبد الحميد زايد يفترض أنهم عاشوا في بداية تاريخهم في الصحراء السورية الحالية (5). هكذا فأنّ الآراميين لم يكونوا في الأصل من سكان غرب كوردستان. هذا هو مجرد إفتراض للدكتور عبد الحميد زايد، إلا أنه من المرجح جداً أن تكون الصحراء العربية الحالية هي الموطن الأصلي للآراميين ويكونون قد نزحوا من هناك الى الصحراء السورية المتاخمة لموطنهم الأصلي.
إحتل الآراميون مملكة أسلاف الكورد الميتانيين (3) (6) بعد أن قضى الآشوريون والهيتيون على مملكة ميتاني، حيث يذكر المؤرخ البريطاني (أرنولد تُوينْبي) أنه في الفترة الممتدة بين سنة (1250) قبل الميلاد و (950) قبل الميلاد، إستقر الآراميون في بلاد ميتاني (7)، فالآراميون بدأوا في القرن الحادي عشر قبل الميلاد في التغلغل في مركز مملكة ميتاني الخورية (منطقة الجزيرة الحالية)، قادمين من البادية التي عُرفت فيما بعد بإسم (البادية السورية) (8) (9). الإحتلال الآشوري لبلاد ميتاني لم يؤدِ الى إبادة الخوريين – الميتانيين، حيث أنّ أسلاف الكورد السوباريين (الگوتيين واللولوبيين والخوريين) كانوا يُشكلون أكثرية الشعب الآشوري [a]، كما أنّ الآشوريين لم يكونوا شعباً غزير العدد، ولذلك لم يكونوا قادرين على ملء الفراغ السكاني في بلاد ميتاني(8) (9) .
خلال القرن الخامس قبل الميلاد، إرتبط اسم (سوريا) في المصادر اليونانية بإسم الآشوريين والسريان (الآراميين)، بإعتبار أن الآشوريين كانوا قد سيطروا على مملكة ميتاني في حوالي سنة (1200) قبل الميلاد. أطلق اليونانيون إسم (سُريان) على الآراميين وبعد ذلك أطلق الرومان نفس الإسم عليهم، نسبة إلى إستيطانهم في (سوريا)، ثم أصبح هذا الإسم شائعاً بعد أن إعتنقوا المسيحية، حيث حلّ اسم (سُرياني) محل إسم (آرامي) (10).
هكذا نرى أنّ إسم (سوريا) هو أقدم من إستيطان الآراميين في بلاد ميتاني وأنّ إسم (سُريان) مستمَدّ من إسم (سوريا) بعد أن إستوطنوها وأقاموا فيها الممالك وعليه فأنّ إسم (سوريا) غير مُستمد من إسم (سُريان)، بل بالعكس، إسم (سُريان) مستمد من إسم (سوريا). إسم (سوريا) متأتي من إسم إله أسلاف الكورد السوباريين، إله الشمس (سُورْيا أو آسورا أو آهورا) والذي لا يزال الإسم باقياً في اللغة الكوردية (خۆر Xor) أو (هۆر Hor) الذي يعني (الشمس) وبذلك فأن كلمة (سوري) تعني الشخص المؤمن بالعقيدة الشمسانية (العقيدة اليزدانية). أسلاف الكورد الهيتيين كانوا يحكمون شمال وشرق كوردستان منذ أكثر من أربعة آلاف سنة وبعدهم حكمها أسلاف الكورد الميديون. كما أنّ الخوريين – الميتانيين والميديين وثم أسلاف الكورد الساسانيين حكموا جنوب وشرق كوردستان. هكذا نرى أنّ كوردستان هي الموطن الأصلي للشعب الكوردي وأنّ البادية السورية هي الموطن الأصلي للآراميين (السُريان).
=KTML_Bold=2. الأرمن=KTML_End=
لم يكن أيّ وجود لِشعبٍ أرمني في غرب آسيا حينما ظهر الآشوريون كقوة إقليمية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، حيث يذكر مروان المدوَّر أنّ (هيرودوت) يقول أن الأرمن شعب هندو أوروپي (آري غربي)، غادروا منطقة البلقان في القرن الثاني عشر قبل الميلاد إلى آسيا الصغرى عبر البوسفور والدَّردنيل، ثم توغّلوا شرقاً على مراحل، حتى وصلوا إلى أرارات في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، ووصلوا إلى أرمينيا الحالية بُعيد زوال دولة أورارتو (11)، التي أسسها أسلاف الكورد، حيث دامت مملكة أورارتو الى عام 625 قبل الميلاد، وبعد ذلك أصبحت في حماية الميديين ردحاً من الزمن الى أن تم القضاء عليها عند قيام ثورة العشائر الكوردية الگوتية في عام 585 قبل الميلاد بعد إستيلاء الأرمن عليها والذين كانوا يقطنون في غربي بلاد الأورارتيين. يضيف مروان المدوَّر أنه في الواقع لم تكن أرمينيا تُعرَف بهذا الإسم، إذ تشكّل إسم (أرمينيا) كما نعرفه اليوم اعتباراً من أعوام (550 – 521 ق. م). هكذا نرى أنّه في زمن أسلاف الكورد الخوريين – الميتانيين والهيتيين والأورارتيين وكذلك الميديين، لم يكن أي وجود للأرمن في منطقة غربي آسيا، حيث أنهم نزحوا الى المنطقة بعد إختفاء الدول التي أسسها أسلاف الكورد الزاگروسيون.
من الجدير بالذكر أنه حتى قبل أقل من ألف سنة كان للكورد ممالك وإمارات في أرمينيا وآذربايجان الحاليتَين، كما هو مبين أدناه والتي تؤكد على عُمق تاريخ الوجود الكوردي في المنطقة. كما أنّ اللغة الأرمنية قد إقتسبت مفردات كوردية كثيرة جداً والتي لا تزال مستخدمة فيها.
=KTML_Bold=الإمارات الكوردية=KTML_End=
أ. إمارة روادي (948 – 1071م): شملت مناطق مراغة وتبريز وآذربايجان وورمي وخوي وسلماس وأرمينيا.
ب. إمارة شدادي (951 – 1198 م): شملت منطقة ارّان في مدن بردعة ودبيل وكنجة وباكو (وهي مناطق واقعة في كل من أرمينيا وجمهورية آذربايجان الحاليتَين)، حيث امتدت حدودها من مدينة رواندوز إلى مدينة ” گَنجه ”Ganja في آذربيجان الحالية.
ت. جمهورية كوردستان الحمراء 1923 م: تم تقسيم ﻛوﺮﺩﺳﺘﺎﻥ الى خمسة أجزاء، حيث تمّ إلحاق كل جزء منها الى كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا وأرمينيا. قام (لينين) بِكشف أسرار إتفاقية سايكس – پيكو وبذلك خسرت روسيا معظم حصتها من شمال كوردستان والتي تم إلحاقها بِتركيا. بقي جزء صغير من كوردستان تابع للإتحاد السوڤيتي والذي أصبح جمهوريةً بإسم (جمهورية كوردستان الحمراء) في 7 تموز من عام 1923 م. شملت هذه الجمهورية المنطقة ذات الأغلبية الكوردية الواقعة قرب إقليم (ناڤ ورني كراباخ) التابع لآذربايجان. كانت تحدها آذربايجان وأرمينيا وجورجيا. كانت مساحتها تبلغ (6210) كيلومتر مربع ونفوسها في سنة 1926 كانت حوالي (51426) نسمة، منهم (37182) شخصاً (72.3%) من الكورد والبقية من الآذريين (27.2%).
النظرة الدونية للكثيرين من الكورد لشعبهم الكوردي ولحضارته وتعظيم مُغتصبي كوردستان والحاقدين على الشعب الكوردي وتصديق التاريخ المزوّر لهم، ناتجة من الإحتلال الإستيطاني لكوردستان وحُكم الشعب الكوردي من قِبل مُحتلي بلاده لفترة طويلة والتي خلالها تمّ حشو أدمغة الكورد بأكاذيبهم وتحريفاتهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة والمدارس والجامعات وغيرها. ينبغي على الشعب الكوردي إنقاذ نفسه من غسل الدماغ الذي تعرض له والعودة الى لغته وثقافته الأصيلة وتراثه الثري والتعرّف على تاريخه العريق وحضارته العظيمة. عندئذٍ يُعيد الإنسان الكوردي هويته وشخصيته الأصيلة وحريته المسلوبة وعندئذٍ يتحرر شعب كوردستان من أغلال الإستعمار والعبودية وتستقل بلاده، كوردستان.[1]