#صباح كنجي#
اتفقنا مع مجموعة كاره على الاتصال بهم عند الضرورة من خلال أجهزة اللاسلكي وأصبح أبو ناتشا مسؤولا عنهم .. كان عددهم يقترب من الأربعين نصيراً، ليس لدي الكثير من التفاصيل عن أوضاعهم بعد انفصالنا ومغادرتنا سفوح كاره في التاريخ الذي ذكرته، لكن اذكر من بينهم ..
الدكتور أبو ناتاشا / أبو سلوان/ ملازم كرم/ أبو عمشة/ أبو ندى/ مخلص الصغير/ أبو سعد إعلام/ أبو طالب/ أبو رعد/ سالم شقيق ابو ظافر/ أبو حازم الإداري/ عامر نفرياني/ أبو عمار القوش/ منار/ أبو سلام رضوان/ كفاح كنجي/ عبد الرحمن بيرموس/ عابد سواري/ مام احمد/ جمال سواري/ أبو فلمير/ ايزدين حاول/ سالم وتوت/ زيا/ هوبي/ وآخرين لا أتذكرهم الآن للأسف، والتحق بهم لاحقاً سربست أبو تحرير وحميد صور وصفاء شقيق أبو حياة حيث أرسلوا إلى كاره من اجل إبلاغهم بضرورة الاعتماد على النفس في إيجاد طريق للخلاص عبر الحدود وعدم الانتظار.. وأوضحت لهم بصراحة تتناسب طبيعة الخطورة التي تواجههم:
أن أبو سالار قد تركنا وهربَ وأخذ معه ما كان بحوزته من أموال.. ولم يبقي لنا شيئاً والآن نواجه صعوبات ومخاطر حقيقية.. ونرجوكم أن تبذلوا قصارى جهدكم لفتح منفذ دون الاعتماد علينا، واتجهوا نحو الحدود، خاصة بعد أن رحل الجميع.. ولم يبقى أحدا في الدشت غير عدد محدود من الرفاق لا يتجاوزون العشرة.
لم نكن نعلم أن مجموعة كاره كانت قد انقسمت إلى مفرزتين الأولى بقيادة أبو ناتشا والثانية بقيادة سالم ، وحينما وصل رفاق الدشت لم يجدوا أبو ناتاشا.. فأعطوا الرسالة إلى من تبقى في كاره .. يبدو أن مجموعة أبو ناتاشا مع أبو عمشة قد تمكنوا من الاتصال بعدد من أنصار السرية الخامسة في العمادية وأطرافها، الأقرب إلى الحدود التركية، بعد أن وصل أبو زياد ومن معه إليهم في كاره.
في هذا اللقاء جرى ترتيب أمر التوجه للحدود، وانطلقت المجموعة التي ذكرتها سابقاً نحو الحدود التركية وبالرغم مواجهتهم لمخاطر وصعوبات هائلة فقد وصلوا معبر شمزينا وتجاوزوا الموت بالرغم من عرقلة الجندرمة لهم ومنعهم من الدخول للأراضي التركية، لكنهم تمكنوا من اختراق المعبر في الليل.. بمساعدة محمد محسن من العمادية.. ومن هناك توجهوا نحو إيران بمساعدة الفلاحين الكُرد.
علمنا أيضا أن المجموعة المتبقية قد تمكنت هي الأخرى من سلك نفس الاتجاه والوصل للحدود وكان بينهم كفاح كنجي وسالم و سربست أبو تحرير وعبد الرحمن وأبو حازم الإداري وسالم وتوت وعامر نفيرياني ومنار وأبو سلام رضوان وخلف سريچكي .. وفي إيران تعرضوا لمشاكل كبيرة ومعاناة لا توصف كتب عنها أبو ندى حلقات قبل خروجهم إلى سوريا ..
لابد من أن اذكر إن سربست أبو تحرير بعد وصوله إلى إيران التقى ب أبو فاروق وأعطاه الرسالة التي كتبتها لهُ من الدشت حول موقف أبو رنا وهروبه.. إذ قدم الرسالة إلى أبو فارق باستهزاء قائلا له:
تفضل هذا هو عضو اللجنة المركزية الذي جعلتموه قائداً للأنصار ووضعتم مصير الناس بيده.. بعدها سلم أبو فاروق الرسالة إلى أبو سالار ..
في اجتماع التقييّم الثاني اظهر أبو سالار لي الرسالة وعبر عن انزعاجه منها وسوف أتحدث عن هذا الموضع في فقرة قادمة تتناول مراحل التقييم وموقف أبو سالار من التقييم الأول الذي أخفى النسخة الوحيدة منه وادعى ضياعه ..
أعود إلى القامشلي والأنصار الذين توجهوا لها حيث لم نكن نحن المجموعة الوحيدة التي عبرت عبرَ سنجار من الذين تواجدوا فيها.. إذ تمكن الكثير من أنصار الفوج الثالث من تجاوز الحدود التركية في نصيبين نحو سوريا والوصول إلى القامشلي تحديداً، وخلال أشهر أصبح عدد الپيشمركة الشيوعيين فيها يتجاوز المائتين نصيراً ونصيرة رتبوا أوضاعهم وبقوا ينتظرون أبو سالار لأكثر من شهر، لأجل تقييم ما حصل لكنه لم يأتي وبقي في الشام كأن الأمر لا يعنيه .
لهذا قررنا عقد اجتماع تقييمي حضره خمسة رفاق قياديين من أنصار الفوج الأول مراني هم كل من: توفيق الختاري .. أبو سربست.. أبو امجد.. أبو داود.. أبو جواد .. وثبت فيه العديد من النقاط التي تناولت:
التحشدات والموقف السلبي المنتظر.
خطأ الاعتماد على الحلفاء في مثل هكذا أحداث خطيرة.
الموقف من العوائل وقرار تسليمهم
الدور الشخصي السلبي للمسئول الأول أبو سالار وتركه لرفاقه وهروبه إلى سوريا بطريقة ملتوية.
التدقيق في مصير الأموال العائدة للحزب التي فقدت..
والأخطاء التي رافقت الحركة التي كان بالإمكان تلافيها وتقليل الخسائر .. مع الإشادة بدور عدد كبير من الرفاق والأنصار البطولي.. الذين تمكنوا من الصبر والتحمل.. و اختراق الطوق المحكم.. بدعم لا حدود له من تنظيم الداخل.. وكان بصورة عامة تقييماً موضوعياً تم رفعه إلى قيادة الحزب.
لكن أبو سالار بعد أن استلمه اشمئز وحاول صياغَة تقييماً آخر قبل وصوله إلى القامشلي بعد أسبوعين. وادعائه أن أوراق التقييم ضاعت منه .. للأسف كانت النسخة الوحيدة التي أخفاها وتتطلب الأمر إعادة التقييم من جديد، وانتقدنا قائلا:
كيف تجرون التقييم دون حضوري وأنا المسئول الأول.. قلنا له:
وصلنا من شهرين ولم تأتي إلى القامشلي حتى للاطمئنان على رفاقك، ولم تكلف حتى نفسك بالسؤال والاستفسار عنهم وما حل بهم حتى بالتلفون!، ونحن مطالبون بتقييم تلك الأحداث التي فقدنا فيها الكثير من الأنصار والعوائل.
قال :
هذا تجني عليّ وما وردَ فيه غير دقيق ولا اعترف به.. و المطلوب أن نعيد تقييمنا للأحداث بحضوري.. وهكذا واصلنا النقاش.. في اليوم الثاني اجتمعنا للمرة الثانية من أجل إعادة التقييّم .. للأسف إن بعض الرفاق غيروا من موقفهم.. وخففوا لهجة النقد.. ومارسوا الدبلوماسية خاصة أبو امجد وأبو سربست، وأبو جواد صمت ولم يثبت موقفه بحجة انه سوف يطرح رأيه في هيئته كعضو في لجنة منطقة، وبقينا أنا وأبو داود محتفظين بمواقفنا في التقييمين ولم نتراجع عنها.
بعد انتهاء الاجتماع طلب مني البقاء لأجل أن يبتزني قائلا بلهجة استعطاف:
أنا أودك وأعزك واحترمك وأنت الوحيد قريب مني .. لا ادري لماذا تتخذ هكذا موقف مني .. أرجو أن لا يكون أحداً قد دفعك .. قلت له:
اترك مسألة الاحترام وتأكد هذا موقفي دون تأثر أو تأثير من أحد، ما قلته يعبر عن حقيقة مقتنع بها حد اليقين .. استمر في حديثه قائلا :
كنت استطيع أن اكسر ركبتك في الاجتماع .. كان يقصد بهذا الرسالة التي كتبتها لمجموعة كاره .. فرديت عليه:
لا أنت ولا غيرك يستطيع أن يلوي رقبتي فكيف بكسرها.. على ماذا تستند. قال:
الم تكتب رسالة؟..
كنت قد نسيت أمر الرسالة السابقة لكنه مد يده لجيبه وأخرجها فتذكرت الحصار والموت وما كان يحيط بنا ومواقفه وتشبثه بي كيْ لا ابتعد عنه وما أسلفته عن حديثه معي للخروج قبل الآخرين.. كانت ملامح وجهه في تلك الأيام تتغير مع كل موقف ومنعطف والآن يتحدث كأنه أسد يتمكن من كسر رقبتي ..
يا لأسفي على من لا يرتقي إلى مستوى العلاقات الإنسانية الطبيعية بين البشر وناهيك عن علاقة الشيوعيين فيما بينهم واخص بالذكر العلاقات السامية بين الأنصار وتسابقهم للموت من اجل الآخرين.. ها هي المعادلة في القامشلي مع اسطر التقييم تتغير حيث استمع لكلمات من كان مسؤولي وفيها استعداده لا بل رغبته لكسر رقبتي .
لن أقول أكثر من هذا.. وأنا أعود لتلك الأيام و الأجواء.. بعد ربع قرن.. لأدون ما حفر بذاكرتي .. لقد بقيت الكثير من الأسماء في الجزء الحار من ذاكرتي .. لكن قطعاً من يقوم ويعتقد انه قادر على كسر رقبة رفيقه ليس له مكان في هذا الجزء من الذاكرة ..
أقولها بيقين وقناعة كما فعلتها في تلك اللحظات الصادقة حينما كتبت تلك الرسالة لرفاقي المحاصرين في كاره.. الذين يواجهون نفس المصير بغض النظر عن إنْ كانوا شيوعيين أم مجرد أنصار التحقوا في صفوف الحزب والحركة، ناهيك عن المستوى الحزبي والرتب والمسؤوليات، التي لا قيمة لها عندي كما هي الحال مع صاحبنا المسؤول في تلك اللحظات الملتبسة، الذي يدعي ضياع ملف وأوراق التقييم الذي يدينه، لكنه بقي محتفظاً بقصاصة الورق الصغيرة، ليس من أجل شيء، إلا ليكسر بها رقبة رفيق له !!! ..
لابد أيضا من أن أؤكد بأننا ورغم هذا التقييم المكرر لم نستلم رأياً ولا حتى ملاحظة من قيادة الحزب حول التقييم إلى اليوم!!!.
أرى من المناسب طالما تحدثنا عن أبو سالار بحكم مسؤوليته ودوره في الأنفال أن استكمل الصورة عنه، فيما لحق وما سبق من أحداث كان له صلة بها أو تتعلق بدوره وقيادته، وأذكر مثلا ً بعد سفري إلى الشام حيث شاهدته في المكتب وبادر لدعوتي إلى مطعم الريان في الصالحية لتناول وجبة غذاء، وفيها كرر دعوته من جديد أن أكون مرناً معه وأن أعيد النظر بموقفي منه، وان لا أتأثر بالآخرين.
فقلت له :
لو كنت اعتقد انك دعوتني من أجل هذا الحديث لما قبلت الدعوة وأنا ثابت على موقفي ولن أتأثر بأحد. قال :
يجب أن تبقى علاقاتنا الرفاقية ولا تتأثر بتقييمنا للآخر .. من جهتي حافظت على علاقة طبيعية معه وزرته مرة في البيت.. وفي زيارة لاحقة بعد عودتي من موسكو سنة 1991 إلى دهوك.. وعملي في محلية نينوى أثناء ذهابي في إجازة إلى دمشق أعطتني زوجته أم رنا رسالة طلبت مني إيصالها إلى شقيقها في بغداد، فأوصلتها عبر رفاق التنظيم إليه.. بعد فترة وردني من شقيقها عبر التنظيم رسالتين، لم يكن فيها عنوان أو أي شيء ما عدا اسم أم رنا، وبقيت الرسائل في حوزتي لفترة كنت انتظر فيها أن أجد وسيلة لإرسالها إليها في دمشق دون جدوى، وبحكم تراكم البريد في حقيبتي ووجودها بين الرسائل فتحتها بالخطأ وقرأت محتواها، كانت تتحدث عن وجود معمل للخياطة لهم في بغداد، وانه يسير بشكل طبيعي وأنهم يسعون لتوسيعه وتطويره وفيها أرقام لمبالغ كبيرة مستثمرة ولفت نظري في الحال موضوع النقود المفقودة.. وقررت مفاتحة أبو سربست باعتباره مسؤول المحلية في حينها.. واقترح عليّ مفاتحة عزيز محمد بالموضوع.. لأنه سيأتي بعد أيام وفعلا وصل عزيز محمد، وفي بيت أبو باز حكيت له قصة الرسالتين والاستثمار المالي في بغداد من قبل أبو سالار واستلمها وأوضح ليس لدينا علم بها وقال وصلت.
أيضاً لا بدّ أن أتطرق إلى مسائل قد تكون تافهة في ذات الشأن حيث كان قد أبدى استعداده لمساعدتي في العودة إلى موسكو بمبادرة منه أثناء لقائي به في دهوك حيث كنت اعمل مع كوادر محلية نينوى.. إذ قال لي معاتباً:
لماذا عدت من موسكو؟ .. كان من الأفضل أن لا تعود وتبقى مع ابنك الوحيد زكي .. قلت:
جئت مع الانتفاضة سأحاول البحث عن عائلتي المفقودة .. قال:
إذا تريد أن تعود إلى موسكو سوف أساعدك..
استفسرت منه كيف ستساعدني؟ .. أجاب:
لدي علاقات جيدة مع الحكومة السورية بشكل خاص مع عبد الله الأحمر وأستطيع أن احصل لك على جواز سوري منهم .. قلت:
أنا متزوج ولدي زوجة قال:
سنحصل لها أيضا على جواز .. طلب مني صور ومعلومات وإرسالها إلى شقلاوة .. في حينها وضعت ما طلبه في ملف وأرسلته كاملا إليه.. كنت لا أتوقع أن عزيز محمد سكرتير الحزب سيقدم الرسالة إلى أبو سالار لكي تتحول إلى قضية شخصية.. وعلمت من خلال الرفيق صباح كنجي الذي أصبح سكرتيراً لمحلية نينوى بعد أبو سربست.. ولم يكن مطلعاً على ما جرى بيني وبين أبو سالار ولم يكن يعرف بموضوع الرسالة.. أثناء ذهابه إلى اجتماع قيادي جمع بين اللجنة المركزية ولجنة الإقليم واللجنة المالية المركزية.. وتفاجأ بحديث أبو سالار بعد الانتهاء من الاجتماع.. حينما سأله معاتباً :
ماذا بكم محلية نينوى تعادوني؟! .. فرده بهدوء:
ليست لدي علم بأية مشكلة بينك وبين رفاق محلية نينوى .. ولم اسمع أحداً من الرفاق يتطرق إلى وجود مشكلة بينه وبينك منذ استلامي لسكرتارية المحلية .. قال:
هذا توفيق ماذا يريد ؟.. لماذا يعاديني؟ ..
قلت:
لا اعلم ولم اسمع منه شيئاً ..
قال:
لو أنا لو هو بالحزب!
تذكرتُ ما تناقله الرفاق والأنصار عن أبو سالار في محنة الأنفال.. وتذكرت تضحيات توفيق وعائلته وقارنت بين وعيد هذا القائد الشيوعي الخاوي وبين تضحيات وبطولة توفيق فأدركت في حينها هوة وعمق الدرك الأسفل الذي فيه أبو سالار .
واستكمل توفيق في معرض استرساله عن الأنفال وما أعقبها في لحظة تجميعه لبقية المعلومات عن أبو سالار .. انه قد أعادَ من شقلاوة عبر البريد الحزبي الملف والصور التي أخذها لغرض مساعدته في الحصول على الباسبورت السوري الموعود للسفر إلى موسكو.. بعد أن أبدى تعاطفه الكاذب معه لأجل أن يكون قريباً من ابنه الوحيد.. الذي بقي ونفذ من طوق الموت بحكم وجوده في مدرسة ايفانوفا الأممية .. وقبل لنفسه أن يعيد المغلف بهذه الطريقة التي عكست فيما عكست عدم مصداقيته في التعامل مع رفاقه.. وانه يلجأ للكلام المعسول عندما يتعرض للنقد والمحاسبة بفعل أخطائه ومواقفه.
لابد أن أتحدث أيضا عن الصفحات المغيبة في محنة الأنفال وما اجترعه الرفاق والأنصار من بطولة ومُثل في ذلك الجو المعبأ بالموت.. حيث برزت رغم قسوة الأيام وفظاعتها حالات لم تكن فريدة وإنما كانت سمة من سمات غالبية الأنصار المحاصرين.. الذين تحملوا تلك المعاناة بصبر وقدرة مكنتهم من تجاوز خطوط الحصار.. بحكم ما امتلكوه من قيم وصفات ونكران ذات.. وكل ما له علاقة وصلة بالخصال والمثل الإنسانية .. تلك الخصال التي تربى عليها أجيال من الشيوعيين على امتداد تاريخ الحزب ..
حيث يتطلب مني الموقف الآن.. وأنا أسجل شيئاً عن تلك المحنة في أيام الحصار.. إذ استذكر وأتذكر بفخر واعتزاز مواقف المواطنين الذين عاشوا المحنة بكل تفاصيلها .. بما فيهم ضحايا الأنفال والعفو المخادع.. وما قدمته منظماتنا الحزبية المدنية في الموصل وتوابعها.. واخص بالذكر منظمة القوش ودوغات و ختارة و باعذرة وبقية المدن والقصبات التي احتضنت المجموعة المحاصرة ووفرت لهم مستلزمات الصمود والبقاء وبقية احتياجاتهم التي ساعدتهم على اختراق خطوط الموت ..
هنا يجدر بي أن أؤكد أهمية الدور الفاعل والبطولي لتنظيمات الداخل التي تمكنت من نقل وإنقاذ الكوادر والأنصار المحاصرين إلى سنجار وسوريا.. عبر محطات ومعابر الموت.. التي كان يتحكم بها الفاشست.. واخص بالذكر الرفيقين خليل السنجاري - أبو خدر.. والمناضل الشاب عائد سفو والرفيقات النصيرات المحاصرات جميعاً وبشكل خاص دور ومواقف المواطنة السورية زوجة الدكتور باسل عبد الأحد عينكاوي النصيرة المتواضعة والهادئة كنار.. وما قدمه الرفيق ناظم .. و كه سر.. وعلي حاول من جهد وإمكانيات فاعلة في كل أيام المحنة.. بروحية عالية لا تعرف اليأس ولا يبالي بالخطورة ..وهم يتحركون بين الأنصار والتنظيم وأماكن وساحات تواجد عملاء النظام.. يؤدون مهامهم بتواصل الليل والنهار ..
أما سربست أبو تحرير فكان هو الآخر متفانياً وبطلا حقيقياً اخترق خطوط الحصار بين كاره والعمق لأكثر من مرة .. وهو يجول ويصول بالرفاق لينقذهم عبر مسالك محاصرة في مناطق حدودية تمكن من اختراقها وتأمين السلامة له ولرفاقه .. وكفاح كنجي الذي أبدع في تزوير الوثائق ولم يجري كشفها.. وعلى جهده وتحمله الكثير من الأعباء وهو يوفر المستلزمات الفنية والوثائق التي تحرك بها الأنصار المحاصرون باطمئنان وثقة.. فكان بحق مكتباً فنياً حقيقياً متنقلاً بين الصخور يحمل في جعبته الأختام والوثائق.. بدلا من طعامه وكان مبدعاً في كل ما فعله من أجلهم.
كذلك لا بد وان اذكر الموقف الذي أبداه كل من سعيد الدوغاتي والنصير هيثم من تللسقف.. الذين بادروا للبقاء في الكند من اجل متابعة الموقف.. واحتمالات حاجة الأنصار الآخرين لهم.. ممن لم نكن نعرف بوجودهم واختفوا.. ومتابعة أخبار العوائل والمعتقلين والدور الفاعل للأطباء الدكتور باسل والدكتور حجي جمال عبد الله سليمان النجار وتوجيهاتهم ونصائحهم التي عوضت عن الأدوية والمستلزمات الطبية إلى حد ما.
إن القدرات التي برزت بين صفوف المجموعة المحاصرة عكست إمكانيات هائلة لا حدود لها لاجترار المآثر برزت في تلك المحنة لتنتج هذه الثمرة المكافحة من ثمرات عديدة أضيفت لتاريخ الحزب الشيوعي العراقي في كفاحه البطولي على امتداد ثمانية عقود مضت رغم فداحة الخسائر في محنة الأنفال .
صباح كنجي
الحلقة الأخيرة من فصل عن الأنفال.. نشر على حلقات.. مقتطف من تدوين سيرة ذاتية ل توفيق الختاري.. أعدها الكاتب في سياق سلسلة لقاءات قبل 5 سنوات بعنوان.. ( توفيق الختاري في يومياته ومذكراته بين الكند والجبل ).[1]