الكراهية عند شعوب الشرق الاوسط
احمد خاتمي خطيب جمعة طهران- لم ( كامل سلمان )
احمد خاتمي خطيب جمعة طهران يعلن ان لغة اهل النار هي اللغة الكوردية ، حسب ما تناقلته المواقع الاخبارية قبل اسابيع ، ولكي لا يعترض عليه أحد نسب هذا الكلام الى امام الشيعة الاول علي بن ابي طالب فيكون بذلك قد اعطى القدسية لكلامه في خطبة الجمعة ، اما الهدف من وراء هذا التصريح هو ادخال مفهوم جديد في عقول الناس الا وهو ان الكورد كفرة ويجب مقاتلتهم ، وهذا اقل ردة فعل حكومية بعد الثورة الشعبية التي سببتها الشابة الكوردية مهسا اميني ، يعني تحويل المواجهة مع الكورد الى مواجهة دينية بعد ان فشلت كل انواع المواجهات السابقة ، وبعد ان فضحت مهسا اميني هشاشة النظام الحديدي للجمهورية الاسلامية ، هذه هي العقلية التي تقود شعوب المنطقة ، شعوب الشرق الاوسط لا تجمعهم المحبة والتعايش بل الكراهية والاحقاد الدفينة والانتقام هو القاسم المشترك بينهم ، تأريخهم يبين كيف ينتقم بعضهم من بعض ، و لم نجدهم في اية مرحلة زمنية من التأريخ عاشوا كأمم متحابة متجاورة متبادلة للمنفعة بينهم ،،،، كانوا يستعبدون بعضهم بعضاً ، حروبهم دوماً فيها البشاعة والالم ولا يسلم منها حتى الطفل الرضيع ، ومازالوا على هذا المنوال ، وسيبقون هكذا بل وسيزدادون شراسة ووحشية ، و أصل الكراهية بين شعوب المنطقة هي كراهية قومية وليست كراهية دينية او مذهبية او جغرافية ، وانما الدين والمذهب وسائل فعالة استخدمت في خدمة الكراهية القومية ، واول من استخدم الدين في خدمة الكراهية القومية هم العرب وفعلوا افعالاً مشينة بالقوميات الاخرى عندما جعلوا نساء القوميات الاخرى جواري ورجالهم عبيد بأسم الدين ، ثم بدأت القوميات الاخرى تتلاقف هذا الدين لتفرغ احقادها من خلاله .. قبل مجيء الاسلام كانت القومية الفارسية متسيدة على المنطقة لمئات السنين والامبراطوريات الفارسية المتعاقبة كانت وحدها في الساحة تحكم وتستعبد شعوب المنطقة بالاهانة والاذلال ولم يكن للدين اي دور في هذه الامبراطوريات فهي امبراطوريات واضحة من تسميتها امبراطوريات قومية عنصرية استعلائية ، مذلة للشعوب ،،،،، ومن واقعنا الحالي إذا نظرنا الى عامة الشعب الكوردي كمثال حي للقومية المستباحة نجدهم اي الكورد لا يختلفون في الدين عن باقي جيرانهم من القوميات الاخرى فقد اعتنقوا الاسلام كباقي الامم المجاورة ، ولم اسمع احداً في يوم من الأيام يمس الكورد دينياً بسوء سواء أكان دينهم الاسلامي بمذاهبه او الإيزيدي او الكاكي او غيره ، بل يمسون الكورد بسوء بسبب قوميتهم ، اي ان الكراهية ضد الكورد هي كراهية قومية عنصرية ولا توجد اسباب اخرى يمكن ان ندرجها سوى ما سنبينه هنا ، وسبب الكراهية القومية ضد الكورد هو ان الكورد عائق امام اية قومية تريد ان تتوسع على حساب القوميات الاخرى وحتى الحروب القديمة والحديثة في هذه المنطقة من العالم لابد وان تمر عن طريق اراضي الكورد ، والكورد يسببون المتاعب لأي جهة تريد ان تتوسع وتحتل اراضي القوميات الاخرى ، واي تمدد لأية قومية يستوجب معه التمدد الثقافي ، وهذا التمدد الثقافي هو الاخر يصطدم بثقافة الشعب الكوردي الذي لا يتقبل اية ثقافة غريبة فيمنع انتقالها من خلال الوسط الكوردي ، لذلك فالكورد مكروهين من قبل جميع الاطراف ، لأن كل من هذه الاطراف قد تذوقت مرارة العناد الكوردي وإفشال مخططاتها عبر اراضي الكورد وعبر السكان الكورد ، مع العلم ان الكورد هم القومية الوحيدة من بين قوميات المنطقة لم يحتلوا او يتوسعوا على حساب القوميات الاخرى ولم يؤسسوا امبراطوريات قومية عدوانية ، فقد كانوا دوماً مدافعين غير مهاجمين وغير عدوانيين …. التعريب في سوريا والعراق والتتريك في تركيا والتفريس في ايران لم يكن يشمل تغيير الدين او المذهب بالنسبة للكورد بل كان يمس القومية الكوردية كثقافة ولغة ووجود قومي ، وكذلك الصراعات العربية الفارسية التركية كلها صراعات قومية ،، علي ابن ابي طالب ( خليفة اسلامي ) في احدى نصوصه في نهج البلاغة عندما اراد عمر بن الخطاب ( خليفة اسلامي ) الخروج بنفسه لمقاتلة الروم نصحه علي ابن ابي طالب بعدم الخروج بنفسه مبرراً ذلك في قوله لعمر بن الخطاب ( ان انتصرت سيقول الاعداء جيوش العرب انتصرت بحضور خليفتهم وان انهزمت سيقولون تمت هزيمة العرب بوجود خليفتهم ) ولم يذكر علي ابن ابي طالب شيء عن الاسلام والدين الاسلامي في كلمته لعمر بل قال لعمر بن الخطاب ما يدل على الشعور القومي العربي ( أنت حصن العرب ومرجعهم ) ولم يقل له أنت حصن المسلمين ومرجعهم ، إذاً حقيقة الصراعات منذ فجر التأريخ الى يومنا هذا هي صراعات قومية في هذه المنطقة من العالم ، والدليل الذي يصاحب تلك الصراعات هو وجود الانتقام والابادات الجماعية وسبي النساء التي تلي كل انتصار تحققه فئة على حساب فئة اخرى ، وليس هناك عاقل يصدق بأن الدين وأي دين يحرض على الابادة والانتقام وهذا يعني ان الدين الاسلامي بريء من اي انتهاك حدث في التأريخ وحتى يومنا هذا . . حتى وان خضعت القومية المهزومة المنكسرة لإرادة القومية المنتصرة في دينها ومذهبها وقوميتها فلن ينتهي الإذلال والعبودية ، فبما انها قومية مختلفة ومخالفة في الاصل ستبقى بأبناءها واجيالها عبيداً خاضعين للقومية المنتصرة واموالهم ونساءهم وغلمانهم تحت إمرة القومية المنتصرة ، هذه حقيقة الصراعات القومية في هذه المنطقة المباركة من العالم . . . من يعتقد أن الفرس او الترك او العرب يقاتلون من اجل الدين فهذا إنسان مغفل ، فهؤلاء درسوا الدين دراسة معمقة واستثمروه بشكل صحيح فبأسم الدين حققوا احلامهم التوسعية التي عجزوا عن تحقيقها بأسم القومية ، وبما ان معظم المسلمين لا يهمهم سوى الشكل الخارجي للدين فقد استطاع الفرس والترك تلبية رغبات العامة من الناس واستغفالهم على انه هذا هو الدين من خلال تعزيز امبراطوريتهم . ويبقى عند اصحاب القرار الولاء القومي فوق كل الولاءات …. لماذا لا يعلنونها صراحة بأن صراعاتهم قومية وليست دينية او مذهبية ؟الجواب لا يستطيعون ذلك لأن الدين الذي اصبح يتحكم بشؤون الحياة سيمنعهم من تأجيج الحروب ، وسيصبح الدين عامل مضاد لطموحاتهم ، بينما إذا كان الدين او المذهب هو سبب الصراع وهو في الواجهة ستتحول القومية الى زيت يصب على النار بشكل خفي وستزيد من نار الحروب ولا تقلل منه ، فهي صراعات ظاهرها مذهبية او دينية او صراعات جغرافية ولكن حقيقتها وباطنها هي صراعات قومية عنصرية . الكورد اكثر الشعوب ادراكاً لهذه الحقيقة لأنهم الأكثر تضرراً من الكراهية القومية ولا يحتاجون الى أدلة وبراهين فالمقابر الجماعية والابادات على مر التأريخ والاسلحة الكيمياوية كلها شواهد ناطقة تبين مدى مظلومية هذه الامة من شرور باقي الامم ..
انا لست من دعاة التعصب القومي ولكنني أقرأ الواقع بهذا الشكل ، ولكي تستطيع العيش مع هذه الامم العدوانية لابد من ان تحمل نفس القدر من الشراسة والتحدي والعدوانية ولكن ليس على حساب القيم الإنسانية التي هي طعم ونكهة الوجود وبدونها يفقد الإنسان كل مقومات وجوده الإنساني .. نحن لا نرجوا ان تحيا العصبية القومية وتقتل الروح الإنسانية عند الشعوب فهذه تجارب مريرة يجب التخلص منها ومن تبعاتها المؤلمة ، ولكن ماذا نقول لشخص كله حقد وكراهية ضد الكورد وضد العرب وضد الإنسانية ، شخص مثل خاتمي ، فلا يوجد كتاب او كلمة او حكمة او عبارة نسبت الى علي ابن ابي طالب الا وقرأتها سوا أكانت في كتب الشيعة او كتب السنة ، فقد قرأت المئات من الكتب عن حضارات وديانات وشخصيات ومذاهب منطقتنا وديننا ودرست المذاهب دراسة علمية وجميع شخصياتها وتعمقت في التفاسير القرآنية والبحوث القرآنية فلم أقرأ مثل هذا الكلام المدسوس القصد منه إهانة شخص علي ابن ابي طالب قبل الطعن بالكورد ، وانا من هذا المقال اتحدى السيد خاتمي ان يزودنا بالمصدر بشرط ان يكون هذا المصدر تمت طباعته قبيل الثورة الايرانية ، وهذا يذكرني بقول مأثور لعلي ابن ابي طالب في رده على كلام لمعاوية ابن ابي سفيان في احدى خطب كتاب نهج البلاغة عندما حاول هذا الاخير الطعن في علي ابن ابي طالب فرد عليه ( اردت ان تذم فمدحت ) نعم ياخاتمي لقد اردت ان تذم الكورد فمدحت الكورد بكلامك فقلت لسكان الكرة الارضية ان اللغة الكوردية هي لغة اصيلة وعريقة وان الكورد شعب كبير ، وتلعثمت القول ان اللغة الكوردية هي لغة الملائكة لأن الملائكة هم ادارة النار في قوله تعالى ( وما جعلنا اصحاب النار الا ملائكة ) في سورة المدثر ، اي ان الملائكة حسب روايتك هم من يتحدث اللغة الكوردية ايضاً وللعلم ياسيد خاتمي ان فقهاء السنة لا يتجرأون ان ينسبوا مثل هذا الكلام لأبو بكر وعمر اكراماً واجلالاً لهم لأنهم يعلمون ان من يقول مثل هذا الكلام ضد قوم امنوا بالله ورسوله انما هو كلام لا يليق بإنسان طبيعي ، فكيف إذا كان هذا الشخص في يوم من الايام خليفة للمسلمين ، وقبيل الختام على السيد الخاتمي ان يجيب على تساؤلات يطرحها عشرات الالاف من علماء وفقهاء الدين المسلمين الكورد الذين يعملون ليلاً ونهاراً بالتبشير الديني وباللغة الكوردية ، وانا على يقين ان الكوادر الثقافية الواعية عند جميع القوميات لها نفس التطلعات الإنسانية وبنفس الوقت بعيدين جداً عن اي شعور قومي متطرف يسبب الحزن والالم للاطراف الاخرى ..[1]
kamil.salman@Gmail.com