=KTML_Bold=حصن الأكراد=KTML_End=
لا يمكن فهم التاريخ بقراءة تقرير صحفي مصور لإذاعة أو محطة تلفزيونية أو قناة على شبكة الأنترنت. ومناسبة هذا المقال هو أنني استمعت لتقرير مصور لقناة على شبكة الأنترنت تدعى Vedeng. التقرير يفتقر لأكثر الضوابط والمعايير العلمية أهمية والتي تمثلت فيما يلي: التقرير لم يأتي على ذكر أية مصادر يمكن الرجوع إليها، ثانياً: التقرير كان مقتضباً للغاية وسطحياً مع سمة افتقاره الشديد للمعلومات الصحيحة والكاملة وذات الصلة، فضلاً عن أنه يحتوي على معلومات غير مرتبة ومُربكة وحاملة لبعد أيديولوجي، وكأن معد التقرير يريد القول أن حصن الأكراد سُمي بأسمه هذا لأن الكُرد هم من بنوه.
إعادة التاريخ الكُردي أمر مهم دون أدنى شك بعد أن طاله التشويه والتزوير على مدى قرون من الزمن. ولكن أن نقوم بتقليد بعض المؤرخين العرب والترك والفرس في تشويه التاريخ وتزويره لصالحنا أمر مُخجل.
=KTML_Bold=أصل التسمية: حصن الأكراد=KTML_End=
هذه أقدم تسمية للحصن. وللحصن أسماء أخرى من مثل قلعة الحصن، فرسان المشفى وتعرف بالفرنسية Krak des Chevaliers و كراك دي أوسبيتال. إذاً للحصن عدة تسميات وأقدمها حصن الأكراد.
=KTML_Bold=سبب التسمية:=KTML_End=
سأكتفي بتوضيح مصدر التسمية التي هي موضوع هذا المقال حصن الأكراد ولن أتطرق للتسميات الأخرى.
سُمي هذا الموقع بحصن الأكراد لأن مجموعة مقاتلة من القبائل الكُردية هي أول من سكنت هذا الحصن في بدايات العقد الثالث من القرن الحادي عشر الميلادي وذلك لحماية طريق التجارة المؤدي إلى الساحل.
=KTML_Bold=تاريخ بناء الحصن:=KTML_End=
أول حصن ملموس تاريخياً (وهنا أعني المحاولة الأولى لبناء ما يمكن تسميته بحصن أو بناء عسكري يفيد أغراض الحماية) بُني في العام 1031 ميلادية من قبل أمير حمص وحلب نصر بن صالح المرداسي وقد كان هدفه من بناء الحصن حماية القوافل التجارية القادمة من الداخل والمتجهة إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط. ثم جاء شبل الدولة نصر بن صالح بمجموعة من القبائل الكُردية المقاتلة وأسكنهم الحصن ليقوموا بحماية طريق التجارة. ولما كان الكُرد أول من سكنوا هذا الحصن فقد عُرف باسمهم حصن الأكراد ومن هنا التسمية الأولى كما ذكرنا سابقاً.
في العام 1099 وصل الجيش الصليبي الأول (جيوش الحملة الصليبية الأولى) بقيادة رايموند فون سانت جيلس (فون: تعني مِن. وقد أبقيت على التسمية الألمانية لأن معظم مصادري كانت باللغة الألمانية) والذي كان حينها في طريقه إلى القدس إلى حصن الأكراد. وهنا أستولى رايموند وجيشه لأول مرة على الحصن بشكله الأول ذاك (أي على ما كان عليه) وظل فيه لمدة عشرة أيام ليتركه فيما بعد متجهاً لحصار عرقا (منطقة تقع في شمال لبنان حالياً).
ولكن من هو نصر بن صالح المرداسي؟
هو شبل الدولة نصر بن صالح المرداسي المتوفى عام 1038. وهو الأمير الثاني لحلب بعد مقتل أبوه. حيث حكم المرداسيون حلب بشكل أو بآخر بين أعوام 1024 و 1080.
ولكن من هم المرداسيون وهل هم حقاً كُرد كما جاء في التقرير؟
المرداسيون سلالة عربية وهم من قبيلة بن كلاب، وهي قبيلة عربية سكنت مناطق من شمال سوريا لعدة قرون. والمرداسيون مسلمون شيعة.
المرحلة الثانية:
في العام 1110 غزا قائد الجيش النورماندي تانكريد فون تيبرياس وهو أحد قادة الحملة الصليبية حصن الأكراد.
بيرتراند فون سايند جيلس وهو أبن رايموند (القائد الأعلى للحملة الصليبية الأولى التي وصلت إلى الشرق) توفي في العام 1112 ليخلفه أبنه القاصر بونس. تانكريد مات أيضاً في نفس العام إلا أنه رتب وهو على فراش الموت أمر زواج أرملته مع بونس، والتي ورثت عن زوجها حصن الأكراد وحصون أخرى. ولما كان بيرتراند قد تمكن في العام 1109 من إكمال بناء مقاطعة طرابلس (المدينة الواقعة حالياً في لبنان) فقد أصبح حصن الأكراد تابعاً لمقاطعة طرابلس.
المرحلة الثالثة:
لم يتمكن أبن بونس من الحفاظ على الحصن حصن الأكراد وقد تنازل عن ملكيته للحصن لفرسان القديس يوحنا (وهم مجموعة عسكرية صليبية كان لها دور بارز في حروب ما بعد الحملة الصليبية الأولى. فهي قد تشكلت بعد أن تمكنت الحملة الصليبية الأولى من الأستيلاء على مدينة القدس أو أورشليم كاملاً).
ولا توجد معلومات كافية ودقيقة عن الشكل الخارجي والداخلي للحصن آنذاك. فهل كان ما يزال كما بناه نصر المرداسي أول مرة أم أجرى عليه الصليبيون تغييرات معمارية؟
المرحلة الرابعة:
تسبب زلزالاً كبيران في أعوام 1157 و 1170 في تدمير الحصن بشكل كامل. وقد بدء في العام 1170 (أي بعد موجة الزلزال الثانية التي ضربت الحصن ولم تُبقي فيه حجراً على حجر بحسب عدد من مصادر التاريخ العربية) أعمال بناء جديدة في موقع الحصن. وبعد أن تم بناء الحصن من جديد فقد أخذ الحصن شكلاً آخر وتاريخاً آخر (فقد تم بناءه كاملاً من جديد) ليُعرف فيما بعد بحصن فرسان الصليب.
حدثت في تلك المنطقة زلازل أخرى في الأعوم 1201 و1202 مما تسبب بأضرار في هيكل الحصن ليتم ترميمه من جديد. وهكذا فقد تداخل طراز البناء الأوربي مع طراز البناء الشرقي. ففي الحصن اليوم عناصر زخرفية يمكن إرجاعها إلى النماذج الفرنسية.
المرحلة الخامسة:
أستولى السلطان المملوكي الظاهر ركن الدين بيبرس بعد حصار طويل ومعارك دامية مع الصليبيين، والتي تسببت بأضرار طالت المنشآت الدفاعية في الحصن على حصن الأكراد أو حصن الصليبيين إن صح التعبير (فقد كان في حوزتهم)
المرحلة السادسة:
تم أستخدام الحصن منذ تاريخ إنتهاء الحملات الصليبية وحتى بدايات القرن التاسع عشر للأغراض العسكرية. وقد بنى السكان المحلييون نهاية القرن التاسع عشر قرية صغيرة على مقربة من الحصن.
المرحلة السابعة:
أشترت فرنسا في العام 1933 الحصن من سوريا. وبعد عملية الشراء تلك قامت فرنسا بأعمال ترميم واسعة في الحصن تمثلت في إبعاد عناصر بناء من العصر العثماني (حين كان الحصن ملكاً للعثمانيين). إلا أن فرنسا أعادت ملكية الحصن للدولة السورية الجديدة بعد أستقلالها بأربعة أعوام.
المرحلة الثامنة:
تمكنت بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة من دخول الحصن في السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية، وقد طال الحصن خلال تلك الفترة أعمال تخريبية عدة. إلا أن الأضرار الكبيرة حدثت في منتصف العام 2013 إثر قيام النظام السوري بقصف مواقع تلك الفصائل ومن بينها الحصن نفسه. وقد تمكنت قوات النظام السوري في 2014 من الإستيلاء على الحصن كاملاً إثر معارك أخرى مع فصائل المعارضة السورية. ومنذ ذلك التاريخ يقع الحصن تحت سيطرة قوات النظام السوري.
ولا أحد يدري إذا ما كان الوضع سيبقى كما هو عليه الآن. فقد رأينا متى بُني الحصن واستعرضنا كل القادة والجيوش والأمراء والسلاطين والمستعمرين الذين توالوا على حكم هذا الحصن العظيم والسيطرة عليه.
آلان بيري
فيينا، بتاريخ 22 أبريل 2020
=KTML_Bold=المصادر والمراجع:=KTML_End=
جميع المصادر باللغة الألمانية:
Heidemann، Stefan (2002): Die Renaissance der Städte in Nordsyrien und Nordmesopotamien: Städtische Entwicklung und wirtschaftliche Bedingungen in ar-Raqqa und Harran von der Zeit der beduinischen Vorherrschaft bis zu den Seldschuken، Leiden by Brill.
Meyer، Werner (2006): Das Heilige Land in Unruhe، ein historischer Essay über die Outreiner und die Kreuzzüge، in: Thomas Biller (Hrsg.): Der Crac des Chevaliers. Die Baugeschichte einer Ordensburg der Kreuzfahrerzeit، Regensburg: Schnell & Steiner، S. 26.
[1]