$التاريخ يعيد نفسه عندما تتعارض المصالح الدولية مع حقوق الكُرد حتى بعد مائة عام$
• نشرت جريدة التايمز البريطانية خبر بتاريخ 1919-12-29 تحت عنوان
(غارة دير الزور - زعماء الأكراد يستنكرون)
بلغنا الأن بشكل رسمي بأن زعماء أكراد الملي عبّروا عن إستنكارهم و رفضهم لفعل رمضان الشلاش (في غارته على ديرالزور) الذي يقتصر أتباعه على عدد قليل من مثيري الإضطرابات من بين القبائل و قد تركه الكثير من هؤلاء الآن بسبب نقص الأموال و الطعام.
• و تفيد التقارير بأن كافة الأوضاع هادئة في البوكمال و الميادين. (1)
في شباط فبراير عام 1921 م عندما وصل الإحتكاك بين فرنسا و الكماليين (الأتراك) إلى صدامات مسلحه، تعاون أكراد الملي مع الفرنسيين في صد قوة من الأتراك غير النظاميين الذين حاولوا إنتزاع ديرالزور من الفرنسيين، في هذه الأثناء يبدوا أن الفرنسيين إستغلوا فكره إنشاء إمارة كردية ذات حكم ذاتي(3) تضم أورفه و رأس العين (سري كانية) و ماردين و نصيبين و جزيرة (بوتان )ابن عمر على رأسها أحد أبناء إبراهيم باشا الملي، لكن الفرنسيين تخلوا عن الفكره بعد ذلك ، وقبل انتهاء العام ، توصل الفرنسيين إلى تفاهم شامل حول العديد من القضايا التي لم تحل مع الأتراك. تجسد هذا الفهم في اتفاقية فرانكلين بويون. (2) التي تنازلت فيها فرنسا لتركيا بقسم كبير من تلك الأراضي. (3)
• و عن هذا كتب الأمير محمد علي بن خليل بن إبراهيم باشا الملّي :
بعد أن تحدث عن الاتفاق الذي أبرم بين أبناء الأمير إبراهيم باشا الملي و الفرنسين على التعاون فيما بينهم ضد الأتراك و تعهدت فرنسا بتحقيق إستقلال كُردستان و عن بعض المعارك التي حصلت كتب التالي:
(..... تابعوا تقدمهم (يقصد القوات الملّية) بإتجاه الحسكة و رأس العين (سري كانية )و هم في طريقهم إلى عاصمتهم ويران شهر و لكن ما أن وصلوا رأس العين حتى أعلمهم الفرنسيون بضرورة التوقف عن محاربة الأتراك و ذلك نتيجة لتحسن العلاقات بين الأتراك و الفرنسيين و عندما ذكرهم أبناء إبراهيم باشا بوعودهم بتأسيس دولة كُردية مستقلة قالوا بأن الظروف الدولية قد تغيرت الآن و أن الأتراك هم أصدقاء لنا و لا نسمح بأي إزعاج لهم من قبلكم).
ثم يضيف (كان للمعاهدة التركية الفرنسية صلة مباشرة بالمسألة الكُردية بشكل عام ما دام أنها أبعدت أحد أعضاء دول الحلفاء الرئيسة من نظام سيڤر و بالتالي حكمت على معاهدة سفر نفسها و موادها الكُردية بفشل محتوم و أثّرت معاهدة فرانكلين - بويون تأثيراً مباشراً على محور القضية الكُردية).
• و كانت مقالة أوغيوست غوفين الصحفي الشهير آنذاك في (جورنادي ديبا) بتاريخ 21 كانون الثاني يناير 1922 م نموذجية، حيث تناول فيها القضية الكُردية أيضا، و كتب غوفين و هو يشعر بالإستياء من أن الحكومة الفرنسية خانت الثوار الأكراد ضد السلطة التركية الذين أكدت لهم في ما مضى على أنها لن تنسحب من الأراضي التي أعطيت لفرنسا حسب سيڤر كتب التالي :
(و إليكم ما ينبغي أن يرفع من نفوذ فرنسا في الشرق، إننا لا نعرف أمثلة شبيهة لهذه الدناءة في تاريخنا كله إذ يقوم السادة بريان و فرنكلين - بويون بإعطاء العدة الفرنسية لاستعباد أولئك الذين عملت فرنسا على حمايتهم منذ غابر الأزمنة، إن فرنسا في الشرق ليست ضحية لدسائس غريبة بل ضحية لأخطاء رعاتها الطالحين). (4)
• قاتل الملّان بعد إنهيار الدولة العثمانية في صفوف الجيش الفرنسي خلال المرحلة الأولى من إحتلال الجزيرة(1920-1922) م و كانوا في ذلك يدافعون عن الإستقلال الذاتي لشبه إمارتهم التقليدية. (5) و قد شكل الملان و الأباظية و الجراكسه لا سيما في الأناضول الجنوبي و الجنوبي الشرقي حربةً لمواجهة الكماليين. (6)
• سقط الكثير من الشهداء و الجرحى في سبيل تحقيق الدولة الكُردية في وقتها و لم تلتزم فرنسا بوعودها و كأن الزمن قد توقف عند هذه اللحظة و يأبى أن يتحرك خطوة واحدة إلى الأمام ليكرر نفسه مره أخرى ولكن هذه المرة الأمريكان و الأردوغانيين و ميليشياتهم .
ما أشبه اليوم بالبارحة .....
$المصادر:$
1- The times news paper - Mon 29-12-1919 .
2-The kurdish national movement its origins and development - Wadie Jwaideh- page 144-145.
3-التكون التاريخي الحديث للجزيرة السورية - محمد جمال باروت (المركز العربي للدراسات)
4-أمير أمراء كردستان إبرهيم باشا الملّي-محمد
علي إبراهيم باشا الملّي - ص 93-95
5-التكون التاريخي الحديث للجزيرة السورية - محمد جمال باروت (المركز العربي للدراسات) ص 259
6-محمد جمال باروت (المركز العربي للدراسات) المصدر نفسه.
-الصور:
-صورة الخبر من جريدة التايمز البريطانية.
-خريطه تبين الثورات التي قامت ضد الدولة العثمانية في أواخر عهدها رقم 4 تمثل ثورة الملّان بقيادة أبناء أمير أمراء كُردستان إبراهيم باشا الملّي.
-صورة أمير أمراء كُردستان إبراهيم باشا الملّي و إثنان من أبنائه الأمير عبدالحميد و الأمير إسماعيل.[1]