#صلاح بدرالدين#
.
الاستيلاء على كركوك تم بقيادة إيران وبعلم واشنطن ولندن
مسعود بارزاني – مجلة نيوزويك
لست في معرض سرد تاريخ هذه المدينة العريقة ومااستقبلت من غزوات ومحاولات تغيير تركيبتها القومية والثقافية والاجتماعية وما شاهدت منذ غابر العصور من موجات بشرية ومن جحافل مقاتلة من سائر الملل والأقوام من آسيا ووراء البحارخلال مراحل ماقبل الامبراطورية العثمانية ومابعدها وابان أفولها عملت قتلا وخرابا في المدينة التي تقع على ممر استراتيجي بين الغرب والشمال نحو بغداد والجنوب فهو من اختصاص المؤرخين ولكن لابد من الاشارة ولو سريعا الى ماحصل في العقود الأخيرة وما عاصره جيلنا عندما تم استهداف هذه المدينة التي اكتشفت فيها بريطانيا الكبرى النفط والغاز من جانب نظام البعث في عهد الدكتاتورية المقبورة بغية تبديل تركيبتها ومعالمها الأصيلة وخصوصا طابعها الكردي الغالب والتركماني بدرجة تالية انطلاقا من آيديولوجيا عنصرية باسم العروبة وصلت الى درجة فرض استمارة – تغيير القومية – قسرا وفرض التهجير خاصة وأننا تابعنا انتهاج نفس السلوك الشوفيني في سوريا ضد الكرد ومن جانب نظام البعث ( الحرمان من حق المواطنة والتهجير بغرض تغيير التركيبة القومية ) والمعروف بمخطط الحزام العربي .
في مواجهة الحقوق الكردية المشروعة بتقرير المصيرومحاولات تعريب المناطق ذات الغالبية الكردية وقضم الأراضي بكافة السبل الاحتيالية والقسرية وبالتماشي مع ذلك زرعت الأوساط الشوفينية العراقية في الأذهان أن طموحات الكرد في الحرية وتقرير المصير لن تتحقق بدون كركوك وانطلاقا من تلك الفرضية اصطف بعض العرب السنة من أصحاب النزعة القومية العنصرية مع بعض التركمان الموالين لتركيا وبعض الشيعة من الموالين لايران وبتدخل مباشر من ميليشيا الحرس الثوري الايراني وأعلنوا الحرب غير المقدسة على الكرد وحلفائهم من المكونات الأخرى بعد الاستفتاء مباشرة باسم ( القوات الاتحادية وميليشيا الحشد الشعبي ) وتحت شعار الحفاظ على وحدة العراق والهدف يتجاوز بطبيعة الحال كركوك الى تصفية جميع انجازات شعب كردستان العراق التي تحققت بفضل تضحيات أكثر من قرن من الزمان .
فرضية استحالة استقلال كردستان العراق بدون كركوك لاتستند الى الحقيقة والواقع فأي شعب اذا اراد تقرير مصيره بنفسه يمكن أن يمارسه على قطعة من الأرض أولا ثم يستعيد ماأخذ منه بالقوة عندما تتوفر الشروط والأسباب واذا كانت كركوك غنية بالنفط فان معظم أراضي كردستان يضم النفط والغاز بكميات عالية وعندما احتلت ( القوات المعادية المشتركة ) المدينة بعد انسحاب البيشمركة حقنا للدماء ولأسباب تكتيكية فرضتها صراعات البيت الكردستاني بدفع خارجي وبأدوات من عائلات عريقة بالخيانة الوطنية وبعد أن خفتت أصوات المدافع قليلا تبين للعربي السني وللتركماني المرتبط بتركيا وحتى للشيعي العربي وللحكومة التركية وللأنظمة العربية التي هللت أو سكتت أمام اجتياح كركوك وكذلك أمريكا والدول الأوروبية التي نأت بنفسها مطأطئة الرؤوس وبعضها من أجل المصالح النفطية أن كردستان مازالت شامخة وشعبها يتمسك أكثر بنتائج استفتاء تقرير المصير ان لم يكن اليوم فغدا أو بعد أعوام وعقود وكركوك لن تسكت على الضيم والمنتصر هو نظام ولي الفقيه في معاركه المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأن الجنرال قاسم سليماني سجل أرقاما قياسية وأشواطا في المرمى العربي في أوج المواجهة المنتظرة اقليميا ودوليا بعد أن تم تضليل الرأي العام العربي وبمساهمة الاعلام العربي الرسمي بالخطر الكردي المزعوم .
انسوا كركوك وخذوا خمسة مليارات دولار
والمسألة التي نحن بصددها الآن لها خلفية تاريخية قديمة فقبل أعوام علمت من مصدر موثوق أنه وخلال احدى الزيارات ماقبل الأخيرة للرئيس مسعود بارزاني الى المملكة العربية السعودية وكانت في سنوات حكم الملك فهد بن عبد العزيز ولدى انتظاره في الفندق لمقابلة الملك زاره أولا ولي العهد الأمير عبد الله الذي أصبح ملكا فيمابعد ومن خلال الحديث أوضح الأمير : أنهم لن يوافقوا على تقسيم الأرض العربية في العراق مهما كلف الأمر ولن يسمحوا بدولة كردية هناك وكركوك ستبقى مدينة عربية وعليكم نسيانها ونحن على استعداد لمنحكم خمسة مليارات دولار وعلى الفور ان قبلتم ذلك وكما فهمت فان السيد بارزاني ظل متماسكا رغم المفاجأة القاسية ولم يرد على الأمير كما أن قدوم موكب الملك فهد أنقذ الموقف حيث كان ودودا ومتفهما لمعاناة الكرد ومتعاطفا مع حقوقهم بعكس الأمير الذي وكأنه متأثر بفكر البعث الممزوج بالنزعة العروبية البدوية .
ومن غير المستبعد أن يكون الممسكون بخيوط الحكم بالمملكة ماقبل حركة ولي العهد الأخيرة من بقايا السائرين على سياسات السلف تجاه العراق عموما والكرد خصوصا وكان ذلك باديا من موقف المملكة السلبي تجاه الحقوق الكردية والحملة العسكرية على كردستان ومن شطط الاعلام الخليجي عامة والتابع للسعودية خصوصا قنال العربية والحدث وبعض الصحف اليومية ذات العلاقة حيث يتردد ان المسؤول عنهما قيد التحقيق والمساءلة لأسباب مالية وكلنا أمل أن تعود تلك القنوات الى الالتزام بالاستقامة والحيادية على الأقل بمايخص العراق وسوريا والقضية الكردية .
لاشك أن ماحصل في كردستان العراق مابعد الاستفتاء كان حدثا شبه كارثي وتحولا كشف العديد من الثغرات الى جانب الخطط التآمرية والأسرار كما يشكل دافعا قويا من أجل المراجعة النقدية واعادة النظر في الكثير من القضايا والأمور من جانب جميع المعنيين والمشاركين والفاعلين بالداخل الكردستاني والعراقي والخارج وخصوصا التحالف الدولي بقيادة أمريكا الذي يراهن حسب نصائح – ماكغفرن - على – العبادي – لتخليص العراق من نفوذ ايران في حين أنه يوسع ذلك النفوذ بكل قواه وأنه من نفس حزب المالكي رجل ايران الدائمي رغم التنافس بينهما حول من يفز ومن يرضي قاسم سليماني أكثر من الآخر وفي مقدمة من يمارس المراجعة كما أرى القيادة السياسية في الحركة الكردستانية والأحزاب والفعاليات المجتمعية وهي مناسبة للتدقيق في مختلف الجوانب التنظيمية والسياسية والعسكرية والأمنية والسيستيم الحزبي عامة بالاضافة الى ملف العلاقات القومية .[1]