#صلاح بدرالدين#
بادىء ذي بدء لابد من القول أن شعوب وأقوام العالم برمتها لديها في سجلات تواريخها أفراد عظام قاموا بأدوار مشهودة في ميادين العلوم والثقافة أو الانتصارات في ساحات الوغى اما ردع معتد أو الدفاع عن أرواح البشر ومعتقداتهم وقيم الانسانية ضد الظلم والعدوان والكرامة القومية في وجه العنصرية ومبادىء الحرية امام الغزاة والمحتلين والزود عن حياض الأوطان ولكل قوم في هذا المجال أحداث ووقائع يعتد بها فليس هناك من هو أشجع من الأخر أو أكثر غنى في تراكمات الماضي وجميع شعوب المعمورة تتشارك في الجوانب الايجابية والسلبية في أدوار وأداء أفرادها والتي حدثت ودونت في صفحات التاريخ أما مناسبة هذه المقدمة فهي ماتثار في هذه الأيام من نزعات عنصرية مليئة بالكراهية والانكار تجاه رموزهم كما فعل أحدهم ولأسباب عنصرية في حجب الأصول الكردية عن صلاح الدين الأيوبي والهدف هو محو الوجود الكردي وتجذرهم في هذه المنطقة على الأقل منذ ثمانية قرون .
- 1 -
قبل سنوات وتحديدا عشية ذكرى مرور ثمانمائة عام على معركة حطين نشرت وسائل الاعلام الاسرائياية خبرا عن تحضيرات تقوم بها ادارةاحدى جامعات تل أبيب لاقامة ندوة علمية احياء واحتفاء بتلك المناسبة فتحادثت مع الرئيس الراحل ياسر عرفات وكنت حينها بتونس وعرضت عليه القيام بعمل مناسب حول الموضوع لأن المناسبة ترمز الى تاريخ شعوبنا المشترك ووافق بحماس وتصميم وبعد نحو اسبوع طلبني للقاء به وأعلمني التالي : اجتمعت بأمين عام جامعة الدول العربية السيد الأخضر الابراهيمي – وكان مركز الجامعة حينها في تونس – واقترحت عليه القيام بشكل مشترك باحياء المناسبة منظمة التحرير والجامعة وتفهم الابراهيمي المسألة وسافر الى دمشق للاجتماع بحافظ الأسد طارحا عليه أن تحتضن دمشق احياء الذكرى لكونها كانت مركزا لدولة صلاح الدين ودفن فيها فكان جواب الأسد : ليست لدينا امكانيات مادية ثم ماعلاقتنا به فانه كردي وليس بطلا عربيا وأبدى عرفات امتعاضه وأسفه .
- 2 -
علمت فيما بعد أن منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع جامعة القاهرة قامت برعاية ندوة شارك فيها أكاديمييون ومؤرخون وتم طبع جميع المداخلات حيث مازلت أحتفظ بالقسم الأكبر منها والثغرة الوحيدة في تلك الندوة هي خلوها من أية مشاركة كردية ز
- 3 -
في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق قامت رابطة كاوا للثقافة الكردية التي دشنت قسما خاصا بادارة الراحل – عبد الخالق سرسام – المتخصص بتاريخ الأيوبيين ندوة موسعة حول ذكرى معركة حطين بمشاركة مجموعة من المؤرخين وأساتذة الجامعات والسياسيين ومن المفارقات ذات الدلالة أقامت جامعة – تكريت – ( حيث ولد صلاح الدين في تلك المدينة ) بعد أيام من احيائنا الذكرى بأربيل ندوة لنائب صدام حسين ( عزة الدوري ) تحت عنوان في ذكرى البطل العربي صلاح الدين الأيوبي .
- 4 -
يشاء القدر انني الذي أسماني والدي الراحل بصلاح الدين تيمنا بالأيوبي أسكن منذ مكوثي بكردستان العراق قبل نحو عشرين عاما بلدة صلاح الدين ولها قصة فهي كانت تسمى منذ ظهورها ( بيرمام ) وترجمتها العربية العم الكهل وهو يكون جد صلاح الدين وقد غير نظام البعث الاسم في حملة التعريب الى صلاح الدين اسوة بالمدن والبلدات الكردية الأخرى ثم علمت أنه وفي غرب البلدة على بعد عشرة كيلومترات وفي قرية ( دوين ) تقع منازل الأيوبيين وقبورهم وآثار قلعتين متقابلتين يفصلهما طريق الحرير التاريخي وقد زرتها لمرات وأقمنا فيها احتفالات نوروز ثم زارها الوفد المشارك في مؤتمر ( الحوار الكردي العربي ) الذي عقدناه في اوتيل – خانزاد – قبل أعوام الذي يبتعد عنه عدة كيلومترات والموقع قريب نسبيا لبلدة تكريت حيث انتقل اليها والد صلاح الدين وعمه شيركو قبل أن يحطوا الرحال في الموصل لدى الزنكيين ثم الانتقال الى بعلبك في لبنان والى دمشق فيما بعد .
- 5 -
دون معظم كتاب سيرة صلاح الدين العرب مثل : ابن شداد والاصفهاني وابن الأثير – أن معظم المقاتلين الأشداء كانوا من الكرد الذين لبوا نداء التصدي للعدوان الى جانب العرب والتركمان وجاؤا من ديار بكر ورواندوز واربيل وجزيرة وفارقين والموصل كما أن قوات النخبة المحاربة التي سميت بالأسديين باللغة العربية جاءت من عشيرة – الشيروانيين – ومازالت تعيش في منطقة بارزان بكردستان العراق وليس خافيا أن نسر الأيوبيين ولون علمهم الأصفر يستعملان الآن كماكانا في العهد الأيوبي من جانب الحزب الذي أسسه القائد الكبير ملا مصطفى بارزاني .
- 6 -
ثبتت الموسوعة الأمريكية التاريخية قبل ثلاثة أعوام اسمي كل من صلاح الدين الأيوبي وملا مصطفى بارزاني كشخصيتين كرديتين بارزتين في الألفية الثانية وكل من يزور الأردن وفلسطين ومصر واليمن يشاهد آثار الأيوبيين وجماعات من ذريتهم يعتزون بأصولهم الكردية ومازالت الآثار والجوامع في القدس بادارة أكراد أيوبيين ورثوا المسؤولية أبا عن جد وفي الخليل هناك تحالف عائلات الأيوبيين الأكراد الى يومنا هذا وقد أشار الى ذلك الشاعران الفلسطينييان الكبيران محمود درويش ومعين بسيسو في قصائد رائعة منشورة .
صلاح الدين كما هو بأصوله الكردية سيبقى رمز الاتفاق والتعاون الكردي العربي ضد العدو المشترك.[1]