#صلاح بدرالدين#
المحور: ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي
1 – أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي و أثنية ، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟
ج 1 – أولا وبحسب تجارب حركات التحرر الوطني وبعبارة أدق حركات التحرر القومي التي تتصدى للاضطهاد والظلم القومي ومخططات التمثلية القومية والاقصاء والتجاهل وتناضل من أجل المساواة والشراكة وانتزاع حق تقرير المصير فلايمكن حل القضية القومية من دون توفر النظام السياسي الديموقراطي هذا أولا من جهة ثانية ليس هناك في التاريخ شيء اسمه الحل المواطني للقضية القومية حتى في أبرز البلدان الديموقراطية الأوروبية تقدما في مسألة حقوق المواطن مثل – سويسرا – لم يتم ذلك بل قامت فدراليات وأقاليم وكانتونات على أساس قومي وكما هو معروف فقد ظهرت مبادىء حقوق المواطنة والتعريف بها والترويج لها في المجتمعات الديموقراطية المتقدمة خاصة بعد الثورتين الأمريكية والفرنسية وهي جاءت كحاجة موضوعية لتلك المجتمعات من أجل المزيد من المساواة والحريات الفردية والتنمية الاقتصادية والتخلص من هيمنة الكنيسة ولم تأتي من أجل حل قضايا قومية والحل الأمثل بنظري لقضايا الشعوب والقوميات المحرومة من الحقوق هو تطبيق حق تقرير المصير وعلى أساس ارادة الشعب المعني وفي أجواء السلم والوئام الذي سيختار بارادته الحرة مايراه مناسبا مثل تشكيل دولته المستقلة أو الفدرالية أو الحكم الذاتي أو الادارة الذاتية أو أي شكل يرغب به .
2- كيف ترى سبل حل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام عادل يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفقا للمواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة؟
ج 2 – الشعب الفلسطيني اختار طريق اقامة دولته الوطنية المستقلة منذ أمد بعيد من خلال قرارات وتوصيات مجالسه الوطنية وميثاق منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي الوحيد والتي حظيت بموافقة هيئات ومنظمات الأمم المتحدة ودعم واسناد الرأي العام الحر في العالم وهو السبيل الوحيد الذي يستجيب لارادة هذا الشعب المناضل الذي قدم التضحيات الجسام ومازال منذ عقود في سبيل تحقيق ارادته وحلم أجياله ولاشك أن ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والتعايش .
3 - كيف تقيّم الموقف الأمريكي والدول الغربية المناهض لإعلان دولة فلسطينية مستقلة بعد خطوة الزعيم الفلسطيني وتوجهه إلى الأمم المتحدة لتحقيق ذلك؟
ج 3 – بالرغم من اعلان الولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد ادارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش وكذلك البلدان الأوروبية عن الالتزام بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة الا أنها وعلى الصعيد العملي لم تلتزم بوعودها بل تشترط توفير الموافقة الاسرائيلية وعبر المفاوضات الثنائية كما أن اسرائيل بدورها تضع العراقيل بصورة مستمرة أمام المفاوضات وتطيلها كسبا للوقت وتجنبا لبحث الخطوة النهائية وفي سبيل تنفيذ خططها الاستيطانية وأسرلة المناطق الفلسطينية وتقليص مساحتها عبر القضم المتدرج مما أدى ذلك الى اهدار الوقت واطالة أمد الصراع وخسارة الفلسطينيين للأرض والحرية لقد دفع كل ذلك الفلسطينيين للبحث عن سبل أخرى عبر الجمعية العامة ومجلس الأمن بعد فقدان الأمل نهائيا من الغرب والرباعية وتجلى ذلك بتوجه الرئيس الفلسطيني الى المجتمع الدولي عبر منبر هيئة الأمم للاستجابة لارادة الشعب الفلسطيني في اعلان دولته المستقلة وكما يبدو فان الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لن يسمحوا بتمرير أي قرار في مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين حتى لو تم استخدام حق النقض – الفيتو – وذلك دعما لحليفتهم المدللة اسرائيل .
4- ما هي برأيك الأسباب الرئيسية للموقف السلبي من قبل الدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، تجمع أطرافها الأربع في دول الشرق الأوسط ، وهو مطلب شعبي كردي وحق من حقوقهِ ، ولماذا يتم تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية من قبل بعض الأوساط الفكرية والقومية في العالم العربي ؟
ج 4 – الغرب هو المسؤول الأول عن حرمان الكرد من اقامة دولتهم اسوة بالشعوب التي تحررت واستقلت فبعد انهيار الامبراطورية العثمانية وقيام عدة دول وكيانات في اوروبا وآسيا وبعد اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 التي أجازت اقامة دول مستقلة عديدة استثنت الكرد بل أمعنت في اعادة تقسيم كردستان التاريخية من جزئين ( العثماني والصفوي ) الى أربعة أجزاء وكان واضحا الموقف المعادي للكرد من الدول الاستعمارية التي سارت نحو مصالحها بحسب فهمها لها ويعتبر المؤرخون أن بريطانيا العظمى هي المسؤولة الأولى عن محنة الكرد وتقسيم وطنهم عندما أصرت على حرمانهم من حقوقهم منذ أن كانت حاكمة الشرق والمنطقة ولاتغيب الشمس عن مستعمراتها أما الأوساط الشوفينية العربية التي أطلقت على الشعب الكردي تسمية – اسرائيل ثانية – فمردها قصور الوعي وعدم فهم حقيقة أن الكرد هم أصدقاء للعرب ولهم تاريخ مشترك ولايحملون أي عداء تجاه العرب وقضاياهم وقد يتبين خطل التسمية عندما نعلم أن أول من أطلقها نظام البعث في كل من العراق وسوريا الذي أساء للعرب قبل الكرد وهو من تورط في حملات الابادة واستخدام الأسلحة الكيمياوية وتغيير التركيب الديموغرافي للمناطق الكردية في سوريا والعراق ضد الشعب الكردي طبعا للكرد ومن حقهم الطبيعي أن يطالبوا بحق تقرير المصير اسوة بشعوب العالم ولكن وكما يبدو فان هذا الحق يخضع لجملة عوامل وأسباب وشروط ذاتية وموضوعية في العصر الراهن مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحركة القومية الكردية قامت بداية القرن التاسع عشر على قاعدة قومية وتحت شعار تحرير وتوحيد كردستان التاريخية ( مثل الجنرال شريف باشا الحركة القومية الكردية كلها في مؤتمر الصلح بباريس ) ثم تغيرت المفاهيم والشعارات بعد تقسيم الكرد وتوزعهم على أربعة دول وتم التحول الى مفاهيم جديدة في السعي لحل القضية الكردية انطلاقا من كل دولة على حدة أي الاندماج أكثر في الحالات الوطنية القطرية وفي الحركة الديموقراطية التركية والايرانية والعراقية والسورية والآن نجد صعوبة في ايجاد قوى سياسية قومية كردية تعمل من أجل حل قومي شامل تتجاوز الحدود القائمة للقضية الكردية وقد يكون ذلك احدى سمات عصرنا الراهن بخصوص القضايا القومية عامة والكردية على وجه الخصوص وهذا لايعني البتة الانتقاص من المبدأ الخالد حق تقرير مصير الشعوب .
5- هل يمكن للتغیّرات الراهنة في المنطقة - الانتفاضات والمظاهرات الأخيرة – من أن تؤدي إلى خلق آفاق جديدة أرحب للقومیّات السائدة كي تستوعب الحقوق القومیّة للأقليات غير العربية مثل الأكراد، إلي حدّ الانفصال وإنشاء دولهم المستقلة ؟
ج 5 – نعم هناك مؤشرات توحي بذلك فالانتفاضات والثورات الظافرة والتي مازالت قيد الانتصار اندلعت بقيادة الشباب والجيل الجديد وبعض الفئات الوسطى وهم جميعهم لايحملون أية ترسبات عنصرية أو شوفينية بل بالعكس هم أحرار وديموقراطييون ولهم مواقف متقدمة تجاه الآخر المختلف ويعترفون بتعددية المجتمعات واستحقاقات المكونات الوطنية التي تعرضت الى الاقصاء والتجاهل والاضطهاد أعطيكم مثلا على ذلك فالتنسيقيات الثورية في سوريا بعربهم وكردهم يتعاونون ويتقبلون بعضهم البعض بل أن تنسيقيات الشباب العرب منفتحة وداعمة للحقوق الكردية بعكس الأحزاب والأطراف التقليدية وجماعات الاسلام السياسي التي مازالت تحمل جزءا من الثقافة السائدة وأقصد ثقافة أنظمة البعث والأوساط العنصرية أعتقد أن انتصار انتفاضات الربيع العربي يحقق مصالح الكرد والأمازيغ وغيرهما قبل العرب وسيكون من شأن انتصارها وتثبيت النظام الديموقراطي واعادة بناء الدولة التعددية الحديثة وصياغة الدساتير الجديدة حل جميع القضايا والمشاكل العالقة بما فيها قضايا الشعوب والقوميات وعلى رأسها القضية الكردية ومن الآن هناك شبه التزام من معظم المشاركين في الانتفاضة السورية حول هذا الموضوع .
6- هل تعتقدون بأنّ المرحلة القادمة ،بعد الربيع العربي، ستصبح مرحلة التفاهم والتطبیع وحلّ النزاعات بین الشعوب السائدة والمضطهدة ،أم سندخل مرحلة جدیدة من الخلافات وإشعال فتیل النعرات القومیة والتناحر الإثني ؟
ج 6 – نعم نتصور أن ختام الانتفاضات سيكون المزيد من التفاهم والتشارك والتعاون ومزيد من الحلول للقضايا التي خلفها الاستبداد ويكفي أن يتحرر الشعب ويقرر مصيره السياسي حتى يتسنى له الانفتاح على قضاياه والتفرغ لحلها انطلاقا من مصالح المجموع وفي بيئة التعايش والوفاق والاعتراف المتبادل بالحقوق أرى أن ما يتم الآن من ثورات وانتفاضات يعبر عن موجة جديدة متقدمة تختلف عن ما جرى من ثورات في مرحلة التحرر الوطني أو انقلابات عسكرية حصلت في سوريا ومعظم البلدان العربية بل هي من نوع جديد تعبر عن ارادة الجماهير الشعبية حقا وحقيقة بعيدا عن التحزب والآيديولوجيا والتعصب والشوفينية وهي ظاهرة تاريخية ستطبع هذا القرن الجديد ببصماتها وميزاتها وصفاتها .
7 - ما موقفك من إجراء عملیة استفتاء بإشراف الأمم المتّحدة حول تقریر المصیر للأقليات القومية في العالم العربي مثل الصحراء الغربية وجنوب السودان ويشمل أقليات أخرى في المستقبل، مع العلم أنّ حق تقریر المصیر لكلّ شعب حقّ دیمقراطي وإنساني وشرعي و يضمنه بند من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1948؟
ج 7 – اعذرني أنا لاأستحب مصطلح – الأقلية القومية – وأعوض عنه بحق تقرير مصير القوميات وعملية استفتائها أمر جيد وضروري خاصة اذا جاء من هيئة دولية مستقلة ولاشك أن استفتاء الشعوب والقوميات المحرومة والمضطهدة حول مطالبها ومطامحها أمر بالغة الأهمية وتصويب لما كان يتم منذ عقود وحتى الآن عندما كانت الأنظمة الشوفينية المستبدة الحاكمة باسم القوميات السائدة أو الطبقات تحجب الحقيقة وتهيمن على ارادة الشعوب المغلوبة على أمرها بل تتحول الى وصية عليها وناطقة باسمها زورا وفي الوضع الكردي السوري كنت قد طرحت سابقا بضرورة استفتاء الكرد السوريين حول مطالبهم ومطامحهم وحدود رغباتهم في تقرير مصيرهم ضمن الوطن السوري ودولته الديموقراطية الحرة التعددية .
8- ماهي المعوقات التي تواجه قيام دولة كردية ، و كيانات قومية خاصة بالأقليات الأخرى كالأمازيغ و أهالي الصحراء الغربية؟
ج 8 – أولا وقبل أي شيء آخر الموضوع برسم الشعب الكردي وحركته القومية الديموقراطية وخياراته في مسألة تقرير مصيره بنفسه وبأي شكل يريد وبأية صيغة يرغب ثم يأتي بالدرجة الثانية موضوع موازين القوى السائدة ومدى قوة ونفوذ الحركة الديموقراطية عموما هناك قوى وتيارات تقف عائقا طوال التاريخ مثل القوى القوموية والاسلاموية المتحالفة في المرحلة الراهنة تحت مسمى الممانعة اللفظية ومازالت حتى الآن تثير النعرات الشوفينية والعنصرية وتسيء للصداقة الكردية العربية ولكن العصر الانتفاضي الراهن كفيل بتغيير موازين القوى وسحب البساط من تحت أرجل التقليديين .[1]