عبد الرحمن أبو بكر سعيد
الانقسامات السياسية والإدارية في الإقليم، وتأثيراتها السلبية على سايكولوجية المواطن
التباين الجغرافي: من خصائص الإقليم ([1])، مع كونه صغيراً نسبياً – ما بين 40 – 50 ألف كم2 – ([2])، إلا أنه ذو طبيعة متنوعة بين مناطق جبلية وسهول واسعة وهضاب متناثرة، مع جريان أنهار كبيرة فيه، مثل: الخابور، والزاب الكبير، والزاب الصغير، وسيروان. ولوجود هذه الموانع الطبيعية من الجبال الشاهقة الممتدة طولاً، والأنهار الكبيرة نسبياً، جعلت كل منطقة منها منعزلة عن الأخرى، وتعاني ظروفاً خاصة بها تختلف عن ظروف المناطق الأخرى، وأصبحت هذه الموانع حدوداً وحواجز طبيعية بين أراضيه، وقد مرّت عليه عصور كثيرة كانت المواصلات بينها عسيرة جداً. ويتّضح ذلك أكثر في تباين واختلاف اللهجات بين المناطق المختلفة في الإقليم، كنتيجة لهذا التباين الجغرافي. والظاهر أن تباين اللهجات بين المناطق يزداد شدّة بمقدار صعوبة الاتصال الاجتماعي بينها([3]).
الإرث التاريخي: لم يحدث مثلاً توحُّد الإقليم في وحدة سياسية عبر التاريخ، ولهذا نجد لكل منطقة تاريخها الخاص من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية.. علماً بأن المنطقة كانت وحدة إدارية تابعة للدولة العثمانية، مع مناطق عربية أخرى، باسم (ولاية الموصل)، ومع تشكيل الدولة العراقية (1921م)، تم إلحاقها بالعراق الحديث بعد محادثات عرفت ب(مشكلة الموصل)، وتمّ تقسيمها إلى ألوية تابعة للحكومة المركزية ([4]).. وقد حصلت تغيّرات كثيرة في الحدود الإدارية للمنطقة، لا سيّما في ظل النظام الجمهوري، من عام (1958) وإلى عام (2003)([5]).
ومن الناحية التاريخية، فإن الإقليم كان قبل حوالي 180 سنة تحكمه إمارات كوردية ثلاث، هي:
- إمارة سوران (1399– 1838م)، وكانت عاصمتها (شقلاوة وحرير)، ومن ثَّم راوندوز (محافظة أربيل).
- وإمارة بهدينان (1376 – 1843م)، وكانت عاصمتها العمادية([6]) (محافظة دهوك).
- وإمارة بابان (1649 – 1851م)، وكانت عاصمتها قلاجولان([7])، ومن ثم السليمانية (محافظة السليمانية)([8]).
وهذا الانقسام السياسي، والاختلاف التاريخي، لا شك أنه أثَّر ويؤثِّر على نظرة وطبيعة الفرد والمجتمع في المناطق الثلاث..
الجيوسياسي وتأثيره على الإقليم:
نتيجة للموقع الجيوسياسي للإقليم، ووقوعه بين دولتين اقليميتين كبيرتين بالنسبة له (تركيا وايران)، تظهر عملية التأثُّر بهما واضحة على منطقتي الإقليم المحاذية لكلا الدولتين.
فالحزب الديموقراطي الكوردستاني يعتمد على (تركيا) من أجل الإبقاء على الممر الآمن نحو العالم الخارجي، وللتجارة (معبر إبراهيم الخليل= زاخو).. وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني يعتمد على (إيران)، نظراً للموقع الجغرافي، كذلك موضوع المعابر المتعددة للتجارة (باشماخ، وبرويزخان).
ونتيجة للصراع على النفوذ بين القوتين الإقليميتين، وللاختلاف التاريخي والمناطقي، وحتى اللهجوي ([9])، نرى بأن الإقليم منقسم فعلياً على منطقتين: سياسياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ([10])
الانقسام السياسي والتغذية الإعلامية والحاجز النفسي:
ولاستمرار الانقطاع، مع قلّة التواصل بين المنطقتين، بسبب التباعد السياسي، وسوء الطرق والمواصلات، وكثرة السيطرات والكمارك بين المنطقتين، مع التغذية الإعلامية السلبية للحزبين، نشأ نوع من الحاجز النفسي بينهما – لا سيّما في التسعينيات من القرن الماضي -..!!.
وبعد تشكيل الحكومة الموحدة خفّت تلك الحواجز، مع استمرار الاختلاف والتنوّع في تسيير الأمور بين الإدارتين، والتي سمّيت بإدارتي (أربيل والسليمانية)، ولحدّ الآن، مع ترسيخ الحدود الفاصلة بين الإدارتين بين المنطقتين في ذهن المواطنين، والتي تسمّى ب (نقطة ديكله)([11]). فهناك انفصال قوي بين منطقتي نفوذ الحزبين الحاكمين، نظراً لاعتبارات عدّة، أبرزها: التنافس والصراع على السلطة، والتمثيل السياسي في البرلمان، وعائدات الكمارك، ومن ثمّ عائدات النفط. فالصراع المسلّح الذي وقع في التسعينيات من القرن الماضي، أدّى إلى خلق منطقتي نفوذ متنافستين، فوّت الفرصة على الشعب الكوردي في الإقليم للتوحّد، ومن ثم القدرة على الاستقلال، وتشكيل الدولة القومية المستقلة، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، فالانقسام السياسي الحاد، والإداري الخاص لكل منطقة، مع وجود العوامل التاريخية، والبعد الجغرافي، والتنوع اللهجوي، المارّ الذكر، لها التأثير الواضح على نظرة وتفكير الفرد والمجتمع في كلا المنطقتين. فاختلاف الولاء بين أفراد المنطقتين، مع اختلاف سايكولوجية المواطن فيهما، وبتأثير السياسة المتبعة من قبل الحزبين الحاكمين (سياسة العصا والجزرة)، والمنافسة المريرة، كل ذلك أدّى إلى ترسيخ انقسام المنطقة إلى رقعتين متباينتين إيكولوجياً واجتماعياً وثقافياً، رقعتين تشعر كل منهما بتميّزها الجلّي عن الأخرى ([12]).
وكنتيجة لما سبق، فالمجتمع الكوردي يعاني من الانقسامات العشائرية، وتنوّع اللهجات، واختلاف الجغرافيا، والتباين الثقافي، والتنافس الحزبي بين التيارات السياسية.
ما بين عقلية الثورة وعقلية الدولة:
لقد كان التحوّل من دائرة (عقلية الثورة = الجبل)، ومقتضياتها ومتطلباتها - والتي تتميز ببعض الصفات والمميزات، أبرزها الثورة قبل كل شيء، وأنها فوق الجميع، والتركيز على وحدة الصف، وعدم المرونة في التعامل مع المفردات الحياتية، كما تقتضيها ظروف المرحلة - إلى (عقلية الدولة والمؤسسات)، أمراً صعباً.. ففي المدينة لم تتخلّص الأحزاب من الكثير من إفرازات (عقلية الثورة)، وطغت المزايدات السياسية والآيديولوجية، وحدث صراع على مَنْ هو الممثّل الحقيقي للشرعية الثورية، من بين الفصائل المسلحة التي ناضلت وقاومت.. ومن هو الحامل المخلص لفكرة القومية، والذي يستطيع الاستمرار في النضال، وتحقيق حلم الكورد؟..
وكثر الكلام واللغط والتضخيم - حدّ التقديس - لبعض الأطراف، إلى حد إطلاق تهمة التخوين والعمالة على كل من لم يغرِّد في السرب القومي الظاهري الذي تحمله أحزاب ذات آيديولوجية يسارية مطعّمة بالفكرة القومية.. عليه، كثرت الملاحقات والتهديدات وحالات العنف والخطف والتجاوزات، حتى وصل الأمر إلى وقوع حالات من التصفية الجسدية والاغتيالات العلنية في التسعينيات من القرن العشرين.. وتوالت مسلسلات الفتن وإثارة الأزمات والمشاكل، واختلاق أجواء من الحقد والكراهية، وإشغال الجماهير بالشعارات البراقة، والعمل على تشويه المقابل، وإسقاطه، وعدم القبول به بتاتاً.. وكل ذلك أضحى من سمات تلك المرحلة، مع انعدام شبه تام للخدمات ومؤسسات الدولة.. فكان من الطبيعي أن ينحرف المشروع القومي عن مضمونه، وشعاره، وعنوانه المعلن، والذي أدّى فيما بعد إلى نشوب حرب الأخوة، والتي استمرت أكثر من أربع سنوات (ما بين 1994 و 1998م)، مع المغالاة في النظرة الحزبية الضيقة، والتعصب للأشخاص، والانحياز للمناطقية، والفئوية، على حساب المصلحة العليا للوطن والقومية!!.
ولسيطرة (عقلية الثورة = الجبل) كانت القررات والتعليمات الاستثنائية هي الأصل في التعامل مع الواقع والأحداث والمتغيرات، بدلاً من القوانين والأنظمة. وتمّ تجاوز السلطة القضائية، مع التقليل من مساحة الحريات العامة، ممّا أدّى إلى لجوء المجتمع إلى الاحتماء بالدائرة الأصغر، فارتمى في أحضان الحزب والعشيرة، بدلاً من الدولة والقانون، وهذا الارتماء في أحضان العشيرة، وأحضان الحزب، كقوة احتماء للجماهير، كان على أساس الحفاظ على الوجود، وليس على أساس الانتماء الفكري، أو الإيمان بالمنهج، ومن أجل تقوية النفوذ، وتأمين المورد المالي، وضمان التعيين في مؤسسات (الدولة).. هذه وغيرها أدّت إلى خلق مفاهيم وتصوّرات في المجتمع بعيدة كل البعد عن مفاهيم وتصوّرات المجتمع المعاصر، وكان لها تداعيات على ثقافة المجتمع من جميع النواحي، وتحديداً الاجتماعية والاقتصادية..
ونتيجة للسياسات الخاطئة في التعامل مع الواقع السياسي المتغيّر والمتنوّع، من قبل سلطة الأحزاب، حصل انفصام حقيقي بين المواطن والحكومة، أعاد إلى الأذهان الانفصام بين الفرد الكوردي والحكومة المركزية العراقية، لا سيّما في العهد الجمهوري (1958 - 2003)، وأصبح التقوقع على الذات، وتفضيل المصلحة الشخصية، والانشغال بالمعيشة ومتطلباتها اليومية، هو الأساس في التعامل الفردي، وتجنّب الحياة الجماعية، وعدم الاهتمام بالمصالح العامة.. ومع كون هذه المسائل نسبية، لكنها موجودة وبقوة في داخل نفسية هذا المواطن المقهور، الذي مرّت عليه (28) سنة (1991 - 2019)، وهو يدور في دوائر مفرغة وصراعات لا نهاية لها، مع تكاليف الحياة الصعبة، ومستقبل مجهول.
نظرة المواطن إلى الانتخابات والديموقراطية في الإقليم:
بعد الانتفاضة في عام 1991م، وفرض منطقة حظر الطيران (خط 36) على النظام العراقي([13])، استقلّت منطقة كوردستان، وتنعّمت بشيء من الديموقراطية والتعددية، مع إطلاق الحريات العامة، ولو بشكل نسبي.. ونتيجة للممارسات الخاطئة، والمخالفات الصريحة، والقفز على حقيقة الواقع، من قبل الحزبين الرئيسيين، وكذلك الأشخاص المتنفذين، ورغماً عن إرادة الشعب، الذي لم يعط حقّه في المشاركة في القرار السياسي بشكل صحيح، مع التلاعب بنتائج الانتخابات (1992 – 2005 – 2009 – 2013 - 2018)، وتفريغ المؤسسات الديموقراطية من محتواها ومضمونها، تم تشويه معالم الديموقراطية وأهدافها، لا سيّما في الانتخابات الأخيرة: (انتخابات البرلمان العراقي 2018/5/12)، و(انتخابات البرلمان الكوردستاني 30/9/2018)، وكانت نسبة المشاركة بلغت 57.96% - حسب المفوضية – وهي النتيجة المعلنة، والحقيقة بأنها أقلّ، وقد لا تصل النسبة إلى 40%.. أي أن 60% من الشعب لم يشارك في العملية في الواقع .!!
السياسات الخاطئة، وانحسار النظرة الآيديولوجية للحياة ومفرداتها :
نتيجة للسياسات الاقتصادية الفاشلة للحزبين، وعدم التخطيط، وعدم قراءة الواقع السياسي الذي تمرّ به المنطقة، وعدم وجود دراسات لاستشراف المستقبل، ومدى تواجد وثقل القضية الكوردية في المعادلات الإقليمية والدولية، ناهيك عن الانقسام الحاد والتشرذم الحاصل للتيارات السياسية في الإقليم، لا سيّما بين الحزبين الحاكمين في الإقليم، بالإضافة إلى وجود وتفشّي الفساد المالي والإداري في جميع مفاصل الدولة، مع الاعتقاد بوجود نوايا غير سليمة تتجلى في كيفية التعامل مع الملف الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، من خلال سياسة الإفقار المتعمّد، وإشغالهم بالسعي وراء لقمة العيش، وانتظار أخبار توزيع الرواتب لمحدودي الدخل كل أربعين يوماً، مع الادّخار الإجباري لرواتب الموظفين، ولحوالي أكثر من أربع سنوات، وبحجج واهية (2014 - 2019)، مع عدم وجود الشفافية في واردات الإقليم، وعدم إمرار قانون الإصلاحات في البرلمان، وتأخيره - وبشكل متعمّد - من قبل كتلتي الحزبين في البرلمان، (وعلى الأكثر سيتمّ تأخيره إلى منتصف السنة القادمة 2019م، مع العمل على تغيير الكثير من موادّه ومقرّراته التي لا تصبّ في صالح الحزبين)، مع وجود سياسة البطالة المقنّعة، واستحداث الدوائر والمؤسسات الاستهلاكية غير المنتجة، وتحت مسمّيات متنوّعة، لتشغيل المنتمين للحزبين الحاكمين ومؤيديهم، واحتكار القطاع الخاص لمجموعة من المتنفذين والمرتبطين بالجهات العليا، والسياسات ذات الطابع المصلحي الخاص، والتي تصبّ في تقوية تواجد الحزبين، وتسّلطهم، وترسيخ وتمكين وجودهم في كافة المفاصل، والتجذّر فيها، بعيداً عن المصلحة العليا للشعب، والوطن، ومستقبل أجياله.. لهذه العوامل والأسباب، وغيرها كثير، نرى انحسار النظرة الآيديولوجية للحياة ومفرداتها، وسيطرة النظرة المادية والنفعية على مجمل العلاقات والمواقف والتصرفات، مع انعدام الثقة بالنظام، ومؤسساته، والأحزاب، وبالواقع عموماً.. فالأحزاب (القومية = العلمانية)، والتي تتغطّى بلباس الفكرة القومية، والمطالبة بالحقوق المشروعة، تجتهد في ملء عقول الجماهير بالمثل القومية الطوباوية، والتغنّي بالأمجاد، واجترار الماضي، في الوقت الذي يتمّ فيه التغاضي عن الواقع المأساوي المتناقض الذي تعيش فيه أغلب فئات المجتمع([14]). لذا، نرى انعدام وفقدان ثقة المواطن بالسياسة ومفرداتها، وعدم إيمانه بالعملية الديموقراطية في الإقليم. ونسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات الأخيرة (2018م)، في عموم الإقليم، دليل واضح على ذلك.
تقسيم ولاءات المجتمع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، وتقسيم الولاء داخل منظومة التيار الإسلامي بشكل خاص
في البداية نقول: إن من حقّ كل قومية التمتّع بحقوقها السياسية والثقافية على أرضها، وتشكيل دولتها المستقلة، وهو حقّ مشروع للشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه كوردستان منذ آلاف السنين.. ولحرمانه من هذا الحقّ، ونتيجة لعوامل كثيرة ليست موضع البحث، يعيش الفرد الكوردي كل يوم والأمل يخالج جنبات صدره في التنعّم بدولته القومية مثل باقي الأمم، وهذا الشعور يصل في أحيان كثيرة إلى درجة التضحية بالنفس والمال والأولاد من أجل تحقيق هذه الغاية.
ولقد كان ظهور الحركة التحررية الكوردية الحديثة في بداية القرن العشرين، ومطالبتها بالحقوق القومية، واعتمادها على فكرة العلمانية (ذات التوجه اليساري الماركسي)، في الكثير من الأحيان، والتوجه الليبرالي - على الأقل فيما بعد -([15])، لا سيّما في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، مع عدم وجود نموذج إسلامي واضح المعالم يطالب بهذه الحقوق، - علماً بأن أغلب الذين قادوا الانتفاضات والثورات الكوردية كانوا من العلماء وشيوخ الطرق الصوفية-([16])، إلا أن الفكر العلماني كان هو المنتظم على شكل تنظيمات وأحزاب رفعت الشعار القومي، وطالبت بالدولة القومية.. ومن المعلوم بأن النهضة القومية عند الكورد كانت متزامنة مع سقوط النموذج الإسلامي التقليدي الموجود (الدولة العثمانية)، وسيطرة النموذج الغربي الليبرالي = العلماني. لذلك تأثر غالبية الشعب الكوردي بالفكرة القومية، مع الولاء للأحزاب التي تحمل شعارات القومية والاستقلال وتشكيل الدولة، – مع عدم إيمانهم أو اهتمامهم بالآيديولوجية التي تحملها وتعتقدها هذه الأحزاب -، فالتوجُّه العام قومي عاطفي غير آيديولوجي، ويتجلى هذا التأثُّر وهذا الولاء في الانتخابات التي أجريت في الإقليم منذ عام (1992م) وإلى انتخابات (2018م)، فالغالبية المشاركة تعطي صوتها للأحزاب القومية.
وتعدُّ فترة ما بعد الانتفاضة وإلى اليوم (1991-2018)، في الإقليم، فترة صراعات وتجاذبات وتحولات وتغيّرات وانكسارات ودماء واختمار آيديولوجي قومي =عاطفي في العموم، وخاصة بالنسبة لعامة الناس، مع كون الجو العام مشحوناً بالروح القومية ([17]).. وعلى السياق نفسه، فإن لدى الأحزاب السياسية العلمانية فكرها ومنهجها، المشحون بالروح الآيديولوجية العلمانية اليسارية، التي تعادي الإسلام كدين ونظام حياة، وكل ما يتعلّق به، ومغلّفة بالفكرة القومية لا غير.
المواطن والنظرة المصلحية النفعية:
أشرنا في السابق إلى تأثير النظرة القومية على خيارات المواطن الكوردي في السابق، ولكن وبعد مرور (28) عاما على حكم الأحزاب (القومية = العلمانية) في الإقليم، نرى بأن الشعور القومي قد ضَعُف كثيراً لدى غالبية المواطنين في الإقليم، وذلك نتيجة للسياسات المتّبعة من قبل الحزبين الحاكمين، وكيفية تعاملهما مع هذه القضية، وظهر ذلك جلياً في عدة مناسبات ومواقف: (آب عام 1996م)، و (اكتوبر عام 2017م)، وغيرها من المواقف.. وبعد فشل عملية الاستفتاء، والتي أجريت في (20/ أيلول/2017م)، وما رافقها من تداعيات؛ من حصار وإغلاق المطارات..إلخ. كان موقف الحزبين مختلفاً في التعامل مع الأحداث، مع تهافتهما للذهاب إلى بغداد، والتنافس على المناصب والامتيازات هناك، وللحصول على موقع قدم، وتجديد وتقوية العلاقات مع الأحزاب والتيارات العراقية، لا سيّما الشيعية منها، وذلك قبل حسم بعض القضايا القومية المهمة، مثل: تطبيق المادة 140، وميزانية الإقليم، ووضع البيشمةركه، وحتى الحدود الإدارية للإقليم.. وغيرها من القضايا العالقة.
ولكن بماذا نفسِّر حصول هذه الأحزاب على نسبة من الأصوات تجعلها المتصدّرة للفعل السياسي في الإقليم، رغم خسارتها لحوالي النصف من كوردستان؟
يمكن القول بأن هناك أسباباً وعوامل أخرى تضافرت واجتمعت - مع وجود الولاء القومي الضعيف حالياً - أدّت إلى حصولهم على هذه الأصوات، منها: سيطرة الحزبين على الموارد المعيشية، واحتكار مصادر المال، وحتى الثروات الطبيعية، مثل: النفط والغاز، والسيطرة الكاملة على جميع مؤسسات الدولة والحكومة، واحتكارها واستغلالها، مع اتّباع سياسة الترهيب والترغيب في التعامل، واحتكار المؤسسة العسكرية، والأمنية، والعلاقات الخارجية، مع وجود إعلام قوي، تصرف عليه ملايين الدولارات، للتأثير على الرأي العام، وتوجيهه، أي بعبارة أخرى: السيطرة واحتكار جميع مفاصل الحياة في الإقليم (النظام التوتاليتاري) ...إلخ. علماً بأن نسبة عدم المشاركة تقترب إلى ما بين الخمسين وإلى الستين بالمائة (النسبة المشاركة المعلنة 57%).. فقد تقلّصت أعداد من يقبلون على التصويت في الانتخابات، بعدما قوّضت سنوات من الجمود السياسي، وتوقف صرف الرواتب، والفساد الإداري والمالي المستشري، الثقة في العملية السياسية. (ولكن على التيار الإسلامي الإقرار بالواقع، فهناك مساحة لا تقلّ عن 60% من الجماهير، لم يستطع الوصول إليها والتأثير فيها..).
ولماذا يميل الناس إلى هذه الأحزاب السياسية، مع كون أفعالها وتصرّفاتها غير قومية، وغير عادلة، وبعيدة عن الإنصاف والحق، لا سيّما في موضوع الواردات المالية للإقليم؟
الجواب يكمن في ما يلي:
ثقافة المجتمع، المتأثّر بقيم العشيرة التي تقدّس التغالبَ، والغالبَ، والقوّةَ والنفوذَ، والمتأثّر بالقيم المادية. فمن الطبيعي أن يتهافت المتشبّع بالثقافة القبلية والقيم المادية للالتحاق بكل حركة تنشأ وتتواجد في محيطه ومنطقته، حيث يتوقّع أن ينال منها النصر والغنيمة والحماية، بعيداً عن المبادئ والأفكار والقيم التي يؤمن بها ويعتقدها!!
التيار الإسلامي في الإقليم بعد الانتفاضة:
نتيجة للانفتاح الحاصل في الإقليم بعد الانتفاضة في التسعينيات من القرن الماضي، حصل نوع من التمدد للتيار الإسلامي، لا سيّما المدني، وذلك بسبب تضافر عدة عوامل، منها ذاتية، ومنها موضوعية.. فالذاتية: كون الالتزام والجدية والحيوية والنشاط من صفات جيل التأسيس، وبريق الجديد له تأثير واضح، وخاصة أنه كان طرحاً وفكرا مدنياً وراقياً متوافقاً مع متطلبات المرحلة؛ من التأكيد على البناء الذاتي، وتقوية المجتمع، والحفاظ عليه، من خلال تقديم الخدمات المتنوعة، لمواجهة التحديات والصعوبات التي كانت تعترض طريق المجتمع عموماً، نتيجة للحصارين المفروضين على الإقليم([18]).
وأما الموضوعية، فمنها: توفّر الحرية النسبية، وعدم وجود العوائق الإدارية والسياسية بشكل مكثّف، وذلك لكون مؤسسات الإقليم في بدايات تشكيلها، مع وجود الضغوطات الحزبية للحزبين الحاكمين.
وفي البداية كان للحركة الإسلامية في كوردستان العراق (1987م) التواجد الملحوظ على الساحة الكوردستانية، بسبب كونها قوة مسلحة، لا سيّما في منطقة (حلبجة)، وبتأثير من شخصية الشيخ عثمان بن عبد العزيز (رحمه الله).. إلا أنه وبعد حصول الاصطدام مع حزب الاتحاد الوطني في الأعوام (1993م و1995م و1997م)، وبعد إصدار قانون الأحزاب الذي ينصّ على عدم السماح للأحزاب بامتلاك السلاح – علماً بأن الحزبين الحاكمين لا زالا يقفزان على هذه الحقيقة، فلحدّ الآن تعدّ فصائل البيشمةركه تابعة لهما، وتحت مسمّيات متنوعة (وحدة 70 ، ووحدة 80)!!-، ونتيجة لعوامل أخرى، حصلت انشقاقات كثيرة فيها، كان لها التأثير الواضح في تقلّص نفوذ الحركة، والمؤيدين لها، (انشقاق حركة النهضة، في عام 1992م، مثلاً).
وفي عام 1994م أعلن عن ظهور حزب (الاتحاد الإسلامي الكوردستاني)، والذي كان يتواجد في جميع أنحاء الإقليم. وفي البداية كانت انطلاقته قوية جداً، نتيجة للمميزات والخصائص التي تميّز بها عن غيره من التيارات الإسلامية، وحتى العلمانية، كقوة وفئة شبابية تحمل الفكر الوسطي، الذي يحمل قسطاً كبيراً من القيم الإسلامية. واستطاع هذا الحزب أن يوائم بين الأصالة والمعاصرة، والطرح الإسلامي والقضية القومية، وتوسيع دائرة العمل الخيري، مع حاجة المجتمع الماسّة إلى الخدمات، فكانت نقلة نوعية في تجذير الفكر الإسلامي الوسطي، واستطاع الحصول على نسبة لا بأس بها في الانتخابات الطلابية في التسعينيات من القرن الماضي. وكانت نسبة أصواته في تزايد، مع التأثير الإيجابي على الواقع الاجتماعي والسياسي (الحصول على عشرة مقاعد في البرلمان الكوردستاني عام 2013م).. ولكن وبعد عام 2014 وإلى عام 2018، وما حصل فيها من تجاذبات سياسية، لا سيّما ما يتعلّق برئاسة الإقليم، والوضع الاقتصادي المتدهور، والحرب ضد (داعش)، ولأسباب ذاتية عديدة، منها: عدم التجديد، والمراوحة، والخطاب السياسي المتذبذب..إلخ، أخذ ثقله الانتخابي بالهبوط والتراجع.
وفي 2001م ظهرت (الجماعة الإسلامية في كوردستان)، بقيادة علي بابير (بعد الانقسام الحاصل في حركة الوحدة الإسلامية/ علي عبد العزيز)، كحركة إسلامية تأخذ بالفكر الوسطي عموماً، مع احتوائها لأغلب الكوادر المتقدمة من (حركة النهضة)، وحسن استخدامها لوسائل التأثير والمناورة السياسية، مع التركيز على الخطاب الديني الدعوي.. واستطاعت إثبات التواجد في انتخابات عام 2013، وحصلت على (6) مقاعد، وفي الانتخابات الأخيرة نجحت في زيادة مقعد واحد، ليبلغ عدد مقاعدها (7)، مع تناقص في عدد الأصوات.
أمّا التيار السلفي في الإقليم، فكان متواجداً قبل الانتفاضة على شكل أفراد ومجاميع قليلة.. وبعد الانتفاضة تمثّل في مجاميع متعددة، متأثّرة بالتيارات السلفية السعودية، لا سيّما تيار المدرسة العلمية.. ولكن بمرور الزمن انتشرت فكرة التيار بين بعض الشباب المهتمين بالعلوم الشرعية، ولأسباب عديدة، منها: مهادنة عموم أفراد التيار للسلطات، وقيامه بالتهجم على التيارات الإسلامية السياسية، وجعلها شغله الشاغل، مما أدّى إلى إفساح المجال له في المساجد، ومن ثَمّ السيطرة عليها.. وظهرت أفكار (المدرسة الجامية - المدخلية) فيما بعد، ويعدّ أتباع هذه المدرسة أكثرهم عدداً اليوم..
ومع الدعم المستمر لا يُرى لهذا التيار التأثير الملموس الواضح على الواقع الاجتماعي أو السياسي، إلا في مساحات ضيّقة جداً، وذلك لكون هذا التيار المتشدد (مستورداً)، يدعو إلى منهج الإسلام وفق التصوّر السعودي الجامد، وبمنهج غير منسجم مع البيئة المحلية في كوردستان، مع تميّزه بالسذاجة السياسية، وعدم الانسجام، وعدم الواقعية، والتصلّب في المواقف، والتضارب والتناقض في الفتاوى، مع الدوران في تمجيد الماضي، والتبعية الواضحة.
أما الطرق والمشيخات الصوفية، فتواجدها في الإقليم قديم ومتجذّر، لا سيّما في القرى والأرياف، وبين العشائر.. ولكن وبعد تواجد وانتشار فكر الصحوة، ضعف تأثيرها في الساحة، وهي اليوم متواجدة في بعض المناطق، مع عدم تأثيرها على الواقع السياسي والاجتماعي عموماً، ما عدا كون أغلب قادتها يسيرون في ركاب السلطات، مع دعمهم اللامحدود للأحزاب العلمانية في الانتخابات. وهي مستمرة في التنعّم بالامتيازات والإقطاعات من قبل الحزبين الحاكمين.
ولاءات المجتمع والتيارات الإسلامية السياسية:
وأمّا الحديث عن ولاءات المجتمع بين التيارات الإسلامية السياسية وغيرها من التيارات، فمن المفروض أن ندرك جيداً بأن التيارات والتنظيمات الإسلامية السياسية، حديثة الظهور والنشوء في المجتمع الكوردي.. عليه، فإن تجذّر وترسّخ فكرة الانتماء والولاء للتيارات الإسلامية السياسية ليست في المستوى المطلوب، فالتيار الإسلامي جديد نسبياً في الساحة الكوردستانية، ونسبة تواجده بين الجماهير قليلة إلى عموم السكان، وهذا يظهر بشكل جلّي في الانتخابات التي أجريت وتجري في الإقليم منذ عام 1992م، ولحد الآن، ولو أن هذه النسبة لا تمثّل الواقع الحقيقي والثقل الجماهيري للتيار الإسلامي، ولكنها ليست ببعيدة عنها. ((نسبة أصوات الأحزاب القومية العلمانية، مقارنة بنسبة الأصوات التي يحصل عليها التيار الإسلامي، بتوجهاته المختلفة، في الإقليم، كبيرة.. فنسبة التيار الإسلامي في أحسن الأحوال لم تصل إلى 20% ، مع ملاحظاتنا على نزاهة الانتخابات، ومدى مصداقية النسب، وعدد المشاركين!!. وفي الانتخابات الأخيرة حصل التيار الإسلامي على حوالي (165 ألف) صوت، (الجماعة 94992) و (قائمة الإصلاح 69477)، من مجموع المصوّتين، والذي بلغ حوالي: (مليون وأربعمائة ألف) مصوّت، فالنسبة حوالي 5% فقط)).
أمّا ولاءات المجتمع، فتتوزّع بين التيارات الإسلامية السياسية وغير السياسية، ولكن لا توجد دراسات أكاديمية وإحصاءات دقيقة حول أعدادهم، ونسبة تأثيرهم على الواقع السياسي والاجتماعي، ما عدا الحزبين الإسلاميين (الاتحاد، والجماعة)، اللذين شاركا في حكومة الإقليم، ولهما تواجد في منطقتي النفوذ في الإقليم، مع حصولهما على بعض المقاعد في البرلمان الكوردستاني والعراقي.
وهناك أسباب وعوامل عديدة لضعف تأثير هذه التيارات، لا سيّما السياسية، على الساحة الكوردستانية، وعدم استطاعتها التوغل في المجتمع، ومؤسساته، والتأثير فيه، منها:
(الموضوعية):
1- تقارب الزمن (قرب النشوء والتأسيس).
2- سيطرة الشعور والانتماء القومي، وترسّخه في المجتمع (سيطرة فكرة الدولة القومية في المجتمعات المعاصرة، لا سيّما بعد فترة الاستعمار وتشكيل الدول القطرية).
3- السبق الزمني للتيار العلماني والأحزاب السياسية، وحملها للفكر القومي، وراية المطالبة بالحقوق القومية. لا سيّما بعد إنهاء الدولة العثمانية، وتشكيل الدول القومية في منطقة الشرق الأوسط.
4- سيطرة وتفشّي ظاهرة (التديّن التقليدي) في المجتمع الكوردي، وتأثّره بالطرح الصوفي، والذي كان متجذّراً في المجتمع عن طريق مشيخات كانت مسيطرة، لا سيّما منذ العهد العثماني، والتي ترفض الولوج في عالم السياسة، وتحبّذ البقاء في دائرة التوجيه والإرشاد الروحي، مع المحافظة على المكانة الاجتماعية المرموقة، من خلال التوافق مع الحكومات المتعاقبة، وعدم مقاومتها، أو محاولة تغييرها، أو إصلاحها .
5- الدعاية الإعلامية المضادة للتيار الإسلامي السياسي، وتشويهه، وإلحاق التهم والأباطيل به، مع تأثير الدعاية الماركسية على المجتمع الكوردي، من خلال اتهام التيار الإسلامي، والمتدينين عامة، بالرجعية والظلامية، خلال عقود الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وبعدها تحولت إلى الاتّهام بالإرهاب والتطرّف، لا سيّما بعد أحداث 11/سبتمبر/2001م.
6- صعوبة القيام بالتوافق بين سياستين وواقعين مختلفين في الإقليم المنقسم بين إدارتين متنافستين (السليمانية وأربيل)، ومنذ 28 عاماً.
أمّا الذاتية، فكثيرة، منها:
1- تشرذم وتفرّق التيار الإسلامي عموماً.
2- ضعف الخطاب الإسلامي الموجّه للجماهير.
3- عدم الاستمرار في تقديم الخدمات، وانقطاعها.
4- التركيز على الخطاب ( التوجيهي= الوعظي ) بعيداً عن الواقعية، ومشاكل الناس وقضاياهم، لا سيّما القضية القومية. (هناك تحسّن، ولكنه جاء متأخراً).
5- فقدان فكرة وقاعدة المناورات السياسية، والمرونة في التعامل مع المفردات الواقعية، التي فرضتها سياسات الحزبين الحاكمين.
الخاتمة :
بعد دراسة موضوع طبيعة المجتمع الكوردي، نصل إلى بعض الاستنتاجات، منها: أن هذا الشعب قد تعرّض لأنواع عديدة من تسلّط الأنظمة الدكتاتورية، والأحزاب، والأجهزة الأمنية، والعشيرة، والعادات والأعراف والتقاليد السلبية، مع تواجد التسلّط والتحكّم على الفرد من خلال التعامل الخاطئ في الأسرة، وفي مكان العمل والدراسة، ولو بشكل نسبي. لذا نرى اتّصاف شخصيته ببعض الصفات السلبية – والتي تمّت الإشارة إليها في ثنايا البحث - والتي تعبّر عن مدى تأثّره بالواقع المرير الذي مرّ به. فالمجتمعات التي تمرّ بهذه المراحل لفترة زمنية طويلة، تتشوّه طبيعتها، وتحتاج إلى ثورات فكرية وثقافية واجتماعية، للتخلّص من ترسّبات الفترات المظلمة.
وتبيّن بشكل جلي أن التعامل غير الصحيح مع المفردات التي تؤكّد عليها الديموقراطية، مثل: التعددية السياسية الحقيقية، والتداول السلمي للسلطة، مع فصل السلطات، وضمان الحريات العامة والعدالة الاجتماعية، والشفافية في التعامل مع ثروات البلد ..إلخ، أدّى إلى ضعف الحسّ القومي والانتماء إلى الوطن، وعدم الإيمان بالديموقراطية وآلياتها، وتفضيل فكرة المستبد العادل، على الفوضى وعدم الصدق في التعامل مع الديموقراطية الحقيقية !!.
وظهر بأن السياسة المتّبعة، تميل إلى الدكتاتورية والاستبداد والتسلّط وإخضاع المواطنين بالقوة والقهر لسطوة الحزب وإدارته، مما يؤدّي إلى انتشار التخلّق بأخلاق النفاق والمجاملة الزائدة والتملّق بين الناس، وذلك لغرض التخفيف من آثار التحكّم والتعسّف الواقع عليهم. فالمجتمع مترف في حياته، من بعض الوجوه، لا سيّما في المدينة، حيث اعتاد على الحاجات الكمالية في المسكن والملبس والمطعم والمركب، وهو مضطر إذن أن يتكالب في طلب المال، ويتوسل إليه بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة، فيكذب ويغش ويخدع ويتملّق ويسرق، ويكثر فيه التصنُّع والتكلّف، وتسود حياته عدم الصراحة والخوف من المجابهة، ويسير ويتّبع القوي الغالب، ولو كان على حساب القيم والمبادئ !!.
وفي الأخير نقول: بأنه ينبغي التفريق بين نظرة منحى التوعية والإرشاد الهادف إلى التقارب والتوح، ومنحى الدراسة الموضوعية الواقعية، التي تضع اليد على الجرح، وتبحث عن الدواء والعلاج الناجع لما يعانيه المجتمع من أمراض وأعراض سلبية.
التوصيات :
1) التأكيد على الدراسات الأكاديمية، لا سيّما المتعلّقة بمعرفة طبيعة المجتمع.
2) ضرورة الاهتمام الجدّي بالعلوم الاجتماعية، وما يتعلّق بعلم الاجتماع، وخاصة طبائع المجتمعات البشرية، من قبل الذين يتصدّون للعملية الإصلاحية في المجتمع.
3) القيام بوضع المعالجات للصفات السلبية التي تثمرها الأنظمة الدكتاتورية في منطقتنا .
4) التأكيد على الحريات العامة في المجتمع، وفي جميع المجالات، لا سيّما السياسية والاجتماعية ومقاومة الاستبداد والظلم والطغيان، وفي جميع المستويات .
5) التأكيد على غرس القيم والمبادئ التي جاء بها الإسلام الحنيف، والمبادئ الإنسانية العليا من العدالة والحرية والمساواة والكرامة الإنسانية والشورى.
المصادر والمراجع :
1) دراسة في طبيعة المجتمع العراقي، علي الوردي، ط1، 2011م، دار ومكتبة دجلة والفرات، بيروت – لبنان.
2) المأساة الكوردية، جيرالد جالياند، ترجمة: عبدالسلام النقشبندي، ط2، 2012، دار آراس للطباعة والنشر، أربيل – إقليم كوردستان العراق.
3) المجتمع العراقي – حفريات سوسيولوجية في الإثنيات والطوائف والطبقات، مجموعة من المؤلفين، الفرات للنشر والتوزيع، ط1، 2006م، بغداد – بيروت، منشورات: معهد الدراسات الاستراتيجية – العراق..
4) موقع ويكيبيديا .
5) القواعد الاجتماعية للأحزاب الكوردية السورية، رستم محمود، مقالة منشورة على (موقع: old.aljumhuriya.net).
6) الرائد، معجم ألفبائي في اللغة والأعلام، جبران مسعود، ط1، 2003، دار العلم للملايين، بيروت – لبنان.
7) الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكوردية في نصف قرن (1908 - 1958)، عبدالستار طاهر شريف، ط1، 1989م، شركة المعرفة – بغداد.
8) اتجاهات السياسة الكوردية بعد الحرب العالمية الثانية، فريد أسسرد، مركز كوردستان للدراسات الاستراتيجية، السليمانية، 2008 .
9) هيئة الموسوعة العربية، الموسوعة العربية، الجمهورية العربية السورية، الطبعة الأولى، 2004م، مؤسسة الصالحاني للطباعة.
10) موسوعة السياسة، عبد الوهاب الكيالي، الطبعة الرابعة، 1999م، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، مركز الطباعة الحديثة، بيروت – لبنان.
11) المعجم الحديث للتحليل السياسي، جيفر روبرتس واليستاير ادواردس (Geoffre Roberts And Alistair Edwards )، ترجمة: سمير عبد الرحيم جلبي، الطبعة الأولى، 1999، الدار العربية للموسوعات.
12) النظم السياسية، محمد كاظم المشهداني، 1411ﮪ - 1991م، مطابع دار الحكمة للطباعة والنشر، الموصل.
13) جان جاك روسو، في العقد الاجتماعي، ترجمة: ذوقان قرقوط، دار القلم، بيروت - لبنان، (د. ط ، د. ت).
14) شعب بدون وطن / الكرد وكردستان، جيرالد جالياند، ترجمة عبد السلام النقشبندي، ط1، 2012، دار آراس للطباعة والنشر، أربيل – إقليم كوردستان العراق
15) المجتمع الكوردي في المنظور الاستشراقي، بدرخان السندي، ط2، 2007، دار سبيريز للطباعة والنشر، كوردستان العراق – دهوك.
16) الآغا والشيخ والدولة / البنى الاجتماعية والسياسية لكردستان، مارتن فان بروينسن، ترجمة: أمجد حسين، ط1، 2008، بغداد – اربيل – بيروت.
17) سياسة التعريب في اقليم كردستان العراق، إعداد: (د. خليل إسماعيل محمد، و د. محمد عبد الله عمر، و سيروان كاكه يى، و محمود حاجي)، ط1، 2003، دار ئاراس للطباعة والنشر، أربيل – كردستان العراق.
18) الشخصية الإنسانية المشوهة في العالم الثالث، سعيد سليمان سعيد، مقالة منشورة في مجلة الحوار، العدد 26، أيلول 2004، مجلة شهرية سياسية – ثقافية عامة، يصدرها الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، كوردستان العراق/ أربيل.
[1] ) إقليم كوردستان العراق : حدود 1991 مع مناطق ألحقت بالإقليم بعد عام 2003.(الخريطة رقم1)
[2] ) ينظر: الخريطة رقم 2 .
[3] ) سكان إقليم كوردستان العراق يتكلمون باللهجات الكوردية الأربع: 1- (الكرمانجية الشمالية (البهدينانية) 2– الكرمانجية الوسطى (السورانية) 3– الكرمانجية الجنوبية (اللورية) 4– الكورانية (الهورامانية والباجلانية – الشبك - ). ينظر: خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان، محمد أمين زكي، ترجمة: محمد علي عوني، ط2، 1961م، ص297 – 331 . اللغة الكوردية وقواعدها، مسعود سعيد ياسين، مطبعة هاوار – دهوك، 1427ﮪ - 2006م، ص 21 – 26 .
[4] ) خريطة : ألوية العراق الملكي . سياسة التعريب في إقليم كوردستان العراق، مصدر سابق، ص 23 – 25 .
[5] ) ينظر: سياسة التعريب في إقليم كردستان العراق، مصدر سابق، ص 23 – 25 .
[6] ) العمادية (قلعة آشب): قلعة حصينة تقع في شمال الموصل ودهوك، وهي مركز قضاء تابع حالياً لمحافظة دهوك، عمرها عمادالدين زنكي بن آق سنقر في سنة 537ﮪ - م . كان حصناً للكورد (آشب) . ياقوت الحموي. البلدان 3/717 . ابن الأثير، الكامل 10/383 . ابن كثير، البداية والنهاية، 7 -8 / 53 .
[7] ) قلاجولان: قصبة تعرف أحياناً ب (شهربازار)، تقع في الشمال الشرقي من مدينة السليمانية . ينظر: (جغرافية كوردستان، مينورسكي: دائرة المعارف الإسلامية، 2/418.
[8] ) ينظر الخريطة رقم 2 . ( تمّ بناء مدينة السليمانية في – 1781 – 1783م).
[9] ) ينظر: الخريطة رقم 3.
[10] ) ينظر: الخريطة رقم 4 .
[11] ) نقطة أو سيطرة ديكه له: تُعدُّ الحد الفاصل بين منطقتي النفوذ (الأخضر والأصفر)، وتقع بين أربيل وقضاء كويسنجق. (ينظر خريطة كوردستان – الخريطة رقم )
[12] ) ينظر: المجتمع العراقي، مصدر سابق، الثقافة الكوردية والإثنية الكوردية، مارتن فان بروينسن، ص 236 .
[13] ) منطقة حظر الطيران: منطقة حظر الطيران في العراق (بالإنجليزية: Iraqi no-fly zones)، هي منطقة حظر الطيران التي فرضتها قوات التحالف ضد النظام العراقي، وذلك بعد حرب الخليج الثانية، خلال أواخر شهر فبراير عام 1991م. ويفرض التحالف على النظام العراقي حظر الطيران لمنطقة كوردستان شمالاً، والتي يقطن بها السكان الأكراد، وجنوب العراق التي يقطن بها الشيعة، وكانت النتيجة ضعف القوات العراقية و سقوط بغداد سنة 2003م. ينظر: ئه تله سى سياسي هه رئمى كوردستان، مصدر سابق، ص 169 .
[14] ) من الواضح أن حكومة الإقليم تتعمّد إخفاء المعلومات، أو تعطيها وهي ناقصة أو غير صحيحة، مع عدم إفساح المجال للقيام بالمسح حول الكثير من القضايا والمسائل، وخاصة تعداد السكان، والأحوال المعيشية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وما يتعلّق بنسب البطالة، ونسبة الساكنين في بيوت الإيجار، ونسبة الساكنين في مناطق التجاوزات في المدن والقصبات، ونسبة الفقر المدقع، ونسبة الذين يقلّ دخلهم الشهري عن مائة دولار شهرياً، وازدياد نسبة المشاكل الناجمة من سوء الأحوال الاقتصادية لفئات كثيرة من المجتمع.. إلخ.
[15] ) من أهم التنظيمات المشكّلة في بداية القرن العشرين هي: منظمة (هيوا = الأمل - داركه ر= الحطاب) 1937 – 1939م، والحزب الديموقراطي الكوردي (1946) تمّ تشكيله من منظمتي شورش (منظمة ماركسية) ومنظمة رزكاري.. ينظر: الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكوردية في نصف قرن (1908 - 1958)، عبدالستار طاهر شريف، شركة المعرفة – بغداد، ط1، 1989م، ص94 . و ص 110 – 121 . اتجاهات السياسة الكوردية بعد الحرب العالمية الثانية، فريد أسسرد، مركز كوردستان للدراسات الاستراتيجية، السليمانية، 2008، ص 10 – 11 .
[16] ) قادة الثورات والانتفاضات الكوردية، منذ القرن التاسع عشر وإلى نهاية القرن العشرين، يعدّون من شيوخ الطرق الصوفية، ومن علماء الدين الإسلامي: الشيخ عبيد الله النهري، الشيخ عبدالسلام البارزاني، الشيخ محمود الحفيد، الشيخ سعيد بيران، قاضي محمد، ملا مصطفى البارزاني، وغيرهم.
[17] ) ينظر: المجتمع العراقي، مصدر سابق، ص 35 .
[18] ) حصار الأمم المتحدة على النظام العراقي، وكان يشمل جميع الأراضي التابعة للجمهورية العراقية، مع حصار النظام البعثي على الإقليم خاصة (1991 – 2003م).[1]