=KTML_Bold=مظلومية الكورد الفيليين ملفات غير محسومة=KTML_End=
صادق الأزرقي/ مرت في الرابع من نيسان الذكرى الثالثة والأربعين على عمليات التهجير والابادة الجماعية التي تعرض لها الكورد الفيليون العراقيون ابتداء من شهر نيسان من عام 1980، وقبل ذلك منذ عام 1969 وفي سبعينات وطوال ثمانينات القرن الماضي، وقد اشتمل ذلك على قرارات تعسفية أصدرها النظام الدكتاتوري المباد؛ ومن ذلك قرار رقم 666 لعام 1980، الذي حرم الكورد الفيليين من الجنسية العراقية وعدهم إيرانيين، كما مورست ابشع الجرائم غير الإنسانية، ومنها اجبار الرجال المتزوجين من كورديات فيليات على تطليق زوجاتهم مقابل مبالغ مالية في حال طلاق زوجته أو في حال تهجيرها إلى الخارج؛ وتهجيره معها او تعرضه للاعتقال في حال الرفض.
وبرغم أن الأرقام تبين انه جرى ترحيل نحو نصف مليون كوردي فيلي نتيجة حملات الاضطهاد واختفاء ما لا يقل عن 15 ألف كوردي فيلي، معظمهم من الشباب، الا ان تقديرات حكومية تبين أن أعداد المرحلين والمفقودين بين العامين (1980 و1990)، بلغت نحو 1,3 مليون شخص، كما جرى زجّ نحو 22 ألف من شباب الكورد الفيليين في معتقل نقرة سلمان، وبعدها أجريت عليهم اختبارات بالأسلحة البيولوجية ودفنوا في مقابر جماعية، على وفق التقديرات.
ويلفت المراقبون الى انه وبرغم توثيق كثير من هذه الجرائم بعد سقوط النظام المباد عام 2003 لكن عمليات التوثيق لم تصل حتى الآن الى مستوى الجرائم التي ارتُكبت بحق الكورد الفيليين، على وفق وصفهم، منبهين الى انه ما يزال الكورد الفيليون الذين ينتشرون في بغداد ووسط العراق يعانون من مشكلات عديدة، أبرزها مسألة الشهداء ونزاع الملكية والتعويضات، فضلا عن استمرار التعامل غير المنصف من بعض الدوائر الحكومية، ما يتسبب بتأخر انجاز معاملاتهم، على حد وصفهم، فيما يدعو مختصون إلى ضرورة تحرك البرلمان لتشريع قوانين أو معالجة بعضها بما يُسّهل نيل حقوقهم.
ويلفت المراقبون ايضا، الى انه برغم مرور مدة طويلة على تلك الجرائم وبرغم تغيير النظام المباد فلا زالت الإجراءات المتبعة في التعامل مع القضية تتسبب في عدم حصول كثير من الكورد الفيليين على حقوقهم، وفي كل ذكرى تتجدد المطالبات بإنصاف ذوي الشهداء، من أبرزها ضرورة تشكيل محكمة خاصة لشؤون الكورد الفيليين للنظر بقضاياهم واحتسابهم ضمن مؤسسة الشهداء، لمنحهم الحقوق التي نص عليها قانون مؤسسة السجناء رقم 2 لسنة 2016، بحسب مدير عام دائرة شهداء ضحايا الإرهاب في مؤسسة الشهداء، الذي ينوه الى ان هناك كثيرا من الشهداء غير مسجلين في مؤسسة السجناء.
عضو سابق في برلمان اقليم كوردستان يلفت الى الطابع السياسي للقضية، ويرى أنه بعد عشرين عاماً من بقاء ملف الكورد الفيليين معلقاً، يتضح جلياً أن القضية سياسية 100٪ وليست قانونية وإنسانية، على حد وصفه، بدلالة انه إذا كان القانون والمحاكم قد اتخذوا قراراتهم ولم تنفذها الأطراف المعنية مثل الحكومة، فمن الواضح أنه لم يكن هناك اتفاق أو دعم سياسي كاف، بحسب تعبيره، مزيدا القول ان الكورد والشيعة يقولون إنهم يريدون تنفيذ قرار المحكمة والقرارات الأخرى ولا مانع من أطراف أخرى، ولكن الحقيقة أن هذه القضية تراوح عند المطالبات التعاطف، فالجاني واضح، لكن السؤال هو، من هي الإرادة السياسية والحكومية لإنهاء هذا الاضطهاد بشكل نهائي، بالنسبة لأولئك الذين تأثروا بشكل مباشر بهجمة القمع، لا زال عدد قليل منهم على قيد الحياة، والمناسبات السنوية هي تذكير وليس علاجا، ويجب أن تكون ترسيخاً للقضية.
ويحذر بالقول إذا كنت تريد أن تُعرف بشخص مظلوم، فيجب أن تصبح فيليًا، الفيلي هو الشخص الذي يتعرض للقمع باستمرار ويمكن أن تقول إنه مدان بالاضطهاد الأبدي؛ لذلك يصعب على الفيليين المظلومين تجنب عواقب تكرار هذه الجرائم، في رأيي، يجب أن تكون رسالة هذه الذكرى هي منع حدوث هذه المآسي مرة أخرى، بحسب تعبيره.
من جهته يدعو مستشار شؤون الكورد الفيليين في مجلس النواب العراقي البرلمان العراقي إلى تشريع أو تعديل بعض القوانين لمعالجة الإشكالات التي يعاني منها الكورد الفيليون، اذ يصطدم كثير من ذوي الشهداء عند مراجعتهم للمحاكم بإجراءات معقدة تعرقل نيل حقوقهم”، بحسب قوله.
ومن الامور التي يسجلها المعنيون والمتابعون للشأن الفيلي، هي مطالبة ذوي الشهداء بمقتبس حكم، إذ ما يزالون في سجلات النفوس أحياء، والمطالبة بالحقوق يجب أن تتعلق بالشخص المتوفي، لافتين الى ان مقتبس الحكم غير متوفر عند عائلات الشهداء، نظرا لعدم عرض الشهداء على المحاكم أصلاً، وإنما جُمعوا وسُجنوا وغيُبّوا من دون محاكمة، بحسب تعبيرهم.
كما يلفتون الى ان معظم الذين عادوا إلى العراق من الكورد الفيليين واجهوا صعوبات في التقدم للحصول على الجنسية، أو لاسترجاع جنسيتهم العراقية الاصلية، برغم ان الحكومة العراقية أصدرت في عام 2010، قرارا تعهدت بموجبه بإزالة الآثار السيئة لاستهداف الكورد الفيليين وكذلك صدور قرار لمجلس النواب في العام نفسه عد بموجبه عملية التهجير والتغييب القسري للفيليين جريمة إبادة جماعية.
باحثون ومحللون قالوا انه برغم مرور تلك السنوات الطويلة على ذكرى الإبادة فانه ما يزال من تعرضوا لها أو اولادهم أو احفادهم لم يأخذوا أبسط حقوقهم، فيما تترسخ معالم الظلم في تعامل كثير من المؤسسات مع قضيتهم، كما أن القوى السياسية ما زالت تستعمل ورقة الذكرى لاستدرار عطف الكورد الفيليين في الانتخابات، على حد قولهم، منوهين الى انه برغم توصيات المحكمة الاتحادية بتساوي مقاعد الكورد الفيليين مع المكونات الاخرى في الانتخابات، الا ان مجلس النواب العراقي فشل في ذلك، وما زال مقعد الكورد الفيليين واحدا، ما يعطي انطباعا بعدم الاهتمام بهذه القضية.[1]