#شه مال عادل سليم#
ماذا تحتفظ ذاكرة العراقي عن الثمانينات التي امتزجت برائحة الدخان والدم والخراب والخنادق وقطع الاطراف !.... غير ادب قادسية صدام وثقافة ام المعارك واغاني سادية هابطة تروج للعنف والقتل والغدر والتي اصبحت لاحقا مناهج مدرسية (( تربوية ))لاجيال تربّت في ظل تلك الغزوات والحروب وتحت سياط الجلاد وفرمانات الطاغية ....
نتذكر جيدا كيف وباية سادية كانت تقطع السنة العراقيين في زمن البعث الفاشي وفي مهرجانات الدم وصولجانات الانتقام وقطع الرقاب في شوارع العاصمة بغداد و في مدن عراقية اخرى ... حيث لم يكن في جمهورية الانفالات شيء سوى القتل والارهاب ...واقصد هنا قتل وارهاب الفكر والكلمات قبل التصفية الجسدية ...
و نتذكر برامج الاذاعة والتلفزيون و المطبوعات والجرائد والمجلات في الثمانينات ..... كانت برامج شمولية مخيفة عنيفة كانت اناشيد ومارشات حرب وبيانات قراقوشية وصفارات الانذارومرابد ومهرجانات سب وشتم وانفعالات لتوزيع التهم والالقاب على الاخر لان الاخر ليس مع (الثورة وقائدها المجيد) ومن لم يكن معهم وجب ان يكون ضدهم ، ومن خلال متابعتنا لبرامج الاذعة والتلفزيون والاعلام البعثي بشكل عام وجدنا ان 99,9 بالمئة منها كانت برامج عن الانفالات والغزوات لغسل ادمغة المواطن العراقي البسيط .......
نعم لم يبقى شيء في العراق الا و جرى تشويهه بفكر البعث ... اضافة لسريان قوانين قراقوشية جائرة .... كقوانين قطع رؤوس النساء و قطع اللسان والوشم على الجباه وقطع الاذان والايدي والارجل وكان هناك اكثر من( 60) قرار لها قوة القانون ، عقوبتها الاعدام اصدرها صدام حسين المعدوم ، في جمهورية الدم وجز الروؤس ... راجع دعوة للتامل في جرائم حزب البعث في العراق الجزء الاول شه مال عادل سليم ..
النظام السابق صنع ثقافة القمع والوشاية ....
نعم لقد حوّل الطاغية وبشكل تدريجي ومنهجي عالم الفن والفنانين الى عالم فاسد وذالك بادخال الدخلاء والاميين والجهلة على الفن وذالك لافساد الذوق العام , و مثل اعلامه الديماغوجي دورا كبيرا ايضا في توجيه الاغاني السوقية والهابطة لغسل بطيء لدماغ الانسان العراقي وابعاده عن الفن والتراث العراقي الاصيل وقطع جميع القنوات الاعلامية عنه المرئية والمسموعة والمقرؤء وكلنا نتذكر القوانيين والعقوبات الصارمة التي اصدرها الطاغية في هذا المجال فحتى استخدام جهاز الراديو وال ( ايف . ايم ) كان ممنوعا منعا باتا وبذالك حول النظام البعثي العراق الى قفص مغلق ومحكم حوّل العراقيين الى اجساد بلا روح ولاامل ولاعمل ... ومن هنا تغلغل الخراب عميقا ...عميقا عمق سنوات الضياع .... داخل الفن ، كباقي مجالات الحياة الاخرى في العراق والتي ستبقى اثارها الى امد بعيد ...فحال العراقيين ومن جميع النواحي ليس بحاجة الى شرح بل ان الواقع الحالي المزري ومنه الوضع الثقافي والفني شاهد على البؤس والتخلف ومن جميع النواحي وهذا تحصيل حاصل لماحدث في ظل النظام البائد ...
من المسؤول عن انتشار هذه الكلمات والاغاني السوقية الهابطة ؟
لقد سقط الصنم ولكن مخلفاته افكاره الشوفينية المقيتة لاتزال باقية وستبقى الى امد طويل تروج للعنف والتخلف ولكن علينا جميعا ان نكون حذرين ونقف بوجه كل من يريد ان يروج للعنف والارهاب وهنا تقع المسؤولية الاولى على عاتق :
1 الاعلام العراقي الجديد بكل انواعه المرئية و المسموعة و المطبوعة .... يجب وضع قانون مسائلة ومحاسبة كل قناة تريد ان توصل تلك الاصوات النكرة الى المتلقيّ ، لاخضاعها ولادامتها للتنويم المغناطيسي وبطرق مبرمجة او لامسؤولة ، مستفيدة من اعلام النظام البعثي المقيت الذي تم عبره تكريس وتثبيت منهجه الشمولي القائم على الجماجم والعظام والدماء و الذي تسبب في تشويه الاخلاق والقيم و الاحساس ..... وذالك بحجة حرية الرأي والديمقراطية ....
2 وزارة الثقافة العراقية الجديدة التي يجب عليها ان تتحرك وبسرعة لاتخاذ الاجراءات بحق اشباه الشعراء والمغنيين والفنانين والموسيقيين اينما كانوا , لوضع ضوابط فنية جديدة وحضارية لمنع تسرب السموم وانتشار ثقافة العنف والارهاب ومحاسبة كل من يروج لثقافة العنف عن قصد وبغير قصد اي تفعيل قانون معاقبة المروجين للعنف والارهاب ...
3 نقابة الفنانين العراقيين وذالك بوضع قوانين صارمة بحق كل من يسيء ويشوه ويروج للعنف والارهاب من اشباه الفنانين ... وان تقيم دعوى قضائية ضد الفضائيات العربية التي ليست فقط لاتلتزم بالمهنية بل كذالك لترويجها العنف والتخلف عبر منابرها وبرامجها الهابطة ....
نعم من واجب الجهات المسؤولة ان تضع قوانين صارمة لكل من يريد ان يسجل اغنية على سبيل المثال ان يخضع المغني لاختبارات فنية من كل النواحي جودة الشعر , اللحن و الصوت فهناك اسماء كثيرة لمن اقحموا انفسهم في مجال الغناء ولايمتلكون المؤهلات الفنية اطلاقا ويسجلون خلال ساعات البوماتهم المليئة بالعقارب والافاعي والضفادع ويوزعونها على الفضائيات العربية التي ضربت ارقاما قياسيا في عددها وهم يتباهون بكلماتهم التي لو سألوا عنها لما استطاعو ان يفسروا ولا كلمة واحدة مما تسمى بالاغنية الشبابية السريعة ....في حين لايدري اشباه الفنانين هؤلاء بانهم يقدمون بفعلهم هذا على جريمة بحق انفسهم وبحق المغنيين والشعراء والملحنين الكبار الذين ابدعوا باعمالهم الفنية واغنوا تراث وطنهم بنتاجاتهم الخالدة والتي ستبقى الى الابد .........
نعم لقد ولى زمن المغنيين من ( اصدقاء عدى) وشعراء المدح والردح الذين كانوا يحملون المسدسات و انواط الشجاعة والاوسمة ، بدل الاقلام والاوراق ....نعم اقصد الذين غنوا وصفقوا ودبّكوا على انغام (مسا الخير ياسيدي ... احنا مشينا للحرب وماقصرتم وصدام عز بلادي) والخ من اناشيد الحرب ...
اخيرا ...
الحقيقة التي علينا اليوم الوقوف عندها مليأ تتمثل , في حشد كل المثقفين العراقيين الحقيقيين للبدء بترميم الافكار و النفوس التي تضررت من سموم فكر( قائد) الضرورة وحزبه المقيت والوقوف بوجه اشباه المغنيين والملحنين والشعراء والكتاب والنقاد ، لمنع و ايقاف انتشار كل كلمة تروج للعنف والارهاب .... وعلى الجهات المعنية ان تقف بحزم وتقول كلمتها لكل قناة تروج لتلك النتاجات الهابطة داخل وخارج العراق .... وعندما اقول المثقفين الحقيقيين اقصد ... كل الذين استطاعوا ان يحافظوا على موروثهم الفني في زحمة الفن و الزمن الرديء فهم من جهة كانوا يتحدون اشرس نظام عرفته المنطقة برمتها ...
ومن جهة ثانية كانوا يحملون قلوبهم على راحاتهم من اجل تقديم فن اصيل نابع من الصميم ويعبّر عن المشاعرالانسانية النبيلة تجاه الشعب والوطن وتجاه كل ماهو جميل وشفاف ورقيق ...كالمرأة العراقية الباسلة والمضحية نموذجا . نعم المثقفين الحقيقيين الذين لم يسقطوا في الهاوية ولم يؤثّر بهم التهديد والترغيب اللذين مارسهما النظام البعثي ضدهم وضد عوائلهم وظلوا اوفياء لفنهم وثقافتهم وابداعهم وموروثهم الثقافي الغني ولم يستطيع الدكتاتور بكل جبروته منعهم من صومعة التأمل بعراق خالي من الاصنام ...
نعم ..نعم اعتقد جازما ان انتشار موجة الاغاني الانتقامية والسادية ضد المرأة هو موروث من ثقافة البعث الشوفيني ويحتاج الى عمل دؤوب لمنعه من الانتشار ... وان زمن تكميم الافواه والاصوات النقية وغسل الادمغة وسلب الهوية واسقاط الجنسية واغتصاب التراث الثقافي والفني الاصيل للمبدع العراقي وسرقة نتاجاته الابداعية ولى الى غير رجعة .... ...............
لقد سقط الصنم وان الاوان لكل المبدعيين شعراء , وفنانين ,و مطربين , وملحنين , وموسيقيين , وتشكيليين وكتاب من متابعة حقوقهم المشروعة ومحاسبة سارقي نتاجاتهم الفنية ... نعم لقد حان الوقت لتعود (الطيور الطايرة) الى الوطن لترفرف وتحلق عاليا مع الحان المبدع (كوكب حمزة) في سماء العراق وبين سعف نخيله ووسط غابات (القصب والبردي والعزيزة والكمبار والمرير) (2) لتوزع باجنحتها كلمات السياب مع النسيم الصباحي لتمتزج مع اغاني الخشّابة وغناء ومواويل بحارة السفن على شواطي البصرة الفيحاء .....نعم حان وقت الرجوع ...!! فلاتزال السفن تنتظر على شواطئ البصرة عودة طيورها المهاجرة بعد غياب دام عقوداً ....عقودا طويلةً من الزمن ........!
سؤال لكل من يهمه الامر ماذا نستطيع ان نفعل نحن كفنانين عراقيين في الشتات لانقاذ ما بقى من الفن والتراث العراقي الاصيل من تلك الموجات الخانقة والشاذة التي تروج لثقافة العنف والارهاب والتي اصبحت ظاهرة لاتطاق والأنكى انها تسمى ( بالاغاني الشبابية) والتي فاقت فعلا سوقيتها اللغة الشوارعية ؟ ارجو ان يصل سؤالي الى كل من يهمه الامر وكل من يحمل رسالة للفن الاصيل في وجدانه وضميره ... والى كل مثقف اينما وجد .....اقول للجميع هل نبقى ساكتين ؟ ....الم يحن الوقت لمقاومة روح الشر ام ماذا ؟
لنرفع اذن اصواتنا مع المبدع جعفر حسن ونغني معه :
اه يالسمر اللون ........... حياتي لسمراني
حبيبي واعيونة سود ........ والله الكحلة رباني ...
(2) اسماء نباتات الاهوار ..[1]