أجرى اللقاء : #شه مال عادل سليم#
لمعرفة بعض الاشكالات الدستورية التقينا الدكتور منذر الفضل , الخبير القانوني وعضو لجنة كتابة الدستور العراقي في الجمعية الوطنية العراقية لعام 2005 , وللاطلاع على أرائه السديدة ولقانونية حول عدد من الامور الآنية، كان لنا مع الدكتور الفضل هذا اللقاء السريع :
الدكتور منذر الفضل , كما تعلمون إن مواد الدستور العراقي قاطبة تثير إشكاليات ومعضلات وتناقضات كبيرة, وكبيرة جدا , لذلك سأطرح عليكم بعض الاسئلة في مختلف المجالات . نظراً لسعة الموضوع وقلة الوقت .
الدكتور الفضل , كنتم عضوا في لجنة كتابة الدستور العراقي ولم تكونوا راضين عن كثير من نصوصه حيث سجلتم تحفظا على مسودة الدستور مع اعضاء اخرين بسبب نقص في قضايا حقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية, ونقص في الحقوق الدستورية للمرأه وعيوب في فن الصياغة القانونية ...,
وقبل الدخول في صلب الموضوع هل لكم ان تعرفوا ما هو الدستور ؟
- ان الدستور بشكل عام له تعريفات متعددة ، وذلك وفقاً لطبيعة النظّام الدُّستوريّ الذي يعتمد في الدولة ووفقا لظروف الدّولة من الناحيتين السياسيّة والاقتصاديّة .
والاصل في علم القانون ان الفقه القانوني ينقسم في تعريفه للدُّستور إلى معيارين أساسيين وهما :
أولا المعيار الشّكلي : ويعتمد على وجود وثيقة دُستوريّة تحتوي على مجموعة من القواعد والأحكام التي تنظم علاقة الحاكم والمحكوم , وحقوق وواجبات المواطن , وتنظيم مؤسسات الدولة , كما ينُظمّ الدُّستور الأمور الداخليّة والخارجيّة للدّولة، و يُحدّد شكل الدّولة ( مركبة كالدولة الاتحادية ام دولة بسيطة غير اتحادية ) كما يحدد الدستور نمط الحكومة .
ومن الجدير بالذكر , ان أي وثيقة أخرى تتعارض مع النصوص الواردة في الدستور تُعد باطلة لان الدستور اعلى وثيقة تستمد منه القوانين التي تنظم البلاد , اذ لا دولة بلا قانون لان القانون ينظم الحياة وبدونه تسود شريعة الغاب أي قانون القوة .
ثانيا - المعيار الموضوعي : ويقصد به مضمون القواعد الدُّستوريّة سواء كانت مكتوبة في الوثيقة أو غير مكتوبة مثل (بريطانيا ) ، ويفُرّق المعيار الموضوعي بين القاعدة الدّستوريّة التي هي اعلى في الهرم التشريعي بينما القاعدة القانونيّة هي ادنى من القاعدة الدستورية ولا يجوز للقانون ان يتعارض مع القاعدة الدستورية لان القانون ادنى مرتبه من الدستور ولهذا فان للدستور سمو وله العلوية على كل التشريعات الوضعية ولهذا يستفتى الشعب عليه ويمثل ارادته و لايجوز التجاوز عليه او خرقه .
ولكن للأسف حصلت تجاوزات وانتهاكات للدستور العراقي من اطراف سياسية عديدة في العراق وانتشر الفساد بكل اشكاله وانعدمت الشفافية وتضررت اطراف كثيرة من المواطنين بسبب عدم احترام نصوص الدستور والقوانين النافذة رغم الحاجة الى تعديلها بين فترة وأخرى .
اما عناصر الدستور فهي :
اولا - المقدمة اي الديباجة وهي (جزء لا يتجزأ من الدستور وهي ملزمة في التطبيق ) ...
ثانيا - الجزء التنظيمي ويخص عمل المؤسسات وتنظيم العلاقات بين المواطنين ومؤسسات الدولة
ثالثا - الحقوق والحريات للمواطنين
رابعا - احكام تعديل الدستور..
وللأسف فان الدستور العراقي الذي انجز عام 2005 كتب على عجل أي خلال فترة قصيرة وضمن فترة محددة من قانون إدارة الدولة وقرار الامم المتحدة كما ان ( اغلب الاعضاء الذین شاركوا في كتابته لیسوا من الاشخاص المتخصصین بعلم الدستور والقانون ) , وهذا يسبب مشكلات كبيرة من نواحي متعددة رغم ان الدستور وثیقة قانونیة وسیاسیة ولھذا حصلت (ثغرات في الدستور تستوجب التعدیل) .
ولقد قلت في الجلسة الاولى في اجتماع لجنة كتابة الدستور : بان الدستور لا یكتب بھذه الطریقة وتحفظت على مسودة الدستور لأسباب عديدة وكما هو معلوم ان البناء الصحيح يثمر نتائج صحيحة .
و فیما یخص (الدیباجة) التي اشرت الیھا فانھا كما ذكرت ھي (جزء لا یتجزأ من الدستور) وان العبارة التالیة التي جاءت في نهاية (ديباجة الدستور) وضعت من (التحالف الكوردستاني) بالتوافق مع الأحزاب الأخرى وهي تنص على مايلي :
(إنّ الالتزام بهذا الدستور یحفظُ للعراق اتحاده الحر شعبا وأرضاً وسیادةً), ومن جهة أخرى فان المادة ( 109 ) من الدستور نصت صراحة على مایلي :
المادة (109): (تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي) .
قاطعت الدكتور الفضل وقلت : اذن هذه المادة اي المادة ( 109 ) تعارض مع ما جاء في الديباجة ؟
- اجاب الدكتور الفضل قائلا : نعم كانت هناك صراعات بين الكتل السياسية وكان كل طرف يريد افضل النصوص التي تضمن حقوقه ومصالحة ولهذا السبب فان الدستور العراقي ( بحاجة للتعديل ومعالجة التناقض في بعض النصوص الدستورية وحذف التكرار) من الدستور و(ضرورة إعادة الصياغة للكثير من نصوصه ) شريطة ان يقوم بالتعديل والصياغة (خبراء قانونيين من ذوي الخبرة والدراية والكفاءة الدستورية ومن الشخصيات المستقلة بعيدا عن التدخلات الحزبية ) .
هل هناك أساس قانوني لتكوين الدولة الكوردية في إقليم كوردستان ؟ وهل ان الإستفتاء الذي جرى في 25 ايلول الماضي هو (خيانة وطنية) ام ممارسة لحق وتعبير سلمي مشروع عن حق الشعب الكوردي في تقريرالمصير وفقا لقواعد القانون الدولي وحسب المواثيق ذات الصلة ؟
- من الناحية القانونية ( النظرية ) يحق للكورد انشاء الدولة الكوردية وهو حلم قومي للكورد وحق مشروع وهذا ما ذكرته قبل اكثر من ربع قرن وهذا الموقف منشور في مؤلفاتي ومقالاتي ومحاضراتي في أمريكا واوربا وكوردستان واخرها ما ذكرته في المؤتمر القومي الكوردي الذي انعقد في السليمانية عام 2005 وفي واشنطن ( American Enterprise Institute ) , والسبب في ذلك ان مقومات الدولة متوفرة وهي ( الشعب والمؤسسات والأرض ) ولكن ينقصها (الاعتراف الدولي) وبدون (هذا الاعتراف لا يمكن للإقليم ان يشكل او يعلن الدولة منفردا) .
وكما هو معلوم ان الدول تحكمها (مصالح) وليس (القيم الأخلاقية) , كما ان الإقليم لا يمكن (القيام بتأسيس دولة بدون الحوار أولا مع المركز) والدليل ما حصل في اسبانيا التي رفضت استفتاء واستقلال كتالونيا 2017 ورفض المحكمة الدستورية كل خطوات إقليم كتالونيا والقي القبض على المسؤولين في الاقليم .
اما بالنسبة للإستفتاء الذي جرى في 25 من شهر أيلول 2017 فهو (حقا مشروعا ومن حق الإقليم اجراء استبيان او استفتاء وليس (خيانة وطنية), ولكن الذي حصل ان الاستمرار بتنفيذ الاستفتاء والاثار الناجمة عنه وهو الإستقلال رفض من الحكومة الاتحادية فضلا عن رفض الدول الإقليمية وغير الإقليمية لان الإستقلال يتعارض مع مصالح الدول !؟
وحسب علمنا ان دول العالم وقفت ضد الإستفتاء وضد نتائجه وهذا يعني ضرورة إيجاد حلول سريعة للتداعيات التي حصلت بسبب الإستفتاء ونحن مع الحوار بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان للخروج من هذا المأزق .
يتبع
الدكتور منذر الفضل في سطور : دكتوراه في القانون المدني ومدرس في كلية القانون بجامعة بغداد 1979
, أستاذ مشارك في القانون المدني – كلية القانون بجامعة بغداد 5-11- 1987 , محاضر على طلبة الماجستير والدكتوراه جامعة بغداد - كلية القانون 1987- 1991 , محاضر في المعهد القضائي – بغداد 1989-1991
استاذ مشارك في كلية الحقوق بجامعه مؤته – الاردن 1991-1992 , مساعد عميد كلية الحقوق – جامعة عمان الاهلية – الاردن 1992 -1993 , رئيس قسمي القانون العام والخاص -جامعة الزيتونة الأردنية 1993-1997 , محاضر في كلية القانون والفقه المقارن – لندن 2001 , محاضر في معهد سيلي التابع لنقابة المحامين الامريكية – براغ 2004 , مستشار قانوني في سلطة التحالف – بغداد - عام 2003
مستشار لرئيس مجلس الوزراء في أقليم كوردستان 2004 , محاضر على طلبة الدكتوراه في القانون - جامعة صلاح الدين – كوردستان 2005 , عضو الجمعية الوطنية العراقية 2005
عضو لجنة كتابة الدستور العراقي الدائم 2005 , مستشار قانوني وباحث أكاديمي – السويد , استاذ مشارك في كلية القانون بجامعة عمان العربية للدراسات العليا –الاردن - 2010 -2011 .
ألف الدكتور الفضل عشرات الكتب والبحوث القانونية والعلمية، منها : الوسيط في شرح القانون المدني , مصادر الالتزامات وأحكامها دراسة مقارنة بين القوانين الوضعية والفقة الإسلامي , النظرية العامة للإلتزامات - أحكام الالتزام , المدخل الى علم القانون , المسؤولية الطبية في الجراحة التجميلية , الوسيط في الشرح القانون المدني ( مصادر الالتزامات واحكامها ) , تاريخ القانون لتصرف القانوني في الاعضاء البشرية , المسؤولية الطبية دراسة مقارنة , شرح القانون المدني الاردني , إضافة إلى كتب ودراسات ومقالات وبحوث كثيرة اخرى .[1]