=KTML_Bold=الديانة الإيزدية وغيرها من الديانات الكوردية الأخرى هي من إبتكارات الشعب الكوردي=KTML_End=
=KTML_Underline=د. مهدي كاكه يي=KTML_End=
الإنسان هو خالق الأفكار والعقائد والفلسفة والأديان ولولا الإنسان لما كانت هناك أديان. هل الإنسان تابع للفكر أم الفكر تابع للإنسان؟ بالطبع الفكر هو من إبتكارات الإنسان وعليه فأن الفكر ليس فقط تابعاً للإنسان، بل من إبتكاراته. أسلاف الشعب الكوردي هم الذين أوجدوا الديانة الإيزدية وغيرها من الأديان الكوردية القديمة.
الديانات الإيزْدية و المَزْدَكية و اليارسانية (كاكەيي) والهلاوية (العلوية) و الدروزية والشبكية هي إمتداد للديانة المثرائية المتجلية في الديانة اليزدانية. قبل ظهور المسيحية، كان جميع الآريين يعتنقون الديانة المثرائية. عليه فأن الديانة اليزدانية هي أقدم بكثير من الديانة الزردشتية، حيث أنه قبل أكثر من 3500 سنة، كان أسلاف الكورد الميتانيون يُدينون بالديانة المثرائية. كما أن الميديين كانوا يعتنقون الديانة اليزدانية، حيث أن اليزدانية كانت الدين الرسمي للإمبراطورية الميدية.
تظهر بقايا معتقدات الديانة المثرائية بوضوح في هذه الأديان الكوردية، مثل تناسخ الأرواح والإعتقاد بوجود قوتَين متضادتَين وهما الخير والشر، وكذلك قُدسية الشمس والنار وتقديم القرابين (النذور) للأحياء والأموات و تقبيل الأرض الذي هو طقس ديني للتعبير عن حب الإنسان للأرض وشكرها، حيث يعيش الإنسان عليها و أن إستمرارية حياته مرتبطة بها.
لذلك فأن الديانة الهلاوية و الإيزدية و الدروزية و اليارسانية (الكاكائية) والشبكية تكاد تكون ديانة واحدة. إن هذه الأديان متشابهة في العقيدة و الشخصيات الدينية و الإيمان بتناسخ الأرواح و النظام الطبقي و الطقوس الدينية من صوم و تقديم النذور و التكايا و الإحتفاظ بالشارب و غيرها، حيث أن جميعها ينحدر من الديانة المثرائية. الإختلافات البسيطة الموجودة بين هذه الأديان، ناتجة عن العزل الجغرافي بين أصحاب هذه الأديان، حيث أن عيشها ضمن كيانات سياسية مختلفة والتباعد الجغرافي بينهم والعيش بمعزل عن بعضهم البعض، خلقت بمرور الزمن هذه الإختلافات البسيطة في أسماء الشخصيات الدينية والطقوس الدينية وغيرها.
مما سبق، نرى أن الديانة الإيزدية لم تكن موجودة قبل 3500 سنة، بل كانت هناك الديانة المثرائية والتي بمرور الزمن إنبثقت منها الديانات الهندوسية والبوذية والإيزدية واليارسانية والهلاوية والدروزية والشبكية والمزدكية، بينما يمتد تاريخ الشعب الكوردي في أعماق التاريخ وعبر تاريخه أوجد الكثيرمن العقائد والأديان، من ضمنها الدين الإيزدي. على سبيل المثال، تمّ ذكر الكورد في وثيقة تاريخية قديمة تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد والتي هي عبارة عن لوحَين من الحجر نقش عليهما نص سومري، سبق ل(إرنانا)، الوزير الأكبر للملك السومري سوشين (2037 – 2029 ق. م.) أن أمر بوضعهما تحت قاعدة الباب العائد لمعبد جديد تم بناؤه في جرسو (تيللو) في جنوب العراق. بعد أن يذكر (إرنانا) سلسلة من ألقابه ومناصبه، يذكر بأنه محافظ عسكري لأربيلوم (أربيل)، ومحافظ كل من خماسي وكره خار (قره خان/ جلولاء)، وكذلك القائد العسكري لأهالي سو وبلاد كوردا (كوردستان الكبرى).
كما أن أسلاف الكورد قبل مئات الآلاف من السنين كانوا يعيشون في كهوف كوردستان وأسلاف الكورد السومريون قبل اكثر من 8000 سنة كانوا يعيشون في كوردستان و في تلك الأزمنة كان لا وجود للديانة المثرائية نفسها والتي كانت ديانة الشعوب الآرية والتي الديانة الإيزدية هي من بقاياها. هكذا فأن الشعب الكوردي، بمختلف مسمياته، كان موجوداً وآمن بعقائد عديدة في مراحل حياتها الى أن إعتنق المثرائية والتي إنبثقت منها عدة ديانات وإحداها هي الديانة الإيزدية.
كانت غالبية الشعب الكوردي تعتنق الديانة اليزدانية بفروعها المختلفة، الى حلول النصف الثاني من القرن 16 الميلادي، أي الى ما قبل حوالي 400 سنة. بعد هذا التأريخ أصبحت غالبية الكورد مسلمين واضطرّت فروع الديانة اليَزْدانية {إيزْدي، يارْساني(كاكه يي)، هلاوي (علوي)، الشبك، الدروز) إلى إقتباس بعض الرموز الإسلامية وإضافتها الى معتقداتها لحماية معتنقيها من القتل والسبي والظلم والإهانة وللحفاظ على دينهم الكوردي الأصيل. على سبيل المثال، سُمّي الملاك ميكائيل (الشيخ أبو بكر) في الإيزدية، وأصبح علي بن أبي طالب شخصية مقدّسة رئيسية عند اليارسانيين (الكاكائيين) والعلويين الكورد، وحلّت الأسماء العربية محل الأسماء الكوردية عند أتباع هذه الفروع اليزدانية، فالإسم الكوردي العريق (آدي) مثلاً، كان إسم أحد آلهة أسلاف الكورد الخوريين، أصبح إسمه عند الإيزديين إسماً عربياً وهو (عَدي)5 ونسبَ أمراء الإيزديين أصلهم إلى الأسرة الأُموية العربية، وإتخذوا بعض أسمائهم مثل إسم (مُعاوية).[1]