=KTML_Bold=المساومة على الكرد بين روسيا وتركيا وسوريا=KTML_End=
شكرو كدك
من المعروف أنّ السياسية الخارجية التركية في أزمة. إذ تفتقر منذ زمنٍ بعيد إلى الرؤية.
يبدو أنّها لم تحقق أي نتيجة من الأسلوب والسلسلة الهجومية والمواقف العدوانية. انتهى التدخّل في الشؤون الداخلية السورية، الليبية والعراقية. ربّما لم تصل بعد إلى المرحلة التي تنهيها بشكلٍ فوري لكن أصبح من الواضح على الأقل أنّ المسار الذي اتّبعته لا يحقّق فائدةً طويلة الأمد.
ولا تزال القضية السورية ذات أهميّة يومية. وكانت احتمالية شنّ هجومٍ احتلاليّ جديد على روج آفا أهم حملة انتخابية لأردوغان في الانتخابات القادمة. حصل حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات الأولى على دعم الولايات المتحدة الأميركية وأظهر نفسه كمشروع وفاز فيها. ويبدو أنّ عليه هذه المرّة الحصول على دعم روسيا للفوز في الانتخابات الحاسمة التي ستُجرى خلال العام القادم.
لو نظرنا إلى القضية في سياق السياسة الداخلية، فسبيل الفوز في الانتخابات هو الهجوم على روج آفا وإقامة علاقات جيّدةٍ مع روسيا. فهو يحتاج رأس مال الأوليغارشية الروسية من أجل استقرار الاقتصاد.
وبسبب الحرب الأوكرانية، يتماشى استيراد روسيا للمواد التي تحتاجها عبر تركيا مع رغبة تركيا بالنفط ومشتقاته. وتعتمد استراتيجية الانتخابات على حسابات تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع روسيا وتنفّذ وفقاً لذلك. ستخلق العلاقة الثنائية التي يحتاج فيها كلّ منهما إلى الآخر بشدّة استقراراً للأزمة التي تشهدها تركيا في هذه المرحلة. وفي الأساس تخلق محطة أكويو أساساً قانونياً لنقل رأس المال.
توجّه روسيا الدولة التركية نحو الأسد. وبغضّ النظر عن انعكاسات هذا الأمر على السياسة الداخلية إلّا أنّه يمكن القول أنّ هذا دعم لأردوغان. لكنّ مطالب تركيا مختلفة جداً. لدى الدولتين العديد من المطالب لكنّها تتأزّم في أهم الظروف. الشرط الذي لا يمكن لتركيا التخلّي عنه؛ هو رغبتها بالقضاء على الإدارة الذاتية وإنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كم وحل قضية اللاجئين. ومن جهة أخرى تطالب سوريا بانسحاب تركيا من الأراضي المحتلة وفتح طريق M4 الممتد من اللاذقية إلى العراق والسيطرة على إدلب والمعابر الحدودية. وهنا أيضاً تندرج المساومة على الكرد في الأجندة.
في الوقت ذاته تُجبر روسيا تركيا على الحوار مع النظام السوري، لكن بالطبع لديها منظور حول كيفية حلّ القضايا الحالية. لاشكّ أنّها ستخلق قبولاً للمقاربات التي ترضي أردوغان. وهذا يشمل السماح بشنّ عملية محدودة ضد روج آفا. أي أنّهم يقدّمون الشعير لكنّهم يأخذون القمح ويمكن التضحية بروج آفا. يمكن لهم التزام الصمت حيال التدخّل حتّى يتوصّلوا إلى اتفاقٍ مع إيران. وبالطبع سيظهر مدى فائدة هذا الأمر لأردوغان ومدى تأثيره في الانتخابات مع الوقت.
الحوار الذي فُرض في سوريا وموقف سوريا من تجديد اتفاقية أضنة وقضايا العداء المشترك ضد الكرد تثير الاهتمام. سوريا ولأنّ لديها مشاكل عديدة مع تركيا لم تصل بعد لمرحلة العداء المشترك ضد الكرد. ستطول المفاوضات حول قضايا عديدة مثل وجود الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تعديل الدستور الذي يشمل الحكم الذاتي، التعلّم باللغة الأم، حل المشاكل على أساس وحدة سوريا، تقاسم الموارد الاقتصادية، القضايا الأمنية وحالة الوجود العسكري لوحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية. فهل يا ترى ستحل سوريا هذه القضايا مع الإدارة الذاتية بالحوار أم الحرب؟ لم تصل بعد إلى هذه المرحلة.
انهارت السياسة الخارجية التركية التي حاولت تحويل الحرب السورية إلى مصلحة. والحاجة إلى عملية الحوار مع سوريا ستُجبر تركيا على التخلّي عن المعارضة السورية التي تدعمها. لأنّ إجراء الحوار لن يكون مستمراً دائماً وهي مجبورة على التراجع عمّا بدر منها من أفعال وأقوال حتّى الآن لاحتضان الأسد. وفي الأساس أردوغان ناجح في مثل هذه القضايا. ولم يتوقّف عند وعوده الحازمة والقوية مراتٍ عديدة.
إنّ الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هي أساس الحوار مع الإدارة السورية، وتبحث عنه منذ فترةٍ طويلة، والرغبة في حلّ المشاكل على أساس الدستور هي أكثر الأساليب منطقيةً لكلا الطرفين. من المعروف أنّ روسيا مؤيّدة للحقوق الثقافية والمطالبة بالحكم الذاتي منذ فترة طويلة. وقد أصبحت رغبة الدولة التركية في خلق صراعٍ جديد من خلال استهداف الكرد بلا معنى.
لقد أعربت روسيا وإيران والولايات المتّحدة الأميركية عن موقفها ضد الاحتلال العسكري. وبغضّ النظر عن موقفهم الخجول إلّا أنّه من الواضح أنّها لا يريدون ذلك. يمكن لهم المساومة على الكرد بما يتماشى مع مصالحهم وهذا ما سيؤدي إلى لين موقفهم.
إنّ المساومة على الكرد بين روسيا وتركيا وسوريا ليست مساومة مكتملة. يمكن أن تبقى مكونات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ولاسيما الكرد في حالة تأهّبٍ طويل الأمد، وأن يعزّزوا موقفهم ليتمكّنوا من الدفاع عن منجزاتهم والمحافظة عليها. يجب أخذ وضعها السياسي والعسكري والتنظيمي في عين الاعتبار وفقاً لهذه الظروف والاستعداد لذلك. [1]