=KTML_Bold=همجية الرأسماليين ومستقبل شمال وشرق سوريا=KTML_End=
أحمد بلدا
إن الحرب الجارية في أوكرانيا من دون شك صراع للمحافظة على الهيمنة، ما يوضح لنا التغيّرات التي ستحصل في حال سقوط السوفييت، ستشمل كل الاتفاقات والهيكلة التي تم وضعها بدايات 1990. وبالطبع ستؤثر على مناطقنا وعلى تاريخ العالم أيضاً.
إننا نتذكر كيف نشأت دول جديدة مع انهيار الاتحاد السوفييتي، مثل شرق أوروبا، فقد قامت ثورات شعبية، وسقطت إدارات عصر السوفييت. كما تغيرت الأنظمة السياسية بشكل كامل. هذه التغيرات كانت مؤلمة جداً. حيث شهدت هذه المناطق حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسة لمدة طويلة، وخاصة روسيا.
سيطر كبار البيروقراطيين، في روسيا، على المعامل والأراضي المنتجة ومؤسسات البترول في الدولة. ولكي يحموا ما سلبوه أنشأوا وحدات من المافيا ونهبوا الأملاك والبيوت. كما اتفق جيش الدولة والاستخبارات والبيروقراطيين معاً ضمن نظام الدولة. وحقيقة كون بوتين عضو في الاستخبارات سابقاً. نتاج لاتفاقية من اجل حرب لسلطة.
في المرحلة الجديدة تسلّم قلة مناصب قانونية ووظيفية، وعملوا بشكل سري وأحياناً علني مع القيادات السياسية والبيروقراطيين. وقاموا بتصدير البترول والغاز الطبيعي والقمح والمواد الأولية للصناعة إلى الأسواق العالمية. لقد كانت هذه المرحلة فرصة ثمينة لهم ليصبحوا أقوى ويتمكنوا من بناء النظام الأبوي.
مثل الشيوخ العرب في الخليج؛ فضلت القيادات البعثية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط العيش بالاعتماد على بيع الأملاك وواردات الإيجار بدلاً من الإنتاج. كما قاموا ببناء أنظمة سلطوية للحفاظ على سلطتهم. وخوفاً من خطر الأنظمة التي شكلوها؛ نقلوا أملاكهم الشخصية إلى الدول الغربية، ولم يقاسموا ممتلكاتهم مع المجتمع حتى.
إن روسيا لا تستطيع إنتاج شيء سوى المعدات الفضائية والطاقة الذرية، والتي هي بالأساس ميراث السوفييت ومهددة بالانهيار في الوقت الحالي. وإلى الآن، لا توجد ماركة أنتجتها روسيا ولا حتى منتجات تكنولوجية حديثة. كما أن الاستخبارات تعمل من أجل حرب إلكترونية؛ لأن إيرادات البترول والقمح والغاز الطبيعي مجرد إنعاش. وعلى أساس هذه المصادر سعت بطرق متشددة إلى بناء امبراطورية روسية على أرض السوفييت. كما تستهدف الشيشان والقوقاز وآسيا الوسطى، وفي 2014 استهدفت دول البلطيق بعد إخلاء القرم، وتدخلت عسكرياً في سوريا وليبيا وأفريقيا. كان الاتحاد السوفييتي نظاماً ذو قيم، وعندما تخلى عن قيمه، توجه نحو البيروقراطية والتخلف.
لكنها في مواجهة مع القوى الرأسمالية مثل أمريكا صاحبة 22 ترليون دولار، وأوروبا 17 ترليون واليابان 50 ترليون دولار، بالإضافة إلى كوريا الجنوبية وأستراليا. في المقابل تملك روسيا حوالي ترليون ونصف ترليون دولار، فيما أن سيولتها المالية قد جمدت في بنوك الدول الغربية لا سيما لندن؛ نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها.
وغير ذلك أن هذه القوة صاحبة 1- العقل المبتكر والروبوتات والصناعات الثقيلة 2- وسائل التواصل الافتراضي والتعليم والنظام الإداري 3- أدوية والمنتجات الكيميائية 4- أسلحة 5- البترول والخدمات اللوجستية والمدرعات والقوى المنظمة لحلف شمال الأطلسي.
كما توسعت الشركات وانتشرت الشبكات الاقتصادية والتجارية في كل أنحاء العالم. إن ثراء شركة واحدة تبلغ دولة برمتها. بالإضافة إلى تقدمهم في المهارة والشخصيات العبقرية، والإدارة والاستراتيجية. في الحقيقة هذه الشركات موضع ليبرالية وديمقراطية الغرب.
وهم الذين يبرزون عقلية الدولة، وبهذه الطريقة لا يتقبلون الدول المركزية القوية. في حالة كهذه، فإن الرأسمالية والدول السلطوية تعزل تلك الدول عن النظام القائم. إننا نلاحظ عند فرض العقوبات فإنها لا تفرض على الدولة بشكل مباشر وإنما على بعض الشركات والإداريين والسياسيين.
من الحاجة إلى الحرب، ومن أجل الوصول إلى متطلباتهم لديهم الكثير من الفرص. ففي حرب أوكرانيا استخدموا الكثير من خيارات العقوبات الاقتصادية. كما أعلنوا اسم روسيا كمخرب ومعتدٍ بمساعدة قوى وكيلة. ليس مطلب المراكز السياسية وفي مقدمتها، الولايات المتحدة الأمريكية، إيقاف احتلال روسيا لأوكرانيا وحماية الشعب الأوكراني. إذ أن لها حسابات ومخططات أخرى، فهي تعتبر روسيا دولة متقدمة قادرة على أن تصبح قوة مسيطرة في المنطقة. يجب تفككيها مثل الاتحاد السوفييتي ودمجها مع الغرب. مثلاً إن الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها يريدون أن يتمركزوا في آسيا الوسطى وعلى أرض روسيا أيضاً. ليس فقط من أجل التجارة؛ فهم يريدون السيطرة على أراضٍ واسعة. إنهم يعتقدون بأنهم يستطيعون الاستفادة من الثروات الباطنية والسطحية على الرغم من الصعوبات الطبيعية بواسطة تقنياتهم المتطورة.
كما تريد أن تكون روسيا في طرفها لكي تستطيع قيادة الاقتصاد العالمي في مواجهة الصين والهند التي تتوسع اقتصادياً بشكل متسارع عالمياً.
=KTML_Bold=علاقات تركيا مع روسيا وسلطة أردوغان=KTML_End=
وكما ذكرنا سابقاً، إن العلاقات المتشكلة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، قد تغيرت. بعد الربيع العربي والحرب الطويلة في سوريا والعراق، لم تنعكس التأثيرات على المنطقة فقط؛ بل أثرت على القوى الكبيرة أيضاً. كان من المنتظر تشكّل حكومات متناغمة بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وأفغانستان. لكن في المقابل لم تسمح المقاومات التي أبدتها المنطقة بذلك. ليس فقط الممارسات المتشددة من قبل الجماعات المتطرفة بل التعاون أيضاً لم يُفيد. بسبب الشكل والديمغرافية والعرق والمجتمع والمعتقدات وقيم نظام المنطقة المختلفة كلياً. لذلك من الصعب إيجاد حل لحالة الفوضى المستمرة. كما تشردت مكونات المنطقة.
بلا شك، فإن روسيا مستفيدة من الأزمة التي دخلتها الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف. كما أن الصين موجودة خلف الكواليس أيضاً. لقد أرادت روسيا استغلال جيشها لتصبح صاحبة قرار سياسي في العالم مرة أخرى. خلال هذه المرحلة عملت على ترسيخ تأثيرها في سوريا ليبيا وأفريقيا مستغلة المجموعات العسكرية. كما أجرت لقاءات مع كرد باشور(جنوب كردستان)، ورئاسة العراق، والسعودية ومصر ولكي تختلق توازنات لصالحها فقد استخدمت قوتها.
وتعقيباً على سياستها هذه، طورت علاقاتها مع تركيا. وهدفها هنا إضعاف حلف شمال الأطلسي. وعملت على تشجيع تركيا للتخلي عن سياساتها السابقة واستخدام قوتها العسكرية في سوريا وباشور والقوقاز وليبيا. كما دعمت احتلال تركيا لعفرين وتل أبيض وسري كانيه في سوريا، وأبرمت عدة اتفاقات معها. كما أصبحت شريكة لتركيا في مجال س -400 وتصنيع محطة التوليد الذري. والغاز الطبيعي، وتجارة الأغذية والسياحة.
هذا الأمر دفع تركيا إلى رفع مستوى سياساتها، وتخلت عن خطوة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ومساعيها إلى الديمقراطية؛ بل على العكس زادت من سلطة أردوغان بعد عملية الانقلاب وازداد التشدد والعنف بحق الكرد. وفسح المجال أمام نظام الرئاسة. إن أردوغان مؤمن بأن إخراجه من المؤسسات الدولية مثل الناتو، من خلال تصعيد الأزمات، وإرسال الجنود إلى البلديات، واعتقال السياسيين، وتقديم الاقتصاد إلى تجار البترول العرب. ازاري واوزبك وروسيا، عبر بطاقات الائتمان. وبدأت الأموال والبترول وتجارة المخدرات، والأموال الساخنة، وتشريع الأموال المزورة بالعمل. مثال: حجزها أموال بترول باشور كردستان في بنك خلق التركي؛ لأن هذه الأموال استخدمت مثل موضوع رضا ضراب في استخدام الأموال غير المصرحة. كما استغلت ورقة النازحين ضد القوى المختلفة.
لجأ ترامب إلى السياسات العنصرية الشعبية تحت شعار أمريكا أولاً وتخلى عن كافة المسائل الكونية، حتى أنه ترك ملف الشرق الأوسط بيد مبادرة أردوغان - بوتين وهذا الأمر عزز من قوتها.
مقاومة الكريلا، وإدارة بايدن والأزمة الاقتصادية التركية.
إن أكبر عقبة أمام توسع سلطة أردوغان هي حركة الحرية. وإن مقاومة روج آفا، جعلت أردوغان يدفع ثمناً باهظاً من الناحية السياسية، والعسكرية ومن الناحية الاقتصادية أيضاً. مثالاً على ذلك: لقد حصلت على 4 مليار دولار مقابل أنشطتها العسكرية في ليبيا. كما شاركت في التجارة الدولية للأراضي والبترول. كما أخذت تعويضاً مالياً كبيراً مقابل دعمها العسكري في أذربيجان. والأهم أنها حصدت أرباحاً في تجارة بترول أذربيجان بعد إبرامها صفقات مع جهات حكومية، وقللت من مصاريف الحرب. لكن المقاومة التي حصلت في شمال سوريا زادت من التكاليف العسكرية. لأنها لم تستطع إبراز موقف يرضي الشعب، فلجأت إلى تحريض المرتزقة والعشائر. كما نرى فإن المرتزقة يستطيعون أن يتمردوا في أي لحظة ضد أردوغان.
وخاصة في باشور كردستان، بدأت هجمات عام 2017 وبعدها تحت شعار اضرب تأخذ مكاناً على مناطق الدفاع المشروع. لكن بفضل مقاومة الكريلا فشلت جميع مخططاتهم. على العكس كانت ستحصل تكاليف حرب تصفية PKK من رئاسة باشور وPDK.
لكن مقاومة HPG أفشلت جميع مخططاتهم. لقد نشروا عساكرهم في بعض الأماكن. لكن سبب هذا خسائر أكبر. من جهة أنها تهاجم من تحت أقدام HPG، ومن جهة مجبرة على تأمين الذخائر والتكلف بالخسائر. مثال يحب أن يتخذوا التدابير لأنه من المجبر أن يحمل بعض العساكر السلاح أو الطعام. وستعمل العديد من المدرعات الأرضية. كما ستقدم الطائرات والمروحيات الحربية الدعم العسكري. كما أنها مجبرة على إثبات وجودها من خلال القصف المستمر. ولتعمل على قطع تواصل الكريلا مع الشعب دفعت ثمناً باهظاً. من دون شك أن أردوغان لم يحقق أي انتصار على الكريلا.
إن مقاومة الكريلا والعلاقات المذكورة مع روسيا والخروج من نظام حلف شمال الأطلسي ونظام الغرب والتوجه إلى اتخاذ قرارات أحادية. لاقت رد فعل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من عدم وجود عقوبات شديدة كانت العلاقات محدودة. وهذا لوحده سبب ضعفاً في اقتصاد تركيا.
=KTML_Bold=لعب الدولة التركية لدورين في حرب أوكرانيا=KTML_End=
لقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا. كما دعمت أوكرانيا بأثقل الأسلحة.
وهذا السيناريو يهدف الى إطالة زمن الحرب. إنها تعيد مشهد حرب أفغانستان الطويلة، وهدفها من كل هذا إحداث تغيير السلطة من الناحية العسكرية والاقتصادية والسياسية والسعي إلى إبعاد بوتين؛ لتشكيل سياسة تسمح بالعمل المشترك. لقد كانت دائماً بانتظار الانتخابات لإبعاد بوتين لكن لم تنجح هذه السياسة.
وفي وضع كهذا، ستبقى القوة العسكرية لروسيا في سوريا. ولكن قوتها السياسية واتخاذ القرار ستصبح محدودة. وإذا عملت إيران على علاقاتها مع الغرب، وتحررت من الحظر. وبدأت ببيع البترول فستضعف أكثر؛ لأنه إن لم تتراجع إيران عن وضعها الحالي فلن توتر أمريكا وحلفائها.
إذا لم يرد بوتين دفع ثمن باهظ، وسعى إلى إبرام اتفاق مع أوكرانيا، فمن المؤكد أن تتغير سياسته في سوريا. سيسعى إلى تقليص دور أمريكا في سوريا وزيادة نفوذه. وفي هذه الحالة ستسبب مشكلة لدى تركيا. وستكون قاسية على تركيا في حال انسحابها من المناطق المحتلة. وستلجأ إلى ممارسة العنف ضد المدنيين لينزحوا باتجاه تركيا. لأنه إن تصالحت روسيا مع أوكرانيا، فلن تعود بحاجة إلى تركيا. لأن تركيا لجأت إلى حلف شمال الأطلسي. تبعات هذا الأمر واضحة. وخطوة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ستتغير، ستضغط هذه المرة بواسطة الجمارك على الاتحاد الأوروبي. كما أن روسيا ستلتزم الصمت لأنها غارقة في عدة أماكن الآن. وفي حال استمرار حرب أوكرانيا فإن روسيا ستستغل دعم تركيا التي لم تنضم إلى فرض العقوبات مثل الغرب.
=KTML_Bold=تأثيرضعف روسيا على روج آفا=KTML_End=
في سوريا ستعمل روسيا على حماية مكانها وزيادة نفوذها. وفي النتيجة إنها قوة صاحبة تجربة امبراطورية. ويمكن أن تكون مخططاتها مختلفة. لذلك لن تخدم النزاعات مصالحها. إن إدارة شمال وشرق سوريا لها العديد من المميزات. وعلى رأسها البحث عن حل للداخل السوري. وحقيقة إبعاد تركيا ومرتزقتها. واحتمالية إبرام اتفاق مع النظام هي فرصة لتجنب روسيا خسائر اقتصادية وسياسية وفي الوقت نفسه لتحمي موقفها ضد إيران وتركيا. لذلك إذا أدت روسيا دوراً إيجابياً في لقاءات الإدارة الذاتية مع نظام الأسد، وعملت على إخراج تركيا من الأراضي السورية في الساحة الدولية والعربية. فإن هذا سيعزز دور روسيا بشكل كبير في سوريا.[1]