=KTML_Bold=ماذا لو تبنى الشرق الأوسط مشروع الأمة الديمقراطية=KTML_End=
يقول القائد والمفكر عبد الله أوجلان في معرض تقييمه لما يجري في الشرق الأوسط من حروب طاحنة: ثمة حقيقة واقعة تشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد حرباً عالمية ثالثة على نحو خاص بها. لكن هذه الحرب تتميز بخاصيات مختلفة عن الأبعاد العسكرية والسياسية الكلاسيكية.
مهما ذهبت عيناك في الشرق الأوسط (سوريا، العراق، تركيا، إيران، الهند، باكستان، أفغانستان، ليبيا، اليمن، تونس، فلسطين ...الخ)، فتلاحظ ولسوء الحظ، عدداً لا يحصى من المشاكل العالقة من دون حل وهي مشاكل عالقة ومتوارثة منذ 5000 عام.
هنا يجري الحديث عن المشاكل، وهذا أمر غير كافٍ، فجميع الأنظمة -نسميها تجاوزاً أنظمة لأن غرضها ليس التنظيم بل خلق =KTML_Bold=الفوضى=KTML_End= بغية السيطرة- التي تلت المجتمع الطبيعي (النظام الكومينالي) لم تبذل جهداً لحل لتلك المشاكل، لأنها هي نفسها أضحت منبعاً لخلق المشاكل، حيث يقول القائد أوجلان إن الحياة الخاطئة لا تعاش بصواب.
فلا الدول المهيمنة (بشتى أشكالها) قادرة على اجتراح الحلول، إن أرادت الحل وذلك بغية تنفيس الاحتقان المتراكم لكي لا تصل إلى مرحلة الانفجار التي ستطيح بها بكل تأكيد، ولا هي تفسح المجال للقوى الممتلكة للحل، ونقصد هنا المجتمع، بأن تقوم بدورها.
الفوضى
يقول الفيلسوف الماركسي الايطالي انطونيو غرامشي: إذا فقدت الطبقة الحاكمة القبول الذي تستند عليه، أي أنها لم تعد تقود بل تسيطر فقط، مستخدمة القوة الجبرية وحدها، فهذا يعني بالتحديد، أن غالبية الجماهير الساحقة قد تحررت من أيديولوجياتها التقليدية، وأنها لم تعد تؤمن بما كانت تؤمن به من قبل.
وما آلت اليه الأمور في العالم العربي أثناء اندلاع ما يسمى بالربيع العربي، يشبه إلى حد كبير ما استنتجه غرامشي منذ 100 عام، إلا أنه وبحسب غرامشي تكمن الأزمة تحديداً في أن القديم يحتضر، والجديد لم يولد بعد. وفي ظل هذا الفراغ تظهر الفوضى، فالفوضى التي تحدث عنها الماركسي الإيطالي جلبت لنا داعش، وكذلك حفزت التطرف في أوروبا وفي الولايات المتحدة كرد فعل على ألأخيرة، أي أننا ندور في حلقة مفرغة.
=KTML_Bold=دكتاتورية البروليتاريا=KTML_End=
يقول القائد أوجلان في كتابه (الإصرار على الاشتراكية.. إصرار على بناء الإنسان): نمَّت الإمبريالية عن ظهور أشكال ووسائل تنافي الإنسانية، وتناقض طبيعة وطباع الإنسان. ونحن بدورنا نندد بذلك ونرفضه بشدة كلياً. أما الدرس الذي سنلقنه تجاه ذلك فهو درس الإنسانية العريقة.
ويتبنى الفكر الماركسي بدوره مبدأ ديكتاتورية البروليتاريا، لحل المشاكل التي تواجه المجتمعات ولاسيما المجتمعات الرأسمالية، ويتمحور هذا المبدأ عبر استلام العمال زمام السلطة في البلدان الرأسمالية، وفي حال تحقق ذلك نكون قد وصلنا الى هدفنا المنشود ألا وهو الاشتراكية، ولكن مهلاً، أي اشتراكية تحققت، الاشتراكية التي اسماها القائد أوجلان الاشتراكية المشيدة، والتي لم تجلب معها إلا بروليتاريا مشيدة وبمجرد استلامهم زمام السلطة والدولة، سيتحولون إلى طغاة، لأن الدولة ومع مرور الزمن تطبع الشعب بطباعها.
ذهنية الحل
يقول القائد أوجلان: لا يمكن لأحد – بعد الآن – إنكار وجود الفوضى في الشرق الأوسط، كموضوع يكثر عليه الجدل في وقتنا الحالي. لكن المؤسف في الأمر هو أنه، لا المُدَّعون بأنهم أصحاب المنطقة الحقيقيون، ولا دُعاتُها الجدد، يتناولونها بتحليلات ذات جدوى، ولذلك لحل المشاكل العويصة التي تجتاح مجتمعاتنا، علينا أن نذهب إلى جذر المشكلة وتاريخ نشوء الزيقورات ونشوء السلطة والدولة والثنائيات (الرجل المرأة –السيد العبد- الغني الفقير) حيث اعتمدت الدولة على مبدأ كل شيئين متناقضين إحداهما ينفي الآخر.
أسلافنا الذين سبقونا والذين نحمل جيناتهم الديمقراطية إلى الآن عاشوا فترات طويلة جداً من الزمن على شكل كلانات، فجوهر وبنية وذهنية الإنسان حينها ضمن المجتمع الطبيعي، كانت تمثل الإنسان المنتمي إلى المجتمع الطبيعي لقاعدة إحياء ذاته مع بقية أعضاء الكلان التي يعيش ضمنها، ككل متكامل لا يتجزأ، ولا يمكن لعضو في الكلان أن يفكر في حياة تميزه عن غيره، واعتمدت على مبدأ كل شيئين متناقضين أحدهما يكمل الآخر، ولا مكان للثنائيات التي تحدثنا عنها فوق.
علينا أن ندرك أن الحلول لمشاكل الشرق الأوسط، لا يمكن أن تكون حلولاً إلا عبر الحلول الجذرية والطويلة الأمد، وذلك عبر تعزيز وتحقيق حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية الاقتصادية داخل المجتمعات الإيرانية والعربية والباكستانية والأفغانية والتركية، وتحقيق الأمة الديمقراطية (الاتحاد في الاختلاف)، والتي تدعو إلى الاتحاد بين تلك الأمم مع محافظة كل أمة على خصوصياتها الثقافية، وكذلك بناء حياة مشتركة لجميع الشعوب والثقافات والمعتقدات.
فشعوب هذه المنطقة متآخية، على الرغم من الرسم الاستعماري لخرائط المنطقة من خلال اتفاقية سايكس- بيكو ومساهمتها في نشوء الدول القومية المتصارعة بغية إبقاء بؤر توتر قابلة للانفجار في أية لحظة، وكذلك عبر سياسة الفوضى الخلاقة الأميركية والتي هي باختصار استكمال لاتفاقية سايكس- بيكو، وذلك لضرب الكل بالكل، ذلك لأن الإنسان والمجتمعات تميل بطبعها إلى الاستقرار والتكامل مع غيرها في حين أن الطارئ المفروض استعمارياً عليها كان التباعد والتفكك، المنافي لخط السير الموضوعي باتجاه الاندماج والتكامل والتوحد.
فما يجمع شعوب الشرق الأوسط هو أكثر بكثير مما يجمع سكان الولايات المتحدة أو ألمانيا أو فرنسا أو الاتحاد الأوربي مثلاً، حيث ثمة نضال أو يجب أن يكون هناك نضال للسعي إلى اتحاد الأمم الديمقراطية وتشكيل فضاء سياسي واقتصادي متكامل نظراً لتمتع هذه البقعة من الكرة الأرضية بموارد بشرية وطبيعية كافية لتكامله واكتفائه الذاتي واستقلاله عن المراكز الاقتصادية العالمية.
وعلى الدوام تحقق السلطة المركزية هيمنتها على حساب السيادات الديمقراطية المحلية، ولكن ميول الأمة الديمقراطية ما زالت تشكل جزءا من ثقافتنا.
ويقول القائد عبد الله أوجلان: إن كل شيء ينمو على جذوره، ولعلنا نحن الكرد الذين كنا عرضة للمؤامرات إلى يومنا هذا، قدرنا أن نكون المبادرين لتخليص البشرية من كل الشرور التي خرجت من صندوق باندورا عبر نشر فكر الأمة الديمقراطية لتصبح كأثر الفراشة الذي سيتحول إلى إعصار يطيح بشرور الرأسمالية.[1]