=KTML_Bold=ثورة 19 تموز.. ثورة التغيير والبناء - 3=KTML_End=
شرفين مصطفى
اتخذت المرأة خلال ثورة روج آفا المبادئ التي حث عليها القائد عبد الله أوجلان في قضية تحرير المرأة والذي أشاد ب الثورة النسائية لانتصار ثورات الشعوب، فهل استطاعت المرأة أن تصل إلى أهدافها؟، وهل تمكنت من إبراز دورها أكثر في المحافل العالمية؟ وما هي النواقص والمشاكل التي تعيق ثورتها؟
ثورة المرأة... ثورة داخل ثورة
بعد مرور ثمانية أعوام على اندلاع ثورة روج آفا 19 تموز 2012، وفي ظل الأحداث والتطورات التي شهدتها المنطقة حيث انعكس دور المرأة في الثورة على نجاح مبادئ الثورة، وخاصة فيما يخص حريتها.
في ملفنا هذا سنورد المراحل التي مرت بها المرأة خلال ثورة روج آفا.
المرأة تحضّرت لثورتها منذ 40 عامًا
بعد مسيرة طويلة من العمل الجبهوي، سمّت المرأة تنظيمها النسوي عام 2005 باسم اتحاد ستار، وبعد تطوير عملها التنظيمي وتوسيع أفق تنظيم المرأة، تحوّل الاتحاد إلى مؤتمر ستار، الاسم الذي عرف به خلال مؤتمر استمر يومين في ال25 شباط 2016.
في ذلك الوقت، كان الاتحاد النسائي الذي يعمل تحت مظلة حزب البعث السوري يعرّف بنفسه على أنه اتحاد خاص بالنساء السوريات، إلا أنه لم يبت بأي قضية من قضايا المرأة، وكان عمله مختصرًا على الدعاية لفكر حزب البعث.
وتصف عضوة منسقية مؤتمر ستار في شمال وشرق سوريا منى يوسف الاتحاد النسائي بأنه في الشكل عمل نسائي، ولكن مضمونه وعمله لفرض الذهنية الذكورية والإعلان لها، وعمله مختصر على تنمية مواهب يدوية من الخياطة والحياكة والتطريز والابتعاد كليًّا عن تطوير المرأة ذهنيًّا أو حماية وصون حقوقها.
تقول منى، إن اتحاد ستار الذي أصبح مؤتمر ستار هدفه الوحيد والأساسي هو توعية وتطوير المرأة فكريًّا وذهنيًّا، وحثها على المطالبة بحقوقها، إلا أنه واجه عقبات وصعوبات كثيرة نتيجة الذهنية الذكورية.
وتُشير نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في مدينة منبج جميلة أحمد من الخطأ ربط نضال وتنظيم المرأة بتوقيت اندلاع ثورة روج آفا، فالمرأة في شمال وشرق سوريا ناضلت منذ أكثر من 40 عامًا، وذلك على خلفية تعرفها على فكر وفلسفة القائد أوجلان، حيث عملت على تنظيم نفسها قبل اندلاع الثورة، ولا تزال هناك العشرات منهن معتقلات في السجون السورية، والمئات من المناضلات انضممن إلى حركة الحرية، وكل ذلك له تاريخ ويؤكد أن المرأة تحضرت لثورتها مسبقًا.
واتفقت الرئيسة المشتركة للهيئة الداخلية، وأول امرأة عملت كرئيسة مشتركة في الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا هيفي مصطفى، حول جاهزية المرأة في روج آفا للثورة، وقالت: نتيجة انخراط المرأة في العمل الجبهوي والنضال لسنوات طويلة قبل اندلاع ثورة روج آفا كانت منظمة وجاهزة للإعلان عن ثورتها، وليس الانخراط في الثورة عكس ما أشيع ويشاع، بل جعلت من ثورة روج آفا، ثورة للمرأة.
كيف أصبحت الثورة، ثورة المرأة؟
يحث القائد عبد الله أوجلان على النظر في ثورة المرأة على أنها ثورة ثقافية، ويقول في مرافعاته: لقد أضاع النظام منذ زمن بعید فرصة تقویم نفسه بالإصلاح، فما یلزم هو ثورة نسائية تسیَّر كافة الحقول الاجتماعیة، فكما أنّ عبودیةَ المرأة هي أعمق العبودیات، فثورة المرأة أیضًا يجب أن تكون أعمق ثورات الحریة والمساواة
كان للمرأة مشاركة في الثورات على مرّ التاريخ، ولكن دون إبراز طابعها الخاص، أو تنظيمٍ وحركةٍ تنادي بحقوق وحرية المرأة، وكان دورها ينتهي مع انتهاء الثورة، بحسب ما تشير إليه هيفي مصطفى.
وتقول أيضًا إن ما ميّز ثورة روج آفا عن الثورات السابقة هو تنظيم المرأة في كافة المجالات، والاستمرارية في تطوير هذا التنظيم والمحافظة على طابعها النسوي خلال الثورة، وهذا ما جعل منها ثورة المرأة.
وأبرزت المرأة وجودها في كافة المجالات، ونظمت نفسها في الساحات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والمدنية وغيرها، فهناك أكثر من 20 جهة نسائية خاصة تعمل في شمال وشرق سوريا.
منها ( مؤتمر ستار تأسس عام 2005، مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا تشكل عام 2019، مجلس المرأة السورية تأسس عام 2017، منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة تأسست عام 2013 ، دار المرأة للتدريب والتوعية 2013، هيئة المرأة في شمال وشرق سوريا 2014، لجان ومجالس المرأة في الإدارات المدنية، وحدات حماية المرأة تشكلت في آذار 2013، أسايش المرأة، علم المرأة ( جينولوجي) افتتحت أول أكاديمية لها في مقاطعة عفرين قبل احتلالها في تموز 2017، واتحاد المرأة الشابة، اتحاد إعلام المرأة) عدا عن كومينات المرأة، وفي كل مؤسسة وهيئة وإدارة لجنة خاصة بشؤون المرأة).
ناهيك عن الدور الذي أدته المرأة في المجال السياسي والدبلوماسي، ومشاركتها في المنتديات والمحاضرات العالمية فيما يخص الأزمة السورية، ومناقشة قضايا الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ما حققته المقاتلات ضمن وحدات حماية المرأة من مقاومة وبطولات في الحروب الدائرة على المنطقة بدءًا من حرب كوباني وعفرين، ومؤخرًا هجمات الاحتلال التركي على مدينتي كري سبي وسري كانيه في 9 تشرين الأول 2019، والأهم من ذلك قيادتها لحرب القضاء على الإرهاب المتمثل بمرتزقة داعش وتحريرها للآلاف من الإيزيديات.
والآن تقاوم المرأة ضد هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته، وتقود الحرب الشعبية في شمال وشرق سوريا، وخاصة في المناطق المحتلة في عفرين وكري سبي وسري كانيه، حتى أصبح الاحتلال التركي يخشى من قيادتها للثورة، فأصبح يحاول القضاء عليها، كاستهدافه للأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف في تشرين الأول 2019، ولمنسقيات مؤتمر ستار في الإقليم فرات زهرة بركل، هبون ملا خليل وأمينة ويسي في 23 حزيران 2020، ناهيك عن جرائمه بحق النساء في المناطق المحتلة للنيل من ثورة المرأة.
هل وصلت المرأة بتنظيمها إلى المستوى المطلوب خلال ثورة روج آفا؟
أعطت المرأة شكلًا وطابعًا خاصًّا للثورة جعلتها مختلفة عن الثورات السابقة، فهناك الآلاف من النساء في مناطق شمال وشرق سوريا يدرن المجالس والمؤسسات المدنية والسياسية والعسكرية والهيئات، ناهيك عن دورهن في الرئاسة المشتركة.
ومع مسيرة حافلة بالتنظيم والتضحيات في قيادة ثورة روج آفا، لا بد أن تكون هناك نواقص وعوائق في التنظيم الذاتي، والتطوير الفكري والذهني.
ترى نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمدينة منبج جميلة أحمد، أن على النساء والتنظيم النسوي خاصة، أن يقتنع بأن المرأة ما تزال تفتقر إلى الغنى الفكري، والتوعية، وتقول: علينا أن نقنع أنفسنا، بأننا لم نصل إلى المستوى الفكري المطلوب فيما يوافق معايير الثورة، خاصة ثورة المرأة.
وتقول جميلة أحمد إن تحكّم الذهنية الذكورية بفكر وشخصية المرأة يعرضها للنواقص، خاصة في نظرتها السياسية والإدارية، ففي كثير من الأحيان تفكر وتنظر المرأة بنظرة الرجل أو الذهنية الذكورية لسياسة العالم.
أما الرئيسة المشتركة للهيئة الداخلية لشمال وشرق سوريا هيفي مصطفى فنوهت أن المرأة تجاوزت ضعفها، نوعًا ما، بدورها في الساحة السياسية، حيث برهنت في السنوات الأخيرة وجودها ضمن الأحزاب السياسية وترؤسها للمفاوضات والنقاشات السياسية في المحافل الدولية.
يقول القائد عبد الله أوجلان في مرافعة الدفاع عن الشعب:من الواقعي اعتبار قرننا مرحلة اجتماعية ستتصاعد فيها إرادة المرأة الحرة، لذا يجب التفكير في المؤسسات الراسخة اللازمة للمرأة وتأسيسها، ربما لأجل القرن بأكمله، وقد تتولد الحاجة إلى أحزاب حرية المرأة، حينها ستكون ذرائع تأسيس هذه الأحزاب ومهامها الرئيسة متمثلة في توطيد المبادئ الإيديولوجية والسياسية، وتكون الأولولية فيها للحرية وإدراجها حيز التنفيذ والإشراف على ذلك وتسييره.
تأثير تنظيم المرأة في روج أفا إقليميًّا وعالميًّا
مقاومة المرأة في حرب كوباني عام 2014، وتضحية آرين ميركان وريفانا روج آفا في عمليتهما الفدائية، وظهور المرأة في المحافل السياسية روّج لثورة المرأة في روج آفا، ولفت أنظار النساء من الداخل وكردستان والعالم، للتعرف على سر ثورة روج آفا.
وكل هذا سبقه انبعاث المرأة في كافة المجالات، الأمر الذي دفع نساء الشهباء وحلب ومنبج والرقة والطبقة ودير الزور بعد تحريرهن من مرتزقة داعش إلى عدم ترك مجال أو فراغ لسير الحياة في تلك المدن كالسابق، والبدء بتنظيم المرأة وانخراطها في مختلف المجالات، استنادًا إلى ما قدمته في مناطق روج آفا.
وعدا عن ذلك، دفعت النساء في روج آفا العشرات من الأمميات من مختلف البلدان العالمية للتوجه إلى المنطقة والتعرف على سر ثورة روج آفا، وانخراط العديد منهن في صفوف العمل التنظيمي والعسكري، إيمانًا منهن بمبدأ حرية المرأة التي تناضل من أجلها نساء شمال وشرق سوريا.
بالتوعية الفكرية والذهنية ستؤثر المرأة أكثر في الثورة
نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في مدينة منبج جميلة أحمد، قالت يمكن أن تؤثر المرأة أكثر في ثورة روج آفا بالتوعية والتطوير الفكري والذهني، واتخاذ مبدأ حريتها أساسًا لها، عليها أن تقضي على الذهنية الثانوية والاقتناع بأنها المسؤولة والمعنية أكثر بإدارة المجتمع فكريًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا وغيره.
وبحسب استطلاع في مختلف مناطق شمال وشرق سوريا وخاصة بين النساء اللواتي يعملن في مختلف المجالات، يظهر اتفاق حول افتقار المرأة إلى الوعي الثقافي والفكري، ما يجعلها غير واثقة من الجهود التي تبذلها، أو غير قادرة على التعبير عن قدراتها، نتيجة الكبت الذي مورس عليها على مرّ التاريخ؛ واتحدت مطالبهن حول دراسة خصوصية المرأة ضمن المجتمع، والزيادة في حملات التوعية وتكثيف التدريبات الفكرية.[1]