=KTML_Bold=كوباني...وقصة الفجر الأسود=KTML_End=
زانا سيدي
شهدت كوباني في ال 25 من حزيران عام 2015 واحدةٍ من أفظع الجرائم خلال الحرب السورية، ارتكبها داعش بمساندة تركية، كعمليةٍ انتقامية لخسارتها أولى معاركها في سوريا والعراق، وفقدان الآلاف من عناصرها داخل كوباني.
تعرضت الشعوب المناهضة للأنظمة الاستبدادية والساعية إلى التغيير نحو الديمقراطية في سوريا، لأبشع الجرائم التي ترقى إلى جرائم حرب ارتكبها داعش المشكّل من امتزاج سياسات الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، والذي ارتكب مجازر وجرائم في المناطق التي احتلها قبل أن تهزمه قوات سوريا الديمقراطية في سوريا.
مجزرة ال 25 من حزيران عام 2015 كانت واحدة من أبشع المجازر في البلاد التي تشهد حرباً منذ 8 أعوام، فكيف كانت تفاصيلها؟
مجزرة كوباني... انتقامٌ تركي تحت العباءة الإسلامية!
لم يسلم المدنيون السوريون، وخاصة الكرد في مناطق شمال البلاد على مدى أعوام الحرب في سوريا، من الهجمات والمجازر على يد جماعاتٍ مرتزقة عدة اتخذت من الإسلام عباءة لها خدمةً لأنظمة إقليمية في مقدمتها تركيا التي أرادت دفن إرادة الشعوب وثوراتها.
ففي خضم النزاع السوري شهدت البلاد عدداً من المجازر التي راح ضحيتها المئات من المدنيين، جراءَ صراعات طائفية، قومية وعقائدية أكبرها مجزرتي كوباني والشعيطات على يد داعش، ومجزرة الحولة على يد قوات الحكومة السورية.
تعدّ عمليات القتل التي قام بها داعش صبيحة ال 25 من حزيران عام 2015 لأكثر من 233 مدنياً من أهالي مدينة كوباني على الحدود التركية وقرية برخ باتان جنوبها، واحدةً من المجازر التي هزت الرأي العام المحلي والعالمي خلال الحرب الأهلية السورية.
فلم تسلم الأمهات ولا الأطفال ولا حتى من هم كبارٌ في السن من رصاص داعش الذي سكن أجسادهم في أحد أيام شهر رمضان المبارك، ك ردّ اعتبار على خسارته لأول معركة له في سوريا، في المدينة الحدودية مطلع عام 2015.
فبحجة تطبيق الشريعة ونشر الرسالة الإسلامية قتل داعش آلاف السوريين والعراقيين ودمر معالمهم الحضارية إلى جانب نبش القبور وتدميرها أيضاً.
في التفاصيل...داعش يدخل كوباني بمساندة تركية بعد أشهر من خسارته
بعد منتصف الليل وقبيل بزوغ الفجر، عند الساعة ال 4:00، تسللت مجموعة يتراوح عددها ما بين ال80 إلى 100 مرتزقاً أجنبياً وسورياً، يرتدون الزي الرسمي لوحدات حماية الشعب مستقلين 8 سيارات عسكرية بحسب شهادات القرويين، من القرى الجنوبية لمقاطعة كوباني شمالي سوريا، متجهين صوب عمق المدينة، التي خسروها قبل ذلك بأشهر وفقدوا أكثر من 5 آلاف من مرتزقتهم قتلى في شوارعها.
تفرقت المجموعة إلى مجموعتين، انطلقت الأولى إلى المدينة بشكل مباشر، والثانية انتشرت ضمن أرجاء قرية برخ باتان إحدى أكبر القرى جنوب المقاطعة، وذات الدور الكبير لأهلها في المعارك ضد داعش، رغبة من الأخير بقتل أكبر عدد من المواطنين.
على الطريق السريع الذي يربط المدينة بالقرى الجنوبية استغلت المجموعة حلكة الليل والزي الخاص بوحدات حماية الشعب لدخول المدينة قبيل شروق الشمس.
تعجب الأهالي في بعض القرى من الرتل العسكري الذي توجه صوب المدينة، وأخبروا ما شاهدوه لقوى الأمن الداخلي الأسايش في قرية برخ باتان، بالتزامن مع انتشار داعش فيها.
فور دخول المدينة، توزع المرتزقة وتمركزوا على أسطح المباني العالية، وعدد من المناطق الاستراتيجية وهي الفرن الآلي ومبنى الإدارة الذاتية، طريق حلب جنوب المدينة، محيط محطة محروقات مصطفى درويش، حي كانيا كردان شرق المدينة، حي الجمارك، ساحة الحرية وسط المدينة، سوق الهال القديم، شارع 48.
6 مقاتلين من قوى الأمن الداخلي الأسايش، 4 منهم من أبناء قرية برخ باتان، استقلوا عربة ولحقوا بالرتل وأيقنوا أن من دخل المدينة هم ليسوا مقاتلي وحدات حماية الشعب، إلى أن وصلوا إلى مدخل المدينة من الجنوب وتعرضوا لوابل من الرصاص الذي انهمر عليهم.
من 3 محاور داعش يحاول السيطرة على المقاطعة
وصلت أصوات النيران التي أطلقت ذلك الصباح، وقبل شروق الشمس إلى كل قرية وكل حي في المدينة، التي خرج أهلها للاحتفال ظناً منهم أن وحدات حماية الشعب والمرأة حررت بلدة صرين جنوب المقاطعة من داعش، إذ لم يعلموا بأن المرتزقة قد غزوا المدينة، وبدأوا بإطلاق النيران باتجاه كل مدني خرج من منزله.
تحولت الشوارع إلى برك دماء، حيث فقد 233 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، حياتهم جراء إطلاق النار على المدنيين مباشرة من قبل داعش.
وفي مخطط جديد حاول داعش السيطرة على المقاطعة التي تحررت حديثاً آنذاك، عبر الهجوم على شكل عصابات بدءًا من قرية برخ باتان جنوباً وبلدة شيوخ غرباً على ضفاف الفرات، والانتشار في المدينة شمالاً بمساعدة الاحتلال التركي الذي فتح أبواب الحدود على مصرعيه.
ففي الوقت الذي كانت وحدات حماية الشعب تشن فيه حملة عسكرية ضد داعش في بلدة صرين بدعم جوي من طيران التحالف الدولي فتحت تركيا معبرها معبر مرشد بينار بالقرب من مدينة كوباني لعبور عربة مفخخة هيأت لدخول مرتزقة داعش إلى المدينة من القسم الشمالي من جديد، بعد 5 أشهر من المعركة التي خسروها في ال 26 من يناير/كانون الثاني عام 2015.
أعضاء قوى الأساييش ال 6 فقدوا حياتهم بعد الاشتباك مع المرتزقة بالقرب من مبنى إدارة المقاطعة في المدينة، لتدخل المدينة في حرب شوارع، بينما اعتلى أخطر قناصي داعش أسطح المدارس والأبنية ذات المواقع الاستراتيجية في المدينة وبدأوا بقنص كل من شاهدته أعينهم.
داعش يُدحر مجدداً في كوباني
حاصرت وحدات حماية الشعب وقوى الأمن الداخلي إلى جانب السكان المدنيين، جميع نقاط تمركز المرتزقة في المدينة، وخلال ثلاثة أيام من الاشتباكات بين الأزقة والشوارع تمكنت الوحدات من قتل جميع المتسللين وأسر البعض منهم على الرغم من ارتداء البعض أحزمة ناسفة.
أما في الطرف الجنوبي للمقاطعة ف 4 ساعات من المقاومة المحلية التي أبداها أهالي قرية برخ باتان أجبرت عشرات المرتزقة من الانسحاب من القرية، حيث تمكن سكان القرية ومقاتلو وحدات حماية الشعب والجيش الحر المتحالف مع الوحدات من قتل عدد من المرتزقة الأجانب، فيما تمكن بعضهم من الفرار.
حصيلة المجزرة
خلال بيان أصدره المجلس التنفيذي لمقاطعة كوباني في ال 21 من شهر تموز/يوليو عام 2015، كشفت لجنة تقصي الحقائق عن فقدان 233 مدني لحياته في المجزرة، من بينهم 27 مدنياً من قرية برخ باتان، إلى جانب 273 جريحاً برصاص المرتزقة.
واستُشهد ما يقارب ال 30 مقاتلاً ومقاتلة من وحدات حماية الشعب والمرأة وقوى الأمن الداخلي، خلال عمليات تطهير المدينة من المرتزقة والتي دامت 3 أيام متتالية.
وفي بيان سابق أصدرته وحدات حماية الشعب أكدت فيه مقتل جميع أفراد المجموعة المهاجمة لمركز مدينة كوباني، عدا 7 مرتزقة فروا باتجاه الأراضي التركية.
تخليد الضحايا
يستذكر سنوياً الآلاف من أهالي المقاطعة ضحايا المجزرة المروعة، الذين دُفنت جثامينهم في مزارين أحدهما في المدينة والآخر في قرية برخ باتان، بإشعال الشموع على أضرحتهم خلال الأعياد وفي ذكرى وقوع المجزرة.
وتخليداً لذكرى المقاتلين ال 6 والذين لعبوا دوراً في التصدي لداعش ومنعه من قتل أعداد أكبر من المدنيين، شيدَ عام 2018 نصبٌ تذكاري على شكل 6 شموع ونسر وضع بالقرب من المكان الذي فقد فيه المقاتلون ال6 حياتهم، لتبقى ذكرى خالدة لمن أريقت دمائهم في سبيل أن يحيا من يجول اليوم بالقرب من ذلك النصب.[1]