#خسرو حميد عثمان#
يستهدف هذا البحث الوصول إلى جواب موضوعي لسؤال محدد من شقين:
فيما إذا كان بيان - اتفاقية 11-03-1970 سبق تأريخي في التاريخ العراقي الحديث حيث جرى الإعتراف لأول مرّة بوثيقة قانونية من دولة ذات سيادة بحقوق الشعب الكردي السياسية، لاسبيل الى طمسها ولا حجبها وستبقى الى الأبد، لايمكن الإنتقاص من قيمة القرار الذي تتضمنه. كان إتفاق الحادي عشر من آذار للعام 1970 حلاً تقدمياً عادلاً للمشكلة الكردية ونصراً عظيماً للشعب العراقي عموماً وللشعب الكردي خصوصاً وفوزاً عظيماً للثورة والحزب. ولم يكن فيه أي عيب أو قصور إلاّ أنّه تعثرعند التنفيذ. وعلي َّ الإقرار هنا أنّ مسؤولية تعثره تقع على الطرفين علينا وعلى الجﮪة الحكومية، لكن ليس على سبيل المناصفة فنصيب الجﮪة الحكومية من التنكر للإتفاق كان أكبر من نصيبنا بكثير؟* ص243
أو كان إحتفالاً كرنفالياً بمناسبة صدور قرار ملزم وقاطع من عواصم بعيدة، لم تكن بينها طهران بطبيعة الحال لأن أسد علم كتب في مذكراته يوم 20-2-1969 بصدد غياب الشاه عن إيران:- “ أن يحضر(يقصد الشاه)
بأسرع مايمكن، بالرغم من أنني أشك أنه سيأخذ بنصيحتي. لقد غاب طويلاً... { ملاحظة: أعتقد كان غياب الشاه عن إيران في هذه الرحلة 45 يوماً، كان يوم عودته الى طهران 6 -3-1969، خسرو} شارك فيها جميع الضحايا المرشحين في مستقبل قريب أو بعيد بكل بهجة وسرور بمناسبة أداء صدام حسين أول مهامه السياسية بنجاح منقطع النظير الذي انتقل اليه حكراً من عبدالخالق السامرائي وبقية أعضاء قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي، الذي أضيف الى مهامه الأمنية بإعتباره رئيساً لمنظمة حنين)
أولاً- هكذا يروي مسعود البارزاني في مستهل الفصل الخامس عشر من كتابه الموسوم البارزاني والحركة التحررية الكردية - الجزء الثالث - ثورة أيلول 1961-1975- الصادر في أربيل 2002” : ص241-246
إتفاق 11أذار التاريخي:
ساد الإعتقاد الجميع بإنهيار المفاوضات بعد عودة وفدنا خائبا. ولم تبدُ في الأفق بارقة أمل حتى انقضاء شﮪر شباط 1970 من دون أن يَرِد موفدٌ أو يصدر موفد. من جﮪة أخرى كانت الإستعدادات العسكرية تجري بتواصل. ثم وقع إشتباك صغير. ودامت الحال على هذا المنوال حتى الثاني من شﮪر آذار 1970 حيث قدم گلاله خالد عبدالحليم محافظ أربيل يصحبه مدير شرطة المحافظة حسين شيرواني ومدير الأمن عبدالجبار الدليمي وكانت لدينا علاقة وثيقة بهذا الأخير كما أسلفت، وبيننا وبينه جفرة خاصة تأتينا منه معلومات مفيدة لتوجيه ضربات ناجحة بالمرتزقة والقوات الحكومية. وإسمه الرمزي عندنا (ثائر). حرصت على الإنفراد به قبل أنْ يلتئم إجتماع رسمي مع المحافظ وسألته عما يخبئه النظام وما هي نواياه فأجاب:
المسألة متأزمة للغاية. وإنّ المحافظ إنّما أقبل ليستطلع رأي البارزاني الأخير. هل أنّه مقيم على العﮪد مستعدّ لإمضاء الإتفاق أم أنه عدل؟ وإنْ كان مصمماً على ذلك فإنّ وفداً حكومياً مستعد للقدوم لوضع اللمسات الأخيرة على الإتفاق.
أسرعتُ فدوّنت هذه الأقوال وأرسلتﮪا الى الوالد وإفتتح خالد عبدالحليم إجتماعنا بالقول: جئتُ بأمر من رئيس الجمهورية ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة. جئتُ مؤكداً لكم نية قيادة الحزب والحكومة الجدية وتصميمهما على حل القضية الكردية سلمياً. خلال الأسابيع الماضية بلغت القضية طريقاً مسدوداً والمحاولات للحل السلمي باءت بالفشل، وقد جئت للإتفاق على إستئناف الحوار ووَصْلِه من حيث انقطع وكان جواب البارزاني: نحن على رأين السابق لم نتحول عنه بوجوب الوصول الى حل سلمي.
حمل المحافظ هذه النتيجة وقفل عائداً بها وفي السابع من الشهر عينه بعث المحافظ خالد عبدالحليم برسالة الى البارزاني ينبئه بأنّه أبلغ أقواله للقيادة في بغداد وقد سُرّت بﮪا وتقرر أنْ يأتي في يوم 9 منه وفد كبير برئاسة صدام الى كردستان إنْ كان ذلك يحظى عندنا بالموافقة. وكان الجواب طبعاً بالإيجاب:
هذا نص الرسالة:
أربيل في1970-3-7 سيادة الاخ الفاضل الملا مصطفى البرزاني المحترم تحياتي وأشواقي
أرجو ان تكون وجميع الأخوان بخير وصحة وتوفيق ما دمتم تناضلون من اجل الشعب الكردي التواق الى السلم والهدوء ومادمتم تنشدون الخير العميم للشعب العراقي بعربه واكراده ووحدة ترابه. اخي الفاضل: نقلت كل احاسيسكم الكريمة الى مجلس قيادة الثورة... المجلس الذي يؤمن بضرورة انهاء اقتتال الاخوة بشكل يحقق طموح الشعب الكردي ويحافظ على وحدة العراق وتقدمه وسيزوركم وفداً من مجلس قيادة الثورة خلال الأسبوع القادم لإنهاء آخر مراحل القضية وهي تبشر بخير. يرغب الأخ السيد صدام حسين ان يكون ضمن الوفد ان سمحت صحته بذلك. وختاماً ادعو من صميم قلبي لكم بالتوفيق ولايسعني الاّ ان اشكر لكم جميل حفاوتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المخلص خالد عبد الحليم07-03 -1970
جواب البارزاني:
سيادة الأخ الفاضل خالد عبد الحليم المحترم
تحية أخوية خالصة.
أرجو لكم الصحة التامة والموفقية في جهودكم الخيرة التي تبذلونها في سبيل خير الشعب العراقي بكافة
قومياته. أخي العزيز: تسلمت رسالتكم الكريمة المؤرخة في 1970-3-7 واطلعت على مضمونها. وأود أن أبلغكم بأننا على أتم الاستعداد للمساهمة مع جميع الأخوان المخلصين لاعادة الاستقرار والسلام الى ربوع وطننا العزيز وانﮪاء المشكلة بالشكل الذي يضمن خير شعبنا العراقي بعربه واكراده. ويسرنا جداً قدوم إخواننا من مجلس قيادة الثورة ويزيدنا سروراً تفضل الأخ الكريم صدام حسين بالمجيء الينا ونحن في إنتظارهم. ختاماً أرجو قبول تحياتي الخالصة وتقديرنا لجهودكم الطيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم مصطفى البارزاني
1970-3-7
وبالفعل وصل صدام حسين في اليوم المحدد رواندز مع وفد مرافق( ضم كلاً من: عبدالخالق السامرائي وصالح مهدي عماش ومرتضى الحديثي وطارق عزيز وإسماعيل تايه النعيمي ومحمد علي سعيد ومعهم كل من فؤاد عارف وعزيز شريف). وتوجّه وفد من الحزب الديقراطي الكردستاني الى رواندز لإستقبالهم (تألف الوفد الكردي من: حبيب محمد كريم دكتور محمود عثمان وصالح اليوسفي ونافذ جلال ودارا توفيق ومسعود البارزاني)
وفي رواندز أسرًَ إلي َّ عزيز شريف بﮪذا: قالفي هذه المرة سيتم كل شيء. وكنت ونحن في سبيلنا الى ناوپردان مع صدام في سيارة واحدة. وكان حديثنا خلال وجودنا معاً لايخرج عن أمور شخصية. ماعمرك؟ وأي نوع من الرياضة تحب؟ بعدها قال لي:
في هذه المرة ان شاء الله سننهي كل شيء. سنحل كل المشاكل المعلقة.
بعد تناول الغداء بدأت المحادثات بين الطرفين وتواصلت حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً. وفي اليوم التالي بدأت المحادثات في التاسعة صباحاً وتواصلت حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وبالأخير تمت صياغة مواد الإتفاق في ليلة 11-10 -03- 1970 وفي الساعة الحادية والنصف ليلاً وضع كل ٌّ من البارزاني وصدام توقيعه عليه.
ليس بوسعي وأنا بصدد هذا الحدث العظيم في تاريخ الشعب الكردي أنْ أغفل الشجاعة والجدية التي أبداها صدام حسين في هذا المجال ولا بدوره المركزيّ من الجانب الحكومي في إخراج هذا الإتفاق الى حيّز الوجود.
لأول مرة في التاريخ الحديث جرى الإعتراف بوثيقة قانونية من دولة ذات سيادة بحقوق الشعب الكردي السياسية لاسبيل الى طمسها ولا حجبها وستبقى الى الأبد، لايمكن الإنتقاص من قيمة القرار الذي تتضمنه. كان إتفاق الحادي عشر من آذار للعام 1970 حلاً تقدمياً عادلاً للمشكلة الكردية ونصراً عظيماً للشعب العراقي عموماً وللشعب الكردي خصوصاً وفوزاً عظيماً للثورة والحزب. ولم يكن فيه أي عيب أو قصور إلاّ أنّه تعثرعند التنفيذ. وعلي َّ الإقرار هنا أنّ مسؤولية تعثره تقع على الطرفين علينا وعلى الجﮪة الحكومية، لكن ليس على سبيل المناصفة فنصيب الجﮪة الحكومية من التنكر للإتفاق كان أكبر من نصيبنا بكثير. ان النقطة التي جلبت إنتباﮪي أكثر من غيرها هي أنه وبعد التوقيع على الإتفاق طلب العميد الركن محمد علي سعيد فوراً الإجتماع باللجنة العسكرية للثورة وأذكر انه نافذ جلال ومحمد محمود عبدالرحمن (سامي) ويوسف ميران وأنا. أخرَجَ هذا الضابط خرائط من حقيبته ونشرها قائلاً علينا قبل كل شيء أن نؤلف لجنة مختلطة بﮪدف رفع الألغام فأجبناه اننا لم نتبع أسلوباً منظماً في زرعنا الألغام ونحن لاندري موقع الكثير منﮪا بالضبط. ربما أمكننا تحديد مواقع قليلة إلاّ أنّه يستحيل علينا تثبيت جميع المواقع. فقال باللﮪجة الدارجة يا أخي َلعد شسََّوينا؟ (إذن ماذا فعلنا؟) أجابه نافذ جلال ﮪا أنّ الحِبر على إتفاقيتنا لم يجف بعد وأنت تقول إ ّننا لم نفعل شيئاً؟
بعد هذا تم تأليف لجنة مختلطة لﮪذه الغاية. من هذه المواجﮪة أدركت كم كانت ألغامنا مؤثرة فيهم.
وتقرر أنْ يتجه الوفد الحكومي مع الوفد الكردي الى سپيلك في الساعة السادسة من صباح يوم 11 آذار حيث تكون طائرات مروحية بإنتظارهم لتقلّهم الى بغداد. وألح َّ صدام والوفد المرافق على البارزاني بإرسالنا أنا وإدريس بصحبة الوفد الى بغداد للمشاركة في الإحتفالات التي ستجري بمناسبة الإتفاق ووافق البارزاني مكرهاً إذ لم يكن يرغب في ذلك، وإلتحقنا بالوفد.
ورافق البارزاني الوفد(تألف الوفد الكردي من الدكتور محمود عثمان وصالح اليوسفي ونوري صديق شاويس وإدريس البارزاني ومحمد محمود عبدالرحمن (سامي) ومحسن د َزيي ودارا توفيق ومسعود البارزاني.. ) مودعاً حتى ( َبرزيوه) ثم إنفرد بي وبإدريس وقال لنا موصياً: فلتكونا على حذر ولا يُداخِلَنكما الغرور وأظهِرا التواضع والكياسة واللطف مع الجميع بصرف النظر عن المقام والمركز.
ركبنا إحدى الطائرات الخمس إلاّ أنّ أحد الضباط جاءنا وقال إنّ (صدام) يود أنْ يكون كلانا معه في طائرته، يقصدني وإدريس، فإنتقلنا اليها وكان معنا فؤاد عارف.
وحطت بنا الطائرة في كركوك ومن كركوك أقلتنا الى بغداد طائرة من نوع انتونوف حطت بنا في مطار المثنى ورتب للقادمين إستقبال حافل فخم شارك فيه جميع أعضاء قيادة حزب البعث ومجلس قيادة الثورة وأعضاء الحكومة. وأنزل أعضاء الوفد الكردي في فندق بغداد. وفي الساعة الثامنة من مساء اليوم عينه (11) آذار( تلا رئيس الجمﮪورية نص الإتفاق من التلفزيون ودار الإذاعة كما قرأ رئيس الوفد الدكتور محمود برقية البارزاني وما أنْ أذيع ذلك على أﮪالي بغداد حتى إعترتهم هزة فرح تلقائية وأسرعوا خفافاً وثقالا، عرباً وكُرداً، يملأون شوارع بغداد مطلقين لعواطفهم العنان بالﮪتافات والأغان والأهازيج وحتى بالرقصات ودام ذلك طوال ساعات الليل حتى صباح اليوم التالي. وكان ذلك اليوم عيداً عراقياً خالصاً. وشهدت العاصمة العراقية أول نسائم الحرية المفتقدة منذ زمن بعيد. كان إتفاق الحادي عشر من آذار ثمرة جﮪاد عنيد متواصل ودليلاً على أنّ دماء الضحايا من الشهداء الذين قدمتهم الثورة لم تذهب سدىً. ومما لاشك فيه أنّ الفضل الأكبر لﮪذا الفوز التاريخي يعود الى صمود الپيشمرگه ونضال الشعب الكردي وتضحياته الجسام.
في ميدان التحرير
في صباح يوم 12 من آذار انتقلت جماهير الشعب بجموع متراصة عرباً وكُرداً ومسيحيين وتركماناً وغيرهم الى ميدان التحرير. وشملت الجموعَ حالة هستيرية لاسيّما الكُردَ منهم. وحضرت قيادات حزب البعث والحكومة كلﮪا في ميدان التحرير وكنا معهم. وأقبل رئيس الجمهورية وألقى كلمة على الجماﮪير المحتشدة ثم ألقى الدكتور محمود كلمة الرئيس البارزاني. حف َّ الناس بنا ونحن في سبيلنا الى ميدان التحرير خارجين من الفندق. وبشكلٍ ما عرفوا هويتنا فأمطروا سياراتنا بالورد وبالحلوى وحاولوا أنْ يخرجونا من السيارات ليحملونا على أكتافهم الى ميدان التحرير ولم ننقذ أنفسنا إلاّ بشق الأنفس.
في أثناء إلقاء رئيس الجمهورية كلمته. قاطعه شاب بين الواقفين صائحاً: أبا هيثم إني أتكلم بإسم الشباب واني لست منتمياً الى حزب. أقول نحن حاضرون للعمل تحت إمرتك لغرض تطبيق بيان الحادي عشر من آذار.
كان يوماً سعيداً فعلاً. فيه تجلت القيمة الحقيقية للأخوة العربية الكردية مضيئة كالنجم الساطع في سماء العراق وبدا الشعب العراقي بأسره وكأنه إستفاق من كابوس جثم على صدره. تلك هي نﮪاية حرب أهلية مدمرة دامت تسع سنوات أهدرت فيﮪا طاقات وأهلكت أنفُساً من غير طائل.
الوفد الكردي في ضيافة رئيس الجمهورية
لَبَّينا عصر ذلك اليوم دعوة عشاء في القصر الجمﮪوري من قبل رئيس الجمﮪورية. قبل ولوجنا قاعة العشاء اُخِذنا الى غرفة رئيس الجمﮪورية وكان فيﮪا صدام. ر ّحب الرئيس بنا ترحيباً حاراً وأثنى على البارزاني والشعب الكردي وقد َّم إدريس له هدية الوالد وهي (خنجر) قال إدريس وهو يقدمه له: إن الخنجر رمز مقدس لدى الشعب الكردي وتقديمه لك تعبير بأن سلاح الپيشمرگه بعد الآن سيكون مرصداً للدفاع عن الشعب العراقي بأسره. فإخضلَّت عينا رئيس الجمهورية بالدموع وأجاب قائلا هذا اليوم هو من أسعد أيام حياتي ثم أردف قائلاً لدي َّ ثلاثة أبناء ومحمد هو أعزهم عندي وهذا قريبي (مشيراً الى صدام) يعلم مقدار تعلقي به إنّي أقدمه ﮪدية للبارزاني.
ثم إنتقلنا مع رئيس الجمهورية الى قاعة الإستقبال وشمل المدعوون أعضاءَ مجلس قيادة الثورة وأعضاءَ الحكومة وكبارَ قادة الجيش وشخصياتٍ مثقفة وفنانين وساسة أمثال عزيز محمد سكرتير الحزب الشيوعي وأدباء من أمثال محمد مهدي الجواهري وكثيرين. مما أذكر أن البكر مر َّ بالشاعر فمدّ يده مصافحاً وهو يقول أبا فرات هذا يومك ونريدك أن تجود!، فردّ عليه الجواهري بقوله إن شاء الله راح تشوف! وحمّلني الجواهري رسالة الى البارزاني.[ في الحلقة القادمة سننشر البرقيات بهذه المناسبة]
ِثانياً- يتوضح من ما دونه آسد علم في الصفحات 194+195 من الترجمة العربية لمذكراته**بأن شاه إيران كان على علم بهذا الاتفاق قبل أكثر من شهر من تأريخ إعلان الاتفاق في بغداد يوم 11 أذار ولم يكن لديه تحفظات كبيرة وإنما يسأل سؤالاً غير مباشر فيه الكثير من الغموض، كان لدى الشاه درجة عالية جداً من الكتمان كما يتوضح في مذكرات أسد علم في مواقع مختلفة من مذكراته :
{هل نحن بالفعل على حافة إنجاز هام في المنطقة من مواجهة غير ذات
جدوى من الشيوعية؟}
*كتاب مسعود البارزاني الموسوم: البارزاني والحركة التحررية الكردية- 903 صفحة/ الجزء الثالث/ ثورة أيلول 1961-1975/ أربيل 2002
** الشاه .. وأنا
المذكرات السرية لوزير البلاط الإيراني أسَد عَلَم
اعداد علي ناغي خاني
تعريب: فريق من الخبراء العرب
الطبعة الأولى - 1993
الناشر مكتبة المدبولي- القاهرة
(ملاحظة: ترجمة مختصرة [732 صفحة]- عن الترجمة الانجليزية عن الفارسية، يُقال بأن الأصل الفارسي يقع في حوالي 5000 صفحة]
بعض النماذج:
الأحد8 - 2 - 1970
وجدت الشاه على الافطار وحاولت رؤيته ببهجة وبدا أنه مسرور برؤيتي. ورغم قوة العلاقة الشخصية بيننا فسوف لا أسمح لها بأن تقف في طريق حديثي معه عندما أتحدث عن نقطة ضعف... وتحدثنا حوالي الساعة ونصف في طريقنا الى منحدرات الثلج، [توضيح: في سويسرا - خسرو]، إذ أن الوضع في الشرق الأوسط يقلق الشاه خاصة العراقيين وكان يبدوا انهم توصلوا الى اتفاق مع مصطفى برزاني قائد الاكراد وبإنهاء هذه المشكلة سوف يكون لدى العراق المقدرة على تركيز قواتهم على الحدود مع ايران، عندئذ يسأل[ توضيح المقصود هو الشاه- خسرو] بيننا وبين أنفسنا هل تعتقد أننا نخون بلدنا إذا انطلقنا بالتسوية الى البحرين؟ ولا كما تقول الأصوات حولنا في العالم هل نحن بالفعل على حافة إنجاز هام في المنطقة من مواجهة غير ذات جدوى من الشيوعية؟ فأجبت فقط عندما تطلب الجزيرة كحق شرعي. سوف لا نحصل على أي مكان. فإذا استولينا عليها بالقوة سوف تكون فقط عبء ثقيل حول أعناقنا، كذلك ستصبح مصدر استفزاز دائم للعرب. والأكثر من ذلك أنها ستكون عالية التكاليف، حيث أن مصادر البترول تنضب تدريجياً..وبالنسبة إلى تعيين المدر س الخصوصي لولي العهد، فلقد قلت أنه يجب أن يقرر إذا كان المطلوب رجل مدني أم عسكري.
أنا لست راضٍ تماماً عن العسكرية، لكن هل فكر في الجنرال عرفه؟ فأجاب «أنه غير متحمس لوسائل الأنجلوساكسونية» وعلى أية حال هو يعتبر متأخر...عندئذ اقترحت عليه اسمين لمدنيين...لكنه قال«لا إن فكرة رجل الخدمة (العسكري) تروق لي جداً، وسوف يخلص له. وإن الجيش سيلعب دورًا هامًا في دول مثل دولتنا على الأقل في المستقبل المرئي وسوف يعطي لولي العهد معنى الانضباط القوى. ومرة أخرى أشرت إلى نقص معلوماتي الداخلية. وقال الشاه أنه سوف يبحث في داخل الجيش، وعلى العموم سوف لا يكون سهلاً إختيار شخص ما لا ينمي الطموحات الشخصية. وكنت أعاني من برد خفيف، ولذلك عدت إلى الفندق.....
ص: 194-195
الخميس 6-3-1969
عاد سموه من أوروبا هذا المساء وكان مزاجه ليس على ما يرام..سموه عابساً خلال الوجبة مغلوبا بالوضع المالي وموقف إتحاد البترول.
الجمعة7-3-1969
حضر سموه ال Salaam..بالرغم أنه كان مرهقاً جداً وبه قلق إلى حد ما. كانت المناقشات حول البترول ووضع الخزينة ما يشغل ذهنه. في لقاء مع NIOC سمح لنفسه لأن ينفجر غاضباً ضد الاتحاد [توضيح: المقصود إتحاد مصدري النفط قبل تشكيل منظمة أوبك- خسرو]، لكنه كان حكيماً بدرجة كافية لأن يمزج التهديدات ببعض الملاطفات وكما قال سعدي:
«قبل ان تسحب سلاحك للمعركة كن واثقاً أن يكون الطريق إلى السلام مفتوحاً»
حضرت الغداء والعشاء مع سموه. شعر سموه بتحسن طفيف هذا الذي المساء. ولقد أخبرني في سرية أن الأكراد قد قاموا بتخريب خطوط أنابيب عراقية عند الموصل وكركوك. وستأخذ شركات البترول هذه الحادثة كحجة لتنقذ الأمن الضعيف للعراق وأن يحولوا إنتاجها إلى إيران. وقلت لسموه أنه لا شيء محدداً إلى الآن. لكن ذلك يظل احتمالاً.
السبت 8-3-1969
اجتماع..... أوجزت لسموه التطورات الحالية وأثرت بعض النقاط التي أزعجته. قلت أن البلد مضطربة من تضاعف سعر المياه المفاجئ وإن أسفلت الشوارع ينهار وأن فساد رجال الجمارك في إزدياد وضمانات البنوك تُعتصر وإن مختلف الأعمال تتجه نحو الإفلاس. وأخيراً حذرته من أزمة مالية في الجامعات، فقد سموه أعصابه وقال:«ماذا نستطيع أن نعمل بلا أموال تدخل البلد؟» فأجبت أنه عندما وجهت سموه لنقص المال، كان رده أن الحكومة ممولة وأن هذه الاخبار خاطئة. لكن بالأمس فقط اتهم NIOC بزيادة مصروفاتها على مختلف
المشروعات البتروكيميائية. لقد تقدموا بتقدير مبدأي ب 100 مليون دولار ثم صرفوا ما يزيد عن مثلين ونصف هذا المبلغ، تحدث أيضا عن أنابيب الغاز التي التهمت 650 مليون دولار وقد حدد لها فقط 350 مليون دولاراً.
لطالما نبهت سموه لوضعنا هذا، لكنه كان يقابله بإعراض غاضب كما فعل هذا الصباح مرة أخرى قلت. يجب أن أحذر سموك لا داعي لإهمال تشككات الشعب، أنا يا صاحب السمو خادمك المخلص وأبغي فقط العمل على مجدك، لكن هناك آخرين في البلاط يمكن لهم أن يقولوا كلمات جميلة فقط للاحتفال بمراكزهم وأن يستفيدوا من إحساسك الكاذب بالأمن. أنا واثق من أنه سوف يرى الحقيقة في كلامي إذ أنه يعلم كم أنا مخلص له.
الثلاثاء 11-3-1969
اجتماع. أعطيت سموه تقريراً مفصلاً عن مناقشة مع سفير الولايات المتحدة ليلة أمس. قال أن إيران لا تتوقع أكثر من 900 مليون دولاراً طالما أن الزيادة في بترول الشرق الأوسط أقل من 65% قلت للسفير أن هذا قيد يؤدي إلى المجابهة. وقد أوضح عن انزعاجه وعدم صبره، لكني أخشى أن بموقفنا المالي ستبدو كلماتي بلا قيمة. فأعدت عليه أن أي تحرك من جانب إيران سوف ينقل بواسطة جيرانها. لكن فشل ذلك في إقناعه. ومع ذلك قال سموه هذا الصباح «يمكنه أن يعتقد ما يشاء فإن الروس سيأتون لمساعدتنا وبعد ذلك ستقع
المنطقة كلها في اضطراب» فليساعدنا الله إذا ما حدث ذلك.
أتبع حتى الآن تعليمات سموه وأن أقابل ببرود كل التقربات من ممثلي الاتحاد. في نفس الوقت يريد مني أن أضغط على السفارات البريطانية والأمريكية.
ثم أثرت سؤالاً يتعلق بالعراق والذي أفضل ألا أسجله كتابة لكن مضمونه كالآتي: لا يمكن لأحد أن يتفاخر No man Can truly be elated حتى يموت منافسوه كمداً until his rivals die frustrated وافق سموه معي في الرأي وأكد أنه أصدر التعليمات الضرورية. آه لو نستطيع الإحساس بهجومهم قبل فوات الأوان {هامش في الكتاب: هذا يرجع إلى التخريب في أنابيب العراق بواسطة الأكراد شمال العراق}. [ملاحظة: ورد ذكر هذا الهجوم بالتفصيل في كتاب مسعود البارزاني: البارزاني والحركة التحررية الكردية /الجزء الثالث/اربيل-2002. ص209-2011. خسرو].[1]