#عزيز الحاج#
القسم الأول: استدراكات:
آسف لأنقطع قليلا عن تسلسل المقال التوثيقي، لكي أعرج على بعض الاستدراكات والإيضاحات، وبعدئذ سأعود إلى الموضوع، لأتناول ما يخص عمليات القيادة المركزية كما وردت عند بطاطو وسواه، وكذلك موقع تلك الحركة بين تيارات الحركة الشيوعية الدولية عهد ذاك.
لقد سئلت عن كاتب بيان لفيف في براغ، والجواب أن الكاتب الرئيس هو هشام البعاج الذي كان طالبا جامعيا ومن أصدقائي، وكان شابا نبيها وذكيا.
وقيل لي إن حنا بطاطو لم يخطئ في وصف مهنة المرحوم الوالد. ولا أعرف سند المتشكك بكلامي، والذي علق بروح من الغمز والتحامل على الوالد وعلي. ولكي لا نتهم المترجم بالخطأ فلنرجع للائحة المرقمة 23-1 بعد الصفحة 571 من النص الإنجليزي، وفيها عن مواصفات عزيز الحاج: [القومية، والميلاد ، والمهنة، والشهادة المدرسية]. ثم يأتي للأصل الطبقي كالتالي:
….. working class – son of a porter - class origin
.واستنادا لذلك كتب الباحث عباس الكليدار في الكتاب الذي مرت الإشارة إليه ما يلي باللغة الإنجليزية :
Aziz al- Haj - Acommunist Radical -… He was borne into a poor Fuili Kurdish family…….. ………………Page 185 –The Integration of modern Iraq
قصدي هو ما كتب عني وعن الوالد في الكتب والدراسات والمقالات الصحفية وليس ما يعرفه عنه الفيلية. وطبعا يعرفون الوالد الذي كان أحد أعمدة تأسيس الجمعية والمدرسة الفيليتين بعيد الحرب العالمية الثانية، هو مع فريق من الشخصيات الفيلية، ما بين تجار ومثقفين. وقد تم غمز الوالد ولمزه أكثر من مرة من بعض من يحتقرون مهنة العامل وكأنها سبة. وحتى أن أحدهم كتب مقال تحامل على ابن الحمال هذا. وقد تراجع فيما بعد مشكورا.
أبي لم يكن لا صاحب مليارات ولا مليونيرا، ولا سارق ثروات البلد من أمثال فاسدي هذا الزمان، ولكنه كان رب عمل من البورجوازية المتوسطة ومرفه الحال، كما لو كان مثلا صاحب معمل صغير من ثلاثين عاملا وما شابه. وهو، عدا أجور العمال، كان يدفع رواتب لعدد من الكتاب والمحاسبين. وكان عطوفا على العمال وحتى يشارك في نفقات تزويج بعضهم. إن الذين لا يزالون يحلمون بالقضاء على الفروق الطبقية إنما يبنون على رمال وأمامهم مصير الأنظمة الشيوعية الشمولية التي انهارت الواحد بعد الآخر. وانظروا للفروق الكبرى في مستوى المعيشة بين كوريا الشمالية الشمولية وكوريا الجنوبية, أو كوبا التي يحلم كثيرون من أبنائها بالهجرة لأميركا بالذات. وحتى الصين التي اختارت اقتصاد السوق، وصار اقتصادها عالميا، يعاني عمالها وكادحوها من الاستغلال القاسي، بسب بقاء النظام السياسي الشمولي، وربما اشتغل العامل 82 ساعة في الأسبوع مقابل 20 أو 22 دولارا في الشهر. ليس كل غني شيطانا وليس كل كادح ملاكا. والحاج علي حيدر الغني هو الذي لم يلُم ولديه يوما على الانتماء الشيوعي في ظروف قاسية جلبت عشرات المتاعب للعائلة كلها. وهو الذي كان يرسل أكداس المأكولات والبجامات للسجناء الشيوعيين في نقرة السلمان. وهو الذي توسط لتوظيف سلام عادل مدرسا في المدرسة الفيلية بعد فصله من وظيفته الحكومية بسبب نشاطه السياسي. وهو الذي شجع ابنه الشيوعي على التبرع بالتدريس مجانا في المدرسة الفيلية وأنا في الصف النهائي من الكلية، فتطوعت مع شيوعيين آخرين هما الشهيدان ممدوح الآلوسي وعبد الأحد المالح. وهو الذي كان أكثر أصدقائه من اليسار والديمقراطيين كناجي يوسف والشهيد عبد الجبار وهبي والجواهري ومحمد صالح بحر العلوم وكامل الجادرجي. وهو الذي لم يمنعه أصله الطبقي من المشاركة في خطة لتهريب عشرة من كوادر الشيوعيين في سجن الكوت عام 1952، وبسبب ذلك تم اعتقاله شهورا على أثر انتفاضة تشرين الثاني. إن الصحيفة التي نكتب فيها اسمها الحوار المتمدن، والتمدن في الحوار يعني الموضوعية والنقاش الهادئ ورد المعلومة الخاطئة بالمعلومة الصحيحة والموثقة، وليس إلقاء الكلام اعتباطا. كما لا أرى داعيا لاختيار أسماء مستعارة وكأننا نخشى سيفا مسلطا علينا!
إن الأصل الطبقي للمناضلين الثوريين ليس ذا علاقة عضوية ومباشرة بالصلابة الفكرية أو الصلابة الأمنية. والنظرية الماركسية نفسها هبطت على الطبقة العاملة من خارجها- وأعني المثقفين الكبار، ومنهم من كان على رفاه نسبي معيشيا. ولو أخذنا كبار الزعماء الشيوعيين في العالم سابقا ولاحقا لوجدنا أن قلة منهم هم من أصول كادحة. وكون الشيوعي عاملا لا يعني انه بالضرورة سيبكون أكثر إخلاصا للمبدأ من المثقف الشيوعي. ولدينا عشرات الأمثلة وعشراتها من الحركة الشيوعية نفسها. وقد مرت فترات- ولاسيما في أعوام 1949 -1955 حين كانت القيادة الشيوعية تزدري المثقفين الشيوعيين، وتقدم للمراكز الهامة عمالا قليلي الخبرة والأقل مستوى وهو ما ترك أثاره على تخبط السياسات والمواقف. فالعمل السياسي ليس نشاطا نقابيا. وعامل السجاير الشيوعي القديم فعل ضمد هو من دل على البيت الحزبي لفهد في بداية 1947 فتمت الاعتقالات الكبرى. وعلى كل، فإن الأمور ليست مطلقة بل هي نسبية ولا توجد قواعد عامة.
هذا وقد أورد الأستاذ الفاضل رعد الحافظ تعليقا حول الندم على الأفكار، وأشار لعدد من الشيوعيين السابقين. ويجب أن نضيف الأستاذ كريم مروة. كما أن هناك، عدا قول برنارد شو، ما قاله برتراند رسل: لست مستعدا لأن أموت في سبيل أفكاري لأنها قد تتغير. وقال فيكتور هيجو: إنه لثناء باطل أن يقال عن رجل إن اعتقاده السياسي لم يتغير منذ أربعين سنة. فهذا يعني أن حياته كانت خالية من التجارب اليومية والتفكير والتعمق الفكري. إنه كمثل الثناء على الماء لركوده وعلى الشجرة لموتها. وهناك مكسيم رودنسون الذي كان شيوعيا منظما في الأربعينات، وفصل من الحزب في الخمسينات، واتخذ موقف الماركسي المستقل في السبعينات، ثم خرج على الماركسية فيما بعد. وقد قال عنه أحد النقاد: إن تلك النقلات لم تكن انتهازية وإنما عبارة عن تطور طبيعي لمفكر يعمق أسئلته و أجوبته أكثر فأكثر كلما نضج حياتيا وتقدم في العلم والمعرفة والعمر. ويقول علي الوردي: الأفكار كالأسلحة تتبدل بتبدل الأيام، والذي يريد أن يبقى على آرائه العتيقة هو كمن يريد أن يحارب الرشاش بسلاح عنترة العبسي. وهذا في رأيي موقف من يريدون محاربة العولمة ومن لا يزالون يحلمون بزوال الطبقات وحلول الشيوعية مع كل احترامي لهم. وهنا أهمية النقاش والحوار المتحضر والهادئ لأن الحقائق نسبية على أية حال. ولرفع الالتباس، فإن مثل تحولات من مر ذكرهم وغيرهم لا تجب مقارنتها بالتقلبات المصلحية السريعة، سواء بين بعض النخب أو بين شرائح من الناس العاديين. فهل ننسى مثلا أن فريقا من سكان مدينة الثورة و النجف والجنوب كانوا متماهين تماما مع الزعيم عبد الكريم قاسم، ثم انقلبوا مع الحرس القومي، ثم صاروا في فدائيي صدام، وأخيرا انضموا لجيش المهدي وكتائب أهل الحق وكتائب اليوم الموعود؟؟
وأقول أخيرا إن هناك مبادئ وقيما إنسانية وتقدمية أساسية هي التي لا يجب أن يتغير الإيمان بها مع تغير المواقف الفكرية والسياسية، خاصة الموقف الديمقراطي الإنساني من حقوق المرأة، والعلمانية التي تحترم وتضمن الحرية الدينية، وحرية التعبير والرأي، والدفاع عن الكادحين، والتزام حقوق القوميات والأقليات القومية والدينية والمذهبية، والعدالة الاجتماعية، والإيمان بالإعلان الدولي لحقوق الإنسان.
هذا وأسف مرة أخرى لانقطاع تسلسل المقال الذي هو للتوثيق التاريخي. وشكرا جزيلا وتحية لجميع المعقبين واحترامي لهم.
يظهر أن هناك اتجاها لدى بعض التعليقات للخروج بنا عن موضوعي للدخول في سيرة الكاتب وفي سياسة ومصير القيادة المركزية. وهناك من يلومني لأنني لم أوضح هذه الحكاية أو تلك من الحكايات والإشاعات التي لم يكن لها من أساس، وكأني بالمعترض لم يقرأ سيلا من كتاباتي عن موضوع القيادة وسيرتي السياسية. وقد شرحت بالتفصيل كل هذه الامور في كتبي والعديد من مقالاتي الصحفية، سواء في القدس العربي او الحياة أو المؤتمر عشية الحرب، أو المواقع الألكترونية وغيرها. كما أن كمية الحكايات والإشاعات هي مما يمكن أن يؤلفوا عنها كتابا بعنوان [ مائة حكاية وحكاية عن عزيز الحاج]، و[ ومائة حكاية وحكاية عن القيادة المركزية]!! وكيف يمكن أن اعرف وأسمع كل ما قيل خلال حوالي نصف قرن، ولحد اليوم، وخصوصا بعد أن لخصت الأمور بكفاية وأوضحتها في كتابي شهادة للتاريخ الصادر في لندن عام 2002، ومن قبل في كتابي المحدود التوزيع حدث بين النهرين الصادر عام 1994. ولا ألوم من لم يستطع قراءة ما كتبت وإنما اللوم على بعض من يتنطعون بإلقاء المواعظ والدروس قبل التحري والتدقيق، سواء كان ذلك عن نية صافية أو غرض ما.
حركة القيادة المركزية لم تكن منقذة الشعب العراقي بل كانت واحدة من الحركات الثورية التي لها أمجادها ولها مطباتها وأخطاؤها الجسيمة. وليس الحاج هو وحده المسؤول عن إجهاض تلك الحركة، بل أولا القمع الوحشي والدموي. ثم تكالب بعض القوى السياسية وبثها الإشاعات التحريضية، وأما عن الضربات الأمنية، فبخلاف عامي 1948 و1949 التي جرت باعترافات من أعلى القيادة لأدناها، ففي حالة القيادة، فإن الاعتقالات بدأت من أسفل وتدرجت لكوادر متقدمة ثم لأعضاء في القيادة، تلاهم أعضاء آخرون، وكان الحاج هو المعتقل ما قبل الأخير وليس أولهم. وهذا مشروح بالتفاصيل في شهادة للتاريخ مع نقد ذاتي صارم كما وارد في الموسوعة الامنية بعنوان أضواء على الحركة الشيوعية العراقية وفي مصادر شتى. ولو أن المسئول الذي حل مكاني مؤقتا بقرار من الاجتماع الكامل قد قام بما عليه من ترتيب نقلي لكردستان لأتولى القيادة من هناك، لما تم اعتقالي ولما تم اعتقاله هو الآخر بسببي أنا، وسلسلة جديدة من الاعتقالات بسببه هو. وأقول أيضا إنني قدمت استقالتي من مركز المسئولية الأولى في اجتماع الكوادر الموسع ولكنها رفضت بالإجماع.
كتاب شهادة للتاريخ طبع في لندن ووزع جيدا. أما كتاب حدث ما بين النهرين فهو طبع استنساخ، وطبعت منه 50 نسخة فقط. ولا ألوم من لم يطلع عليه. وهذا هو فهرست ذلك الكتاب:
المقدمة....
الحزب الشيوعي ضميرا للشعب..
الوصاية السوفيتية..
الخلل في التكوين المعرفي والثقافي..
إشكالية الثورة والعنف السياسي..
الاستبداد الداخلي..المحاور الاساسية للصراع الداخلي عشية لانقسام..
بعض الخلفيات والأجواء..
الانقسام الحتمي..
مقدمات الحركة وتفاصيل تنفيذها..
فريق من الكادر..
نحن ومصطفى البرزاني..
الاجتماع الموسع لكوادر القيادة في يناير- كانون الثاني 1968
عدد من الإشكاليات : الحزب الشيوعي والأكراد الشيوعيون.. دور الشيوعيين اليهود..
الملاحق:
قرارات الاجتماع التأسيسي [ 17-07- 1967 ]
طائفة من البيانات وأعداد جريدة طريق الشعب السرية..
نماذج من المطبوع الداخلي مناضل الحزب..
النص الكامل لمحضر اجتماع كوادر القيادة في يناير 1968 وهذه وثيقة مهمة جدا وتنتشر لاول مرة وقد حفظها مناضل لم تشمله الاعتقالات فسلمها لي بعد خروجنا من المعتقل وكنت في الدفعات الأخيرة من المطلق سراحهم وبرغبة مني..
مساجلات مع اللجنة المركزية..
بيانات وقرارات اللجنة المركزية عن التحالف مع البعث..
رسالة فريدة من رائد القصة العراقية محمد أحمدالسيد في 1929 موجهة للشيوعي اللبناني البارز يوسف يزبك، ألخ..
وكم أتمنى لو استطاع أحد من بحوزتهم هذا الكتاب نشره ألكترونيا فإن إمكانياتي الفنية ضعيفة بهذا الشأن وحبذا لو تولى [الحوار المتمدن] هذا المشروع خدمة للتاريخ وللحقيقة.
كما ألفت النظر بقوة إلى أن لهجة الكتاب أحيانا قاسية في المساجلات مع مناضلي اللجنة المركزية وتستعمل أوصافا خشنة كالانتهازية والتحريفية وما شابه، مما كان رائجا عهد ذاك، وهو ما أرفضه اليوم، وقد تعلمت أن أكون هادئا ودقيقا أكثر، وان تخلو مساجلاتي مع أي فرد أو جهة من الغلاظة والانفعالية- وأقصد المساجلة مع من يريدون الحقيقة وليس مع عشاق المهاترات والتجريح ومن لا معلومات لديهم ولا مروا بتجارب وظروف قاسية ولكنهم ينصبون من أنفسهم وعاظا ثوريين ويوزعون شهادات التجريم والتكفير والتمجيد حسب الأهواء. يضاف أنني تراجعت فيما بعد عن مواقف هامة ومنها ما يخص موقف القيادة من الوحدة العربية وفلسطين وأمور أخرى باتجاه أكثر واقعية ومرونة وتطابقا مع موازين القوى الإقليمية. والدولية. وما دام الحديث عن الحكايات المنسوبة لي شخصيا فقد أوضحت ما سمعت منها مما يفيد التوضيح عنه وأما المهاترات والهجمات الشخصية فشعاري هو الصمت جوابا. وإن الشجرة المثمرة هي الأكثر تعرضا لحجارة عابري السبيل! وآخر حكاية أقرأها في الحوار المتمدن هي عن ضحكة استهزاء في ظهور تلفزيوني مشترك مع بيتر يوسف. وهذه حكاية باطلة جملة وتفصيلا لان مثل هذا الظهور المشترك لم يقع أصلا، مع ألف كلا، فما بالك بالسخرية من اسم شعبي وأنا الذي عشت في الأحياء الشعبية وكان لي جيران وأصدقاء لبعضهم أسماء غريبة[ منها مثلا زبالة]. ولم تعودني تربيتي العائلية وثقافتي السخرية من أحد لشكله أو لاسمه. والحكاية باطلة جملة وتفصيلا لأن بيني وبين الرجل حدثت منذ اعتقالي قطيعة تامة بعد أن دون في اعترافاته الخطية أمام المحققين بان السلطات البلغارية اعتقلتني أثناء عودتي للعراق بتهمة العمل للمخابرات الأميركية. وكانت تهمة قاسية تحملت الشدائد بسببها لمدة أسابيع وأضعفت طاقة تحملي وأعصابي وجرى التحقيق معي حولها مرات، وفي كل مرة كنت أقول للمحققين أن يراجعوا الحكومة البلغارية نفسها والحكومة الجيكية التي سهلت عودتي من براغ إلى سورية مباشرة بجواز مزور، ومنها سرا للعراق بتعاون من الحزبين الشيوعيين السوري والعراقي. وعشية سفري، كنا على مأدبة عشاء في براغ، ومن الحاضرين الراحلان زكي خيري والجواهري، والأستاذ نوري عبد الرزاق وغيرهم. بعد هذا وذاك فكيف أقبل بجلسة تلفزيونية مشتركة!!! ما أسهل الفبركات التي تفبرك من موقع الجهل او التعالم أو الحقد. وأذكر حكاية كنا نقرؤها في الابتدائية عن رجل في قرية شهد بان امرأة ولدت غرابا. فانتقلت الحكاية من قرية لأخرى ليصبح العدد مائة غراب. وأقل من هذا، فقد كان لي قط أليف كان ولدي وصديقي الوفي، واسمه ريمي. استغلت صداقتي لريمي سياسيا فأصدر أحدهم كراسا كاملا متحاملا في بداية التسعينات وعلى غلافه كاريكاتير للحاج والقط. وفي [القدس العربي[ ضرب أحد القوميين رقم 1 في 10 فصار ريمي عشرة قطط، وقال يخاطبني: اترك الكتابة يا هذا وانصرف لقططك العشرة/ مما يذكرني بما قاله فيالعام المنصرم معلق في الحوار المتمدن لأحد الكتاب اخرس وكأنه يتعارك في زقاق بغداد ولسان حاله إما أن تسكت وإلا فالويل لك!
ولكي أختم هذه التداعيات التي فرضت علي دون أن أصل لموضوعي الأصلين قثمة القصة الطريفة والحقيقية التالية والتي تذكر ببعض ما يجري حاليا في سورية:
في منتصف التسعينات كنت أكتب بعض المقامات والقطع الشعرية الساخرة لينشرها الكاتب االسوري المبدع الراحل مصباح الغفري في مجلة باريسية كان يشرف على صفحتها الساخرة. وفي مرة سلمته قصيدة كتبتها بلا أية نية تعريض سياسي بأحد، ورد فيها:
[ عطس الهر ففر الأسدُ واتاني باكيا يستنجدُ
قال يا مولاي ريمي قاتلي وأنا مستضعف مستوحدُ
قلت لا تبك فريمي عاقل فيلسوف وبه نسترشدُ
انتفض مصباح قبل تكملة قراءة القصيدة، وقال بجد هل تريد أن يمنعوا المجلة في سورية؟ سيتصورون أن القصيدة تقصد حافظ الأسد. وطبعا لم أنشرها. ألا كم في بلاد العرب من المضحكات!
أقدم مجددا أسفي لكوني لم أصل لتتمة المقال، أي عما كتبه بطاطو عن القيادة المركزية. فإلى التتمة.
22-02- 2012
ملاحظة: قيل الكثير عن اليونسكو والمنصب مع أن القصة وما فيها أنه لم تكن هناك لا صفقة ولا يحزنون. خرجت من المعتقل مع أواخر الخارجين في منتصف الصيف من عام 1969 ، وطلبت العودة لوزارة التربية وأنا في مستشفيات باريس في أواخر صيف 1970 أي بعد عام كامل، وبعد أن عاد المئات من المفصولين لأسباب سياسية من موظفين وعمال ومن مختلف الاتجاهات. وكان ذهابي لباريس نفسه بالصدفة بعد أن اخترت برلين الشرقية لعلاج عيني المعطوبة بسبب ضربة جلاد، ولكن السلطات الشرقية عادت بعد أسبوع لتنذرني بمغادرة البلاد بحجة أنني عدو للاشتراكية. وتبين أن بعض الشيوعيين العراقيين كانوا المحرضين. ومن المفارقة أنني لم أختر للعلاج دولة غربية بل دولة شيوعية. ولكن هكذا يكون المنطق المعكوس؛ أي عدت لوزارتي – التربية- التي كنت موظفا فيها عامي 1947 و1948 وليس للخارجية كسفير. وأما لقب سفير فهو درجة دبلوماسية تعادل درجتي في الوزارة كخبير تربوي. فالعاملون في المنظمات التابعة للأمم المتحدة ويمثلون بلدانهم يجب ان تكون لهم درجة دبلوماسية. وأما سيرتي اليونسكوية فكان من بين شهدوا لها مندوب فلسطين عام 1982 في مؤتمر صحفي باليونسكو أكد فيها أن الحاج هو من جمع العرب حول القضية الفلسطينية في اليونسكو. وشهد كثيرون بدوري لإعلاء الثقافة العربية. وسبق لي نشر الكثير عن مواقفي في تلك المنظمة وهي لم تخل أيضا من الأخطاء والمطبات من سياسية ومهنية وشخصية. ومعذرة للتطرق لهذه الأمور الشخصية.[1]