ثورة المرأة... تحولت لمركز استقطاب العالم
خطت النساء في شمال وشرق سوريا خطوات مهمة في طريق حريتهن والتخلص من الذهنية التي حدت من تطورهن، حيث تمكنت المرأة خلال أعوام وجيزة من ترسيخ نظامها الديمقراطي وتشكيل مجالسها، وحققن مكتسبات عديدة خلال ثورتهن، وما زلن مستمرات في تحقيق المكاسب والإنجازات.
ثورة روج آفا التي تحولت في فترة قصيرة إلى ثورة المرأة، نظراً لاعتمادها على حرية المرأة وتخليصها من الذهنية الذكورية التي حرمتها حقوقها لقرون عديدة، تمكنت المرأة خلالها من اثبات دورها في ترسيخ أسس الحياة المشتركة، من خلال انتهاج نظام الرئاسة المشتركة ولعب دورها الريادي في كافة المجالات، كما كانت الأساس في استقطاب العالم لهذه الثورة التي تمكنت من خلالها المرأة من القضاء على المرتزقة الذين يشكلون خطراً على العالم برمته.
القضاء على مرتزقة داعش ودور وحدات حماية المرأة
شكلت مرتزقة داعش خلال الأعوام المنصرمة خطراً كبيراً على العالم أجمع نتيجة الممارسات اللاأخلاقية التي مارسوها بحق الشعب، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية التي تشكلت لحماية مكونات شمال وشرق سوريا كانت الدرع الحصين، ولعل وحدات حماية المرأة كانت القوة الأساسية التي دحرت المرتزقة الذين استهدفوا النساء بالدرجة الأولى، حيث شاركت الوحدات في كافة حملات التحرير التي انطلقت في شمال وشرق سوريا، وكان أخرها حملة الباغوز التي تكللت بالقضاء على مرتزقة داعش في جغرافية شمال وشرق سوريا، وتحرير 52 ألف كم2 من أراضي سوريا.
ولأن حماية النساء وتحريرهن كان الهدف الأساسي للوحدات، تمكنت الوحدات من تحرير 600 امرأة وطفل إيزيدي كان المرتزقة قد اختطفتهم في ال3 من آب عام 2014، عندما هاجموا قضاء شنكال وارتكبوا مجزرة بحق الشعب الإيزيدي.
وهذا الانتصار لم يأت بسهولة، فقد ارتقت لمرحلة الشهادة 752 مقاتلة من مقاتلات وحدات حماية المرأة، كما أصيبت 3000 مقاتلة.
وحدات حماية المرأة التي تشكلت منذ بداية ثورة روج آفا لحماية كافة النساء، أعلنت أن مهامها لم تنته وستسمر في النضال حتى تحرير كافة النساء.
مستمرات في المقاومة رغم المصاعب
وخلال العام المنصرم احتلت الدولة التركية مقاطعة عفرين، بعد مقاومة بطولية من قبل الأهالي ونساء المدينة في وجه اعتى الهجمات غير الأخلاقية، وتجسدت هذه المقاومة في شخصية المقاتلة أفيستا خابور وبارين كوباني، ونتيجة للاحتلال اضطر الأهالي للخروج من المقاطعة صوب مقاطعة الشهباء، ورغم كافة الصعوبات تستمر نساء عفرين في الصمود والمقاومة في مخيمات الشهباء، ويؤكدن الاستمرار في المقاومة حتى تحرير عفرين من الاحتلال التركي.
علم المرأة نتيجة من نتائج ثورة المرأة
وبعد الظلم والحرمان الذي عانته نساء الشرق الأوسط بشكل عام نتيجة للذهنية الذكورية، فتحت ثورة روج آفا والتي تعرف في الوقت الحالي بثورة المرأة الآفاق أمام النساء لإثبات دورهن، ولعل أبرز نتائج هذه الثورة كانت الجنولوجي علم المرأة، الذي يدرس في الوقت الحالي في الجامعات والمدارس في شمال وشرق سوريا وتوجد لها العديد من المراكز في كافة المدن والمناطق.
وافتتحت أكاديمية علم المرأة جنولوجي الأولى في مقاطعة عفرين في 17 تموز عام 2017، وبعد الاحتلال التركي لعفرين أغلقت الأكاديمية، وبعدها في 13 أيلول عام 2017، افتتحت مركزاً لها في ديرك في مقاطعة قامشلو، وفي ال3 من شهر كانون الثاني عام 2018 افتتحت مركزاً لها في مدينة منبج، أما في مدينة الحسكة فافتتحت مركزاً لها في 11 كانون الثاني عام 2019، وبالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة افتتحت مركزاً لها في كوباني في ال6 من آذار من العام الجاري.
وتسعى أكاديمية جنولوجي في شمال وشرق سوريا لنشر مبدأ الحياة الحرة والمساواة في المجتمع عن طريق أربعة فروع لها وهي (مركز الجينولوجي، المدارس الثانوية ، معهد أندريه وولف، وكلية الجينولوجي).
مجلس المرأة السورية المظلة الجامعة لكافة نساء سوريا
وتأسست في منتصف 2017 ، والتي تعد المظلة الجامعة لكافة نساء سوريا وتحضن ضمنها نساء من كافة المكونات (الكرد، العرب، السريان، الشركس، الدروز، العلويات، و اسماعيليات ومن الساحل السوري.... ) وتمكّن المجلس من تنظيم نفسه ضمن كافة مناطق شمال وشرق سوريا بالإضافة ضمن الساحل السوري وعدة مناطق أخرى ضمن سوريا منها دمشق والسويداء وحلب، ودرعا.
وفتح المجلس عشرات المكاتب ضمن مناطق شمال وشرق سوريا بالإضافة لمكتب في محافظتي درعا والسويداء ويتم العمل على افتتاح مكتب في دمشق والساحل السوري.
ويتم تنظيم العمل ضمن هذه المكاتب للنهوض بواقع المرأة وفتح دورات توعوية وفكرية وتنظيمية وسياسية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي عقد المجلس عدة اجتماعات مع المنظمات النسائية العالمية، كما للمجلس ممثلة ضمن المجلس الاستشاري للمرأة السورية، المستقل التابع لمكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا.
تشكيل المجلس الجامع لكافة نساء شمال وشرق سوريا
ونظراً للحاجة الماسة لتوحيد صفوف النساء في كافة مناطق شمال وشرق سوريا، وبعد تحرير المدن والمناطق في الشمال السوري من قبل قوات سوريا الديمقراطية وتشكيل مجالس وإدارات المرأة في تلك المناطق، وبدعوة من مؤتمر ستار تشكل في ال 14 من شهر حزيران من العام الجاري، مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا والذي يعتبر مجلساً موحداً لكافة الإدارات والمجالس والتنظيمات التي تمثل المرأة.
وعقد المؤتمر التأسيسي للمجلس بحضور نساء من كافة مدن ومناطق شمال وشرق سوريا، وتمخض عن المؤتمر تشكيل مجلس، يعتبر مظلة أساسية لكافة النساء ويجمع تحت سقفه كافة إدارات ومجالس المرأة في المنطقة.
ويضم المجلس 17 امرأة من كافة مكونات شمال وشرق سوريا.
المرأة الفراتية توحد رؤى المرأة السورية بمنتدى حواري
ولتوحيد رؤى المرأة السورية وتكثيف الجهود لتمكين دور المرأة وتطويرها والعمل على تمثيل المرأة في كافة المؤسسات من مناطق شمال شرق سوريا وسوريا عامة، عقد المنتدى الحواري المُوسّع للمرأة في مدينة الطبقة في ال 13-14 تموز الشهر الجاري، تحت شعار المرأة في زمن الصراع واقع وآفاق وبمشاركة واسعة من نساء الطبقة والرقة ودير الزور وممثلات عن مجلس سوريا الديمقراطية وممثلات عن نساء شنكال.
وكانت أبرز قرارات المنتدى، مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الإنسانية بوضع حد للتدخل التركي في الأراضي السورية والعراقية وجنوب كردستان وإخراجهم من كافة المناطق المحتلة التي يرتكب بها جرائم حرب ضد الإنسانية، والمطالبة بإقامة محاكم ذات طابع دولي لمحاسبة مرتزقة داعش على أراضي شمال وشرق سورية كونهم قاموا بجرائم ضد الإنسانية وبالأخص بحق النساء الإيزيديات، ومشاركة المرأة في شمال وشرق سورية في كتابة دستور جديد لسورية لضمان حقوقها في المساواة والمواطنة.
الاستمرار على نهج المقاومات والمناضلات
إن كافة المكتسبات التي حققتها المرأة هي نتاج الثورة التي رسمت طريقها المناضلات والشهيدات، حيث أثبتت المرأة خلال الثورة التي انطلقت شرارتها من كوباني في 19 تموز 2012 قدرتها على الإدارة والقيادة في كافة مجالات الحياة، الثورة لم تنتهي بعد ومقاومة النساء وتحقيق الإنجازات ما زال مستمراً حتى تحقيق حرية كافة النساء.[1]