=KTML_Bold=#عفرين# …مدينة تلاحم الأديان السماوية عبر التاريخ=KTML_End=
شرفين مصطفى-سليمان أحمد
عفرين- مدينة عفرين هي من أكثر المدن التي واجهت الغزاة والإمبراطوريات في منطقة شمال سوريا، ولعل القلاع والآثار الموجودة في المنطقة تدل على أن هذه المنطقة واجهت المتاعب والدمار وعبور الحضارات والديانات، ومن زاوية أخرى تعتبر هذه المدينة ذاكرة حضارية، مرت عليها ثقافات وشعوب عديدة.
آثار عفرين تؤكد بأن أساس ظهور أول الأديان.. هي الازداهية (زرادشت)
تقول بعض الكتب التاريخية التي أرخت تاريخ العصور التي مرت بها مدينة عفرين بأن الديانة الازداهية كانت موجودة قبل المسيحية، وكان ملوك آحاب ومنهم (يلعزبوب) المعروف ب( بيربوب) على هذه الديانة.
وبدوره كان قد ذكر المؤرخ اليوناني( كزنيفون) في القرن الرابع قبل الميلاد في وصفه للأقاليم التي مر بها في فترة الحملة اليونانية بقيادة الاسكندر المقدوني على مناطق كردستان، حيث يصف نهر عفرين الذي كان يعرف آنذاك بنهر ( برنا) والذي يصف به ما رآه في نهر عفرين بأنه كان مليئاً بالأسماك الألية التي عدها السوريون مقدسة لا يجيزون لأحد إيذاءها وهذا تأكيد آخر بأن الازداهية كانت منتشرة في مناطق شمال سوريا، لأن الازداهية كانت تحرم اصطياد الأسماك، ولعل 12 مزاراً، و22 قرية إيزيدية خير دليل على ذلك، فيما يتواجد في المقاطعة في الوقت الحالي 25 ألف نسمة عدا الأهالي الذين هجروا إلى الخارج في السنوات السابقة.
عفرين حاضنة لكنائس تاريخية للمسيح..
كل الباحثين الذين عملوا في مجال التنقيب في منطقة جبل ليلون ( شيراوا) القسم الجنوبي الشرقي من جبل الأكراد أمثال تشالنكو وكستلانا وفرناندز وغيرهم في أوائل أواسط القرن العشرين الميلادي، أكدوا أن أغلب الكنائس التي بنيت في هذه المنطقة خلال الفترة الممتدة من القرن الثاني الميلادي وحتى القرن الخامس الميلادي بنيت على أساس المعابد الوثنية، مثل كنيسة جوليانس في براد وكنيسة كلوتة وغيرها من الكنائس المنتشرة بشكل واسع في المنطقة..
المسيحية في بداية ظهورها أطلقت على كل العبادات الموجودة تسميات وثنية باستثناء اليهودية ولا تزال آثار تلك المعابد في خراب شمسة بناحية شيراوا تقع إلى شرق من قلعة القديس سمعان العمودي على مسافة 10كم، وآثار معبد آخر في قرية كيمار ومعبد عين دارة الأثري، وفي قرية براد حيث كنيسة (جوليانس) التي كانت من أكبر الكنائس في شمال سورية خلال القرن الخامس الميلادي بعد كنيسة سمعان العمودي.
ومر في هذه المنطقة الكثير من الحضارات عبر العصور التاريخية بدءاً من الفترة الحثية وانتهاءً بالفترة العثمانية مروراً بالفترة الحورية والميتانية والميدية والإغريقية السلوقية والرومانية والإسلامية والسلجوقية والأيوبية والمغول والمملوكية.
عفرين انتصرت في وجه الغزاة في التاريخ
ويذكر بأن أغلب قرى منطقة جبل الأكراد التي هجر سكانها نتيجة الظلم وهمجية السلاجقة الأتراك الذين خلفوا في المنطقة الخراب والدمار أهلت من جديد من قبل سكانها الفعليين في الفترة الأيوبية، إلا أن سكان هذه المنطقة واجهوا بقوة الغزاة والمحتلين بدءاً من معركة حريتان 1918 (قرب حلب) أثناء انسحاب الجيش العثماني إلى محطة قرية قطمة ومنها إلى ميدان اكبس.
وفي فترة الانتداب الفرنسي أطلقت الرصاصة الأولى في وجه المستعمرين الفرنسيين في جبل الأكراد (عفرين)، وفيها تشكلت النواة الأولى لثورة الشمال وجبل الزاوية في وجه الفرنسيين.
أما المعارك التي خاضتها عفرين مع الفرنسيين فهي: معركة وادي النشاب، محو إيبو شاشو والفرنسيين، معركة قرية حمام غربي جندريسه، معركة وادي أشلة التي كان يقودها سيدو اغا ديكو، ومعركة جبل بارسه خاتون.
يذكر أنه حتى القرن السادس عشر الميلادي كان دير سمعان مركز حج المسيحيين، وكان يقارن بأماكن الحج المسيحية في فلسطين.
عفرين مثال لتلاحم الطوائف في وجه الغزاة والاحتلال العثماني
مع إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا، اتحدت كافة المكونات والشعوب والطوائف في المنطقة، وكان ذلك للنضال والكفاح في وجه العنصرية والتفرقة بين الشعوب والطوائف، مع تشكيل اتحاد الأديان والذي يعتمد على مبادئ فصل الدين عن الدولة والدعوة إلى عدم استغلال الدين لصالح السياسة.
اتحدت الأديان والطوائف الرئيسية من الديانة الإسلامية والإيزيدية والمسيحية في مقاطعة عفرين منذ القدم، إن مقاطعة عفرين من أقل المناطق تناقضاً وتمايزاً طائفياً عندما يتعلق الأمر بالديانتين الايزيدية والإسلامية، إلى جانب تواجد نسبة صغيرة من الطائفة الأرمنية والجركس.
في عفرين الطوائف المتواجدة من الإسلام والإيزيديين والجركس والأرمن يثقون بمبدأ الإله الواحد ويتشاركون معاً في أداء الطقوس والعبادة، حيث يشارك المسلمون الإيزيديين في أعيادهم والعكس، وبذلك يشكلون مزيجاً من التشارك والاتحاد لمكافحة العنصرية والتفرقة لذلك تسعى الدول المتطرفة لضرب هذا الاتحاد بين الطوائف.[1]