عندما يتحول القانون إلى أداة عقاب إضافية للمرأة
آرين سويد
أطلقت العديد من الجمعيات والحركات والتنظيمات النسائية حملات واسعة لتغيير القانون والحث على صياغة تشريعات ضامنة للمساواة بين الجنسين وتحييد بعض القوانين المجحفة بحق المرأة في العديد من الدول العربية.
وتكليلاً لنضال المرأة الدؤوب في هذا السياق، أقدمت العديد من الدول العربية ك (لبنان، وتونس، ومصر، والمغرب، وفلسطين، والأردن ومؤخراً البحرين)، على إلغاء مواد تسمح للمغتصب بالزواج من المعتدى عليها لتفادي العقوبة القانونية.
وعلى الرغم من اعتبار الاغتصاب جريمة في جميع قوانين العالم، إلا أن معظم القوانين العربية تحمي المغتصب بشكل أو بآخر، فيتحول القانون إلى أداة عقاب إضافية للمعتدى عليها بدلاً من حمايتها. فيما لا يعتبر قانون العقوبات السوري العنف ضدّ المرأة جريمة، بل يشجع على ارتكاب العنف ضدّها في العديد من مواده، ونشير هنا إلى بعضها:
فصل الاعتداء على العرض الوارد في المواد 489إلى 508 في قانون العقوبات السوري
- تنص المادة (489) على: من أكره غير زوجه بالعنف أو التهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل. (الاغتصاب الزوجي): هذه المادة لا تعترف بالاغتصاب في إطار الزوجية؛ بمعنى أنها تعطي للزوج حق اغتصاب زوجته قانوناً.
- المادة (508) زواج ضحايا العنف من مرتكب الجريمة: إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه.
يعاد إلى الملاحقة أو إلى تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها.
وهذه المادة تم تعديلها لتصبح على الشكل التالي:
تلغى المادة 508 ويستعاض عنها ب إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجنايات الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها.
يستفيد من العذر المخفف وفق أحكام المادة (241) على ألا تقل العقوبة عن الحبس سنتين، ويعاد إلى محاكمة الفاعل إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع أو بطلاق المحكوم لمصلحة المعتدى عليها قبل انقضاء خمس سنوات.
إلغاء المادة (508) والتي كانت تعفي المعتدي على الضحية من العقوبة في حال زواجه منها بعقد زواج، ويحبس سنتين فقط و5 سنوات إذا طلقها.
نرى من خلال هذه البنود بأن الزواج تشجيع لمرتكبي العنف الجنسي ضدّ النساء.
إلى جانب هذه القوانين، يستفيد المعتدون من تعدد المصطلحات المستخدمة في هذا الفصل من قانون العقوبات لناحية توصيف الجرم ووسائل الإثبات وحق الشكوى، وبالنتيجة الاتهام والعقوبة. حيث إن هناك العديد من الأحكام القضائية في قضايا الاعتداءات الجنسية تختلف من حالة إلى أخرى؛ فمرة تعتبر الفعل اغتصاباً وأخرى فضّ بكارة وثالثة فحشاء ورابعة فعلاً منافٍ للحشمة. وبالتالي تستخدم كوسيلة للدفاع ويتملص المعتدون من العقاب أو ينالون عقاباً بسيطاً في أحسن الأحوال.
وألفت أيضاً إلى الأعذار المخففة التي تستخدم كدفاع للتخفيف من العقوبة في قضايا ما يسمى جرائم الشرف حسب القانون السوري.
لمجابهة هذه القوانين، عملت التنظيمات النسائية في شمال وشرق سوريا على نشر الوعي المجتمعي لضمان المساواة وحقوق المرأة وذلك عبر السعي الدائم لتطبيق قوانين المرأة التي صدرت من هيئة المرأة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا 2014 ويتم تطبيقها ضمن المنطقة لضمان حقوق جميع النساء.
ويتضمن قانون المرأة في شمال وشرق سوريا الهادف إلى حماية المرأة من الاضطهاد وضمانة مساواة كاملة مع الرجل في كل شيء، في بنوده الثلاثين، الحقوق السياسية وتشكيل تنظيمات بما لا يخالف العقد الاجتماعي، وأخذ موافقتها على القوانين التشريعية الخاصة بها، والمساواة بين الرجل والمرأة في حق العمل والأجر والمساواة بين شهادة المرأة وشهادة الرجل من حيث القيمة القانونية.
كما ينص القانون على منع تزويج الفتاة بدون رضاها، ومنع تعدد الزوجات، وتجريم القتل بذريعة الشرف، ويعد التمييز جريمة يعاقب عليها القانون، وعلى الإدارة الذاتية الديمقراطية مكافحة كل أشكال العنف والتمييز من خلال تطوير الآليات القانونية والخدمات لتوفير الحماية والوقاية والعلاج لضحايا العنف.
هنا يجب أن نشير إلى أن سن القوانين جزء بسيط في إطار حماية المرأة، ويجب التأكيد على دور المرأة الطليعي في تحقيق الوحدة عبر تعزيز تنظيمها المشترك على مستوى الشرق الأوسط، ورفع نهج المقاومة التي تعتبر وسيلة من وسائل الحماية الذاتية ورفع مستوى الوعي المجتمعي بهذا الخصوص لتحقيق الحرية والنصر.[1]