بقلم الدكتور نايف كوردستاني
على الرغم من مرور(20) عامًا على سقوط النظام البعثي الذي مارس عمليات التعريب بحِرَفية عالية المستوى على ثلاثة محاور، تعريب منطقة الجزيرة غرب محافظة نينوى، ومحافظة كركوك كاملة، ومناطق #الكورد الفيليين# في شرق بغداد ضمن عمليات التهجير القسري للكورد من مساكنهم الأصلية، وتوزيعهم على المحافظات الجنوبية، وتوطين العرب محل الكورد من أجل تقليل نسبة الكورد في المناطق الكوردستانية، وزيادة نسبة المكوِّن العربي في تلك المحافظات، إلا أن تلك العمليات لم تُغيِّر الحقائق التأريخية، والجغرافية حول عائدية تلك المناطق الكوردستانية، وقد خلّفت سياسة التهجير القسرى، والتعريب التي استمرت طيلة ثلاثة عقود آثارًا هائلة في المناطق الكوردستانية بصورة عامة ، وكركوك على وجه الخصوص، فقد أحصى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أن (805,505) من النازحين الداخليين الذين يقيمون في محافظات أربيل، ودهوك، والسليمانية خلال سنة (2001) على وجه الإجمال، ويُشكِّلُ التعريبُ -لكونه سياسة للنقل القسري للسكان- جريمة ضد الإنسانية، ومن حق ضحايا تلك السياسة العودة إلى منازلهم، أو الحصول على تعويض عمّا لحق بهم من أضرار جراء تلك العمليات المجحفة.
وتُعدُّ عمليات التهجير القسري للكورد من مناطقهم من الجرائم ضد الإنسانية التي تمسُّ حقوق الإنسان، وحرياته الأسياسية حسب ميثاق الأمم المتحدة لعام (1945)، واتفاقيات جنيف الأربعة لعام (1949)، وقد شرَّعَ المُشرِّعُ العراقيُّ قانونَ مكافحة الإرهاب رقم (13)لسنة(2005) مُعرِّفًا الإرهاب بأنه: كُلُّ فعل إجرامي يقوم به فرد، أو جماعة منظمة استهدف فردًا، أو مجموعة أفراد، أو جماعات، أو مؤسسات رسمية، أو غير رسمية أوقعَ الإضرار بالممتلكات العامة، أو الخاصة بُغية الإخلال بالوضع الأمني، أو الاستقرار، والوحدة الوطنية، أو إدخال الرعب، أو الخوف، والفزع بين الناس، أو إثارة الفوضى تحقيقًا لغايات إرهابية.
أما عقوبة الإرهاب بحسب المادة (4)من قانون مكافحة الإرهاب، فيكمن بالآتي:
1-يعاقب بالإعدام كل من ارتكب – بصفته فاعلًا أصليًا، أو شريك عمل أيًّا من الأعمال الإرهابية الواردة بالمادة الثانية، والثالثة من هذا القانون، يُعاقب المحرِّض، والمُخطِّط، والمُموِّل، وكُلُّ من مكَّن الإرهابيين من القيام بالجرائم الواردة في هذا القانون بعقوبة الفاعل الأصلي .
2-يُعاقب بالسجن المؤبّد من أخفى عن عمد أي عمل إرهابي، أو آوى شخصًا إرهابيًا بهدف التستُّر .
فعلى صعيد الواقع المشاهد نرى أن عمليات التهجير القسري للكورد في كركوك واضحة جدًا تجري على قدم، وساق، واُستخدمتْ كُلُّ الوسائل من أجل ترويع الكورد، وإرهابهم، وترك مساكنهم قسرًا، وتوطين العرب فيها من أجل استمرار سياسة التعريب. ويُعدُّ التهجير القسري من الجرائم الإرهابية حسب قانون مكافحة الإرهاب، وعقوبته ما بين الإعدام، والسجن المؤبَّد.
يعود تاريخ التعريب، ومصادرة أملاك المواطنين الكورد في المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان في محافظات:(نينوى، وكركوك، وصلاح الدين، وديالى، وواسط) إلى عهد نظام البعث البائد ابتداءً من(17تموز 1968)حتى (9 نيسان2003)، وقد صنَّفها الدستور العراقي بأنها من ضمن مناطق المادة (140).
لكن من المؤسف جدًا أن عمليات التعريب، واتباع سياسة التطهير العِرْقي لا تزال مستمرة منذ أحداث 16 أكتوبر(16-10-2017) حتى اليوم، وقد أخذت أشكالًا متنوعة، ومختلفة باتباع سياسة التعريب بحقد دفين تجاه الكورد، وتطبيق قرارات مجلس قيادة الثورة لحزب البعث العربي المنحلّ منها :
تهميش الكورد من مراكز القرار في كركوك، وأصبحت المناصب الحكومية المهمة بيد المكونين العربي، والتركماني فقط .
بدأت مرحلة تعريب جديدة على ثلاث مراحل:
الأولى: في مؤسسات كركوك الحكومية حيث يُستبعد الكورد من مواقعهم ويُعيَّن العرب، والتركمان بدلًا منهما.
الثانية:على الصعيدين الأمني، والعسكري حيث هُمِّش الكورد بشكل كامل، وبات مكون واحد يستحوذ على أغلب المناصب الأمنية في المحافظة.
الثالثة: تتعلق بالعقود الزراعية حيث يتم الآن تجديد العقود التي تعود إلى حقبة نظام البعث.
لقد أُعفي (119) شخصية كوردية من مناصب إدارية في كركوك، وإسناد هذه المناصب لأبناء القوميتين العربية، والتركمانية، وتترواح المناصب من إدارات الشُّعَب وصولًا إلى منصب مدير عام.
المناصب الإدارية التي سحبت من الكورد هي:(52) منصبًا في القطاع الأمني، و(22) منصبًا في قطاع الصحة، و(11)من مسؤولي الأقسام في دائرة الصحة، و(18) منصبًا إداريًا، و(16) منصبًا آخر.
وأما المناصب الإدارية، فهي:(المحافظ، ورئيس مجلس المحافظة، وقائممقام قضاء المركز، وقائممقام قضاء طوز خورماتو، وقائممقام قضاء داقوق، وقائممقام قضاء دوبز، ومدير زراعة كركوك، ومدير سايلو كركوك، ومدير ماء كركوك، ومناصب إدارية في شركة نفط الشمال).
أما المناصب الأمنية فهي:(مدير شرطة كركوك، ومدير شرطة الأقضية والنواحي، ومدير الاستخبارات، ومسؤول شعبة الأمن الوطني).
وعلى مستوى انتقال العوائل العربية إلى كركوك، فقد انتقلت (750)عائلة عربية من مناطق الرياض، والحويجة، والزاب، كما انتقلت(330)عائلة عربية من المحافظات العراقية الأخرى إلى مركز مدينة كركوك فلو تكوّنت كلّ عائلة (7) أشخاص، فهذا يعني انتقال(7000)شخص إلى مدينة كركوك خلال سنة (2021) فقط، وهذا ما يُشكِّل تغييرًا ديموغرافيًا واضحًا .
وانتقل ما يقرب من (30) ألف عائلة من المكوِّن العربي إلى كركوك، وحصل قسم كبير منهم على بطاقتي السكن، والتموينية منذ أحداث 16 أكتوبر!
وتسعى بعض الجهات المسلّحة عن طريق المحافظ الذي نصّبوه على كركوك لإعادة تعريب (17) قرية كوردية في حدود ناحية سرگران التابعة لقضاء دوبز، وكان نظام البعث قد بدأ عمليات التعريب بالمنطقة منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي بتحويل قرية سرگران الكوردية الى ناحية، وتسميتها ب (ناحية القدس) .
وكما قام نظام البعث البائد بترحيل سكان المنطقة الأصليين من الكورد في ناحية سرگران بقضاء دوبز في سنة (1987) بقوة السلاح في إطار سياسة التعريب، وتم توزيع أملاكهم، وأراضيهم على العرب الوافدين من وسط، وجنوب العراق على الرغم من أن الكورد لديهم سندات تمليك رسمية (الطابو الأسود) تعود إلى عام (1960) وقبلها، وهذه الأراضي تعود مليكتها لهم إلى مئات السنين.
الاستيلاء على الأراضي الزراعية للفلاحين الكورد نوع من أنواع التعريب ،أن العرب الوافدين قد استولوا على (500) ألف دونم من أراضي المزارعين الكورد في قرى قضاء دوبز، خاصة قرى (قرەدەرە، وچخماخه، وپلكانة، ومامة، وعلغير، وسربشاخ)علمًا أن المنطقة لم تشهد عمليات تعريب بهذا الحجم حتى أيام النظام البعثي البائد.
كما أن العرب الوافدين من قضاء الدور في صلاح الدين قد استولوا على أكثر من (8000) دونم موزعة في أربع مقاطعات زراعية، وهي:(16، و17، و 18، و 19) في قرى عديدة بأطراف قضاء داقوق ضمن سياسة(التعريب) التي انتهجها النظام السابق ضد الكورد، وفي سنة (2017) عاد العرب مجددًا، وبتسهيلات من إدارة كركوك الحالية، واستولوا على تلك الأراضي، رغم أن أصحابها الكورد لديهم عقود ملكية رسمية، ومثبتة بأسمائهم، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأراضي تقطنها، وتملكها العشائر: (البو نجم، وجنكلاوا، والبو سراج داوده، وزند بني عز) منذ عام (1972) بموجب سندات تمليك حسب المادة (117) لعام (1970) الخاصة بالتمليك، بَيْدَ أن النظام السابق استولى عليها في سنة (1974)من الكورد لأسباب سياسية، وديمغرافية.
ونحو (300) ألف دونم من أراضي المزارعين الكورد، وبعض التركمان مهدَّدة بالاستيلاء عليها حيث إن من المقرَّر أن تُحوّل قسم من هذه الأراضي إلى مناطق سكنية لمنتسبي الجيش العراقي، وقسم آخر إلى ثكنات عسكرية تابعة للجيش العراقي، وأُعطي مهلة لاتتجاوز شهرًا واحدًا لأهالي قرية توبزاوا لكي يخلوا أراضيهم!
على الرغم من وجود سجل عقاري أسود من العهد العثماني، وإزالة وثائق ملكية أراضيهم جميعها، فقد تم ترحيلهم في سنة (1986)، وتم تسليم أراضيهم إلى وزارة الدفاع العراقية.
كما أن (40)قرية في حدود سرگران، وفي داقوق (22) ألف دونم مهدّدة لخطر عمليات التعريب، وفي توبزاوا، وتركلان، ويايجي (40) ألف دونم من الأراضي مهدَّدة بالمصادرة.
فضلًا عن جلب العرب إلى الأراضي المتجاوزة عليها، وتقدّم الإدارة في كركوك التسهيلات كلّها لهم من نقل لسجلات الأحوال المدنية إلى البطاقة التموينية.
ثم بدأت الآن عملية أخرى، وهي جلب التركمان من قضاء تلعفر (التابع لمحافظة نينوى)، وإسكانهم في ناحية تازة التابعة لمحافظة كركوك كون غالبية سكان هذه المدينة هم من التركمان.
ومن ضمن سياسات التعريب قيام المزارعين العرب بحراثة الأراضي المغتصبة رغم رفض أصحابها الكورد، وتغاضي آمر لواء (45)في الفرقة(18)من الجيش العراقي المسؤولة عن مسك أمن المنطقة، وكان من ضمن مقترحات الكورد تجميد أعمال الحراثة، والزراعة حتى حسم عائدية الأراضي من قبل المحاكم المختصة إلا أن السلطات الأمنية تجاهلت المقترح.
واستكمالًا لنهج سياسة التعريب، فقد مُنِحَ (356) ألف دونم من أراضي الكورد في كركوك إلى العرب المستقدمين بأوامر قضائية منذ أحداث (16 تشرين الأول 2017).
وبعد أحداث (16 تشرين الأول 2017) قام عدد من العرب الوافدين ببناء دور لهم في مساحات من الأراضي التابعة للدولة بالقرب من المنطقة الصناعية، وانضمت مؤخرًا إليهم مجموعة أخرى من العرب الوافدين، وقاموا ببناء منازلهم على هذه الأراضي ليصل العدد إلى (130) منزلًا.
ووفق إجراءات لجنة تنفيذ المادة (140)من الدستور التي تشكّلت في عام (2006)، فإن أية عائلة كوردية تعود إلى موطنها الأصلي في المناطق الكوردستانية تحصل على (10) ملايين دينار، وقطعة أرض فيما يحصل العرب المستقدمون على (20)مليون دينار، وقطعة أرض في حال عودتهم إلى مناطقهم الأصلية.
علمًا أن العرب كانوا قد حصلوا على تعويضات رسمية في عام (2003)، وعادوا إلى مناطقهم الأصلية، إلا أنهم الآن ، وبدعم من الجيش العراقي، والحشد الشعبي من خلال كتب مزورة موقّعة من قبل محافظ كركوك بالوكالة راكان الجبوري عادوا للمطالبة بأراضي (12) قرية التي تبلغ مساحتها ما يزيد على (63) ألف دونم.
ومن المؤسف أن تقوم محكمة استئناف كركوك بتجديد عقود لأراضٍ زراعية مساحتها (12) ألف دونم لعرب وافدين في حين تعود ملكية هذه الأراضي إلى مواطنين كورد أصليين من المدينة، وتقع هذه الأراضي في ناحية ليلان، وأقضية داقوق، ودوبز، وكانت قد منحت بموجب عقود لعرب وافدين في إطار حملة التعريب التي كان النظام السابق يرعاها، وبعد سقوط النظام البائد في عام (2003) استعاد المزارعون الكورد السيطرة على أراضيهم بعد تسلّم الوافدون تعويضات مقابل التخلي عنها.
ومن سياسات التعريب في كركوك أيضًا هي حذف اللغة الكوردية من كتاب رسمي صادر عن دائرة صحة كركوك بشأن منح الإجازات الصحية لأصحاب المحلات الذين يمتهنون الأعمال التي تحتاج إلى إصدار إجازة صحية كالحلاقة على سبيل المثال لا الحصر .
وقد أصدر محافظ كركوك قرارًا بمنع استخدام التسميات الكوردية لقضاء، وناحية بالمحافظة، وقد جاء في كتاب صادر عن قائممقام قضاء(دوبز/ الدبس)موجه إلى دوائر القضاء أنه بناء على ما جاء بكتاب محافظة كركوك، قسم تقويم الأداء، والتطوير المؤسسي المرقّم(1579) في ( 7-10- 2021)، والمرفق بصورة من كتاب رئاسة مجلس محافظة كركوك المرقم (199) في (14-10-2021)، والمتضمِّن اعتماد الأسماء الرسمية الأصلية في الوحدات الإدارية أي الاعتماد على تسمية (دبس بدلًا من دوبز، وألتون كوبري بدلًا من پردي) عند المخاطبات الرسمية بين الدوائر للعمل بموجبه.
كذلك إزالة العبارات الكوردية من اللوحات المرورية في محافظة كركوك .
وهذه مخالفات دستورية بخصوص اللغة الكوردية؛ لكونها لغة رسمية، وتنص المادة (4) من الدستور العراقي النافذ لعام (2005) على:
أولًا:اللغة العربية، واللغة الكُردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم أبنائهم باللغة الأم كالتركمانية، والسريانية، والأرمنية في المؤسسات التعليمية الحكومية؛ وفقًا للضوابط التربوية، أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة.
أما التعريب على صعيد التعيينات الحكومية، فالأولوية تكون للمكوِّن العربي، فقد قدّمت أعداد كبيرة من الخريجين أوراقهم للتعيين على ملاك شركة نفط الشمال، وجاءت الموافقات الخاصة من بغداد على تعيين(600) شخص، وأن(40) منهم من المكوِّن الكوردي، وهذا الأمر يُعدّ تمييزًا صارخًا، وتعريبًا فاضحًا لمدينة كركوك الكوردستانية.
وتجدر الإشارة إلى أن نسب المكونات ضمن ملاك شركة نفط الشمال هي (4%) من الكورد، و(18%)من التركمان، و(1%) من المسيحيين، و(77%) من المكون العربي.
ومن سياسات التعريب في كركوك التي تحدث بين الحين، والآخر هو شنّ هجمات على المناطق الكوردية من قبل العرب الوافدين، فقد شنَّ عرب وافدون هجومًا بالأسلحة على منزل أسرة كوردية في قرية (پلكانة) الواقعة إلى الشمال الغربي من كركوك، وتقطن في قرية (پلكانة) غالبية كوردية، وسُبِقَ أن هُجِّر كثير من سكانها تمهيدًا لإسكان عرب في المنطقة التي تمتد منها أنابيب الخام، وتقع على مقربة من حقول النفط.
كما حدثت اشتباكات في يوم الجمعة(21 نيسان 2023) بين الفلاحين الكورد، والمستقدمين العرب، إثر قيام المستقدمين بمهاجمة الفلاحين الكورد بعد رعي مواشيهم في القرية.
وفي (8 -07- 2022) بقرار من المحافظ المفروض على محافظة كركوك، واستمرارًا بسياسة التعريب الممنهجة، قامت اللجان المشتركة التابعة لقائممقامية مركز كركوك، بهدم منازل، ومحلات المواطنين في منطقة (بنجا علي)، ومنطقة (الشورجة)بواسطة الجرافات بحجة أنها محلات، وبيوت تجاوز !
لقد حاولت بعض الجهات السياسية في كركوك أن تتلاعب بنتائج الانتخابات التشريعية بزيادة أصوات العرب، والتركمان على حساب الكورد من خلال توزيع (300) ألف بطاقة ناخب على العرب، والتركمان العراقيين قُبيل الانتخابات التشريعية في (10 تشرين الأول 2021)، وتم منحهما حق التصويت في محافظة كركوك، ويعد هذا إجراءً تعسفيًا بعيدًا عن أجواء النظام الديمقراطي، وإخلالًا بتوازن مكونات المدينة بصورة عامة، ويؤثر على وجود الكورد في كركوك على وجه الخصوص.
كذلك مشاركة قيادات، وأمراء تنظيم داعش الإرهابي المسجلين بايومتريًا في الانتخابات الپرلمانية في عام (2021) بتسهيل من قبل الجهات المتنفذة في كركوك على الرغم من وجود مذكرات إلقاء القبض بحقهم.
إن الكورد من خلال الانتخابات النيابية جميعها في السنوات (2010)، و(2014)، و(2018)، و(2021) قد حصدوا غالبية المقاعد الپرلمانية في كركوك، وأن الكورد يُشكِّلون غالبية سكان كركوك.
ومن ضمن المحاولات اليائسة البائسة من قبل الذين ينتهجون سياسة التعريب، وإقصاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني في كركوك اُستهدف مكتب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي (شاخوان عبدالله) بقنبلة يدوية في (19 كانون الثاني 2022)، والواقع في فلكة إخوان التابعة لمنطقة (رحيم آوا) ممَّا أسفر عن وقوع أضرار مادية فقط.
ما جرى في كركوك كان تحت إطار مخطط دولي؛ فقد أمر رئيس الوزراء العراقي السابق (حيدر العبادي) قوات الجيش العراقي، والحشد الشعبي، وبعض الجهات الإقليمية للدخول إلى المناطق المتنازعة عليها في (16تشرين الأول 2017) ممَّا أدى إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين، واُرتُكبت جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية بحق الكورد في تلك المناطق الكوردستانية، لاسيما في طوزخورماتو، وكركوك، ومن الناحية الإدارية استؤنفت عملية التعريب، واُستقدِمَ مزيد من العرب الوافدين إلى المنطقة، ومنع تنفيذ القرار المتعلق بإلغاء العقود الزراعية وإعادتها لأصحابها الأصليين.
فالحقائق والوثائق موجودة في المتاحف، والمكتبات، وأدراج الأرشيف حيث تسرد تأريخ المدينة بكل صدق، وأمانة، وهناك من يُحاول أن يُزوِّر الحقائق، ويُزيِّفُ التأريخ، ولكنه يخاف من إجراء الإحصاء السكاني، أو الاستفتاء الشعبي بين سكان المدينة؛ لأن الحقائق ستظهر للعالم، والادعاءات الباطلة التي تمسكوا بها، وخدعوا بها كثيرين خلال (40) سنة منصرمة ستنكشف عاجلًا أم آجلًا تلك الحقائق.
وممَّا تقدّم فأن عمليات التعريب في كركوك من خلال جلب العرب الوافدين، والاستيلاء على الأراضي الزراعية الكوردية، وزراعة الأراضي الكوردية المغتصبة، وشنّ الهجمات بالأسلحة على المناطق الكوردية، وتجريدهم من مناصبهم الحكومية، والإدراية، والأمنية، والعسكرية، ونقل بطاقات النفوس، والسكن، والتموينية، والتُّفرّد بحصة الأسد من التعيينات الحكومية لصالح المكوّن العربي، وتوزيع البطاقات الانتخابية، ومشاركة تنظيم داعش الإرهابي الذين يمتلكون بطاقات بايومترية، ومنع اللغة الكوردية في الكتب، والمخاطبات الرسمية لها تداعيات سلبية على الأمن القومي الكوردستاني، وتتفق معظم الأدبيات التي قامت بتعريف مفهوم الأمن على أن المفهوم يشير بشكل عام إلى تحقيق حالة من انعدام الشعور بالخوف، وإحلال شعور الأمان ببعديه النفسي، والجسدي محل الشعور بالخوف.
إن انتهاك الحقوق، والحريات، وغياب المبادئ الديمقراطية، وتفاقم الظلم الاجتماعي، والاستئثار بالحكم، يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعريض أمن الدولة للخطر، وهذاما يُؤكِّد على العلاقة الجدلية بين الأمن الداخلي، والأمن الخارجي، فقد يُسفر عدم الاستقرار الداخلي أحيانًا عن حدوث تدخل خارجي من شأنه الإساءة إلى استقلال الدولة وسيادته، وأن الأمن القومي هو قدرة البلد، أو الدولة على حماية مواردها، وأراضيها، ومصالحها من التهديدات الخارجيّة ، والداخليّة كافة، وما يحدث في كركوك هو تهديد صارخ لحياة المواطنين الكورد فيها، فإلى متى سنبقى نشاهد كركوك ، وهي تتعرض إلى عمليات التعريب الممنهجة أمام أعيننا من دون أن نحرِّك ساكنًا فيها ؟![1]