المقاومة استرداد للقيم المجتمعية
للدخول ضمن هذا الموضوع لابد لنا في البداية من معرفة ماهي المقاومة ولماذا تبدي الشعوب أو القبائل أو أية مجموعة المقاومة؟ فعندما يبدي أي مجتمع مقاومة فهذا يدل على أن العديد من الأمور والأشياء سلبت منه، فمن الناحية الأخلاقية بات يعيش حالة من الانحلال الأخلاقي، ويتعرض للهزيمة من الناحية السياسية، لهذا السبب يرى المجتمع الحاجة إلى المقاومة لحماية نفسه وصون واستعادة كل ما سلب منه وتصحيح ما تعرض له المجتمع من تخريبات. أي أن المقاومة لا تولد من تلقاء نفسها أي أنها لا تولد من اللاشيء أبداً. أي أن كل المقاومات التي ولدت عبر التاريخ توضح لنا أنه كان هناك ظلم واعتداء وتفسخ في المجتمع وفرض للاحتكار والسلطة عليه. أي كما أن ولادة السلطة والتسلط والاحتكار في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي مرتبطة ببعضها فالمقاومة التي أبديت تجاهها من قبل القبائل والعشائر ومقاومة المرأة في بداية التاريخ ضد اللاحقوقية التي فرضت عليها هي أيضاً يمكن اعتبارها حلقات من المقاومة عبر التاريخ يمكن ربطها كلها مع بعضها. فإن كنا اليوم نتحدث عن مقاومة انانا يمكننا في الوقت نفسه التطرق إلى مقاومة زيلان أيضاً، وإن كنا نتحدث عن مقاومة تياماد حينها يمكننا أن نتطرق إلى مقاومة سما أيضاً، أي أن المرأة في شخصية حركة الحرية جمعت كل تلك المقاومات في ذاتها، لهذا السبب يصف قائد الشعوب الكردستانية عبدالله أوجلان الشهيدة زيلان بالآلهة، لأنها مثلت جميع تلك المقاومات التاريخية إلى يومنا الراهن. أي يمكننا تحليل أو التطرق إلى ثقافة المقاومة بهذا الشكل. أي أن المقاومة أيضاً هي حلقات تاريخية مرتبطة ببعضها. فكما أن الحداثة الرأسمالية سعت إلى فرض السلطة والهيمنة على المجتمع، فالمجتمع أيضاً لم يخضع ولم يتنازل عن آليته لحماية نفسه بتلك السهولة، إنما دخل ضمن مقاومة ضد تلك السلطة رافضاً اللاعدالة والظلم المفروض عليه. حيث أنه لدى العودة إلى التاريخ نرى بأن المجتمعات لم تقبل أبداً وفي أي وقت من الأوقات السلطة والاحتكار والظلم واللاعدالة واللاحقوقية التي كان المتسلطون يفرضونها عليهم، على العكس تماماً خاضوا حروباً ومعارك وأبدوا نضالات في سبيل صون وحماية أخلاق وعادات وتقاليد مجتمعهم. أي أن المجتمعات على مر التاريخ قامت بصون قيمها الاجتماعية والأخلاقية من خلال المقاومة ضد كل ما يفرض عليها بهدف ضرب تلك القيم.
ففي يومنا الراهن لا يمكننا التطرق إلى مقاومة أو حركة سبارتكاكوس منفصلة عن المقاومة التي تبديها حركة الحرية في يومنا الراهن، كما أنه لا يمكننا الحديث عن رسائل سيدنا محمد وإبراهيم وموسى وعيسى منفصلة عن مقاومة حركة الحرية التي تبديها في يومنا الراهن، فجميع رسائلهم توحدت في شخصية حركة الحرية. إن قمنا بتقييمها بهذا الشكل حينها يمكن أن نقول بأننا قمنا بتقييم صحيح. أي أن سبب قوة وتأثير حركة الحرية وتملك قاعدة شعبية قوية كامن في احتوائها لكل تلك الرسائل. فكما أن الأنبياء اختلوا بأنفسهم في الكهوف هرباً من الظلم وأسسوا نظاماً فكرياً للمجتمعات فقد أسس قائد الشعوب الكردستانية نظاماً فكرياً جديداً للمجتمعات في ايمرالي. إذاً فمقاومة الشعوب هي أيضاً مرتبطة ببعضها، وتتأثر وتؤثر ببعضها من الناحية الفكرية أيضاً أي هي حلقات تاريخية مرتبطة ببعضها لا يمكن فصل إحداها عن الأخرى.
أولى المقاومات التي ولدت ضد الظلم واللاعدالة ومقاومة الأديان التوحيدية وتطورها ضمن الساميين، والنبي زردشت صمن الاريان، كونفوشيوس في الصين، بوذا في الهند، كل هذه تعتبر مقاومات دينية ساعية إلى استرجاع وتقوية قيم المجتمع الأخلاق السياسي ضمن المجتمع بعد أن تفسخت، لأنه من دون استرداد تلك القيم لا يمكنهم إصلاح التفسخ الحاصل ضمن المجتمع، ولذلك هناك حاجة لأن نفهم رسائل هؤلاء الأنبياء والرسل بالشكل الجيد ونفهم مقاومتهم. ولهذا السبب سنتطرق ونركز على الأديان التوحيدية والنبي زردشت وماذا فعل بوذا، كي يتسنى لنا فهم رسائلهم والمقاومة التي أبدوها بشكل جيد، لأن هؤلاء الأشخاص أناس عظماء فهموا المجتمع وأدركوا تناقضات وحقيقة المجتمعات وعلى أساسها أسسوا منظومة فكرية للمجتمع لتتصدى للسلطة وترفض العبودية وتحاربها. فإن عدنا إلى قراءة مقاومة النبي إبراهيم 1700 ق.م، ومقاومة النبي موسى في 1300 ق.م، ومقاومة النبي زردشت في 1000ق.م، ومقاومة بوذا وكونفيشوس في 500ق.م، ومقاومة النبي عيسى في 0 ميلادي، ومقاومة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في 630 ميلادي، نرى بأن كل هذه المقاومات تتوحد في نقطة واحدة ألا وهي تحرير المجتمع من التسلط والحاكمية، لأن سلطوية العبودية كانت قد وصلت إلى ذروتها، بمعنى آخر أن ظلم العبودية في تلك المراحل كان قد وصل إلى مرحلة أو سوية لا يعير الإنسان أية أهمية ويعتبره لا شيء، شيء لا قيمة له. فمثلاً نمرود كان ظالماً على النبي إبراهيم ومجتمع أورفا إلى أبعد الحدود، حيث كان قوله هو الحق ومن يعترضه يقطع رأسه، أي وضع نفسه مكان الإله، فالإله هو الذي يتحكم ويعطي الأوامر والمجتمع عليه فقط التنفيذ من دون أي اعتراض، ومن لا ينفذ هذه الأوامر سوف يحل عليه غضب الإله. بهذا الشكل فرض سلطته على المجتمع. لهذا السبب من الواجب فهم انطلاقة سيدنا إبراهيم، فالنبي إبراهيم توحدت فيه كل الثقافات، الثقافة الاريانية والسامية. ففي يومنا الراهن هناك البعض ممن يناقشون حول ما إذا كان النبي إبراهيم كردياً أو عربياً، علينا ألا ندخل ضمن هذه المناقشات، ففي الأساس النبي إبراهيم عليه السلام يمثل كلتا الثقافتين وفي الأساس هو ثقافة المقاومة، ثقافة التصدي لنمرود. فتوحد هذه الثقافات في شخصية سيدنا إبراهيم مرتبط إلى حد بعيد بموقع منطقة اورفا التجاري حيث كانت ترتادها كل الثقافات وتجمعت كل الثقافات في تلك المنطقة وسيدنا إبراهيم اكتسب خصائص هذه الثقافات كلها، خصائص الثقافة الاريانية المستندة إلى القبائل والعشائر والثقافة السامية، فهو وحد تلك الثقافات مع بعضها، حيث أن صراع قابيل وهابيل يوضح وبشكل واضح الصراع بين الثقافات في تلك المنطقة أي الصراع بين الأشخاص المنشغلين بأعمال الزراعة والمنشغلين برعي الماشية. فهذا يدل على أن كل الثقافات اجتمعت في تلك المنطقة وسيدنا إبراهيم قام بتوحيد تلك الثقافات مع بعضها واتخذها كمصدر قوة وأساس انطلاقته ضد نمرود.
لو عدنا إلى تلك الفترة نرى بأن القبائل في أورفا كانت تختلف عن بعضها من حيث المعتقد والإيمان، وهذا لا يدفعها لأن تكون مجتمعاً موحداً، لذا فإن توحيد الآلهة كان توحيداً للمجتمع، أي أن أحادية الإله تعني أحادية المجتمع وتوحده، فمن خلال قيام سيدنا إبراهيم بتحطيم كل الأصنام الموجودة وقوله إن قوة كل هذه الآلهة موجودة في قوة إلهي وإن إلهي لا يرى فهو في السماء، يعني أنه خلق إيماناً جديداً وأيديولوجية جديدة وفكراً جديداً والبدء بانطلاقة ثورية جديدة. أي يمكننا القول بأن الهدف كان خلق مجتمع متوحد قوي له القدرة على المحاربة والتصدي لنمرود. لأنه من دون ذلك لم يكن بإمكانهم المحاربة والتصدي لنمرود. إن أمعنا النظر والتركيز في قصة سيدنا إبراهيم سيتم فهم ذلك بشكل جيد، فلدى توجه الجميع إلى الحفلة التي أعدت في المنطقة حينها يبقى سيدنا إبراهيم وحيداً هناك أي هو الوحيد الذي لم يذهب إلى الحفلة، حينها يقوم بتحطيم كل الأصنام الموجودة ماعدا الأكبر هذا الصنم كان عائداً لنمرود كون نمرود كان متسلطاً لذا فصنمه أيضاً كان الأكبر من بين الأصنام، ويعلق السيف على كتف هذا الصنم، وعند عودة نمرود ورؤيته تحطم كل الأصنام يغضب على سيدنا إبراهيم ويقول هذا تهجم على إلهنا الذي نؤمن به ونعبده، حينها يرد سيدنا إبراهيم بأنه لم يقم بهذا مشيراً إلى الصنم الكبير على أنه هو الذي فعل هذا، فيرد نمرود أنه عبارة عن حجر لا يمكنه القيام بذلك، فبهذا الرد من نمرود أي بأن آلهتهم عبارة عن حجارة تبدأ ثورة سيدنا إبراهيم. فالإله أو الله ليس جماداً إنما حي، الله قوي، مالك وملك، فهذه هي صفات الله الحسنى، فبهذا تبدأ ثورة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام. ففي الأساس كون فكر أو الأيديولوجيا التي استند إليها سيدنا إبراهيم أقوى من فكر وأيديولوجيا نمرود لهذا السبب قضى على ألوهية الملوك على الأرض، وإنه من المستحيل أن يكون الله إنساناً. أي فصل بين الله والإنسان والمجتمع أي أن الله شيء مختلف عن الإنسان والمجتمع، هذا يعني بأنه حقق تطوراً تاريخياً وطور فكراً جديداً، وهذه الانطلاقة الثورية الأخلاقية الاجتماعية، حتى يمكننا أن نسمي ثورة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالثورة المجتمعية الأخلاقية، لأنه في تلك الفترة كانت قد تفسخت أخلاق تلك القبائل بالشكل التام، لهذا السبب كان من الواجب بداية أن تتم استعادة الأخلاق الحقيقية لتلك القبائل وأن يوحد تلك القبائل مع بعضها ويوحد إيمانهم وعلى أساسها بناء أخلاق جديدة ضمن ذاك المجتمع، وهذا يعني أنه مع انطلاقة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام تطورت أخلاق اجتماعية جديدة.
بالطبع بعد ولادة هذه الفكرة أي بعد انطلاقة سيدنا إبراهيم بات مصدر اقتباس لكل من أتوا من بعده من الأنبياء، حيث يقال بأن هناك الآلاف من الأنبياء ظهروا في الفترة ما بين انطلاقة سيدنا إبراهيم وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكل هؤلاء الأنبياء مثلوا مرحلة للنهوض بالمجتمع من حالة الانكسار الذي تعرض له جراء تفسخ الأخلاق والعادات الاجتماعية، إلا أن معظمهم لم يستطيعوا النجاح بهذا النهوض وهذه المقاومة لأنهم لم يتمكنوا من تنشئة كوادر الفكرة التي يسعون إلى نشرها ولم يستطيعوا الصمود والمقاومة ضد الهجمات التي كانوا يتعرضون لها من قبل الحكام والمتسلطين سوى أنبياء الأديان التوحيدية الأربعة الأساسية.
مقاومة النبي موسى:
النبي موسى اقتبس فكر النبي إبراهيم، إلا أنه غيّر اسم الإله حيث كان اسم إله النبي إبراهيم /آل/ أما بالنسبة إلى اسم إله النبي موسى فكان /آلوهين، ياهواه/ أي أن الاختلاف كان في الاسم فقط لأن اختلاف الاسم يعني الاختلاف المجتمعي، أي أنه لا يمكن أن يتساوى مجتمع الآن مع مجتمع ما قبل 500 سنة مثلاً، فالاختلاف الاجتماعي الذي قام به النبي موسى هو اقتباس خصوصيات إله النبي إبراهيم وإضافة بعض الأمور الأخرى عليها حتى يستطيع بذلك تنظيم الشعب اليهودي، وقد استطاع تنظيمهم. فهو الذي طور التوراة. فماهي التوراة؟ التوراة في الحقيقة هي طريق ثورة النبي موسى، فهي تمثل فكره وأيديولوجيته. فالوصايا العشر التي طورها النبي موسى هي في الأساس الأيديولوجيا التي استند إليها سيدنا موسى، كي يتمكن من توحيد اليهود، فاليهود المتواجدون في مصر كانوا نحو 72 قبيلة يهودية وكل قبيلة لها معتقد مختلف عن القبيلة الأخرى لهذا كان من الأولوية لسيدنا موسى أن يطور فكراً وأيديولوجيا توحد هذا الشعب اليهودي مع بعضه، لهذا نرى أن أولى الوصايا العشر التي أعطاها الرب لموسى النبي هي:
1- لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.
2- لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً و لا صورة ما مما في السماء من فوق و ما في الأرض من تحت و ما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأنني أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأصنع إحساناً إلى ألوف من محبي و حافظي وصاياي.
3- لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا.
4- اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة أيام تعمل و تصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك. لا تصنع عملاً ما أنت و ابنك وابنتك و أمتك و بهيمتك و نزيلك الذي داخل أبوابك. لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض و البحر وكل ما فيها. و استراح في اليوم السابع. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه.
5- أكرم أباك و أمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك.
6- لا تقتل.
7- لا تزن.
8- لا تسرق.
9- لا تشهد على قريبك شهادة زور.
10- لا تشته بيت قريبك. لا تشته امرأة قريبك و لا عبده و لا أمته و لا ثوره و لا حماره و لا شيئاً مما لقريبك.
فمن أجل توحيد الشعب اليهودي زرع النبي موسى لدى الشعب اليهودي فكرة أنهم شعب الله المختار وأنهم أبناء الله، وبهذا الشكل يحثهم على التوحد فمن دون توحدكم سوف تأتيكم لعنة الله، لأنه من دون هذا لم تكن له القدرة على توجيه الشعب اليهودي من صحراء سيناء إلى بلاد كعنان، بالإضافة إلى ذلك خلق لديهم أملاً كبيراً، حيث قال بأن الله “أباكم” يقول إن تلك المنطقة منطقة رائعة كالجنة وهي تنتظركم، وهي منحة منحها الله لهذا الشعب المختار وعليكم الوصول إليها وحمايتها، فبهذه الطريقة يحدد لهم أمل الهدف وأمل التوحد، ويحثهم على العمل. ففي يومنا الراهن إن كان اليهود لهم مكانتهم وقوتهم في الساحة التجارية والثقافية فهم مدينون لسيدنا موسى، ففي يومنا الراهن على الرغم من تقدمهم في المستوى العلمي والفلسفي إلا أنهم لا يستطيعون الابتعاد عن التوراة، حيث أن قائد الشعوب الكردستانية يصف هذا الدين بالدين القومي، فعلى سبيل المثال إن أصبح أو اتخذ أحد الأشخاص الدين اليهودي ديناً له لا يمكنه تغيير دينه، وكذلك الأمر لا يقبل غير اليهود وهذا ما معناه تأسيس دين قومي قبل الميلاد ب1300 سنة، فهذه الثقافة هي أساس العنصرية الموجودة في يومنا الراهن. وإن أساس تطور العنصرية الحالية في العالم إن أردت البحث في أعماقها فهي آتية من تلك الثقافة.
فالدين القومي والقومية تطورت في البداية ضمن الشعب اليهودي، حيث أن تطور دين قومي في 1300 قبل الميلاد في الفترة التي كان يعيش فيها الناس على شكل قبائل وعشائر دليل على المستوى المتقدم الذي كان يعيشه الشعب اليهودي، كما أن الثقافة اليهودية المتطورة في يومنا الراهن مرتبطة بالدين اليهودي، لأنهم يعتبرون أنفسهم أولاد الله، وليس عباد الله، حيث نرى هذا بشكل واضح من أسمائهم، فلا نرى أي اسم يشير إلى العبد لديهم على عكس الإسلام والمسيحية. كما أن كلمة إسرائيل حسب النص التوراتي تعني “الذي يجاهد مع الله” باللغة العبرية، فهذه الثقافة هي التي دفعت بالشعب اليهودي ليكونوا بهذا المستوى من التقدم، فهم قدموا مقاومة كبيرة ووحدوا الشعب اليهودي جميعاً، وحد 72 قبيلة مع بعضهم، وحوّل 25 ألف شخص من أيدي عاملة رخيصة إلى مجتمع مميز.
فقصة موسى عليه السلام الميثولوجيا تقول بأن موسى هو نبيّ من أنبياء بني إسرائيل أُرسل إلى فرعون وقومه، ويرجع نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وُلد موسى -عليه السلام- في وقتٍ تمادى فيه فرعون بظلمه وفساده وبالأخص ظلمه لبني إسرائيل، وقد زاد ظلمه عندما أخبره كاهن عن ولادة مولود في بني إسرائيل يُنهي ملك فرعون، ممّا أدّى إلى غضب فرعون وذبح أطفال بني إسرائيل واستحياء نسائهم، وفي ظل تلك المعانة جاء المخاض لأم موسى، فكتمت أمر ولادته خوفاً عليه من القتل، فألهمها الله أن تضع الرضيع في صندوق وتُلقيه في النهر عسى أن يقع في أيدٍ أمينة، فانتهى به المطاف في قصر فرعون، وما إن رأته زوجة فرعون حتى جعل الله محبته في قلبها، وقالت لا تقتلوه نريد أن نأخذه ولداً لنا، أي أن موسى نشأ في قصر فرعون حتى بلغ أشدّه، وفي أحد الأيام وبينما هو يمشي في السوق، إذ بجندي من جنود فرعون يلجم أحد أشخاص بني إسرائيل، فاستغاثه الذي من بني إسرائيل، فأجابه موسى فضرب الفرعونيّ ضربة فقتله، ثمّ توارى موسى -عليه السلام- عن الأنظار لأن حكم قاتل جنود فرعون هو القتل، وبعد بضعة أيّام جاء رجل من آل فرعون مسرعاً إلى موسى وأخبره أنّ فرعون وملأه يتآمرون لقتله، فما لبث أن خرج مسرعاً هارباً منهم حتى وصل إلى مدين، فجلس تحت شجرة ينظر إلى بئر قريب فرأى أنّ الرّعاة يسقون، وعلى مقربة من البئر تنتظر فتاتان حتى يفرغ الرعاة، فقام وسقى لهما ثمّ عاد وجلس تحت الشجرة، وبينما هو على تلك الحال جاءته إحداهما ويبدو عليها الحياء فقالت له إنّ أباها يدعوه، فأجاب موسى -عليه السلام- الدعوة، فلمّا جلس إلى أبيها الشيخ الكبير عرض عليه أن يستأجره ثماني سنوات مقابل أن يزوّجه إحدى ابنتيه، فوافق موسى -عليه السلام- وتزوّج، فقضى عشر سنين عنده ثمّ مضى.
فبينما كان موسى -عليه السلام- في الصحراء رأى ناراً فتوجّه نحوها ليأتي ببعضها، فناداه الله -تعالى- ليكلّمه، قال الله تعالى: (فَلَمّا أَتاها نودِيَ يا موسى*إِنّي أَنا رَبُّكَ فَاخلَع نَعلَيكَ إِنَّكَ بِالوادِ المُقَدَّسِ طُوًى*وَأَنَا اختَرتُكَ فَاستَمِع لِما يوحى)، ثم سأله الله عن الذي بيده، فأجاب بأمان وأُنس بالله -عزّ وجلّ- بأنّها عصاه ثمّ أضاف بأنّه يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، فأمره الله بإلقائها فتحوّلت العصا إلى أفعى، ثمّ أمره أن يأخذها فإذا هي عصا من جديد، ثمّ أمره بالذهاب إلى الطاغية فرعون ودعوته وإنقاذ أولاده من ظلم فرعون، بعد أن كلّف الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بالرسالة وأيّدهُ بالمعجزات وبأخيه هارون، ذهب إلى فرعون ودعاه للإيمان بالله وإخلاص العبادة له، فما كان من فرعون إلّا أن كذّبهم واتّهمهم بالسّحر، ثمّ دعاهم إلى المبارزة على أعين الناس يوم العيد، فوافق موسى عليه السلام، وبدأ فرعون بجمع قوّته وكيده فأرسل إلى السّحرة في جميع أنحاء مصر ليأتوه ويشاركوا في معركته، فما لبثوا حتى جاؤوه وقالوا له نُريد أجراً إن انتصرنا على موسى، فوعدهم بالمال والجاه إذا انتصروا، ثمّ جاء اليوم المُنتظر، فوقف موسى -عليه السلام- وسط الجموع الغفيرة ثمّ طلب من فرعون حجّته، فألقى السحرة حبالهم، وعصيهم وفعلوا سحراً عظيماً أرهب الحاضرين، ولكن سرعان ما تلاشى سحرهم وبطل كيدهم لمّا ألقى موسى -عليه السلام- عصاه التي تحوّلت إلى أفعى عظيمة تبتلع سحرهم بأمر الله تعالى، وعندها عَلِم السحرة أنّ ذلك ليس بسحر وإنّما هو الحقّ من عند الله -تعالى- فخرّوا سُجّداً وآمنوا بالله، فغضب فرعون لِما أصابه من الهزيمة فلجأ إلى القوّة والتهديد بقتل السّحرة. فابتلاع أفعى موسى عليه السلام لسحر سحرة فرعون يشير إلى تقدم فكر موسى عليه السلام على فكر فرعون.
مقاومة النبي عيسى
بالطبع نرى بأن رسائل جميع الأنبياء واحدة وهي إنقاذ المجتمع وتحقيق الأخلاق الاجتماعية الحقيقية ونصرة المظلوم، كما أن الاسم الثاني للنبي عيسى “المسيح” يعني المنقذ أي منقذ المجتمع والشعب، فمقاومة النبي عيسى لها طابع خاص فهو يمثل الطبقة الفقيرة، وحتى يمكننا تسميته بحزب الفقراء كما يشبهه قائد الشعوب الكردستانية، حيث إن تمت الملاحظة نرى بأن معظم الأشخاص الذين اعتنقوا الدين المسيحي هم من الفقراء. في تلك الفترة كان حكام روما قد وصلوا إلى ذروتهم في فرض هيمنتهم والظلم والسلطة على الشعب في روما، أما بالنسبة إلى خصائص أو مزايا النبي عيسى فكان على عكس نظام روما، فهذا يدفعنا لأن نسأل هذا السؤال؛ كيف طور نموذجه الاجتماعي؟
روما كانت تحكم ثلاثة أرباع العالم وكانت تقول إن جميع الطرق تؤدي إلى روما، هذه الإمبراطورية كانت تحكم ثلاثة أرباع العالم، وكانت لها الحاكمية والهيمنة على كل المنطقة تقريباً. فسيدنا عيسى عليه السلام هو أيضاً شخص يهودي الأصل وإن روح القدس وابن الرب نابعة من الثقافة اليهودية، إذاً ماهي النقطة التي كانت تثير غضب اليهود من عيسى، حيث أن اليهود ساهموا في أن يتم صلب سيدنا عيسى عليه السلام، حيث قام يهوذا الإسخريوطي أحد حواريي سيدنا عيسى عليه السلام بالشكوى عليه، وذلك على أن عيسى يقوم بإخراج الرب المسيحي من النطاق القومي إلى النطاق العالمي، أي جعل هذا الرب رباً للعالم أجمع، فهذا كان سبب قيام يهوذا الإسخريوطي بالإبلاغ عن عيسى عليه السلام. كما أن هناك نقطة ينبغي علينا التركيز عليها وهي عملية صلب المسيح، فالذين أقدموا على صلب سيدنا عيسى كانوا يهوداً، فردة فعل اليهود كانت لأجل الانقسام الطبقي الذي حصل بين اليهود، فظهور طبقة فقيرة ضد اليهود المتسلطين الذي قاموا بإنشاء دين وقومية خاصة بهم أثارت غضب اليهود من المسيح، لا سيما أن سيدنا عيسى كان يمثل تلك الطبقة الفقيرة، فهذا كان سبب غضب اليهود من سيدنا عيسى، فلغة سيدنا عيسى كانت الآرامية أيضاً، وكان يقوم بنشر دينه على أساس التسامح، الأخوة ، السلام وهي تعتبر من خصائص ومزايا الإنجيل، فكتاب الإنجيل هو أيديولوجية ونهج ثورة النبي عيسى وهنا تكمن خصوصيته، لأن روما في تلك الفترة لم يبق فيها أي شيء من التسامح والسلام والأخوة بل على العكس تماماً زاد الظلم والأذى فيها. كما أن الملفت للانتباه عند النظر أو قراءة خصائص ثورة سيدنا عيسى رؤية بأنه استند إلى الجانب السياسي ولم يتطرق إلى العسكرة في ثورته ونشر رسالته، وذلك لأن روما كانت قوية جداً ولا يمكن هزيمتها من الناحية العسكرية، ولا سيما أن تجربة قرطاجة كانت ماثلة أمام الأعين، حيث تم تدميرها كلياً بعد محاولتها المقاومة ضد روما.
روما كانت ذات قوة عسكرية ضخمة ولم يكن بمستطاع سيدنا عيسى مجابهة هكذا قوة بالجانب العسكري، إلا أن الشيء الذي أثر على روما واستطاع هزيمتها كان فكر سيدنا عيسى عليه السلام. فهم كانوا يفرحون ويتلذذون عند التهام الأسود الجائعة للأشخاص الذين كانوا يلقون بهم لتلك الأسود، فهذه الممارسات توضح إلى أية سوية أو أية درجة وصل الظلم الذي كانوا يفرضونه على الشعب، وفي الوقت نفسه هي دليل على الافتقاد إلى الأخوة والوجدان والضمير. ففي هذه النقاط كان الاختلاف بين سيدنا عيسى وإمبراطورية روما، فروما كانت تفتقد إلى الأخوة والضمير أما رب سيدنا عيسى فكان من صفاته وأسمائه رب الضمير والوجدان السلام والأخوة.
ناضل سيدنا عيسى عليه السلام وحواريوه 300 عام، ولكن بعد أن صلب سيدنا عيسى عليه السلام أصبح اليسوع أو المسيح، ومن ثم انتشر فكره عن طريق حوارييه ولكن بشكل باطني “سري” خفية عن روما، فكان نضالاً شعبياً سرياً توسع ضمن المجتمع بشكل سري، وفي الأساس هذا يوضح قصة أهل الكهف، فالنوم في قصة أهل الكهف هو التنظيم السري ضمن الشعب، وليس بمعنى نوم الإنسان لهذه الفترة، فبعد مضي 325 عاماً على النضال تحول دين عيسى إلى دين رسمي في القسطنطينية “اسطنبول”، أي أنه خلال 300 عام وصلت هذه الفكرة إلى الذروة وبدأت تتحول إلى دين السلطة، وفي هذه النقطة بدأ تفسخ الديانة المسيحية لتحولها إلى سلطة، وانقسمت المسيحية إلى قسمين قسم منهم يمثل دين الدولة والآخر معارض له، وهذا كان بداية الانقسام وظهور المذاهب والطرائق في الديانة المسيحية.
مقاومة النبي محمد:
قام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالشيء نفسه أيضاً، حيث كانت جاهلية كبيرة تعم في منطقة شبه الجزيرة العربية، وكان من الواجب تجاوز تلك الجاهلية الموجودة، وقد رأى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا التناقض والجاهلية، حيث أن خلوه بنفسه في غار حراء يثبت بأنه كان يفكر في التناقضات الاجتماعية التي كان تتم معايشتها وكيفية إنقاذ هذا المجتمع من حالة الجاهلية التي تحياها، وغيرها من التفسخ الأخلاقي ضمن المجتمع كشرب الخمر والسرقة ووأد البنات، لهذا كان عليه أن يطور هذا المجتمع من الناحية الأخلاقية. وفي نفس الفترة التي كان سيدنا محمد يفكر فيها لإيجاد طريق ينقذ المجتمع من التفسخ الأخلاقي الذي يعيشه كانت هناك هجمات عليهم من قبل ثلاث إمبراطوريات كبيرة الساسانية والحبشية والبيزنطية، وبالإضافة إلى هذا كان أهل بيته يهاجمون فكره، أي أن الفكرة التي كان سيدنا محمد يسعى للانطلاق بها كانت عرضة للهجمات من كل النواحي، إلا أنه على الرغم من كل هذه الهجمات والمعاداة والرفض الكبير لفكره استطاع أن ينشر فكره ورسالته بالاستناد إلى بضعة أشخاص فقط.
بدأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بثورته لإنقاذ المجتمع من الحالة التي يعيش فيها، فهذه الثورة كان يسودها طابع أخلاقي سياسي اجتماعي أكثر، أي بدأ بثورته لإنقاذ المجتمع من حالة الجاهلية التي يعيشها. يمكننا القول بأن الثورة الأولى التي بدأها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت ثورة أخلاقية اجتماعية. إلا أن الخصائص التي اختلفت في ثورة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن ثورة سيدنا عيسى عليه السلام هي؛ أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان لثورته طابع سياسي وأخلاقي وعسكري، أما ثورة سيدنا عيسى عليه السلام فكان لها طابع سياسي أخلاقي فقط، فمن أجل توحيد كل القبائل العربية مع بعضها والقضاء على التخلف والجاهلية الموجودة ظهر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كقائد طليعي، واستطاع خلال فترة ما بين 30-40 عاماً أن يحطم كل الهجمات التي كان يتعرض لها ويتحول إلى سلطة، فالإسلام تحول إلى سلطة بسرعة كبيرة، كما أن تعصب الإسلام السياسي مرتبط بوصول الإسلام إلى السلطة بسرعة، وبهذا انتشرت السلطة ضمن الإسلام بسرعة كبيرة جداً، حيث يقول قائد الشعوب الكردستانية عبدالله أوجلان بأن الخيانة الكبرى حصلت في الديانة الإسلامية ففي الديانات الأخرى لم تحصل خيانات بهذه السوية، ويسند السبب إلى وصوله إلى السلطة وإصابته بمرض السلطة، حيث أن مرض السلطة المبكرة ساهم في تطور المؤامرات ضمن الإسلام، فالمؤامرات التي حصلت في فترة الخلفاء الراشدين ومن ثم في عهد الأمويين دليل على وجود سلطة فالمؤامرة مرتبطة بوجود السلطة، كما أن تحول الإسلام إلى سلطة في فترة قصيرة أبعد الإسلام عن جوهره الحقيقي، حيث أن تلك الثورة الأخلاقية الاجتماعية فشلت بعد وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أبدى مقاومة عظيمة جداً. وكان عمر الإسلام الحقيقي قصيراً جداً، حيث علينا أن نحلل الإسلام قبل وفاة سيدنا محمد وبعد وفاته، فإن حللنا الإسلام بهذا الشكل نكون قد حللنا الإسلام بالشكل الصحيح. ففي فترة سيدنا محمد وحتى في فترة أبو بكر الصديق أيضاً كان يطبق الإسلام الحقيقي، ولكن في الفترة التي تلت أبو بكر الصديق بدأ الانحراف يطرأ على الإسلام تدريجياً ويبتعد عن حقيقته، ففي تلك الفترة كان الإسلام يمثل ثورة أخلاقية اجتماعية حيث يشير قائد الشعوب الكردستانية بأن كل الأديان هي صوت ووجدان المجتمع، لأنها تنقذ المجتمع من حالة الانحراف التي يعيشها وتعيده إلى جوهره وحقيقته المستندة إلى الأخلاق الاجتماعية، حتى أنها تقوي بعض قيم المجتمع النولوتيكي ضمن المجتمع، فالزكاة مثلاً؛ هي حد للفرد من الغنى الفاحش وتحوله إلى سلطة، الهدف منها توحيد المستوى المعيشي ضمن المجتمع قدر الإمكان والحد من الغنى الفاحش ضمن المجتمع.
بالطبع تطورت العديد من الخصوصيات والقيم الجيدة ضمن المجتمع لدى العديد من الأديان ولكن عند انخراطها بالسلطة وتسيسها فقدت تلك القيم النبيلة والحميدة وابتعدت عن حقيقتها. وما شهدناه خلال الثورة في روج آفا دليل على ذلك، فذبح الأشخاص وقتل الأنفس والأطفال وسبي النساء لا علاقة له بأي دين كان، والأسوأ أن كل ذلك يتم باسم الدين وخصوصاً الدين الإسلامي، فهذا يوضح لنا مدى ابتعاد الإسلام عن حقيقته بانخراطه بالسلطة والربح والغنى. فما كنا شاهدين عليه في فترة الثورة هو نفسه الذي كان يتم في الفترة التي تلت وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وليس له أية علاقة بالدين الإسلامي الحقيقي.
إن كل المقاومات التي ظهرت والتي بدأت مع سيدنا إبراهيم وصولاً إلى مقاومات الحركات الاشتراكية كلها مرتبطة ببعضها، حيث تم ويتم إبداء مقاومات عظيمة وتضحيات لامثيل لها في التاريخ، إلا أنه في نهاية المطاف وقعت أو انحرفت تلك المقاومات عن نهجها الحقيقي وتحولت إلى آلة تخدم السلطة. فمثلاً عندما بدأ سيدنا عيسى بالنضال ناضل من أجل تحرير شعب روما من العبودية وليس من أجل أن تقوم محاكم التفتيش بحرق الأشخاص، كما أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يحارب ضد ثلاث إمبراطوريات وضد العبودية لم يكن من أجل القضاء عليها أو هزيمتها، إنما ناضل من أجل تطوير المجتمع وإكسابه الإرادة، إلا أنه عند وصول الخلافة إلى الأمويين تم تحريف هذا النضال بالشكل التام، حيث باتوا يقطعون رؤوس الناس ويفجرون أنفسهم بين الشعب باسم الإسلام ونطق عبارة الله أكبر. لهذا من الواجب علينا أن نتوقف على هذه النقطة بالشكل الجيد، أي أن نحدد القبلة أو الجهة التي سوف تسلكها المقاومة التي ستبدى، فإن كنا نريد أن تخدم المقاومة التي نبديها في يومنا الراهن المجتمع، علينا أن نتحرر من ثنائية السلطة والعبيد. حيث أن قائد الشعوب الكردستانية حطم هذه الحلقة، ولهذا السبب ازدادت الهجمات على القائد، لأنه حطم هذه الحلقة التي خلقها المتسلطون والحكام والمهيمنون، أي علينا عند القيام بالمقاومة أن نتحرر من السلطة كلياً، لأن التمسك بالسلطة وإبداء المقاومة من أجلها سوف يضمن استمرار ثنائية السلطة والعبيد وهذا سوف يدمر المجتمع وأن المقاومة التي تبدى على هذا الأساس لن تخدم المجتمع ولن تطور المجتمع بل على العكس تماماً سوف تفسخه أكثر. لأنه حينها سيكون هدف الجميع الوصول إلى السلطة وليس خدمة المجتمع وسوف يدفع المجتمع هذه الفاتورة.[1]