حاوره: معد فياض
يُعد المفكر العراقي الاستاذ#عبد الحسين شعبان# من اوائل الباحثين والسياسيين العراقيين العرب الذين دعوا الى ان يقرر الكورد مصيرهم ةتكون لهم دولتهم، مؤكدا: أنا شخصيا ومنذ عقود أدعو إلى حق تقرير المصير للشعب الكردي ولن أتنازل عن ذلك أو أغيّر رأيي من هذه القضية المبدئية.
ومنذ سنوات مبكرة من وعيه الفكري، توجه عبد الحسين شعبان للعمل على موضوع السلم المجتمعي وحقوق الانسان، فهو أكاديمي ومفكّر من الجيل الثاني للمجدّدين العراقيين، يساري النّشأة والتوجّه، ومهتما بالتنوير والحداثة، خصوصاً الانشغال بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والأديان والقوانين الدستورية والدولية بما فيها قضايا النزاعات والحروب والتّسامح واللاّعنف والتداول االسلمي للسلطة، والاكثر من هذا على حق الشعوب بتقرير مصيرها، مؤكدا على أهمية الحوار لحل الاشكالات السياسية، خاصة التي يعيشها العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم.
في حواره مع شبكة رووداو الاعلامية، الذي جرى خلال زيارته الاخيرة لاربيل قال: إذا كنّا نعترف بالكرد كأمّة فعلينا الاعتراف بحقها في تقرير مصيرها بإقامة كيانية خاصة بها، وهي التي تختار ذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار الوضع الجيوبوليتيكي الدولي والإقليمي، مشخصا الازمة بين بغداد واربيل باعتبارها: ازمة فكرية وقانونية، يكمن بعضها في الدستور.. وكلّما مرّ الوقت ازدادت هذه المشكلات تعقيدًا لدرجة يُصبح من الصعب حلّها. وما مشكلة الميزانية الدورية وارتفاع الأصوات بشأنها، إلّا إحدى المشكلات المتكرّرة والمستمرّة. منبها الى أن الإدارات السياسية التي حكمت البلاد منذ الاحتلال الأمريكي (2003) وإلى اليوم، أخفقت باعتراف أركان العملية السياسية نفسها، بل أثبتت التجربة بأنها لم تكن مؤهلّة أصلًا.مستنكرا من ان بعض السياسيين ببغداد:ينظرون باستصغار إلى الكرد(باعتبارهم أقلية).
وفيما يلي نص الحوار:
رووداو: هل تعتقدون ان الازمة بين بغداد واربيل اليوم هي امتداد او بقايا الازمة القديمة خلال الثورة الكوردية؟
عبد الحسين شعبان: الأزمة بين بغداد وأربيل أصبحت معتقة، بل أنها تزداد تعقيدًا، إذْ لا يوجد بينهما فهم مشترك للعديد من القضايا التي تخصّ العراق ومستقبله، فضلًا عن النظام الفيدرالي واختصاصاته وحدوده وخصوصياته العراقية. وبعض جوانب هذه الأزمة، هي امتداد لأزمات سابقة، لاسيّما علاقة الحكومة المركزية (الاتحادية اليوم) مع حركة التحرّر الوطني الكردية ومطالبها المشروعة بما فيها حق تقرير المصير. وقد كانت هذه إحدى المشكلات في المعارضة العراقية في الثمانينيات والتسعينيات، واستمرّت إلى اليوم وإن اتّخذت أشكالًا جديدة ومختلفة.
الغام دستورية
رووداو: ما ان تشارف ازمة بين بغداد واربيل على الحل حتى تشتعل ازمة اخرى، سواء حول الميزانية او تتعلق بقرارات للمحكمة الاتحادية او غيرها، باعتقادكم هل هي أزمة آيدولوجية، ام قومية او وطنية، او ان العرب في العراق ما زالوا لا يتقبلون التغييرات السياسية والاقتصادية والحضارية في اقليم كوردستان، ام انها ازمة مزمنة لا علاج لها ام متغيرة حسب الظروف السياسية؟
عبد الحسين شعبان: الأزمة فكرية وقانونية، يكمن بعضها في الدستور الذي تمّ الاستفتاء عليه في 15 تشرين الأول / أكتوبر 2005، ونظم العلاقة بين الدولة الاتحادية والإقليم، الذي احتوى على ألغام كثيرة، وهو امتداد ﻟ قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، الذي تمّ سنّه في عهد بول بريمير، الحاكم المدني الأميركي للعراق (أيار / مايو 2003 - حزيران / يونيو 2004)، وذلك في 8-03- 2004.. حتى اليوم لم يتأسس المجلس الاتحادي، وظلّت فدرالية كوردستان منفردة، في حين كان لا بدّ من قيام فيدرالية عربية للقسم العربي من العراق لتشكيل المجلس الاتحادي أو حتى أكثر من فيدرالية جغرافية، كما أن قانون النفط والغاز ما يزال مسودّة لم يتمّ الاتفاق عليها منذ العام 2007 وإلى اليوم، وظلّت المادة 140 بخصوص كركوك وما سميّ ﺑ المناطق المتنازع عليها دون حلول مرضية، وكلّما مرّ الوقت ازدادت هذه المشكلات تعقيدًا لدرجة يُصبح من الصعب حلّها. وما مشكلة الميزانية الدورية وارتفاع الأصوات بشأنها، إلّا إحدى المشكلات المتكرّرة والمستمرّة على الرغم من تبدّل الحكومات والوجوه. ولا بدّ من وضع معالجات طويلة المدى لمثل هذه المشكلات.
حوار وطني
رووداو: زرتم اربيل مؤخرا وقبلها كنتم في بغداد، هل تعتقدون ان الاحزاب السياسية، الشيعية خاصة، مصرة على افتعال الازمات مع الكورد، ام ان هناك عوامل خارجية وراء ادامة الازمات بين هذه الاحزاب واقليم كوردستان؟
عبد الحسين شعبان: أعتقد أن حوارًا وطنيًا فكريًا وثقافيًا ومعرفيًا مطلوب لمناقشته بقلوب حارة ورؤوس باردة، لاسيّما في مناقشة القضايا القانونية ومنها الألغام التي احتواها الدستور، سواء ما يتعلّق بمبدأ المكونات التي وردت في المقدّمة (مرّتان)، وفي المواد 9 و 12 و 49 و 125 و 142، إضافة غلى صلاحيات الإقليم والدولة الاتحادية، بحيث يتم وضع الأمور في نصابها خارج دوائر التفسير والتأويل بنصوص واضحة وصريحة، وفي إطار القواعد العامة للنظام الفيدرالي والتجارب الدولية، ويحتاج الأمر إلى مناقشة المواد المتعلّقة بالنفط والغاز ومشكلات المنافذ الحدودية، فضلًا عن المناطق المتنازع عليها. ووضع ذلك بشكل واضح في إطار الدستور، الذي يصبح المرجعية عند وجود أي خلاف، في حين أن الدستور الحالي هو سبب أساسي من أسباب المشكلات المتفاقمة بنصوصه حمّالة الأوجه من جهة، إضافة إلى تفسيراته وتأويلاته الخاصة من جهة أخرى. والحوار لا ينبغي أن يقوم بين السياسيين حسب، لأنهم سيلجؤون إلى الترضيات والحلول المؤقتة والمكاسب الآنية، وإنما يتطلّب الحوار إشراك النخب الفكرية والثقافية والأكاديمية والعلمية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، لوضع حلول آنية ومستقبلية في إطار دستور جديد أو عقد اجتماع جديد يسمّي الأشياء بمسمّياتها ويضع النقاط على الحروف.
رووداو: باعتقادكم هل يحتاج الامر الى مؤتمر حوار مفتوح وواضح وحاسم للتوصل الى حلول بين بغداد واربيل؟
عبد الحسين شعبان: الصراع على السلطة والغنائم، واعتماد الزبائنية السياسية هو الاساس، ولحدّ اليوم لم يتصرّف السياسيون في إطار فهم موحّد ومشترك للفيدرالية، لذلك أحيانًا يتحدّثون عن الفيدرالية وفي خلفياتهم الفكرية النظام الشمولي، وأحيانًا يتم التفكير بالفيدرالية وكأنه تحلّل من الالتزامات الخاصة بالدولة. وهكذا يُنظر أحيانًا نظرة مسبقة إلى الفيدرالية فمن جهة هناك من يعتقد أنها الطريق إلى الانفصال أو التقسيم، ومن جهة أخرى هناك نظرة أحادية أحيانًا لا تستطيع فهم العلاقة الديناميكية بين الدولة الاتحادية والإقليم. والفيدرالية حسب فهمي تساعد على تعزيز وحدة الدولة بضمان توزيع صلاحياتها على الاقاليم، ناهيك عن توزيع الثروة، إضافة إلى السلطة على نحو عادل ومتّفق عليه دستوريًا، وهي مصدر قوّة إذا ما استندت إلى مواطنة سليمة وحيويّة أساسها الحريّة والمساواة والعدالة، ولاسّيما الاجتماعية والشراكة في الوطن والمشاركة في اتخاذ القرار.
معد فياض محاورا عبد الحسين شعبان
أحزاب غير مؤهلة
رووداو: هل تعتقدون بان اسباب هذه الازمة بان الاحزاب الحاكمة في العراق ينظرون الى الكورد باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة ولا يريدون الاعتراف بمنجزات الكورد واقليمهم؟
عبد الحسين شعبان: للأزمات جانب موضوعي وآخر ذاتي، فالإدارات السياسية التي حكمت البلاد منذ الاحتلال الأمريكي (2003) وإلى اليوم، أخفقت باعتراف أركان العملية السياسية نفسها، بل أثبتت التجربة بأنها لم تكن مؤهلّة أصلًا، إضافة إلى عوامل أخرى مثل تفشّي الإرهاب، سواء القاعدة أم داعش، واستشراء العنف وانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، ووجود جماعات مسلّحة وميليشيات ومرجعيات تريد وضع نفسها فوق الدولة، إضافة إلى ظاهرة الفساد المالي والإداري، الذي أصبح مؤسسة حاكمة ولها أذرعًا كثيرة وضاربة تستطيع الإطاحة بمحاولات التغيير وقمع أية احتجاجات ضدّ الفساد، كما حدث في حركة تشرين (2019). يضاف إلى ذلك كلّه، أن الأحزاب والقوى والشخصيات الحاكمة في بغداد لم يكن معظمها لديها برنامجًا وحلولًا للقضية الكردية حتى وقت قريب. وكما أشرت حتى أيام المعارضة كانت الكثير من هذه القوى متردّدة وغالبًا اعتبرت أن المشكلة الطائفية في الحكم هي الاساس، وبالطبع فإن هذه الخلفيات ظلّت ثقالةً لحركتها وتوجّهاتها، حيث يُقدّم البعض خطوة ويؤخّر خطوتين، وينظر بعضها الآخر باستصغار إلى الكرد باعتبارهم أقلية من منظور استتباعي مهيمن، ويتناسى هؤلاء وأولئك، أن العراق بلد متعدّد الثقافات وأن الدولة العصرية لا بدّ لها أن تؤكد حقوق المجموعات الثقافية، سواء كانت كبيرة أم صغيرة. والأساس في ذلك دولة المواطنة والحق والقانون الذي ينبغي أن تكون هي الهدف، وليس دولة المكوّنات والتقاسم الوظيفي الطائفي والإثني.
دولة كوردية
رووداو: انتم من اكثر المفكرين الذين دعوا الى ان يقرر الكورد في العراق مصيرهم، هل تعتقدون ان الحل يكمن في استقلال اقليم كوردستان عن العراق؟
عبد الحسين شعبان: كنت وما أزال كعربي وأعتزّ بعروبتي، مع مبدأ حق تقرير المصير للشعوب والأمم كحق قانوني وإنساني، واعتقد أن أقرب شعب للأمة العربية هو الشعب الكردي في العراق، وعلى عرب العراق احترام أي خيار له، خصوصًا إذا كان باتفاق رضائي ولا يلحق ضررًا بالأمة العربية وبالعلاقات الأخوية العربية - الكردية، فضلًا عن مصالح النضال المشترك العربي - الكردي. وكان شعار الحركة الوطنية منذ الثلاثينيات على صخرة الاتحاد العربي - الكردي تتحطّم مؤامرات الاستعمار والرجعية، وهذا الشعار ما يزال صحيحًا إلى اليوم، وأعداء العرب هم في الوقت نفسه أعداء الكرد، والعكس صحيح أيضًا. ومن هذه الزاوية علينا البحث في المشتركات الإنسانية التي تعلّي من شأن العرب والكرد وحقوقهما العادلة والمشروعة، القائمة على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة. وبتواضع أتشرّف أنني كنت أوّل من نظّم حوارًا عربيًا - كرديًا في العام 1992، في إطار المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي كنت رئيسًا لها بدعوة 50 مثقفًا عربيًا وكرديًا إلى حوار فكري ثقافي معرفي، ما تزال الكثير من مفرداته دون حلول إلى اليوم، خصوصًا وأن إرث الديكتاتورية البغيض كان ثقيلًا. كما كنت قد نظّمت حوارًا لمثقفي الأمم الأربعة (الكرد، الفرس، الترك، العرب)، وهو ما تبنّاه سمو الأمير الحسن بن طلال في عمّان وفي إطار منتدى الفكر العربي. وآن الأوان اليوم أن يلعب المثقف الدور المنشود له مثلما كان في الأربعينيات والخمسينيات.
حق تقرير المصير
رووداو: هناك من يتحدث عن غياب الفكر السياسي او عدم وجود سياسيين ناجحين في العراق، سواء من العرب او الكورد، لايجاد مخرج او حلول سياسية ناجحة للازمات؟
عبد الحسين شعبان: العرب والكرد يحتاجون إلى الحكمة في حلّ خلافاتهما، وعليهما، وأقصد بالنخب العربية والكردية المزيد من الحوار والتفاهم وإيجاد بدائل معقولة ومقبولة لما هو قائم. وأقول دائمًا أن حوار سنة هو أفضل من ساعة حرب، وهو ما يقول به القيادات الكردية أيضًا. وإذا كنّا نعترف بالكرد كأمّة فعلينا الاعتراف بحقها في تقرير مصيرها بإقامة كيانية خاصة بها، وهي التي تختار ذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار الوضع الجيوبوليتيكي الدولي والإقليمي.
فالكرد محاطون بحكومات وقوى وتوجّهات لا تألو جهدًا من إفشال التجربة الكردية أو النيل منها أو استغلال خلافات القوى الكردية لإثبات عجز الكرد من حكم نفسهم، وفي الوقت نفسه، فإن أطماعًا غير قليلة لدى دول الجوار الإقليمي، خصوصًا الدول التي لم تتوصّل إلى حلول مقبولة وإنسانية للمشكلة الكردية، وتخشى هذه الدول من انتقال عدوى الفيدرالية وحق تقرير المصير والمطالبة بالحقوق إليها، لاسيّما بوجود تجربة كردية نامية على حدودها.
رووداو: هل هذا يعني عدم التفاؤل بقيام دولة كوردستان على المدى الزمني القصير و البعيد؟
عبد الحسين شعبان: الموضوع ليس التفاؤل أو التشاؤم أو التشاؤل إقتباسًا من رواية إميل حبيبي سعيد أبي النحس المتشائل، واكرر القول هنا، فأنا شخصيًا ومنذ عقود أدعو إلى حق تقرير المصير للشعب الكوردي ولن أتنازل عن ذلك أو أغيّر رأيي من هذه القضية المبدئية، الحقوقية، الإنسانية، مع أنني قد أختلف في هذا الرأي أو ذاك ومع هذا الاجتهاد السياسي أو ذاك لهذه القيادة الكردية أو تلك، فهي مثل القيادات العربية واليسارية تخطأ وتصيب، لكن حق الشعب الكردي هو الحق الثابت غير القابل للتصرّف أو المساومة أو المغامرة.
وأظن أن قيام كيانية كردية أو دولة تحكم نفسها بنفسها ستكون قابلة للتطبيق إنْ عاجلًا أم آجلًا، لأنها تمثل حقوق شعب عانى كثيرًا ويريد أن يتمتع بحقوقه كاملة وغير منقوصة. وأنا شخصيًا مع هذا الحق بلا حدود، ولا بدّ هنا من اختيار اللحظة التاريخية وتوازن القوى وإدراك المخاطر الخارجية. العالم متجه نحو التعبير عن الخصوصية والهويّة وهو ما شهدناه في أوروبا الشرقية وأفريقيا وآسيا، خصوصًا بعد انهيار الأنظمة الشمولية، إذْ لم يعد اضطهاد أمّة أو هدر حقوق شعب تحت أي زعم، مقبولاً، ولا بد من سماع نبض الشعوب، خصوصًا إذا ما أحسنت قياداتها اختيار اللحظة التاريخية.
نحتاج لحلول شجاعة
رووداو: هل تعتقدون ان قيام ثلاثة اقاليم، شيعية وسنية وكوردية في العراق يساهم في حل الازمة؟ فالازمات قائمة ايضا بين الاحزاب الشيعية والسنية وبين الاحزاب الشيعية ذاتها وكذلك السنية والكوردية فيما بينهم؟
عبد الحسين شعبان: لا أظنّ أن الحلّ الذي طرحه الرئيس جو بايدن ووافق عليه الكونغرس الأمريكي العام (2007)، هو الحلّ المناسب للعراق. إنه نظر إلى الأمور نظرة فوقية من الخارج ومن بُعد، وهي أقرب إلى نظرة هندسية مثلما تمّ تقسيم الأمة العربية كإرث للدولة العثمانية في إطار اتفاقية سايكس - بيكو السريّة بين بريطانيا وفرنسا، ووزّعت العديد من البلدان العربية التي تمّ رسم حدودها لمصالح استعمارية كيما تكون تحت الانتدابين البريطاني والفرنسي، وفيما بعد منح وزير خارجية بريطانيا اللورد بلفور اليهود وعدًا بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، والأمر شمل الكرد، حيث تمّ التنكر لمعاهدة سيفر (1920)، التي اعترفت بجزء من حقوقهم في#معاهدة لوزان# (1923)، حيث جرى الالتفاف عليها وتسويفها.
لعلّ الكثير من المحافظات والمدن والقرى والبلدات العراقية متداخلة، وهي تضمّ مختلف القوميّات والأديان والمجموعات الثقافية، وبغداد خير مثال على ذلك، ففيها وحدها نحو ثلاثة أرباع مليون كردي.
إن إقامة نظام فيدرالي على أساس فيدراليتين عربية وكردية وتأسيس المجلس الاتحادي وإعادة النظر بالدستور وتحريم الطائفية وتعزيز المواطنة، هي السبيل الأرحب لخلق فضاء سياسي جديد بعيدًا عن التشوهات التي لحقت بالمؤسسات الدستورية من البرلمان إلى الحكومات المتعاقبة، إضافة إلى القضاء الذي هو خطّ الدفاع الأخير.
العراق بحاجة إلى معالجة قضية التنمية وتوفير المستلزمات الأولية للصحّة والتعليم والخدمات ووقف النزيف الذي يتعرّض ومعالجة آثار الماضي بصبر وأناة من خلال تقديم الكفاءة والوطنية، بدلًا من الولاء والزبائنية. الأوضاع الاستثنائية في العراق تحتاج إلى حلول ومعالجات استثنائية بشجاعة وتنازلات متبادلة، وتقديم ما هو مشترك وجامع على ما هو مختلف ومفرّق بالاعتماد على الصالح العام والسياسة بهذا المعنى هي تحقيق الصالح العام منذ أرسطو وعبر ابن خلدون وإلى اليوم، وليس ذلك سوى صراع واتفاق مصالح.[1]