جميل بايك
كما هو معلوم سعى القائد آبو إلى إنشاء وتطوير البرلمان الوطني في زلى، إلا أن فرهاد من خلال ممارساته العملية في تلك المنطقة أفشل مساعي القائد تلك. ومن ثم سعى القائد إلى إنشاء وتطوير برلمان خارج الوطن هو البرلمان الكردستاني في أوروبا، حيث كان القائد يسعى إلى تطوير هذه الخطوة وتحويلها إلى مؤتمر وطني وضم بعض رفاق الحركة إلى هذا المؤتمر وإدارته بنفسه. أي أنه كان يريد من خلال هذا البرلمان تشكيل مخاطب للمستعمرين والنظام من أجل حل القضية الكردية. فالقائد آبو كان يناضل ويسعى إلى خطو خطوات ضمن هذا الإطار إلا أن المؤامرة الدولية أعاقت القائد آبو من خطو تلك الخطوة، كما أنه سعى إلى تشكيل مؤتمر وطني كردستاني KNK إلا أن المؤامرة الدولية لم تدع تلك الخطوة أيضاً تتم بنجاح. كما أن المؤتمر الوطني الكردستاني الذي تطور بعد المؤامرة الدولية لم يتطور كما كان يهدف إليه القائد آبو، إنما تطور بشكل مختلف في مرحلة المؤامرة. لهذا السبب سعى إلى تطوير مؤتمر الشعب فيما بعد، ولم يكن هذا الأمر هو السبب الوحيد لتطوير أو تشكيل مؤتمر الشعب إنما كانت هناك أسباب أخرى كمداخلة الولايات المتحدة وغيرها سوف نتوقف عليها لاحقاً.
فلولا تطور تلك المؤامرة بذاك الشكل كان القائد سيقوم بخطو تلك الخطوة وكان قسم من الرفاق أيضاً سوف ينضمون إلى هذا المؤتمر، إلا أن المؤامرة الدولية سدت هذا الطريق. وفي مواجهة هذه المؤامرة قام القائد آبو بنضال عظيم من أجل توضيح وكشف حقيقة هذه المؤامرة للشعب والكريلا.
في تلك الفترة تم الاجتماع من أجل عقد المؤتمر السادس للحزب، فالقائد آبو كان يسعى وبكل إصرار إلى أن يستمر المؤتمر وأن تتم فيه مناقشات واسعة والتوصل إلى قرارات صائبة بخصوص المرحلة. لماذا؟ لأنه كان يسعى إلى أن تُناقش المؤامرة في المؤتمر، وأن تُتخذ بعض التدابير ضد هذه المؤامراة التي تحاك في الخفايا وإفشالها. أي كان يسعى إلى أن يوكل للمؤتمر دور مناقشة المؤامرة وكشف حقيقتها واتخاذ التدابير ضدها وترجمة تلك التدابير على أرض الواقع لإفشالها. هذه كانت مهمة المؤتمر السادس بالكامل، إلا أن هذا كان الشيء الذي لم يدركه المؤتمر السادس على الرغم من توجيهات القائد. وقام المؤتمر بتحديد الأمور الاعتيادية كالتي كان يتم تحديدها في المؤتمرات الأخرى. أي أنه لم يتم إدراك خطورة المرحلة. لهذا السبب لم يتضمن جدول أعمال المؤتمر أي محضر أساسي. لأنه في تلك الفترة كانت المؤامرة تشكل الموضوع الأساسي والحدث الرئيسي. لهذا السبب لم يلعب المؤتمر السادس أي دور في هذا الإطار، ولم يقم بالمهمة الموكلة إليه. فالحدث والأحداث كانت تختلف عن جدول أعمال ونقاشات وقرارت المؤتمر، لهذا السبب لم يتحول إلى جواب أو رد ضد المؤامرة الدولية. ويعتبر ذلك المؤتمر المؤتمر الذي لم يلعب أي دور ضمن تاريخ حركتنا. ربما لم تتوصل المؤتمرات الأخرى أيضاً إلى قرارات تتوافق مع المرحلة التي عقدت فيها بالشكل التام أو لم تتم ترجمة القرارات التي تم اتخاذها بالشكل المطلوب إلا أنها لعبت دوراً في عملية التحزب والتجيش وخلق المجتمع الكردي. أما بالنسبة إلى المؤتمر السادس فلم يكن له أي تأثير. لماذا؟ لأنه لم يكن يحيا التطورات والأحداث الحاصلة. على الرغم من تحديد القائد لموضوع واحد لهذا المؤتمر ألا وهو المؤامرة وحث جمع المؤتمر على مناقشة هذا الوضع واتخاذ التدابير اللازمة لإفشالها، إلا أن المؤتمر لم يدخل ضمن مجرى الأحداث وبقي منقطعاً عنها. ولهذا السبب يمكن القول إنه كان السبب في تطور المؤامرة وتحقيقها للنتيجة.
تم تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر السادس وكنت من ضمن هذه اللجنة، قامت هذه اللجنة ببعض التحضيرات قبل بدء المؤتمر، بالإضافة لذلك قامت باعتقال مجموعة وفتحت تحقيقاً ضدهم – مجموعة دكتور سليمان وهيلين زكي الصغير- لماذا؟ لأنهم كانوا يسعون إلى خلق وإنشاء تنظيم خاص يخدم أهدافهم ضمن الحركة في تلك المرحلة، ويتلاعبون بوسط المؤتمر لخدمة حساباتهم الخاصة ألا وهي تشكيل إدارة تتوافق مع مخططاتهم وأهدافهم. أي أنهم كانوا يسعون إلى الاستفادة من الوضع والجو الذي خلقته المؤامرة الدولية لخدمة أهدافهم الشخصية. لهذا السبب رأينا أن تلك المجموعة تشكل خطراً على الحركة. أي أنه لو لم يتم الحد من تأثيرها قبل بدء المؤتمر كانت ستفر عن مخاطر أخرى، فتم اعتقال تلك المجموعة وفُتح تحقيق معهم. التصدي لتلك المجموعة لم يكن عملاً خاطئاً، بل على العكس تماماً كان عملاً صحيحاً، إلا أننا لم نعر أي أهمية أو نعد النظر إلى الفترة الزمنية والأسلوب المتبع والوضع الذي كانت الحركة تمر به، إنما تم التحرك على أساس إفقاد هذه المجموعة تأثيرها قبل بدء المؤتمر فقط، بالطبع كان هذا جانباً واحداً من عملية الاعتقال تلك ولكن بالإضافة إلى ذلك كانت هناك جوانب أخرى لم نرها وكان من الواجب الاهتمام بها. بالطبع تثبيت الوضع بشكل صحيح يحوز على أهمية بالغة ولكن هذا لا يعني أنك تقوم بما هو صحيح حيث أنه من الواجب إيلاء الأهمية لكل من المكان والزمان والأسلوب والجهد من أجل جعل الشيء الصحيح صحيحاً وصائباً. إلا أنه في هذا الموضوع كانت الفترة الزمينة غير مناسبة كما أن المرحلة التي كانت الحركة تمر بها حساسة كون أن الحركة كانت تمر بمرحلة المؤامرة لهذا السبب كان من الواجب علينا الاهتمام والتحرك بحساسية أكثر وبشكل يتوافق مع كل من الزمان والمكان، واتباع أسلوب آخر. فالخطأ ارتكب في هذه النقطة. عندما وصل نبأ اعتقال تلك المجموعة للقائد اتضح له بأن المؤتمر لا يحيا أجواء المؤامرة وأن موضوع المؤامرة لم يدخل جدول أعمال المؤتمر، لهذا السبب قام بالمداخلة كي يجتمع المؤتمر على أساس المحضر وموضوع المرحلة ألا وهو المؤامرة.
كان القائد آبو يتخذ من وحدة الحركة ووحدة الشعب ووحدة الكوادر أساساً في تلك المرحلة لإفشال أهداف المؤامرة. وكانت كل تحليلات ومناقشات القائد آبو ضمن هذا الإطار. أدرك القائد من عملية الاعتقال التي قامت بها اللجنة التحضيرية للمؤتمر بأنه لا يتم إيلاء أية أهمية ولا يتم النظر في أهداف وأجواء المؤامرة ولا يتم اتخاذها أساساً ضمن هذا المؤتمر. لهذا السبب قام بالمداخلة وقام بتجميد مهمة اللجنة التحضيرية تلك، وأمر بتشكيل لجنة تحضيرية أخرى عوضاً عنها، وحدد محضراً خاصاً به وهو أن تكون كل المناقشات والتحليلات متمحورة حول المؤامرة. أي أن يقوم المؤتمر بمناقشة المؤامرة والوصول إلى قرارات وتدابير لإفشالها. إلا أن هذه اللجنة التحضيرية المتشكلة أيضاً لم تدرك هذا الشيء على الرغم من جميع مساعي القائد آبو حيث عقد المؤتمر كما المؤتمرات الأخرى الاعتيادية، واتخذ من المحاضر الاعتيادية أساساً له، لهذا نقول إن المؤتمر السادس لم يعقد على أساس محضره الأساسي. لهذا السبب بقي من دون نتيجة.
في تلك الفترة كتبت تقريراً؛ تطرقت فيه إلى وضعي وممارساتي العملية، وتقدمت بنقد ونقد ذاتي أيضاً، إلى جانب هذا اقترحت فيه عدم تولي أي مسؤولية أو مهمة ضمن إدارة هذه الحركة، كنت سأتقدم بهذا التقرير إلى المؤتمر إلا أنه عندما تحققت المؤامرة الدولية لم أتقدم بهذا التقرير إلى المؤتمر وقمت بإحراقه. أي أني تراجعت عن القرار الذي اتخذته وكان لبعض الرفاق علم بهذا الموضوع أي بقراري القديم والجديد أيضاً فأوضحت لهم سبب تراجعي عن القرار الذي اتخذته. لماذا اتخذت القرار بأن لا أنضم إلى إدارة هذه الحركة؟ ذلك كان لسببين؛ أحدهما أننا كنا ندخل مرحلة جديدة، بقيت ضمن إدارة هذه الحركة منذ البداية أي لسنوات عدة، ومع دخولنا المرحلة الجديدة سعينا لكي نبدأ المرحلة برفاق آخرين لهذا السبب كان من الواجب إجراء تغيير ضمن إدارة هذه الحركة أيضاً، ربما كان من الواجب بقاء بعض الرفاق القدماء ضمن إدارة هذه الحركة ولكن كان من الواجب على بعض الرفاق أيضاً أن لا يكونوا ضمن الإدارة في المرحلة الجديدة لأن تقرب القائد كان واضحاً فقد كان يسعى لإجراء تغيير في الاستراتيجية وعلى أساسه تطوير عملية تحزب جديدة ضمن الحركة. لهذا السبب كان من الواجب أن يطرأ تغيير ضمن إدارة هذه الحركة أيضاً. هذا كان أحد أسباب عدم رغبتي في أن أكون ضمن الإدارة في المؤتمر السادس. فمسؤولياتي تجاه هذه الحركة ولكوني من مؤسسيها كانت تفرض علي أن أدخل ضمن أبحاث وأفكار حول تطوير هذه الحركة وصون مستقبلها. كان من الواجب علينا تطوير مرحلة جديدة واستراتيجية جديدة بإدارة جديدة. أما السبب الثاني فكما قلت سابقاً بأن القائد آبو سعى لتشكيل مؤتمر وطني كردستاني وكنت من بين الأشخاص الذين كان من المفروض أن ينضموا إليه، هذا كان السبب الثاني. ولكن عندما تحققت المؤامرة الدولية تطور وضع جديد ومختلف لذلك تراجعت عن القرار الذي اتخذته، فمسؤوليتي تجاه هذه الحركة فرضت علي البقاء ضمن إدارة هذه الحركة لخطورة الوضع الذي كانت تمر به.
قبل أن يتم أسر القائد آبو أتى كاني يلماز إلينا وقال بأن القائد في اليونان، وأن القائد توجه إلى اليونان نتيجة اللقاءات التي أجروها مع المسؤولين اليونان، وأن اليونان قبلت بذهاب القائد إلى هناك، ولا توجد أية مخاطر على القائد آبو. وقد أدلى بهذه المعلومات أمام حشد المؤتمر، لهذا السبب أي استناداً إلى ما أدلى به كاني يلماز من أنباء رأينا أنه لم يعد هناك أي خطر على القائد آبو لا سيما أن الحكومة اليوناينة قبلت بوجوده في اليونان، كما أن المؤتمر أي أعضاء المؤتمر جميعهم وثقوا بما قاله كاني، لهذا السبب لم يتوقف المؤتمر على المؤامرة أبداً بعد ما صرح به كاني، وتطرق إلى المحاور الأخرى للمؤتمر أي أنه غيّر المحور الذي حدده القائد آبو “المؤامرة”. إلا أنه في صباح اليوم التالي اندهشنا عندما سمعنا تصريح أجاويد بخصوص اعتقال القائد في كينيا وتسلميه للدولة التركية. حتى تلك الفترة لم يكن لنا علم بتوجه القائد آبو إلى كينيا، كنا نعتقد بأنه في اليونان. في تلك الفترة أراد بعض الرفاق قتل كاني يلماز، إلا أننا لم نسمح لهم بذلك. جميع الرفاق قالوا إن هذا الشخص المدعو كاني يلماز قد قام بخداعنا بشكل واضح، وصرح بأمور كاذبة، وله يد في هذه المؤامرة، ومن الواجب محاسبته. بالطبع لم نسمح بأن يحصل ذلك. بالنسبة لنا انتهى المؤتمر مع تصريح أجاويد بخصوص اعتقال القائد آبو. قمنا بإنهاء المؤتمر مباشرة واقترحنا أن يتم إجراء عملية انتخاب من أجل تشكيل إدارة جديدة للحركة. بعد أن تم انتخاب إدارة للحركة عقد اجتماع للإدارة وعلى أساس تطور الوضع تم إجراء بعض الفروزات ضمن الحركة، بالإضافة إلى ذلك دخلنا ضمن أبحاث حول كيفية توسيع الحرب وزيادة وتيرتها. أي تم اتخاذ تصعيد وتيرة الحرب أساساً، وتم البدء بإرسال المجموعات إلى جميع الإيالات في باكورى كردستان، بالإضافة إلى تشكيل تنظيم خاص تمت تسميته في تلك الفترة بالقوات الفدائية. ففي تلك الفترة تم وضع أساس قواتنا الخاصة وكانت مهمتها القيام بعمليات نوعية في كل الأماكن وبشكل خاص خارج الوطن. وتم تكليف ناصر بتطوير تنظيم تلك القوات للبدء بالعمليات. إلى جانب ذلك قمنا بإرسال الرفاق الآخرين إلى الإيالات لتقوية القوات هناك وفق تعليمات جديدة، أي دخلت جميع قواتنا وضعية تصعيد الحرب في كل الأماكن، إلا أن الحرب التي كنا نسعى إلى تصعيدها لم تكن تتوافق مع النهج إنما كانت وفق القدرات.
وقد تم اتخاذ قرار آخر في هذا المؤتمر ألا وهو تحويل حركة المرأة إلى حزب، في المؤتمر السادس تم اتخاذ قرار بأن تتحول yajk إلى pjkk . بالطبع لم يحدد المؤتمر الاسم إنما الرفيقات هن من اقترحن هذا الاسم. وسعين إلى تطوير تنظيمهن. وهذا القرار كان خاطئاً، ليس القرار المتعلق بأن تتحول حركة المرأة إلى حزب إنما اتخاذ قرار كهذا في هذا المؤتمر كان خاطئاً، كان من الواجب تأجيل خطو تلك الخطوة لفترة أخرى، أو كان بالإمكان تأجيل تطبيقه ضمن الممارسة العملية لفترة أخرى وليس مباشرة بعد الانتهاء من المؤتمر. الخطأ كان يكمن في هذا. لماذا؟ لأن المرحلة أو الوضع الذي كانت الحركة تعيشه لم يكن يسمح بخطو خطوة كهذه، ربما كان تأجيل تطبيق هذا القرار لفترة أخرى سيساهم في تطور عملية تحزب المرأة بشكل أصح وربما كان سيعيق معايشة الحركة للمخاطر التي عايشتها. أي أن الخطأ كان يكمن في تطبيق القرار المتخذ بعد انتهاء المؤتمر مباشرة، والإعلان عن تنظيمهن المستقل عن الحركة.
كما أنه بعد هذا الخطأ تمت معايشة وارتكاب أخطاء أخرى، فما هي الأخطاء التي تمت معايشتها؟ عندما أُسِر القائد آبو كانت هناك نقاشات كثيرة حول وضع الحركة وكانت تتمحور حول “هل تستطيع الحركة الاستمرار أم لا؟”. حتى أنه كانت تتم مناقشة هذا الأمر ضمن الحركة أيضاً. فالبعض كانوا يقولون لقد انتهى الأمر، هذه الحركة استطاعت الوصول إلى هذه السوية وهذه هي النهاية ولا يمكنها الاستمرار. والبعض الآخر كانوا يقولون علينا إنقاذ أرواحنا وأنفسنا، لأن العالم بأكمله يستهدف الحركة، أي إن استطعنا إنقاذ أرواحنا فهذا شيء عظيم. كالمجموعة التي فُتح تحقيق ضدهم. طغت على معظم كوادر الحركة حالة من التردد حول إن كان بإمكان الحركة حماية نفسها أم لا وهل ستتمكن من الاستمرار أم لا؟ لم يكن أحد يتوقع أو يخمن أن تستطيع الحركة الاستمرار، ولا سيما أن الحالة النفسية للكوادر كانت تفتقد إلى المعنويات والثقة، حيث تحول العديد من الرفاق إلى جثث هامدة تفتقد إلى الروح، كما أن الشعب والمؤيدين وأصدقاء الحركة أيضاً كانوا يحيون حالة التردد ذاتها. كما سعت العديد من الدول إلى فرض حاكميتها على حزب العمال الكردستاني بعد أن تم أسر القائد آبو كي تقوم بخدمة مصالحها في المنطقة، وإن لم يكن ذلك ممكناً السعي إلى اقتطاع جزء من حزب العمال الكردستاني لصالحها. الكثيرون كانوا يعملون بهذا الشكل وضمن هذا الإطار. لهذا السبب كان وضع الحركة خطراً جداً. حركتنا تطورت على أساس حقيقة القائد آبو، وكان كل من الشعب والكوادر يتخذونه أساساً لهم، إلا أنه في تلك الفترة لم يكن القائد قائماً على الحركة وإدارتها بشكل فعلي كما أنه لم يكن هناك شخص آخر ضمن الحركة بهذه القوة حيث يستطيع إعطاء الثقة للكوادر والشعب كالقائد آبو، إلى جانب هذا كانت إدارة الحركة هي الأخرى تحيا حالة من التردد حول القدرة على ملء الفراغ المتشكل بعد أسر القائد آبو وهل سيتقبل كل من الكوادر والشعب اللذين اعتادا على القائد آبو هذه الإدارة؟! لهذا السبب عايشت الحركة مصاعب جمة في تلك المرحلة! فإن لم تستطع هذه الحركة والإدارة ملء الفراغ المتشكل بعد أسر القائد آبو وإن لم تكسب هذه الإدارة ثقة الكوادر والشعب حينها من الصعب على هذه الحركة المضي وصون استمراريتها أو صيرورتها.
مع تلك المرحلة بدأت الكثير من الأطراف بالسعي لفرض حاكميتها على الحركة وتشتيتها، لهذا السبب كانت المهمة الأساسية والهامة هي حماية وصون هذه الحركة. فمن دون صون وحدة الحركة بالطبع لا يمكن الاستمرار أي لا يمكن صون استمرارية هذه الحركة وحمايتها. وحماية الحركة ليس بالأمر السهل، حيث أن صون الحركة مرتبط بوقوف الكوادر إلى جانب إدارة هذه الحركة، أي أنه بهذا الشكل فقط كان بالإمكان إفشال كل المداخلات الخارجية للحركة. فالمهمة الأساسية لإدارة الحركة في تلك الفترة كانت كيفية إفشال المداخلات الخارجية للحركة وصون وحدة وتماسك الحركة. والقيام بهذه المهمة بشكل تام يعتبر نصراً عظيماً.
إلا أنه في ظل هذا الوضع قامت الرفيقات بعقد مؤتمرهن وشكلن إدارتهن ولم يقبلن إدارة الحركة كإدارة لهن. وصرّحن بأن لهن إدارة خاصة وأنهن لا يعترفن بإدارة الحركة العامة لأنهن مرتبطات بالقائد آبو وليس لإدارة هذه الحركة أية علاقة بهن. أي أنهن فصلن بين إدارتهن وإدارة الحركة بشكل تام. هذا التقرب كان يشكل خطراً أكبر على الحركة. ففي وضع كهذا وفي ظل المداخلات الخارجية للحركة وفي ظل المؤامرة الدولية هذا الموقف كان يهدد وحدة وتماسك الحركة ويساهم في تشتتها. وكل المحاولات التي أبدتها إدارة هذه الحركة من أجل تجاوز هذا الموضوع والوصول إلى صيغة تضمن وحدة الحركة وتماسكها باءت بالفشل.
بالطبع كان هناك بعض الجوانب الصحيحة للحركة العامة وبعض الجوانب الصحيحة لموقف حركة المرأة وكذلك كانت هناك بعض الجوانب الخاطئة لإدارة الحركة العامة وجوانب خاطئة لمقاربات إدارة حركة المرأة. حيث أننا كإدارة الحركة لم نقم في يوم من الأيام حتى تم أسر القائد آبو بالتوقف على حركة المرأة، أي لم نكن نرى تلك القضية خاصة بنا، كنا نقوم بترك كل شيء للقائد وعلى وجه الخصوص كنا نرى بأن حركة المرأة هو نضال خاص بالقائد فقط، إلا أنه وبعد أسر القائد آبو أي عندما وقعت كل أعمال ونضالات هذه الحركة على عاتق إدارة الحركة حينها أصبحنا إدارة للحركة كلها ولحركة المرأة أيضاً، وكان من الواجب علينا أن نقوم بكل ما تتطلبه منا هذه الحركة ككل، إلا أننا لم نعد النظر في الحالة النفسية للمرأة والوضع الذي تعيشه والوضع الذي كنا نحياه في السابق، هذا كان الخطأ الذي ارتكبناه، أي كان من الواجب علينا أن نعير أهمية لهذا الموضوع ، ونتقرب بحساسية ونأخذ تلك المواضيع أساساً. إلا أننا تطرقنا إلى الموضوع بشكل مباشر دون إعادة النظر في الحالة النفسية للمرأة ورد الفعل الذي سينتج عن تقربنا بهذا الشكل. فالجانب الصحيح كان هو التقرب بشكل يضمن وحدة الحركة وتماسكها لرد الخطر المحدق بالحركة.
أما بالنسبة إلى الخطأ الذي ارتكبته الرفيقات أي حركة المرأة هو أنهن لم يعرن أية أهمية لوضع الحركة والأخطار المحدقة بها والوضع المتولد إثر المؤامرة الدولية والمداخلات الخارجية للحركة. ففي وضع كهذا إعلانهن أنهن حزب مستقل عن الحركة كان خاطئاً. لقد قام القائد آبو بنضال عظيم من أجل حركة المرأة وحقق لهن مكاسب عظيمة والموقف الذي أبدينه كان لحماية الذات وصون المكاسب التي حققها القائد آبو لهن وهذا كان شيئاً طبيعياً، إلا أن الطريقة أو الأسلوب المتبع لم يكن صحيحاً. فكلا الخطأين ساهما في تعمق هذا التناقض أكثر. بعد أسر القائد آبو كان النضال الأساسي والهام يقع على عاتق حركة المرأة، إلا أنها بقيت خارج نطاق النضال في تلك الفترة، فكل من التناقض المتولد والأسلوب المتبع دفعا بالمرأة للدخول في وضع كهذا، وهذا كان يعتبر خطراً كبيراً بالنسبة للحركة.
ومن أجل تجاوز تلك القضية أو المشكلة قمنا بنضال كبير، إلا أنه لم يسفر عن أية نتيجة. بالطبع كنا نجري الكثير من النقاشات في مجلس إدارة الحركة بهذا الخصوص، حتى أن تأزم الوضع دفع بالعديد من الرفاق ضمن إدارة هذه الحركة إلى الاستقالة من إدارة الحركة نتيجة ممارسات ومقاربات فرهاد بخصوص موضوع المرأة، أي أن تأزم الوضع أثر حتى على إدارة الحركة، حيث كان من الواجب على إدارة هذه الحركة حماية الحركة من أهداف المؤامرة إلا أن الوضع الذي دخلته إدارة الحركة كان على وشك أن يدفع بعض أعضاء الإدارة إلى الاستقالة من الإدارة. عايشت الحركة وضعاً خطيراً إلى هذه الدرجة، لاقينا صعوبة بالغة للحد من هذا الخطر. كان لكل من فرهاد وبيمان الدور الأساسي في وصول الحركة إلى حافة الهاوية. فبيمان على وجه الخصوص كانت تقوم باختلاق التحريض والتوتر ضمن الإدارة باسم حماية المرأة. بالطبع تضررت كل من الحركة وحركة المرأة من هذه الممارسات والتقربات.
عندما تحققت المؤامرة وتم أسر القائد آبو أجريت مناقشات عدة مع نفسي، كنت أدرك أن فرهاد سوف يدخل ضمن حركة أي ضمن مساعٍ من أجل تحقيق أهدافه، فهل يمكننا إيقافه وإعاقته؟ هذا بالطبع غير ممكن. ولكن هل يمكننا إبقاؤه ضمن الحركة؟ هذا الأمر كان ممكناً لأني كنت على دراية وعلم بشخصية فرهاد، فمعرفتي لشخصية فرهاد لم تكن نتيجة ذكائي إنما أي شخص عادي صاحب عقل بإمكانه إدراك شخصية فرهاد بكل سهولة. ففي منطقة زلى عندما كان القائد يدير الحركة بشكل فعلي وكانت الحركة في وضع قوي تصدى فرهاد للقائد وسعى بمساعدة جلال طلباني ليحل محل القائد آبو ضمن الحركة، ويسيطر عليها. الشخص الذي قام بهذه الأفعال في تلك الفترة بالتأكيد سيسعى إلى تحقيق تلك المساعي بعد أن أسر القائد آبو أيضاً. استناداً إلى هذا خمنت بأن فرهاد سوف يتحرك من أجل تحقيق أهدافه تلك لأن ممارسته العملية في منطقة زلى كانت معروفة، لهذا السبب كنت أدرك يقيناً أن فرهاد سوف يشكل لنا عوائق ومشاكل، وسوف يخطو خطوات ضمن إطار أهدافه الشخصية. كما أنه عندما أتى مزكين شيلا وجلال طلباني برسائل إسرائيل وأمريكا وانكلترا والتي كانت تتمحور حول ” يجب التخلي عن القائد آبو وتعيين قائد جديد للحركة والقيام بما تم تحديده للحركة حينها يمكنهم الاعتراف بنا والسماح لنا بالحياة وإلا سوف تتم تصفيتنا خلال ستة أشهر” وتأييد جلال طلباني لهذه البنود اتضح لنا الوضع بشكل كامل وواضح. أي أنه عند سماع فرهاد لهذه الرسائل لن يكون بإمكان أحد الوقوف أمامه، وهذا يشكل خطراً كبيراً على الحركة، ولكن كان هناك حل من أجل تفادي هذه المخاطر ألا وهو أن يتم إفساح المجال أمام فرهاد ضمن الحركة، أي أن يقتنع بأنه قادر على عمل أي شيء يريده ضمن الحركة، ولا توجد أية عوائق تعيقه، حينها سيبقى فرهاد ضمن الحركة وسيسعى لتحقيق هدفه الذي سعى إليه في منطقة زلى، أي تحقيق هدفه الذي سعى إلى تحقيقه في عام 1997. وهذا سيدفعنا لمعايشة بعض المشاكل وبعض التخريبات ولكن لن تكون المخاطر كبيرة كتلك المخاطر التي تشكلها المداخلات الخارجية التي تستهدف الحركة وتسعى إلى تصفيتها، بالإضافة إلى أننا سنكسب بعض الوقت لصالح الحركة، لأن فرهاد بحاجة إلى بعض الوقت ليخلق تنظيمه ضمن الحركة ونحن نستطيع الاستفادة من هذه الفترة الزمنية من أجل اتخاذ بعض التدابير لإفشال المداخلات والتهديدات الخارجية. كما كانت هناك حقيقة أخرى وهي أنه مهما قام بخلق تنظيم ضمن الحركة ومهما خلق من تخريبات ضمن الحركة فلن يستطيع أن يدفع الحركة لتعايش مخاطر كبيرة، لماذا؟ لأن فرهاد إثر ممارساته العملية في منطقة زلى فقد مكانته ضمن الحركة وفقد ثقة الكوادر به ولا يمكنه جمع عدد كبير من الكوادر ضمن الحركة حوله بالإضافة إلى أنه إثر تلك الممارسات انهارت مصداقيته وفقد ثقة الشعب به، لهذا السبب لا يمكنه فعل أي شيء، والشيء الذي يمكنه فعله سوف يقتصر على بعض التخريبات ضمن الحركة وخلق بعض المشاكل فقط. أي أنه في هذه الحالة يمكننا الانشغال بالقضايا الأخرى أي بالمخاطر الخارجية التي تحدق بالحركة إثر المؤامرة الدولية. ويمكننا إنقاذ الحركة من هذه المخاطر. فمحور مناقشتي مع نفسي كان يتمحور حول هذا الإطار وتوصلت إلى هذا القرار وبالطبع قمت بتطبيقه على أرض الواقع. فرهاد كان يعلم بأني أتقرب منه بهذا الشكل، وهذا الأمر كان لصالحه أيضاً، لأنه كان يسعى إلى تحقيق هدفه القديم بعد أن زال العائق الذي كان يمنعه من الوصول إليه بأسر القائد آبو. فالرسائل التي كانت توجهها الأطراف الخارجية بخصوص تعيين قائد آخر للحركة عوضاً عن القائد آبو كانت بهدف فرض حاكميتهم على الحركة عن طريق فرهاد.
لو تم استهداف فرهاد من قبل الحركة في تلك الفترة، أي في الفترة التي كنا نتعرض فيها لهجمات من عدة دول وافتقاد كوادر الحركة للموقف الصائب، كنت أدرك بأنه سيتم تحريف هذه المسألة، أي أن العديد من الأطراف كانوا سيتطرقون إلى المسألة على أنها مسألة عائلية شخصية وليست تنظيمية. لهذا السبب كنت أتحاشى حدوث هذا الشيء على الدوام، حيث أنه لو لم أتطرق إلى ذاك الأسلوب كان الأمر سيسفر بالتأكيد عن ولادة إشكاليات بيننا، وهذا بدوره كان سيفتح المجال أمام الكثيرين ليقولوا بأن رفاق القائد آبو لم يستطيعوا تحمل أخاه بعدما أسر. هذا أيضاً كان سيفتح المجال أمام معايشة مخاطر أخرى، وكان سيتم استخدامه ضد الحركة، هذا كان أحد الأسباب التي دفعتي كي أتحاشى الدخول في وضع كهذا، وكي لا يستخدم أي كان هذا الشيء ضد هذه الحركة، وكي لا يقول أحد بأن رفاق القائد خانوا القائد في أصعب الأوقات التي كان يمر بها، إلا أنه على الرغم من كل محاولاتي تمت معايشة تلك الإشكالية فيما بعد ولكن بشكل آخر.
إن فتحي المجال أمام فرهاد في تلك الفترة كان بدراية ومعرفة، كي لا يعايش القائد آبو وهذه الحركة أية مخاطر وتهديدات أخرى، وليس من أجل أغراض أخرى. مضى على تلك الحادثة فترة ولكني لا أراها كذلك، أي أنني أفكر في الكثير من الأوقات هل كانت تلك التدابير التي اتخذتها صائبة؟! وهل كانت هناك تدابير أخرى كان بإمكاني اتخاذها ولم أتخذها؟ أي ما زلت أناقش نفسي حول هذا الموضوع بجدية. فأنا لا أقول بأني فعلت وانتهى، لأن مسؤوليتي تجاه صون وحماية وتطوير هذه الحركة التي أنشأتها تتطلب مني هذا. بالطبع لكل شخص ضمن هذه الحركة مسؤولياته تجاه الحركة إلا أن مسؤولياتي تجاه هذه الحركة تختلف لأني من مؤسسي الحركة، ومن الواجب علي التحرك بمسؤولية على الدوام ضمن هذه الحركة.
كي لا يتحرك فرهاد على أساس الرسائل الموجهة إلينا من القوى الخارجية وكي لا نقع في صراع مع بعضنا ومن أجل الحد من الوقوع في إشكالية من هذا النوع أفسحت المجال أمامه كي يقتنع بأنه لا عوائق أمامه من أجل تحقيق هدفه ضمن هذه الحركة، لهذا السبب كان بحاجة إلى فرصة من أجل تنظيم نفسه وهذا بدوره يشكل لنا فرصة لإفشال المخاطر والتهديدات التي تعيشها الحركة. أي أنني لم أر في التدبير الذي اتخذته خطورة كبيرة على الحركة بل على العكس كنت أقول إن هذا هو التدبير الصائب الذي يخدم الحركة. لم يستطع أي رفيق العمل والنضال مع فرهاد في أي وقت من الأوقات، فأنا الوحيد الذي استطاع تحمل العمل مع فرهاد، أي أنه على الرغم من كل شيء وكل المصاعب التي كنت ألاقيها عملت مع فرهاد حتى انعقاد الاجتماع المركزي في شهر أيلول من عام 2002. فلولا القائد آبو والحركة ولولا احتياجات هذا الشعب وهذه الحركة ما كنت أقبل بالحياة التي عشتها مع فرهاد لثانية واحدة.[1]