تاريخ حركة الحرية الكردستانية الحلقة 20
جميل بايك
يعلم الجميع ماهية الممارسة العملية التي سُيّرت في منطقة (زلى)، كانت تلك الممارسة العملية تخدم عملية تصفية الحركة، لهذا السبب نعت القائد تلك الممارسة العملية بأنها ممارسة هادفة لتصفية الحركة وعلى إثرها تم مداخلة وضع تلك المنطقة. طوّر فرهاد نهجاً جديداً في تلك المنطقة، حيث كان الغرض من تطويره لهذا النهج “القوموية البدائية” وحث الكوادر على تقبله هو فرض سيطرته بالكامل على وضمن الحركة. أسفر تطور هذا النهج عن تخريبات كبيرة في تلك المنطقة. طوّر مفاهيم حزبية وأخرى متعلقة بالكوادر والمرأة والنضال بشكل يخدم ذاك الهدف. كان يتخذ من أسلوب قيادة ونهج وأخلاق وحياة كل من جلال الطالباني ومسعود البرزاني أساسا له، كما أنه استطاع أن يفرض هذا على قسم من كوادر الحركة أيضا، وكوّن حوله كادرية وفق هذه المفاهيم.
كان من الواجب تسيير بعض الفعاليات الهامة في تلك المنطقة، كالتحضير لإنشاء برلمان وطني. لأنه كما ذكرت كان القائد قد هدف إلى تسيير فعاليات خاصة في تلك المنطقة ألا وهي تشكيل برلمان لحكومة الحرب. إلا أن الخطوات التي أراد القائد خطوها باتت متأخرة عند اندلاع حرب عام 1992 أي أنها أخّرت تلك الخطوات. لهذا السبب أراد القائد جمع البرلمان الوطني في تلك المنطقة، لأنه كان قد تم القيام ببعض الفعاليات بهذا الخصوص وكانت تلك المنطقة المكان الأنسب. اجتمع الأعضاء الذين تم اختيارهم من أجل هذا البرلمان في تلك المنطقة لعقد اجتماع وعلى أساسه يتم تشكيل البرلمان الوطني. إلا أن فرهاد تلاعب بهذا العمل أيضا وأفرغه من مضمونه، لأنه كان يقوم بفرض مفاهيم خاصة به تقوم على خدمة مصالحه في الاجتماعات التي انعقدت في تلك الفترة في تلك المنطقة. قيام فرهاد بتطوير مفاهيمه الخاصة أدى إلى فشل ذاك العمل، حيث أن قسماً من الذين حضروا هذا الاجتماع انفصلوا عن الحركة بعد عودتهم ولم يبقَ إلا قسم صغير جدا من الذين ناضلوا من أجل تشكيل هذا البرلمان، حيث أن هذا القسم الصغير بعد مضي فترة اعتقلوا من قبل الدولة التركية، لهذا السبب لم تصل تلك الخطوة إلى النتيجة التي كانت ترجى منها. ولعدم وصول تلك الخطوة إلى النتيجة المرجوة خطا القائد آبو خطوة أخرى في أوربا، ألا وهي تشكيل برلمان كردستان خارج الوطن في أوربا.
بالإضافة إلى هذا كان من الواجب تسيير بعض الفعاليات الخاصة بالمرأة في منطقة زلى أيضا، كان من المقرر عقد اجتماع إلا أن فرهاد أعاق هذا الاجتماع أيضا كما فعل بصدد اجتماع البرلمان الوطني، لهذا السبب لم يصل هذا العمل إلى نتيجة أيضا. عندما توقف القائد حول موضوع فرهاد وبعد أن هرب فرهاد استدعى القائد المجموعة التي كانت تلتف حول فرهاد والتي كان أكثرها رفيقات إلى ساحة القيادة، توقف القائد على تلك المجموعة لأيام طوال. هذه المجموعة كانت تتخذ من فرهاد قائدا لها وكانوا ينادونه بالقائد، أي أن مستوى تأثير فرهاد عليهم وصل إلى هذه الدرجة، هذا الرابط تكوّن نتيجة تسخير فرهاد إمكانيات الحركة كلها من أجل الحياة التي يريدونها، أي لم يكن لأتباع فرهاد نهج قيادي ناجح أو خبرة من الناحية الايدلوجية والفكرية، إنما قام فرهاد بتقديم أسلوب الحياة التي يريدونها لهم والبعيدة كل البعد عن نهج وفكر وأسلوب حياة الحركة والقائد.
عندما ذهبت إلى منطقة زلى وأتيت بفرهاد من إيران إلى هناك، كان شمدين صاكك قد أتى من ساحة القيادة إلى إيران للتوجه إلى منطقة سرحد. عندما كان في منطقة أورمية أرسل لي خبرا بأنه يريد القدوم إلى منطقة زلى، استغربت من طلبه هذا أي لماذا يريد القدوم إلى زلى، لأنه لم يكن له أي عمل هناك. كما أن القائد لم يعلمنا بأنه سيلتقي بنا عند قدومه، اعتقدت بأنه قد حصلت بعض التغييرات، وأن القائد على علم بقدومه، لهذا السبب أردت الاستفسار عن سبب طلبه هذا من القائد، وعندما استفسرت عن هذا الأمر من القائد هو الآخر اندهش من طلبه المجيء إلى تلك المنطقة فنحن لم نكلفه بأي شيء في تلك المنطقة وعليه التوجه إلى المنطقة المحددة له. بالطبع اتضح بأنه كان يريد المجيء إلى تلك المنطقة أي منطقة زلى من أجل رؤية فرهاد لأني كنت قد أتيت به من إيران بعد هروبه إليها. كان لشمدين بعض الحسابات أيضا. لأنه لما أتى إلى ساحة القيادة في عام 1993 كان قد أتى بمجموعة من 27 شخصا، كان يسعى من خلال قدومه بتلك المجموعة التي أعدها إلى ساحة القيادة إلى التمكن من فرض الضغط على القائد. أي أنه كان قد أعد نفسه لهذا العمل. إلا أن القائد بعد أن اتضح له وضع شمدين والمجموعة التي كانت برفقته قام بتشتيت تلك المجموعة وقام بفرز أعضائها إلى مناطق مختلفة، وأرسل شمدين برفقة ثلاثة أشخاص إلى منطقة سرحد. ولكن حسابات شمدين لم تكن تتضمن فكرة الذهاب إلى منطقة سرحد فحساباته كانت مختلفة تماما، كان يسعى إلى فرض حاكميته على الحركة حيث أنه كان قد أكمل أعماله الهادفة إلى هذا الغرض في كل من منطقة آمد وأرزروم لهذا السبب أتى بهذه المجموعة التي أعدها إلى ساحة القيادة كي يتمكن من فرض ثقله في ساحة القيادة أيضا والضغط على كل من يعارض أو يعيق مخططه هذا.
أراد شمدين الاستفادة من المشاكل التي ظهرت مع فرهاد ضد الحركة من أجل تحقيق هدفه، لهذا السبب أصر على المجيء إلى تلك المنطقة لرؤية فرهاد والاتفاق معه حول بعض النقاط أو ربما كان إصراره من أجل الاتفاق مع فرهاد ضد القائد، لأنه لم يكن هناك أي أمر آخر يستدعي مجيئه إلى تلك المنطقة. وعندما لم يلقَ طلبه الرد الإيجابي اضطر للذهاب إلى منطقة سرحد. طوّر فرهاد بعض العلاقات الخاصة في الجنوب مع كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حتى أنه قام بفتح بعض القنوات الخاصة به ضمن قنوات الحركة مع الأحزاب الموجودة في الجنوب. أي أنه استخدم كل الإمكانيات التي قدمتها الحركة من أجل إخراج القوة التي كانت في منطقة زلى وحتى الإمكانيات المادية منها لخدمة مصالحه الخاصة ظنا منه أنه بهذا الشكل يقوم بتقوية قاعدته.
أرسل جلال الطلباني خبرا بعد قدومي إلى منطقة زلى ببضعة أيام بأنه يريد اللقاء بي، استغربت من هذا الطلب كوني كنت قد التقيت به منذ أيام قليلة، حتى أننا كنا قد أتينا من ساحة القيادة سوية. في تلك الفترة اتخذت الدولة التركية قراراً اقتصادياً هاماً، حينها نوّهت للرفاق بأن الدولة التركية سوف تقوم ببعض الأعمال لجعل المجتمع يقبل القرار الاقتصادي الذي اتخذته، وللحد من ظهور أو ولادة ردود أفعال المجتمع تجاه هذا القرار، وذلك بتوجيه تلك الردود المتولدة إلى الحركة ومن المحتمل أن تقوم ببعض الحملات ضدنا، وبأنه من المحتمل أن تقوم بتوجيه ضربة عسكرية إلى منطقة زلى، إلا أن الرفاق لم يعطوا هذا الاحتمال وتنويهاتي هذه الأهمية الكافية وذلك بالاستناد إلى بعد منطقة زلى ووقوعها ضمن الأراضي الإيرانية. حيث كانت الحدود الإيرانية تلفها من كل الجهات تقريبا. أي كي تقوم الدولة التركية بتوجيه حملة عسكرية إلى تلك المنطقة من الواجب عليها أخذ موافقة إيران أي عدم تمكنها من القيام بتلك العملية من دون موافقة إيران. لهذا السبب لم يؤيد الرفاق هذا الاحتمال ولكني كنت مصراً على أن يتم أخذ التدابير اللازمة لتجنب الأضرار التي ستنجم عن الضربة المحتملة لهذه المنطقة ونحن في غفلة. لهذا السبب أعلنا حالة الانتشار على جميع القوات المتواجدة هناك حيث كنا نخرج من نقاط التمركز منذ الفجر إلى ساعات المساء. والنقطة الأخرى التي أثارت الشكوك ولفتت الانتباه هي أنه في السابق لم تكن المخافر الإيرانية المتواجدة في تلك المنطقة ترفع أية رايات على أسطحها إلا أنه في تلك الفترة رفعت تلك المخافر رايات بيض، وهذه الظاهرة لفتت انتباهي كثيرا. لهذا السبب أحسست بأن هناك أمراً ما دفعهم للقيام بهذا العمل أي رفع الرايات البيض. هذه الظاهرة هي التي ساهمت في ولادة الشكوك لدي بالأكثر. بعد أن قمت بشرح شكوكي هذه، وظاهرة قيام إيران برفع الرايات البيض على مخافرها تولد لدى الرفاق شكوك أيضا، لهذا السبب أيدوا موضوع الدخول في حالة الانتشار كتدبير مقابل احتمال قيام الدولة التركية بتوجيه ضربات لنا. في تلك الفترة تحديدا أرسل جلال الطلباني خبرا بأنه يريد اللقاء بي بخصوص أمر ضروري. توجهت إلى السليمانية والتقيت به إلا أني لم ألاحظ أي موضوع خاص أو هام خلال المناقشة التي دارت بيننا. سألته عن سبب طلبه اللقاء بي، حينها قال: إن كومالا إيران يريد اللقاء بك، لهذا السبب طلبت اللقاء بك، وإن الشخص الذي يريد اللقاء بك مستعجل في أمره. قلت: إن كان سبب اللقاء هو كومالا لم يكن هناك حاجة للاستعجال في طلب اللقاء كان بالإمكان اللقاء بهم في وقت لاحق. التقينا بهم وعندما كنا نتناول طعام الغداء أردت الاستماع إلى الأخبار، وإذ يتم نشر نبأ بأنه تم توجيه ضربة عسكرية لمنطقة زلى. تفاجأت من هذا الخبر، لهذا السبب طلبت العودة إلى المنطقة، إلا أن مسؤول الاتحاد الوطني الكردستاني في تلك الأثناء قال “إننا على علم بهذا” حينها استفسرت منهم عن عدم إعلامي بالأمر، ردوا علي ب”لم نرد أن نخبرك به لأنه ليس هناك شيء يستدعي القلق ، وأن قواتنا قد توجهت إلى تلك المنطقة من أجل المساعدة وليس هناك شيء يستدعي القلق”، كان ذلك المسؤول يتفوه بهذه الجمل وكأنها شيء طبيعي، حينها اتضح أنه كان لهم علم بهذا. أي أن أي شخص بإمكانه أن يلاحظ هذا بمجرد التفكير قليلا. فسعي جلال الطلباني للقاء بي في تلك الفترة كان من أجل إخراجي من المنطقة والقضاء على الرفاق الآخرين في تلك المنطقة.
في هذا القصف استشهد 7 رفاق بالإضافة إلى بعض عائلاتنا التي كانت في تلك المنطقة وبعض القرويين والمهربين الإيرانيين، الرفاق الذين استشهدوا كانوا في المشفى والراديو، المعسكر كان فارغا لو لم يكن فارغا من الرفاق كان هناك احتمال بأن يستشهد أكثر من 300-400 رفيقا، لأن عمليات القصف تلك كانت قد بدأت من قلادز وصولا إلى منطقة قاسم رش أي إلى داخل الحدود الإيرانية، أي أنه تم قصف تلك المنطقة بالكامل، شارك في عملية القصف هذه 56 أو 58 طائرة حربية، واستمرت لمدة ساعة كاملة. بعد قصف تلك المنطقة لمدة ساعة كاملة توقف القصف لمدة عشرين دقيقة ومن ثم استمر لمدة ساعة أخرى، كانت أعنف عملية قصف على الإطلاق، اتفق جلال الطلباني مع الدولة التركية واستنادا إلى ذاك الاتفاق تمت عملية القصف تلك، وبعدها وصلتنا معلومات بأن أحد مسؤولي الاتحاد الوطني الكردستاني برفقة ضابط تركي كانوا يقومون بإعطاء الإحداثيات من أجل عملية القصف تلك، فعملية القصف تلك حصلت بهذا الشكل. تلك المنطقة وبعض المناطق الأخرى التي كنا نذهب إليها كانت تتعرض للقصف بالاستناد إلى المعلومات التي كان الاتحاد الوطني الكردستاني يقدمها للدولة التركية، ففي عملية القصف تلك استخدمت الدولة التركية كل أنواع القذائف كالقنابل العنقودية والقذائف الأخرى والقذائف الكبيرة الحجم والمتعددة الانفجارات. باتخاذ تلك التدابير خرجنا من عملية القصف تلك بأقل الخسائر، فلولا تلك التدابير كنا سنتعرض لمجزرة كبيرة في تلك المنطقة. لم يترك الرفاق تلك المنطقة حتى وصولي إليها، وعند وصولي قمنا بإرسال مجموعة لفتح الطريق إلى منطقة خاكوركى، لم تكن عندهم أية معلومات عن الطريق لهذا السبب استمرت مسيرتهم إلى منطقة خاكوركى 15 يوما، وبعد وصول تلك المجموعة أرسلنا المجموعات الأخرى تدريجيا إلى تلك المنطقة، وبهذه الطريقة قمنا بسحب نصف القوات التي كانت متواجدة في منطقة زلى إلى منطقة خاكوركى، بهذا الشكل تم إفشال المخطط الهادف إلى تصفية الحركة وفرض الضغط عليها في منطقة زلى. ففي حرب عام 1992 عندما ذهبت من منطقة متينا إلى منطقة حفتانين ولكوني خرجت من منطقة متينا وتوجهت إلى منطقة حفتانين فتح القائد تحقيقا بحقي بهذا الخصوص، وكان قد تم سحب الصلاحية والمسؤولية مني في تلك الفترة، وقد علمت بهذا بعد وصولي إلى منطقة حفتانين، لأن القائد عندما أرسلني إلى منطقة متينا كان ذلك من أجل تشكيل المعسكر الأساسي في تلك المنطقة كي نقوم بالتحضير لتشكيل حكومة الحرب في تلك الفترة في تلك المنطقة، كان من الواجب علي عدم الذهاب أو الخروج من تلك المنطقة من دون علم القائد. بعد وصولي إلى منطقة حفتانين وبعد أن علمت بهذا الأمر لم أعط أهمية للمسألة ، وقمت بالأعمال والأمور التي كان من الواجب علي القيام بها. كما أنه كان بإمكاني عدم تحمل مسؤولية استشهاد هؤلاء الرفاق أيضا، لأنه كان قد تم سحب الصلاحية والمسؤولية مني، ولكن من الناحية الأخلاقية ومن ناحية الإحساس بالمسؤولية تجاه هذه الحركة تحملت مسؤولية استشهاد هؤلاء الرفاق لأني كنت من مؤسسي هذه الحركة وكانت لدي مسؤولية تجاه هذه الحركة بغض النظر عن امتلاكي للمهمة والمسؤولية، فهذه المسؤولية تجاه هذه الحركة كانت أكبر من كل المهمات التي قمت بها، لهذا السبب تحملت مسؤولية استشهاد هؤلاء الرفاق.
عند وصولنا إلى منطقة بستا لم يكن وضعي الصحي على ما يرام فقد تعرضت لوعكة صحة قوية، عندما أعلم الرفاق القائد بمسألة وضعي الصحي راودته بعض الشكوك بهذا الخصوص أي أنني أقوم بهذا لسحب المهمة أو المسؤولية الموكلة إلي من قبل القائد. بعد مضي فترة قصيرة تم سؤال الرفاق عن وضعي الصحي مرة أخرى وفي هذه المرة ردوا على تلك التساؤلات بشكل غير مباشر وبأن المرض مرض طبيعي وليس مرضا في الرأس. استدعاني القائد إلى ساحة القيادة للمعالجة ولكن بسبب وعكتي الصحية لم أستطع السير، حيث انطلقت سيرا على قدم واحدة من منطقة هوزى من منطقة بستا إلى ديريك في غرب كردستان لأنه لم يكن بإمكاني ركوب الدابة ولا رجلي اليسرى كانت تساعدني على السير. وعند وصولي إلى ساحة القيادة ابتسم القائد عند رؤيتي وقال راودتني بعض الشكوك بخصوص وضعك الصحي حينها أجبت بأنه لا يوجد أي سبب لأقوم بهذا أي أن أتمارض. وفي تلك الفترة قمت بإجراء عملية جراحية.
أجرى القائد بعض التحليلات بصدد القوى اليسارية واليمينية في فترة التصفية التي بدأها كل من فرهاد وبوطان وأتباعه، هذه التحليلات كان القائد قد أجراها بعد حرب 1992، حيث وصف جبهة خاكوركى وفرهاد على أنه نهج الخيانة والتصفية ووصف تقربي وتقرب الرفيق جمال ومنطقة حفتانين بأنه النهج اليساري القاتل الذي يموت. قام القائد بهذا التحليل في تلك الفترة لأن فرهاد كان قد قام باللقاء مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ووقع اتفاقا معهم وكان اتفاق الخيانة ومثّل نهج الخيانة لهذا السبب قام القائد بهذه التحليلات. لماذا قام بهذا التحليل من أجل منطقة حفتانين؟ لأننا لم نقبل الاستسلام ولم نقبل الخيانة واتخذنا المقاومة أساسا لنا وكنا نسعى إلى توسيع دائرة الحرب وكنا قد قمنا ببعض الأعمال بالاستناد إلى هذا. كان بمقدورنا الاستمرار بالمقاومة بهذا الشكل، إلا أنها لم تكن ستسفر عن نتيجة بالطبع. كان بإمكاننا القتل وتقديم الشهداء وإبداء بطولات عظيمة ولكنها كانت ستبقى من دون نتيجة أي أنها لم تكن ستغير من نتيجة الحرب؛ لماذا؟ لعدم دخول الجبهتين الأخريتين الحرب فالجبهة الوحيدة التي دخلت الحرب كانت حفتانين، وبسبب توقيع الاتفاق وجه العدو كل ثقله إلى منطقة حفتانين. انتهاء الحرب في الجبهات الأخرى دفع العدو ليقوم بتوجيه كل قوته إلى منطقة حفتانين، كما أنهم كانوا أقوياء من الناحية النفسية أيضا لأنهم كانوا يعتقدون بأنهم قد حققوا انتصارا في الجبهات الأخرى وبهذه النفسية توجهوا إلى منطقة حفتانين، في وضع كهذا لا يمكنك تغيير نتيجة الحرب مهما قمت بالمحاربة والمقاومة وإبداء البطولات العظيمة، كان الوضع صعباً جداً. صحيح أننا لم نقبل الاستسلام ولم نقبل الخيانة وكنا قد اتخذنا من المقاومة أساسا لنا وأبديت مقاومة عظيمة هناك والمقاومة الأساسية كانت في جبهة حفتانين ولكن بهذا الشكل لم يكن بالإمكان تغيير مصير تلك الحرب، لهذا السبب قام القائد بهذا التحليل في تلك الفترة وقال عنها إنها نهج اليسار الذي يقتل ويموت ولكن لا يضمن النصر، حتى أننا كنا نصر على الاستمرار في تلك المقاومة بهذا الشكل، لأننا كنا على ثقة وإيمان بأننا قادرون على تغيير نتيجة الحرب، فالتحليل الذي قام به القائد في تلك الفترة كان لهذا السبب. كما أنه عندما وصلت معلومات للقائد حول الوضع الذي تمت معايشته في مرحلة مؤتمر الشعب والقضايا التي يتم معايشتها في تلك الفترة أعاد القائد النظر في التحليلات والممارسة العملية التي تمت في عام 1992 وعلى إثرها طور تلك التحليلات مرة أخرى.
كانت حرب 1992 مرحلة انتقالية بالنسبة للقائد، هذه الحرب كانت قد قامت بإظهار بعض النتائج وكانت قد طرأت بعض التغييرات على الوضع العالمي وكانت تنعكس على كردستان أيضا. فهذه الحرب كانت قد أظهرت بعض النتائج من أجل قراءة الوضع بشكل أفضل، انطلاقا من هذا دخل القائد ضمن الحركة وتوصل إلى بعض القرارات: فعملية وقف إطلاق النار التي تم إعلانها في عام 1993 كانت لهذا السبب. بالرغم من أن جلال الطلباني كان الوسيط بين الدولة التركية والحركة وأنه نقل طلب الحكومة التركية وقف إطلاق النار للقائد لدخول مسألة حل القضية الكردية جدول الأعمال وخطو الخطوات اللازمة من أجله. إثر هذا الطلب قام القائد بإعلان وقف لإطلاق النار من طرف واحد في نوروز عام 1993. حققت الدولة التركية بعض النتائج من الحملة التي بدأتها في عام 1992 وتعرضت الحركة لضربات قوية حدت من التطور لديها ، وبالاستناد إلى هذه الاستعدادات سعت الدولة التركية إلى خطو خطوات مشابهة في الشمال أيضا، وعلى وجه الخصوص ارتكاب مجازر جماعية في نوروز. أدرك القائد هذا الوضع، وللحد من تطور مثل تلك المجازر وللحد من التعب وحل المشاكل التي عايشتها الحركة في تلك الحرب وكي لا تشكل تلك المشاكل عوائق أمام تطور الحركة وللحد منها ولخلق فرصة للحركة لتقوم بلم شملها ومداواة جراحها، ومن الناحية الأخرى لخطو خطوات تتلاءم مع الأسس الايديولوجية للحركة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وبسبب النتائج التي تمخضت عن حرب 1992 والتي أشارت إلى عدم إمكانية تحقيق النصر بالاستمرار بهذا الشكل؛ لهذا كان من الواجب خطو خطوات التغيير أي كان من الواجب من ناحية الحد من تطور المجازر ومن ناحية أخرى الحد من تطور المشاكل ضمن الحركة وحلها، ومن ناحية ثالثة خلق وإحداث بعض التغييرات، كي يتمكن من دفع الحركة للدخول ضمن مسار الحل أي حل القضية الكردية بالحوار، كان من الواجب على الحركة خطو مثل هذه الخطوات لأنها وصلت إلى هذه المرحلة والتطورات الحاصلة تتطلب هذا التغيير. أدرك القائد هذه الحقيقة وقيامه بتطوير عملية وقف إطلاق النار في عام 1993 كانت لهذا السبب، فهذا كان تغييرا في استراتيجية هذه الحركة. وصلنا إلى تلك المرحلة من خلال استراتيجية محددة حيث ساهمت تلك الاستراتيجية في الانطلاقة والتطور والنهضة وأكسبت الحركة هوية خاصة بها، وحققت ولادات إلا أنه كان من الواجب تطوير خطوات حل القضية الكردية ضمن تلك الثورة، فعملية وقف إطلاق النار كانت إشارة لاستراتيجية جديدة وإحداث تغييرات جديدة في الاستراتيجية، ربما لم يوضح القائد هذا على السوية الاستراتيجية، كان يطور بخطوات تكتيكية فقط، تلك الخطوات التكتيكية كانت تشير إلى إحداث تغييرات جديدة ضمن الاستراتيجية، وظهر هذا بكل وضوح، لأنه حتى تلك الفترة كنا نهدف إلى كردستان حرة اشتراكية وإقامة دولة برولوتارية في كردستان ورفض الدولة المستعمرة وإخراجها من كردستان هذه كانت الاستراتيجية، ولكن عملية وقف إطلاق النار كان الهدف منها حل القضية الكردية مع الدولة التركية، كان هذا يعتبر تغييرا وكان يعني حل القضية الكردية مع الدولة المستعمرة بالحوار والطرق السياسية والديمقراطية وليس إخراج الدولة من كردستان. كان هذا هو التغيير الذي أجراه القائد على الاستراتيجية، بالطبع هذا التغيير كان تغييراً أساسياً ضمن هذه الحركة، فخطوة وقف إطلاق النار كانت بداية هذه المرحلة، وكانت ترسم أسس هذه المرحلة، لهذا السبب قد تكون خطوة تكتيكية ولكن كان الهدف من هذه الخطوة تطوير استراتيجية جديدة، وتحضير وتهيئة الحركة والشعب لهذه الاستراتيجية وعلى أساسها خطو بعض الخطوات. بالطبع لم تفهم لا إدارة الحركة ولا الكوادر ولا الشعب هذا التغيير، كما أنه لم يكن هناك وقت كافٍ لتفهيم هذا التغيير، فلو كانت هناك فرصة لشرح هذا التغيير كان القائد بالطبع سيقوم بشرحه وتوضيحه للجميع، ولكن بسبب قيام شمدين صاكك بإفشال هذه المرحلة عندما قتل 33 جنديا في منطقة بينكول فشلت تلك الخطوة، لهذا السبب لم يقم القائد بتقديم إيضاح لهذه المرحلة كونها فشلت من قبل شمدين ويشيل. فلو لم يتم القيام بتلك العملية الهادفة إلى إفشال هذه المرحلة وتم الاستمرار بتلك الخطوة حينها كان القائد بالتأكيد سيقوم بتعريف هذه المرحلة للحركة والكوادر والشعب، أي لو قامت الدولة التركية بخطوة إيجابية من أجل مرحلة وقف إطلاق النار. سعى واراد توركوت اوزل إلى حل القضية الكردية، ربما لم يكن يريد حلها كما نريد نحن، ولكنه كان يريد تطوير حل يتناسب مع مصالحه ومصالح الدولة التركية، لأنه كان قد وضع نصب عينيه أهدافاً كبيرة وكان يريد حل القضية الكردية لتحقيق تلك الأهداف، إلا أنهم لم يسمحوا له بذلك، حيث تم قتله وتصفية كل من كان يؤيد هذا الطرح، ومن ثم قاموا بإفشال عملية وقف إطلاق النار، وهذا ساهم في عدم تطور المرحلة بالشكل المطلوب.
كما هو معلوم قام القائد بإعلان وقف إطلاق النار قبل شهر من قتل تركوت اوزال، ولكن تركوت اوزال كان يريد إطالة الفترة لشهر آخر لهذا السبب قام القائد بعقد مؤتمر صحفي وبالفعل قام بإطالة مرحلة وقف إطلاق النار بالإضافة إلى هذا لم يحدد فترة انتهاء هذه المرحلة حتى أنه عندما قام بعقد المؤتمر الصحفي الثاني حضره كل من جنكيز جاندار وعصمت اينست؛ حيث كان لهذين الصحفيين علاقات مباشرة مع سليمان دميرال وتركوت اوزال وهم بدورهم كانوا يقومون بنقل الرسائل فيما بين القائد والدولة التركية. نعم كان جلال الطلباني الوسيط الأساسي ولكن هذين الصحفيين إلى جانب جلال الطلباني كانا يقومان بنقل الرسائل فيما بين القائد والدولة في تلك الفترة. في تلك الفترة كان تركوت اوزال قد أرسل رسالة مع هذين الصحفيين يقول فيها: “سأبدأ بالعمل الرسمي بخصوص حل القضية الكردية” أي أنه ربما لم يكن قد بدأ بالعمل بشكل رسمي حيث كان حتى تلك الفترة يقوم بإقناع الوسط المحيط به، كان قد قال لجلال الطلباني: أقنعت أشرف بدليس و دوغان غوريش يتخذ موقفاً متردداً وأقوم بإقناع الآخرين، وسأقوم بإقناع دوغان غوريش، وأشار إلى أن يمتلك القائد الصبر قليلا وسأقوم بعد ظهر اليوم بالبدء بالعمل بشكل رسمي كي أضع هذا العمل ضمن جدول الأعمال، وبعد ظهر ذاك اليوم تم قتله. لهذا السبب فإن تلك المرحلة توقفت في تلك النقطة ولم تتطور وفشلت، أي أنه لو لم يتم قتل تركوت اوزال ربما كان بإمكانه خطو خطوات بهذا الشكل، وربما كان سيساهم في تطور تلك المرحلة بشكل إيجابي، فالدولة التركية هي التي أعاقت تطور تلك المرحلة، كما أن قيام شمدين صاكك ويشيل بعملية في منطقة بينكول ساهم في فشل تلك المرحلة بالكامل.
كنا في ساحة القيادية عندما حصلت تلك العملية، أعلمنا شمدين بحصول اشتباكات قُتل فيها عدد من الجنود الأتراك لكنه لم يقل بأنهم قتلوا الجنود العائدين إلى منازلهم والعزّل من الأسلحة. المعلومات التي قدمها بخصوص تلك العملية كانت بهذا الشكل، ونحن وثقنا بهذه المعلومات. إلا أن جلال الطلباني في تلك الفترة عقد معنا اتصالا هاتفيا وقال “لقد حصلت على معلومات بأن هؤلاء الجنود الذين تم قتلهم لم يقتلوا إثر اشتباكهم مع الكريلا وإنما قتلوا وهم في طريقهم إلى منازلهم وكانوا بدون أسلحة، ومن الواجب على الحركة أن تقدم تصريحا تندد فيه بهذه العملية. واستنادا إلى المعلومات التي نقلها شمدين لنا لم نعطِ أي اهتمام لما قاله جلال ولم نرَ سبباً لنقوم بالإدلاء بأي تصريح ندين فيه هذه العملية. ولا سيما أننا كنا قد أعلنا وقفاً لإطلاق النار من طرف واحد وأن الدولة التركية هي التي قامت بإحلال هذا الاتفاق، كما أن العديد من الرفاق استشهدوا في مناطق أخرى نتيجة قيام الدولة بحملات تمشيط ضدهم. لهذا السبب كنا نملك حق الرد. اعتقدنا بأن جلال يدلي بهذه المعلومات كي نقوم بإدانة تلك العملية كونه كان الوسيط بين الحركة والدولة التركية وكي لا تتدهور تلك الوساطة. إلا أنه في الحقيقة كانت المعلومات التي وصلت إليه صحيحة والمعلومة التي وصلتنا كانت هي الخاطئة، ولأن المعلومة التي حصلنا عليها كانت من قبل أعضاء حركتنا وثقنا بها، ولكن بعد مضي فترة اتضح لنا بأن المعلومة التي حصل عليها جلال الطلباني كانت صحيحة، وأننا انخدعنا بتلك المعلومة التي قدمها لنا شمدين. لا أعتقد بأنه لو قمنا بالإدلاء بمثل تلك التصريحات في تلك الفترة كان سيتغير أي شيء من تطور المرحلة.
بالطبع كنا على أبواب الدخول ضمن مرحلة جديدة وكانت قد درت علينا بالنفع بعض الشيء حيث تم إعاقة المجازر التي كانت سترتكب في نوروز بالإضافة إلى ذلك لملمت الحركة الجراح التي تعرضت لها في حرب 1992 وأعادت لمَّ شملها من جديد كوننا خرجنا من حرب طاحنة في تلك الفترة، بالإضافة إلى هذا كان هناك الكثير من القضايا، تم حل قسم منها ، كما أكسبت الحركة مكانة ضمن الأوساط العالمية والإقليمية وضمن كردستان، وقوَّت التوازن الذي شكلته الحركة، حتى أن كمال بوركاي وغيره من الشخصيات كانوا يعتقدون بأن تطور المرحلة هو الحل لهذا السبب التقوا بالقائد وحضروا المؤتمر الصحفي الثاني كما أن أحمد ترك حضر هذا المؤتمر باسم hep ، حيث أن هذه الظاهرة انعكست على وسائل الإعلام بأنه تم توحيد الصف الكردي. أي أن المؤتمر الصحفي الثاني أبرز ولادة وحدة وطنية بين الأحزاب الكردية. الجميع كانوا يتعقدون بأن القضية الكردية تدخل مرحلة الحل لهذا السبب أراد الجميع الانضمام إلى هذه المرحلة والمشاركة فيها كي ينالوا مكانا ضمنها، إلا أنه بعد أن تم إفشال هذه المرحلة للأسباب التي ذكرناها آنفا انفصلت كل الأطراف التي تقربت من الحركة وأصبحت تعادي الحركة بشكل مباشر، ولكن بالرغم من فشل تلك المرحلة إلا أن عملية وقف إطلاق النار تلك قامت بخدمة الحركة بشكل جيد، حيث ساهمت في تعريف الحركة أكثر ضمن الأوساط الخارجية.
بالطبع كانت الدولة التركية قد حضرت نفسها من أجل مرحلة جديدة حيث أن دوغان غوريش بعد أن ذهب إلى انكلترا وعاد منها بدؤوا بتطبيق استراتيجية جديدة حيث كسبوا إذن تطبيق تلك الاستراتيجية من انكلترا، فقاموا بهدم العديد من القرى وهجروا سكانها وطوروا علميات الفاعلين المجهولين وحشدوا كل قواتهم في استهداف الساحة السياسية المشروعة كإغلاق hep واعتقال ممثلي الشعب وزجهم في السجون وفرضوا الضغوط على التنظيم الرسمي وقاموا بحملات تمشيط واسعة ضد الكريلا وسخروا كل الإمكانيات من أجل هذا ليلحقوا ضربات بقوات الكريلا. هذه كانت استراتيجية جديدة وحملة جديدة قد تم تطويرها ضد الحركة، وأخذت الموافقة من انكلترا أي أنه لو لم تقم انكلترا بالموافقة على هذه الاستراتيجية لما كان بمقدور الدولة التركية خطو تلك الخطوات، حيث أعطت مطلق الصلاحية للدولة التركية شريطة نيل النتيجة، بعد أخذ الموافقة من انكلترا لم يعد بإمكان أحد التصدي ومنع الدولة التركية من القيام بممارساتها الوحشية ضد الشعب الكردي. لماذا أخذت موافقة انكلترا بالذات ؟ لأن انكلترا كانت مركز القضية الكردية أي أن السياسة ضد الشعب الكردي كانت تحدد من قبل انكلترا، وهي التي قسمت كردستان وهي التي طورت ذاك الوضع بالنسبة للشعب الكردي وكردستان. انكلترا هي التي طورت سياسة الإنكار والإمحاء بحق الشعب الكردي، كما أن لفرنسا أيضا دور في هذا، كما أن لألمانيا دور أيضا ولكنه مختلف. الدولة المسؤولة عن ولادة القضية الكردية أي تشكيل القضية الكردية في الدرجة الأولى كانت انكلترا، وكل السياسات التي تتطور ضد الكرد وكردستان تساندها انكلترا، ومازالت بهذا الشكل حتى الآن، لهذا السبب ذهب دوغان غوريش لينال الموافقة على استراتيجيته من انكلترا، وطبق هذه الحملة بعد عودته من انكلترا مباشرة من دون أي حدود حيث قامت الدولة التركية بهدم القرى وهجرت أهاليها وطورت جرائم الفاعلين المجهولين وفرضت الضغوطات على الحركات والتنظيمات الديمقراطية وقامت باستهداف الكريلا واستخدمت كل قواتها وأسلحتها ضدهم.
بالطبع طور القائد فعاليات هامة ضد هذه الحملة من الناحية الايديولوجية والتنظيمية والسياسية والعسكرية والدبلوماسية. وهذه الفعاليات التي قام بها القائد لم تسمح للدولة التركية بنيل النتيجة من حملتها تلك، ربما لم ينجح حزب العمال الكردستاني في هذا ولكنه لم يدع الدولة التركية أو يسمح لها بنيل النتيجة التي تسعى إليها. لو لم يقم القائد بتطوير نضال عظيم بهذا الشكل في تلك المرحلة بالتأكيد كان بإمكان الدولة التركية نيل النتيجة التي كانت تسعى إلى تحقيقها، كانت قد كسبت تأييد ودعم النظام وكانت تستخدم كل الطرق والسبل وكانت قد حشدت كل قواتها من أجل هذا. لهذا السبب كان بإمكانها نيل النتيجة التي تسعى إلى تحقيقها، وعدم نيلهم لتلك النتيجة كانت بسبب تسيير القائد نضالا وأعمالا عظيمة وكبيرة. أبدت الحركة مقاومة عظيمة وباسلة، كان يراد فرض الاستسلام على الحركة وتصفيتها إلا أن الطرفين لم ينالا النتيجة لا الدولة التركية ولا حزب العمال الكردستاني. أي أنه أسفر عن ولادة وضع شبيه بالهرولة في المكان، لأن بقاء عمل أو نضال في مكانه من دون تقدم أو تراجع يؤدي إلى تكرار نفس الشيء والابتعاد عن التجدد.
ظهرت التصفوية ضمن الحركة وخارجها في هذه المرحلة، حيث أن التصفويين الذين كانوا خارج الحركة لم يقتصروا على المرتزقة فحسب إنما كانت الدولة ومرتزقتها وبالإضافة إلى هذا كان كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني يتصدون للحركة معا، كانوا يتحركون ضد الحركة. وهذا كان يكسب التصفوية الداخلية القوة، كانت تكتسب القوة منها وتكسبهم القوة والجرأة في نفس الوقت. بهذا الشكل كانوا يتممون بعضهم البعض. كان هدفهم الأساسي إفقاد نهج القائد تأثيره وتطوير نهج التصفوية ضمن الحركة كونه لا يمكن تصفية الحركة إلا بهذه الطريقة، ووضعوا جم ثقلهم في هذه المسألة. إلا أنه اتضح لهم بأنه من غير الممكن فرض الاستسلام وتصفية الحركة، أبدى القائد مقاومة أكبر ضد كل محاولة منهم للتصفية وفرض الاستسلام على الحركة. رأوا أن هذه الطريقة لا تجدي أي نفع ولا يمكنهم نيل النتيجة بهذه الطريقة لهذا السبب غيروا الأسلوب أو الطريقة ألا وهي كيف يكون بمقدورهم تقوية التصفوية وفرض حاكمية التصفوية ضمن الحركة ليتمكنوا من فرض نهج آخر ضمن الحركة لنيل النتيجة التي يسعون لتحقيقها واتخذوها أساسا لهم. لهذا تم استخدام شمدين من قبلهم بشكل أساسي. سعوا إلى تقوية شمدين صاكك ضمن الحركة وإكسابه التأثير اللازم. وهو الآخر وضع ذلك نصب عينيه وعلى هذا الأساس كان يقوم بالتنظيم ضمن الحركة، وكان يقوم بتصفية العوائق التي كانت تعيق تحقيق هدفه ضمن الحركة، حيث قام بتصفية العديد من الرفاق في الاشتباكات التي اندلعت في آمد ومناطقها. شكل مجموعة خاصة به تخدم أهدافه هذه. بهذا الشكل كان قد فرض حاكميته على تلك المنطقة بالكامل، وبعد أن فرض حاكميته على منطق آمد بالكامل أراد توسيع هذه الدائرة وذلك من خلال فرض سيطرته وحاكميته على الحركة بالكامل. بدأ بالاستعداد لهذا في نهاية عام 1993، إلا أن القائد أدرك هذا الوضع لهذا السبب استدعاه إلى ساحة القيادة للحد من تطور المخاطر التي تنجم عنه. لو لم يوافق شمدين على مسألة الذهاب إلى منطقة سرحد حينها كان سيقع في وضعية معادة القائد بشكل مباشر وحينها لن يستطيع تحقيق الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها ضمن الحركة. لم يبقَ في منطقة سرحد لفترة طويلة حيث توجه من هناك إلى منطقة ديرسم من دون موافقة القيادة أي علم القائد. سعى إلى فرض نهجه في كل المناطق التي كان يذهب إليها، وكان يقوم بتطوير تنظيم يخدم هدفه، وكان يقوم بإفقاد كل من يقوم بمعارضة مفاهيمه تأثيره. بدأ بهذه الخطوات في منطقة سرحد ولما توجه إلى ديرسم أراد فرض ضغوطاته على منطقة بوطان حينها استدعاه القائد مجددا أي بعد أن ذهب إلى منطقة ديرسم. ففي عام 1995 أتى إلى منطقة الجنوب بالطبع عندما كان في طريقه من الشمال إلى الجنوب نشر دعاية بأن القوات المتواجدة في الشمال هي القوات التي تحارب وهي التي تعمل وهم من يمثلون الحزب وأن قوات الجنوب يحيون من خلال استغلال ذلك. أي لا يوجد أي شيء يُدعى الحزب في الجنوب بهذا الشكل سعى إلى خلق التناقضات فيما بين المناطق أي الشمال والجنوب. سعى إلى تحريض جميع رفاق الشمال ضد رفاق الجنوب، حيث كانت تلك الأعمال تحضيراً لخلق ردود ضد إدارة الحركة. والهدف منها كان إفقاد إدارة الحركة تأثيرها لكسب تأييد القاعدة لصالحه وفرض حاكميته على الحركة. الهدف الأساسي لشمدين صاكك كان فرض حاكميته وامتلاك إدارة الحركة لهذا السبب كان يرى كل الطرق مباحة من أجل تحقيق هذا الهدف.[1]