تاريخ حركة الحرية الكردستانية الحلقة 17
جميل بايك
تطرقنا لوضع الأكاديمية والوضع في ساحة الوطن في فترة ما بعد المؤتمر الثالث، بالطبع الوضع في أوربا كان مشابهاً. تقدمت الدولة التركية في اجتماع الناتو الذي انعقد في عام 1986 بطلب تحث فيها الدول التي يتشكل منها الحلف بمساعدتها وقيامها بمهماتها تجاه الدولة التركية في حربها ضد حزب العمال الكردستاني كونها دولة ضمن هذا الحلف. وطلب الدولة التركية هذا كان السبب في اتخاذ هذا الاجتماع لقرار قيام الدولة الألمانية بحماية الدولة التركية وتقديم المساعدة لها. وإثر هذا القرار قامت الدولة الألمانية بعمليات اعتقال ضد كوادر الحزب، حيث طالت تلك العمليات إدارة الحركة في أوربا كالرفيق عباس والرفيق فؤاد وغيرهم من الرفاق. أي البدء بحملة «دوسالدورف» المشهورة. عندما تم اعتقال هؤلاء الرفاق قام حسين يلدرم بانطلاقته، وأدلى بتصريحات تفيد بأن هؤلاء الرفاق يمثلون حزب العمال الكردستاني وقد همشوا دور القائد وابعدوه عن الحركة. هذ كان مخطط حلف الناتو. القيام باعتقال كوادر الحزب في أوربا ودس حسين يلدرم ضمن الحركة، بالطبع كانت فاطمة تقوم بمساعدة ومساندة حسين يلدرم. سعت فاطمة إلى توكيل هذه المهمة إلى ديلاور يلدرم، ولكن لقيام هذا الأخير بالانتحار عملت على إعداد وتهيئة حسين يلدرم عوضاً عنه. حيث كان ديلاور يلدرم قد اعتقل في أحدى العمليات قبل الإعلان عن الحزب، ودخل سجن أنقرة، وخلال الفترة التي قضاها في السجن عقد بعض العلاقات ضمن السجن مع الاستخبارات البلغارية والميت التركي. لم يكن لنا علم بذلك، عند خروجه من السجن سعى القائد كي يحضره إلى ساحة الأكاديمية، وبالفعل بعد مضي عدة أشهر قدم إلى ساحة الاكاديمية، وكان القائد يعطيه قيمة كبيرة استناداً لشخصيته السابقة، لم يكن القائد هو الآخر يعلم بوجود أو تطور علاقته مع الاستخبارات البلغارية والميت التركي. قامت الدولة التركية بإخراجه إلى بلغاريا كونها دولة اشتراكية وكأنه وصل الاراضي البلغارية عن طريق المهربين كي لا نشك بوضعه أبداً، بلغاريا هي الأخرى كانت تسعى إلى إعداده كي يتمكن لها السيطرة على حزب العمال الكردستاني. في المرحلة الأولى من وصوله إلى ساحة الاكاديمية كان صامتاً وساكناً كي لا يلفت الانظار إليه ولكن بعد ذلك سعى إلى تشكيل تنظيمه في ساحة الاكاديمية بشكل تدريجي. شك بعض الرفاق بوضعه واعلموا القائد بوضعه وشكوكهم حوله، حينها يلفت انتباه القائد أيضاً. وبتطور علاقته مع هؤلاء الرفاق قليلاً، حينها يدرك الرفاق أن شكوكهم ليست مجرد شكوك إنما هي الحقيقة. وعندها يشعر ديلاور أن وضعه قد كشف من خلال سير نقاشات الدروس ضمن الاكاديمية، ويقوم بالانتحار أثناء فترة الاستراحة بين الدروس في مكان قريب من الاكاديمية. وبسبب هذا الانتحار قامت فاطمة بإعداد حسين يلدرم لهدفها. عند ظهور حسين يلدرم في أوربا كان يدعي أنه تم طرد القائد من الحزب وأنه هو من يمثل الحزب، بالطبع فاطمة كانت العقل المدبر له، ولكن المنفذ كان حسين يلدرم. تم البدء بهذه الخطوة بعد أن تم اعتقال كل اداري الحزب في ألمانيا. عقد حسين يلدرم العلاقات مع سجن آمد أيضاً لأنه كان محامياً عن الرفاق في المحكمة. أحضرنا حسين يلدرم إلى الاكاديمية وارسلناه مجدداً إلى أوربا كنا نعيره الأهمية، إلى ذلك الحين كان ضمن اليسار التركي، كما أن طريقة وأسلوب حياته لم تكن مقبولة من قبلنا، كنا نعيره الأهمية لأنه دخل المحاكمة بصفة محامي الدفاع عنهم. وبمجيئه إلى الأكاديمية كان يدعي تأثره بالرفاق كالرفيق مظلوم وكمال وخيري ولهذا السبب يريد أن يعيش ضمن هذه الحركة، كان يبكي عند تحدثه عن الرفاق، إلا أنه اتضح فيما بعد أن كل ذلك كان مجرد سيناريوهات كي يكسب ودنا ونتقبله، بالطبع لم يكن يملك تلك القوة التي تمكنه من اللعب على هذه الحركة لوحده أنما كانت تسانده قوى أخرى، هم الذين اعدوه وانشاؤه ضد الحركة. انتفض الشعب في أوربا تلبية لنداء القائد وعلى إثر هذه الانتفاضة هرب حسين يلدرم وأعوانه من هناك وهربت فاطمة من اليونان. فالحركة التي كانت فاطمة وحسين يلدرم يريدون تطويرها لم تتطور وتم تصفيتها خلال فترة قصيرة. كان هناك شخص آخر في تلك الفترة في أوربا يدعى ارجان، اتضح أنه هو الآخر من البوليس ومن اعوان الدولة التركية كان من منطقة قارص وكانوا يشكلون مجموعة مع حسين يلدرم، وكافة عمليات الاعتقال التي حدثت في أوربا تمت عن طريقهم، في تلك الفترة تلقت حركتنا ضربة قوية، لم يبق أحد من الإدارة. بالإضافة إلى ذلك كانوا قد وعدوا ماهر ولات بأنهم أن حققوا النجاح في مخططاتهم الأولى سيعينونه قائداً للحزب أو رئيساً له. حيث كان ماهر هو الآخر عضواً في إدارة الحركة في أوربا. فقد تم اعتقال كافة الرفاق في تلك الفترة ما عدا ماهر ولات، كانوا يخططون ليظهر ماهر ولات ضد القائد عندما ينجحون في خطواتهم الأولى، لأنهم كانوا يعتقدون أنه بإمكان ماهر ولات أن يفقد القائد من تأثيره، هذه كانت أحدى مخططاتهم، إلا أنه لما لبى الشعب نداء القائد وهرب كل من حسين يلدروم واعوانه رأى ماهر ولات الذي لم يلقي أي خطوة في حماية والدفاع عن الحركة أن من مصلحته الوقوف في صف الحركة مرة أخرى، فحتى تلك الفترة لم يقم بأي شيء سوى المراقبة إلى أية جهة سوف ترجح كفة الميزان وعلى إثرها سيختار الكفة المناسبة والتي تخدم مصالحه. بهذا الشكل تم تجاوز الخطر الذي كان محدقاً بالحركة في تلك الفترة.
استمرت محكمة «دوسالدورف» خمس سنوات بالطبع كانت محكمة هامة جداً، سعت المانيا إلى فرض الاستسلام على هؤلاء الرفاق الذين تم اعتقالهم من قلبها، حيث قالت هذا بشكل علني للرفاق «إن قمتم بالتصدي للقائد آبو سوف نطلق سراحكم جميعاً وبالإضافة إلى أننا سوف نقدم لكم الدعم والمساندة أيضاً وحينها تستطيعون أن تكونوا إداريين في حزب العمال الكردستاني ومن خلال المساعدة التي سنقدمها لكم يمكنكم أن تفرضوا سيطرتكم التامة على حزب العمال الكردستاني أيضاً». كانت ألمانيا تعتقد أنه أن تم اعتقال هؤلاء الرفاق وتقديم المساعدة والدعم لهم، أنها ستحرض هؤلاء الرفاق ضد القائد وستفرض سيطرتهم على حزب العمال الكردستاني. هذا كان هدف ألمانيا ومساعيها.
بالطبع أبدى الرفاق في تلك الفترة مقاومة عظيمة ضد الدولة الألمانية في السجن وفي المحكمة أيضاً. حيث وضعوا الرفيق فؤاد في حجرة انفرادية وطلبوا منه أن يردد نشيد الاستقلال التركي وكانوا قد علقوا صورة مصطفى كمال اتاتورك في تلك الحجرة. بهذه الممارسة كانوا يسعون إلى تحطيم إرادة الرفيق فؤاد وفرض الاستسلام عليه، هذه الاعمال كانت تقوم بها الدولة الالمانية. شخصية الرفيق فؤاد شخصية قوية وعنيدة ولا يتراجع عن عناده مهما كلفه من الثمن، أبدى ضد ممارسات الدولة الألمانية موقفاً صارماً وحاداً، أرادت الدولة الألمانية تحطيم المقاومة التي أبداها الرفيق فؤاد، إلا أن هذه الممارسات زادت من عناد الرفيق فؤاد أكثر، وعلى أثر هذه المقاومة التي أبداها الرفيق فؤاد قامت الدولة الألمانية بنقله إلى حجرة أخرى ومنعته من التواصل مع الآخرين لمدة سبعة أشهر. كما كانت الدولة الألمانية قد قالت للرفيق عباس: من الواجب عليكم أولاً أن تقضوا علينا من بعدها بإمكانكم أن تقوموا بتصفية الدولة التركية، أي لن ندعكم تقوموا بمحاربة الدولة التركية ونحن موجودين، كانت الدولة الألمانية تقوم بهذا باسمها وباسم الدولة التركية وباسم حلف الناتو. في الوقت الذي كانت تجري فيها تلك المحكمة كانوا يقومون بنفس الوقت بتسيير أعمال ضد النظام الاشتراكي أيضاً. كانت مهمة ألمانية متمحورة ضمن هذا الإطار. فعندما انهار الاتحاد السوفيتي كانت المحاكمة ما تزال مستمرة. حتى أنهم سعوا ليحولوا تلك المحاكمة إلى عملية إبادة ضد هؤلاء الرفاق، وقامت الدولة الألمانية بالكثير من الأعمال لتتمكن من نيل النتيجة، إلا أن الرفاق أبدوا مقاومة عظيمة وطوروا ألية دفاعية قوية ضد الدولة الألمانية. أرادت الدولة الألمانية أن تقوم بعمليات إبادة ضد الرفاق في هذه المحكمة، إلا أنها لم تستطيع هذا، نحن لم نسمح لها بالقيام بهذا، أي أن الرفاق في السجن لم يسمحوا لها بالقيام بهذا والرفاق في خارج السجن أيضاً لم يسمحوا لها بفعل هذا، حيث كانت قاعة المحكمة تكتظ بالشعب وبحضور شخصيات أجنبية أيضاً. لم تستطيع ألمانيا نيل النتيجة التي تريدها رغم كل الجهود التي بذلتها. وبعد مضي خمس سنوات اضطروا إلى إطلاح سراح الرفاق، ومن أهداف تلك المحكمة أنهم كانوا يريدون أن تقوم كل الدول بإعلان حزب العمال الكردستاني كحركة ارهابية أي فرض الحظر على الحزب ليتمكنوا من تصفيته أو إلحاق ضربة قوية به. لم يستطيعوا فعل هذا، حيث أفشلت الحركة مخططات ألمانيا. بالطبع لتطوير تلك المحكمة قامت الدولة الألمانية باستخدام كل من علي جتينر وجمعة كر وأمثالهم لخدمة هذا الغرض، فقد أدلوا بأقوال زور حول الرفاق أي نسبوا كل الأعمال التي ارتكبت في تلك الفترة إلى الحزب وعلى وجه الخصوص هؤلاء الرفاق المعتقلين. ففي البداية سعوا إلى تحريض الرفاق ضد القائد ولكنهم عندما لم ينجحوا في هذا سعوا إلى نيل النتيجة من خلال إلصاق الصفة الإرهابية على الحزب. إلا أن كل هذه المحاولات ذهبت ادراج الرياح ولم تسفر عن نتيجة.
هذه كانت ردة الفعل على الحملة الكبيرة التي أراد القائد أن يطورها من خلال المؤتمر الثالث. ولكن في المقابل طور القائد نضالاً صارماً من الناحية الايديولوجية والسياسية والتنظيمية والعسكرية. كي يتم القضاء على هذه التخريبات التي ولدت، ولتطبيق حقيقة المؤتمر الثالث ضمن الممارسة العملية في كل الساحات. في تلك الفترة كانت التصفوية تسعى لتقوم بحملتها حيث قام كل من شاهين دونماز وفاطمة بزرع بذرة القتل والتصفوية ضمن صفوف الحركة. ولكن ورغم كل المساعي التي تم بذلها من أجل انبات هذه البذرة إلا أن هذا المفهوم لم يتطور ضمن الحزب. ولكن هذا المفهوم تطور ضمن الحركة في أعوام 1987-1988-1989-1990 وأحدث هذا النهج التصفوي تخريبات كبيرة ضمن الحركة، وقامت بتحريف كل من ثقافة وأخلاق ومعايير ومقاييس هذه الحركة، واجهتنا تخريبات كبيرة في هذه المرحلة رغم كل المساعي التي قامت بها الحركة لاقتلاع هذا المفهوم من ضمنها. صحيح أنه قد يكون كور جمال وشاهين بالج وهوكر وشمدين صاكك طوروا هذا النهج ضمن الممارسة العملية بشكل فعال، حيث تعتبر هذه المرحلة هامة ضمن تاريخ حركتنا وتسمى بمرحلة التصفويين الأربعة؛ ولكن صاحبا هذا النهج الأساسي هما بوطان «نظام الدين تاش» وأبو بكر.
كانت إيالة بوطان وماردين موحدة حتى نهاية عام 1990، وتم فصل هاتين الايالتين عن بعضهما في المؤتمر الرابع، حتى تلك الفترة كانت إيالة واحدة وكان بوطان المسؤول السياسي عنها وأبو بكر المسؤول العسكري، كانت لنا في تلك الايالة وحدة عسكرية مركزية تقوم بتطوير العمليات العسكرية في كل أنحاء هذه الايالة، وكان أبو بكر المسؤول عن تلك الوحدة العسكرية، وكان هوكر وشمدين صاكك ومتين قادة ضمن هذه الوحدة العسكرية حيث كان هوكر قائد مجموعة وكان كل من شمدين صاكك ومتين قائدا فصيلة. فالعمليات التي تطورت في تلك الأعوام تمت كلها بمسؤولية كل من بوطان وأبو بكر، هم أصحاب نهج التصفوية الأربعة، كما أن كل من بوطان وأبو بكر اتخذا مكانهما ضمن تلك العمليات على وجه الخصوص إلى جانب كل من متين وشمدين صاكك. بعد ذهاب أبو بكر إلى منطقة كرزان قام بالاستمرار في هذا النهج، وكذلك شمدين صاكك في كل من امد وارضروم. إن العمليات التي تطورت ضد الاطفال والنساء والقرى كلها تمت من قبلهم. وساهمت هذه العمليات في تعريف الحركة، حيث قامت الدولة باستخدام هذه العمليات لتلقي ببصمة الإرهاب على الحركة. بهذه العمليات تم إلصاق تهمة الإرهاب بالحركة والقائد. اتخذت هذه العملية كأداة حتى في محكمة امرالي، لأنهم قاموا بهذه العملية باسم الحركة، وسعت الحركة الى تصحيح تلك الاعمال التي اقترفها هؤلاء الذين أساؤوا إلى الحركة. هذه هي الحقيقة. فعندما كان القائد يذكر بأن الرفيق جمعة يعرف الحقيقة كان قصده هذه الحقيقة لأني كنت الوحيد الذي يعرف ذلك، لأن الرفاق الآخرين كانوا معتقلين في هذه الفترة.
عقدنا اجتماع في عام 1988 على قمة جبل بيروا، جرت مناقشات حادة ضمن هذا الاجتماع بخصوص تلك العمليات، لأنه تم القيام بعملية في دريان، واعتقال جميع الأهالي في أحدى القرى في منطقة دريان، كانت هذه القرية من المؤيدين لنا وكان بيننا مقاتلين من تلك القرية، حتى أنهم قاموا بقتل عائلة لأحد مقاتلينا. تم التحقيق عن سبب هذه العملية وما الذي أدى إلى القيام بتلك العملية؟ بالطبع لم يكن بمقدورهم توضيح سبب هذه العملية. بوطان كان يقول أنه كان ضد هذه العملية ولكنه لم يستطيع منعها بحجة أنه «وصلتنا أخبار بوجود عميل في تلك القرية»، حيث أنه لم يكن معلوماً صحة هذه الحجة ووصول نبأ بهذا الشكل. لا يمكن لهذا أن يكون مفهومنا. فهناك شك، هل بالفعل كانت هناك معلومات بهذا الشكل أم لا؟! بوطان كان يكذب بشكل واضح بالتأكيد لأنه لو لم يكن يؤيد تلك العملية ما كان بمقدورهم القيام بها كونه المسؤول السياسي في تلك المنطقة. فهو الذي قام بالتخطيط لهذه العملية شخصياً. بعد ذاك الاجتماع توجهت إلى ساحة القيادة. بعد وصولي إلى ساحة القيادة اتخذ القائد قرار باستدعائهم جميعاً إلى ساحة القيادة «بوطان/ شمدين صاكك، صاري باران وغيرهم» وقد بقي أبو بكر وحيداً هناك. في نهاية عام 1988 ومطلع عام 1989 قام القائد بتحليلات هامة حول التصفوية حيث أن كافة التحليلات التي قام بها في تلك الفترة تتمحور حول التصفوية والتجييش والقيادة، والمقاتلين وطليعية الحزب لدى الكريلا. لأن نهج التصفوية كان قد تطور بشكل خطير ضمن الحزب، كما أن هذا النهج التصفوي كان على وشك أن يفرغ نهج المؤتمر الثالث من محتواه. وطور عوضاً عنه نهج آخر كان على وشك أن يكون الأساس أيضاً. فهذا النهج كان يخلق تخريبات كبيرة ضمن الحركة وكانت تساهم في تطور التصفوية ضمن الحزب وتقوم بتصفية الاشخاص المرتبطين بالحركة والاشخاص المثقفين ضمنها. كانوا يسعون إلى فرض حاكميتهم على هذه الحركة من خلال تصفية مثل هؤلاء الاشخاص. وفي الخارج كانوا يطورون ويدعمون مفهوم التصفوية من خلال استهداف القرى والنساء والأطفال، لهذا السبب كانت قوة التصفوية تزداد ضمن الحزب وخارجه أيضاً. كنا نواجه مخاطر كبيرة. لهذا السبب توقف القائد على هذا النهج بشكل صارم. أدعاء كل من بوطان وأعوانه بأنهم فهموا قصد القائد، وقطعوا عهدا أن يتخلوا عن هذا النهج أي نهج التصفوية. وأن يقوموا بتصحيح التخريبات التي أحدثوها.
في بداية 1989 أي عند ذهابي إلى أوروبا أراد القائد أن يرسل بوطان إلى إيالة بوطان، حيث كان بوطان قد وعد بان يتمسك بنهج الحزب ويتخذه أساساً له ويقوم بتصحيح التخريبات التي أحدثوها، لهذا السبب أعطاه القائد فرصة أخرى، أي أن يقوم بتطبيق التحليلات التي قام القائد بإجرائها في ساحة الاكاديمية ضمن الممارسة العملية في منطقة بوطان. كان من المقرر أن يقوم بعقد كونفرانس في ايالة بوطان وأن يتم فيه التمسك بنهج الحزب والحركة والقيادة والابتعاد عن نهج التصفوية. وأن يتم محاسبة الأشخاص الذين مثلوا نهج التصفوية. أي سيجعل هذا الكونفراس نهج القيادة والحركة هو النهج الحاكم لدى الكريلا وضمن الحركة. وكذلك ستصبح طليعية الحزب هي الحاكمة.
بالطبع ذهبت إلى أوروبا، وكان بوطان وأبو بكر قد عقدا الكونفرانس في «تحتا رش» وهذا الكونفرانس مشهور في تاريخ حركتنا، تشكل ديوان الكونفرانس من بوطان وأبو بكر، وتم تكريم هوكر في هذا الكونفرانس، أي أن هوكر هو الشخص الناجح من الناحية النظرية والعملية لهذا السبب يتم تكريمه، مع العلم أن أكبر التخريبات تمت من قبل هوكر ضمن الممارسة العملية، كان من المفروض أن تتم محاسبته على تلك التخريبات إلا أنه على العكس تماماً قاموا بتكريمه، وهذا يعني تكريم نهجهم التصفوي، فهم لم يستطيعوا تكريم أنفسهم فقاموا بتكريم هوكر، وهذا كان يعني إفشال ذلك الكونفرانس وإفشال نهج القيادة وجعل نهج التصفوية هو الحاكم في الكونفرانس، والسعي ليصبح هذا النهج التصفوي هو النهج الحاكم ضمن الحركة. لم يقوموا بانتقاد ذاك النهج ولم تتم محاسبة أي شخص بخصوص هذا النهج، على العكس تم تكريم هؤلاء الذين ارتكبوا التخريبات الكبيرة ضمن الممارسة العملية. بالطبع بعد أن وصلت نتائج الكونفرانس إلى القائد رفض ذاك الكونفرانس بالكامل، كان هذا الاجتماع الوحيد الذي رفضه القائد ضمن تاريخ حركتنا، فللقائد حقيقة أنه لم يكن ينتقد أي اجتماع نعقده مهما كان يقول قمتم بعقد الاجتماع عليكم أن تقوموا بتطبيقه في الممارسة العملية، وكان يقوم بتصحيح النواقص والأخطاء في تلك الاجتماعات أن وجدت، لم يكن يقول أن هذه القرارات التي اتخذتموها خاطئة أو هناك خطأ في هذه النقطة أنما كان يقوم بتصحيحها، إلا أنه قام يرفض الاجتماع الذي انعقد في تحتا رش بالكامل، ولم يرفض أي اجتماع آخر غيره.
يسعى القائد إلى تنظيف الحركة من هذا المفهوم، لهذا السبب كانت تحركات التصفوية ومحاولاتها ضمن الحركة ضد مساعي القائد هذه، فالحملة الأولى للتصفوية كانت كونفرانس «تحتا رش»، وتم افراغ ذاك الكونفرانس من محتواه. إن قدرتهم على أن يجعلوا نهجهم التصفوي حاكماً في الكونفرانس لا يعني أنهم استطاعوا نيل النتيجة التي يريدونها، لأنهم كانوا يعلمون ويدركون أنه لا يمكنهم جعل هذا النهج التصفوي حاكماً ضمن الحركة والحزب من دون افقاد تأثير القائد على الحركة والحزب، قد يستطيعون احداث بعض التخريبات وأن يخطوا بعض الخطوات إلا أنه مادام القائد موجود لا يمكن لهذه التصفية أن تفرض حاكميتها على هذه الحركة.
الخطوة الثانية كانت سعيهم للقضاء على القائد في الأكاديمية، حيث استشهد الرفيق «حسن بيندال» في تلك الفترة، كان الرفيق «حسن بيندال» من الرفاق الذين يقومون بحماية القائد وكان المرشد للقائد في نفس الوقت، ولكي يتمكنون من القضاء على القائد كان يجب وفي البداية القضاء على هذا الرفيق، كان هذا الهدف من حادثة مقتل هذا الرفيق. كان القائد في الاكاديمية عندما استشهد الرفيق «حسن بيندال»، قاموا باصطحاب الرفيق حسن بيندال واطلقوا الرصاص عليه بشكل مباشر، أرادو أن يظهروا هذا الجرم على أنها حادثة غير مقصودة، واقناع الجميع بهذا السيناريو، وكانوا يعتقدون أن القائد أيضاً سوف ينظر إلى هذه الحادثة على أنها حادثة غير مقصودة. إلا أن بعض الرفاق رأوا هذه الحادثة، وقاموا بإعلام القائد بالوضع على الفور، أي خبر قيام كل من ساري باران ومتين، وشمدين صاكك وأعوانهم بقتل الرفيق حسن بيندال، والذي نفذ هذه العملية القذرة كان متين شاهين بالج. بعد أن وصل نبأ هذه العملية القذرة أمر القائد باعتقالهم على الفور. ويذهب القائد إلى مكان الحادثة ويرى جثمان الرفيق حسن وقد أصيب برصاصة واحدة، أي أن متين حدد الرفيق حسن كهدف له وسدد عليه. تم فتح التحقيق ونتيجة لذاك التحقيق تم محاسبة توبال متين في ساحة الاكاديمية أمام كل الرفاق. عندما استشهد الرفيق حسن بيندال كتبت صحيفة حريت بأنه اندلعت الحرب في صفوف حزب العمال الكردستاني وقتل آبو في تلك الاشتباكات، في البداية نشرت الخبر على هذه الشاكلة، ومن ثم نشروا خبر آخر حول أن الذي قتل في الحرب المندلعة ضمن الحزب ليس آبو أنما حسن بيندال المرافق الشخصي له. والسبب في نشر الخبر بهذا الشكل أن الرفاق اعتقلوا في تلك الفترة بعض عملاء الدولة التركية كان هدفهم القضاء على القائد. حتى أن جان سفر كان قد كتب في كتابه والذي يذكر فيه كيفية قيام الميت التركي بمراقبة كل تحركات القائد عن قرب حيث يذكر في هذا الكتاب «اقتربنا كثيراً من آبو لدرجة كنا نراقب أنفاسه حتى كنا على وشك القضاء على القائد ولكن تم منعنا من قبل البعض من ضمن الدولة التركية، لأنهم كانوا يريدون القائد حياً وليس قتله لهذا السبب لم نقوم بقتله رغم أنه كان بمقدورنا قتله».
لو لم يقم القائد آبو باتخاذ التدابير اللازمة في تلك الفترة كان بإمكانهم الوصول إلى القائد بعدما قتلوا الرفيق حسن، بعد تلك الفترة قام القائد أيضاً بوضع بتحليلات أخرى حول التصفوية وقام بخطو بعض الخطوات من الناحية التنظيمية لكي يغلق المجال أمام تطور وتوسع التخريبات التي قامت بها التصفوية. فاستشهاد الرفيق حسن على يد هذه المجموعة العميلة يوضح بأن التصفوية قامت باستهداف كل الرفاق المرتبطين بالحركة والقائد، وكل الساعين للسير وفق نهج القيادة والحركة وتطويرها. تم استهداف الرفيق عكيد بهذه الطريقة، وكذلك الرفيق أردال هو الآخر تم قتله بطريقة أخرى حتى وصل بهم الأمر لاستهداف القائد. كما أن هوكر قام بقتل الكثير من الجامعيين الذين انضموا إلى الحركة والحزب بحجة العمالة للدولة، لقد واجهت الحركة مخاطر كبيرة في تلك الفترة. حدثت تخريبات كبيرة وخطت التصفوية خطوات كبيرة إلا أنها لم تستطيع الوصول إلى هدفها الاساسي في السيطرة على الحركة أو الحزب بالكامل. فعدم قدرتهم على فرض سيطرتهم على الحركة بالكامل كانت نتيجة تصدي القائد لهم وتطويره لنضال صارم من الناحية الايديولوجية والتنظيمية والعسكرية، نتيجة هذه الأعمال التي قام بها القائد ضعفت التصفوية، ولم تتمكن من فرض سيطرتها على الحركة والحزب. عندما كانت تتم تلك العمليات كان اسم هوكر يتردد كثيراً ضمن وسائل الاعلام التركية، حينها أرسل الرفيق عباس – كان في السجن حينها – خبراً يستفسر فيه عن هذا الشخص الذي يدعى هوكر، لأن الرفيق عباس لم يكن يعرفه قط، لأن هوكر انضم إلى الحركة في بيروت. كان الرفيق عباس يدعو للحذر من هذا الشخص، كان يشك بعمالته للدولة ضمن الحركة، تطورت هذه الشكوك لدى الرفيق عباس بالرغم من أنه لم يعرفه قط، لأن الأعمال التي كانت تتم والدعاية التي كان العدو يقوم به تثير الشكوك لدى المرء بالطبع، لهذا كان الرفيق عباس يستفسر عن هوكر ويدعوا للحذر منه والتوقف على وضعه بالشكل المناسب.
طور القائد آبو نضالاً عظيماً في تلك الفترة كي يصون ويجذب الكوادر إلى الحركة ونهج الحزب والقيادة وإزالة تأثير التصفوية والقضاء على نهجه والتخريبات التي أحدثتها ضمن الحركة، وجعل طليعية الحركة هي الحاكمة لدى الكريلا من جديد. وبفضل ذلك النضال لم تتمكن التصفوية من السيطرة بالشكل الكامل على الحركة.
قبل عودتي من أوروبا من أجل المؤتمر الرابع، خرج محمد شنر من السجن وكان في ساحة القيادة، في أحد الأيام ذكر الرفاق بأن محمد شنر يقوم بالاتصال بمؤسساتنا ويسأل عن رقم هاتف القائد، عندما اخبرني الرفاق بذلك اندهشت كثيراً. وبعد مضي فترة ليست بطويلة أتصل القائد وقال: بأن محمد شنر يريد التحدث إليك، عندها قلت للقائد لماذا يريد التحدث معي فهو عندكم وأن كان هناك شيء من الواجب أن يعلمكم به، وأخبرت القائد بأنه محمد شنر اتصل بالرفاق وطلب رقم الهاتف الخاص بك، فلم يكن القائد يعلم بأنه اتصل بالرفاق وطلب رقمه، ولهذا السبب قلت: لا تقربوا هذا الشخص منكم كثيراً وأن كان بالإمكان ابعاده عن تلك الساحة. حينها لم يعلق القائد على هذه المسالة، وتحدث محمد شنر معي بأمور أخرى. لم يتوقف القائد على موضوع طلب محمد شنر لأنه رأى كيف أتقرب من تلك المسألة. بعدها أرسلت تقرير موسع حول وضع محمد شنر للقائد، فعند ذهابي في عام 1988 إلى ساحة الاكاديمية كان فرحان قد خرج من السجن حينها جرت مناقشة بيننا، في تلك الفترة كانت لي شبهات حول محمد شنر لماذا؟ لأنه عند تشكيلنا المركز الانتقالي أثناء خروجنا من الوطن كان محمد شنر في باطمان وأنا كنت قد شكلت لجنة باطمان وكان هو عضواً في هذه اللجنة، وهو الوحيد الذي كان يعلم بمكان أرشيف تلك المنطقة لم يعرف أحد مكانه سواه، ووصل ذلك الأرشيف إلى يد البوليس، وحسبما وردنا أن الأرشيف وصل إلى أيدي البوليس عن طريق صاحب البيت والسبب كان شدة خوفه، كان هذا كذباً بالطبع لأنه الوحيد الذي كان يعلم بمكان الأرشيف وهو الذي سلم ذاك الأرشيف للبوليس، كما كان الرفاق قد فتحوا نفق في السجن للهرب منه، إلا أنه اتضح فيما بعد بأنه هو الذي كشف عن هذا النفق عن طريق والدته، لم يكن رفاق السجن يعلمون بهذا. لم يشارك محمد شنر في أية مقاومة من المقاومات التي أبديت في السجون حيث كان ينضم إلى تلك المقاومات في مرحلتها الأخيرة، المقاومة كانت قد أثرت على الرفاق من الناحية الجسدية والصحية إلا أنها لم تؤثر عليه لأنه لم ينضم لها، ولم ينضم للعملية التي قام بها الرفيق كمال إلا في مرحلتها الأخيرة، كان يعقد حساباته ويعتقد بأنه سيتم تصفية إدارة السجن لأنه كان يرى قرار واصرار الرفاق وانضمامه في النهاية كي يبرز نفسه على أنه انضم لتلك العملية ويتسلم إدارة السجن بعد أن يستشهد الرفاق المضربين، ومن ثم سوف يصبح قائد الحركة، هذا كان وضع محمد شنر. جهزت الدولة التركية محمد شنر كي يتسنى لها السيطرة على الحركة عن طريقه، ولهذه الأسباب طلبت من القائد أن لا يتركه قريباً منه، حيث ذكرت هذه الأمور في التقرير الذي ارسلته للقائد أيضاً.
بعد عودتي من أجل المؤتمر الرابع سألت محمد شنر حيث كان هو الآخر في الاكاديمية حينذاك، عن الشيء الذي كان يريد أن يحدثني عنه عندما كنت في أوروبا، فأجابني ألسنا أصدقاء أليس هناك أشياء يمكننا التحدث عنها بيننا، عندما قال هذا قلت له أنا لا أعرفك أبداً، قال كيف لا تعرفني. بالطبع كنت أعرفه لأنني كنت قد اعطيته المهمة في باطمان، ولكني قلت أود أن أتعرف عليك من أنت ومن تكون؟ وقلت له أود أن أقول لك شيئاً: إن كنت تريد أن تصبح كادر pkk من الواجب عليك أن تعرف وتتعرف على حزب العمال الكردستاني بشكل جيد وأن كنت تريد معاداة هذه الحركة مثل بعض الأشخاص يجب عليك أيضاً معرفة حقيقة حزب العمال الكردستاني بالشكل الجيد، فكل من الثورية والنضال والمعاداة تتطلب هذا الشيء. أراد الكثيرين معاداة الحزب إلا أنهم لم يستطيعوا ذلك، وكثيرين أرادوا أن يصبحوا مناضلي الحركة هم أيضاً لم يتمكنوا من ذلك. لهذا لسبب يجب عليك أن تفهم حقيقة حزب العمال الكردستاني بالشكل الجيد. فانا لست صديقك في الشارع ولا في المقهى، أنا حزبي، فأنا لا أعرفك أبداً ولكني أود التعرف عليك من تكون ضمن نهج وأهداف ومهام الحركة؟.
ضمن هذه الحركة المعرفة تتم على أساس نهج وأهداف ومهام ومقاييس هذه الحركة. هذا هو السبب لتحدثي معه بهذا الشكل. ربما تستند رفاقية البعض على أمور كبقائهم مع بعضهم لفترة أو في منطقة معينة أو النضال معاً في منطقة ما أو الدراسة معاً في مدرسة واحدة وغيرها من الأمور. ولكن المناضل ضمن هذه الحركة لا يتعرف على أحد بهذه الطريقة. فالمعرفة لدى الإنسان الحزبي لا يمكن لها أن تكون كالمعرفة لدى الإنسان العادي. فما الذي جمعنا وما الشيء الذي عرفنا على بعضنا؟ كل واحد منا أتى من منطقة مختلفة والحزب هو الذي قام بإنشاء العلاقة فيما بيننا بأهداف هذه الحركة ونهجه ومقاييسه ومهماته. هذا يعني أننا تعرفنا على بعضنا وفق اسس حقيقة هذا الحزب، وعلى هذا الأساس علينا قبول بعضنا أو رفض بعضنا. هناك مقاييس للرد والقبول ضمن هذه الحركة. مقاييسها تستند إلى حقيقتها وتستند إلى ذهنية واسلوب الحزب، ونهجه الايديولوجي والسياسي والتنظيمي والعسكري والتحرري والثقافي والأخلاقي. فضمن حركة كحركة العمال الكردستاني لا يمكن للمرء التحرك بالاستناد إلى المفاهيم الفردية والمفاهيم العامية، ولا يمكنه العيش معها. إن كنت كادر هذه الحركة فمن الواجب عليك أن تتخذ هذه الحركة أساسا لك. ويجب أن تكون تنظيمياً، تستطيع مناقشة ومشاركة كل شيء مع الحزب والحركة، وليس مع اصدقائك واصحابك. فاتخاذ الصداقة والمصاحبة ضمن الحركة تعني التكتل، وتعني تقسيم وتجزئة الحركة والحزب، ولا يمكن اتخاذ التكتل أساسا مهما كانت الأسباب. يتم قبول التكتل في أمر واحد ألا وهو تطوير نهج وتكتيك جديد ضمن الحزب ورؤية النجاح فيه ولكن شرط أن تكون ضمن رسمية تلك الحركة أو الحزب، إن التقرب بهذا الأسلوب والطريقة ذو قيمة. وبدون ذلك لا يمكن قبول التكتل والعلاقات مهما كانت الأسباب والأشكال والحجج. التمسك بمثل هذه المفاهيم ضمن الحزب يعني احياء العدو ضمن الحركة وهي تعني تطوير التقسيم ضمن الحركة وهي تعني منع الشخص من التوحد مع الحركة والحزب. فرفاقية هذه الحركة تستند إلى ثقافته وأخلاقه ومقاييسه ومهماته وأهدافه. لا يمكن عيش رفاقية غير هذه الرفاقية ضمن هذه الحركة.[1]